تحليلات - مصر

بوابة التنمية: تطوير محور قناة السويس واستعادة عبقرية الموقع المصري

السويس---داخلي
طباعة
تاريخ النشر: 2-8-2015
 
مع استعداد مصر، عقب أيام قليلة في السادس من أغسطس 2015، لافتتاح مشروع الازدواج التام للممر الملاحي عبر قناة السويس، والمعروف إعلاميا بـ "قناةالسويس الجديدة"، بات تسريع مشروع تطوير محور قناة السويس بدوره هو التحدي الرئيسي القادم أمام الحكومة المصرية.
 
ومع كل ما لمشروع حفر قناة السويس الجديدة من دلالات إيجابية حول قدرة النظام المصري الحالي على إنجاز المشروعات الكبرى، فإن تطوير محور القناة هذا بأبعاده المختلفة هو فقط الكفيل بتحقيق أقصى استفادة من إنجاز مشروع القناة الجديدة. والأهم أيضا أنه يكفل استعادة مصر ذاكرة المشروعات الحضارية الكبرى التي تتجاوز آثارها ومردوداتها ما هو منظور ومباشر منها في الزمان والمكان، ويمكنها أن تغير خرائط الاقتصاد والتجارة العالمية، وتستعيد لموقع مصر الجغرافي مكانته العبقرية التي بات يتهددها تطورات مهمة آخذة في البروز على صعيد مسارات النقل البحري وصناعته.
 
 ويندرج مشروع تطوير محور قناة السويس ضمن ما يمكن وصفه بمشروعات "القاطرة التنموية"، وهي المشروعات التي تمثل بتعدد أبعادها وتقاطعاتها مع مختلف المجالات الاقتصادية الأخرى طاقة محفزة للتنمية في هذه المجالات جميعا، بل وفي مناطق أخرى محيطة بها، سواء في دولة المشروع ذاته، أو في إقليمها، مما يستلزم بداية أن يُلم أي مخطط مبدئي لمشروع مماثل بأكبر قدر ممكن من الفرص والآفاق التنموية التي يتيحها حتى خارج نطاقه المباشر. ويمثل مشروع تنمية محور قناة السويس في الواقع استجابة مباشرة وضرورية لتحديين أساسيين لمكانة مصر التاريخية كأحد أهم طرق التجارة الدولية، وهما التطور في صناعة الشحن والنقل البحري، وبروز طرق تجارية منافسة. وسيحاول هذا المقال فيما يأتي تفصيل المخاطر والفرص المرتبطة بكل من هذين التحديين.
 
أولا، التحديات التي تفرض تطوير محور قناة السويس صناعيا ولوجيستيا:
 
(1) التطور في صناعة الشحن والنقل البحري:
 
شهدت إمكانيات سفن الشحن العالمية تطورا كبيرا من حيث الضخامة والسرعة، مما جعل الركيزة الأساسية لعمل هذه السفن تستند إلى توافر مراكز تخزين إقليمية ضخمة يتم فيها تفريغ الشحنات الضخمة من البضائع، قبل أن تتم إعادة تصديرها وشحنها لاحقا عبر سفن أصغر حجما في النطاق الإقليمي لمراكز التخزين والخدمات اللوجيستية تلك. وبالتالي، فقد بات توافر مثل هذه المراكز الضخمة هو المقصد الرئيسي للجزء الأكبر من حركة الشحن البحري الدولية، مثلما هو الحال في دبي حاليا. ويهدد عدم توافر مثل هذه المراكز على خطوط التجارة الدولية بتحول حركة الشحن إلى خطوط بديلة تتوافر عليها مثل هذه الخدمات.
 
ويمتلك محور قناة السويس في هذا السياق ميزة تنافسية تفوق أي مركز لوجيستي موجود في المنطقة، ألا وهي موقعها المتوسط بين مناطق إنتاج المواد الخام الرئيسية في العالم، سواء في الشرق الأوسط وإفريقيا، أو بين أسواق استهلاك ضخمة للمنتجات المصنعة بكافة أنواعها وتصنيفاتها في أوروبا، والشرق الأوسط، وإفريقيا. 
 
ويعني ذلك أن محور قناة السويس يمتلك فرصا تنموية تفوق مجرد تحويله إلى مركز للخدمات اللوجيستية لصناعة النقل البحري أو مركز لإعادة تصدير منتجات دول أخرى، على غرار ما هو الحال عليه في تجربة دبي، حيث يمكن أن يصبح محور قناة السويس مركزا صناعيا عالميا يمتلك بموقعه المتوسط ميزة لا تتوافر لأي مراكز صناعية أخرى، ألا وهي أن الطرق التي تصله بمناطق إنتاج المواد الخام وأسواق الاستهلاك تعد الأقصر، مقارنة بأي طرق تربط مناطق التصنيع الرئيسية حول العالم بمناطق إنتاج المواد الخام أو أسواق الاستهلاك. ويعني ذلك أن تكلفة النقل بالنسبة لأي منطقة تصنيع تنشأ في محور قناة السويس ستكون الأدنى إذا ما قورنت بالتكلفة المماثلة التي يتحملها المصنعون في أوروبا، أو شرق وجنوب شرق آسيا.
 
