انحصرت مقاربة واشنطن المبدئية تجاه آسيا الوسطي، أيام الاتحاد السوفيتي، في البعد الدبلوماسي، خلافا للتوجه الأمريكي الإمبريالي السائد آنذاك، بحسبانها مسرحا ثانويا بعيدا عن مناطق النفوذ والتأثير الأمريكية.
ومثَّل ضبط خريطة المنطقة الجيوسياسية في مرحلة ما بعد الاتحاد السوفيتي هاجسا كبيرا بالنسبة لواشنطن، خاصة فيما يتعلق بكبح تصاعد نفوذ قوي إقليمية، كإيران، وعدم إتاحة الفرصة لروسيا الاتحادية لإعادة إحياء النفوذ السوفيتي.
وانطلاقا من الإنتاج الفكري لمراكز التفكير الأمريكية، في منتصف تسعينيات القرن الماضي، أضحت الإدارة الأمريكية تولي أهمية قصوي للمنطقة بحسبان موقعها الجيوستراتيجي المهم بين الغرب، والشرق، والشمال، والجنوب، كمنطقة محورية، مثلت قلب الأرض بالنسبة لـ "ماكندر" لاسيما وأنها محاطة بقوي إقليمية، وفاعلين رئيسيين علي الساحة الدولية (روسيا، والصين، وتركيا، وإيران)، مما يجعلها منطقة رئيسية للتحكم في طرق المواصلات والتجارة بأوراسيا، وبين شمال وغرب آسيا، وجنوب شرقها، علاوة علي احتياطياتها من المعادن في بحر الآرال، والبترول والغاز الطبيعي في كازاخستان وتركمانستان علي بحر قزوين.