ويبدو أن إدراك هذه الميزة يعد أحد محفزات مشروع تطوير محور قناة السويس الذي أعلنت الحكومة المصرية أنها ستسرع معدلات إنشاء بنيته الأساسية، من خلال عدة مشاريع لتوسيع الموانئ القائمة في المحور مثل ميناء شرق بورسعيد، وميناء العين السخنة، وإنشاء مدينة الإسماعيلية الجديدة لخدمة احتياجات التوسع العمراني والسكاني التي يتوقع أن تصاحب تطوير محور القناة، فضلا عن عدة مشاريع لإنشاء الطرق المحورية والكباري التي تعزز ربط محور قناة السويس ببقية مناطق البلاد. وقد أعلن وزير التخطيط والمتابعة المصري أشرف العربي، يوم السبت الأول من أغسطس 2015 ، أن مشروعات تنمية محور قناة السويس وسيناء ستستحوذ على النصيب الأكبر من إجمالي الاستثمارات الحكومية فى خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالى 2015 – 2016 ، وذلك بقيمة 51 مليار جنيه. 
 
إلا أن التركيز على مشاريع البنية الأساسية الصلبة تلك بمفردها لن يكون كافيا لتوفير عوامل جذب الاستثمارات الخارجية الضرورية لتمويل إنشاء مثل تلك المنطقة الصناعية. ويلزم في هذا السياق أن تشرع مصر في عدد آخر من مشاريع التطوير التي تشمل المحاور الآتية:
 
أ- الهياكل القانونية والتشريعية المنظمة للاستثمارات، والرؤى السياسية والمجتمعية الحاكمة لها، ليس فقط بهدف توفير عوامل الجذب لها، ولكن أيضا لضمان عدالة توزيع عوائد التنمية الناتجة عن أي توسع في النشاط الاستثماري في تلك المنطقة. وبقدر ما تعد عدالة التوزيع تلك شرطا لاستقرار النظام السياسي في مصر، وعدم إعادة إنتاج تجربة الفشل السياسي والاجتماعي الذي صاحب تسارع معدلات النمو الاقتصادي إلى نحو 7% خلال السنوات الأخيرة من حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، فإن عدالة التوزيع تلك تعد بالتالي أحد عوامل الجذب الاستثماري لتلك المنطقة.
 
ب-  تأهيل العنصر البشري ورفع كفاءته، وتطوير معايير لجودة الإنتاج داخليا، وآليات صارمة لتطبيقها ومراقبتها. ومن شأن ذلك أن يتيح اعتماد أي استثمارات خارجية على العمالة المصرية، والمنتجات الوسيطة التي يمكن أن توفرها أي مشروعات مصرية صغيرة أو متوسطة الحجم. ويعد ذلك بدوره أحد شروط نجاح أي سياسة لضمان عدالة توزيع عوائد التنمية، وتوسيع نطاق انتشارها. كما يتضمن تطوير الهياكل التشغيلية والإنتاجية الداخلية رفع كفاءة الجهاز المصرفي المحلي، وتعزيز ارتباطه بالنظام المصرفي العالمي.
 
ج- تأسيس علاقات وهياكل شراكة اقتصادية كفء ونشطة بين مصر والدول الرئيسية في مناطق إنتاج المواد الخام وأسواق الاستهلاك، سواء من خلال توقيع اتفاقيات تجارية تفضيلية، أو إنشاء قنوات للاتصال أكثر كفاءة وأقل تكلفة. ويشمل هذا تأسيس شركات للنقل البحري الأصغر حجما من السفن الكبيرة التي تعمل على طرق النقل البحري الرئيسية. ويعد النقل البحري الأصغر حجما عنصرا رئيسيا مكملا يضمن سهولة التصدير، وإعادة التصدير، من مناطق الإنتاج الصناعي، ومناطق التخزين الرئيسية إلى الموانئ الصغيرة في المحيط الإقليمي التي لا يمكنها استقبال السفن الضخمة.
 
(2) بروز طرق تجارية منافسة:
 
يبرز، في هذا السياق، تحديدا ثلاثة طرق، نتج أحدها عن تداعيات ظاهرة الاحتباس الحراري وما أدت إليه من ذوبان متسارع للجليد في منطقة المحيط المتجمد الشمالي، بينما يبرز الطريقان الآخران جراء نشاط بشري مقصود، وهما أولا: طريق الحرير القديم الذي تحاول الصين، بشكل خاص، إحياءه عبر شق سكك حديدية تستخدمها قطارات فائقة السرعة تمتد من أراضيها، وصولا إلى سواحل البحر المتوسط. ثانيا: قناة بنما التي تشهد أكبر عملية تعميق لأهوستها بما يتيح لها مع انتهاء المشروع في أبريل 2016، بحسب ما هو مخطط، استقبال سفن يصل غاطسها إلى نحو 58 قدما بدلا من نحو 40 قدما فقط حاليا.
 
ويبدو أن الطريق البحري الآخذ في النشأة في المحيط المتجمد الشمالى يعد هو الأكثر تأثيرا فى التجارة التي تعبر قناة السويس، بالنظر إلى العقبات السياسية التي لا تزال تقف حجر عثرة أمام إعادة إحياء طريق الحرير القديم، وكذلك بالنظر إلى أن تأثير التطوير الذي تشهده قناة بنما، وإن كان قد يستقطب جزءا من تجارة جنوب آسيا وموانئ الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأمريكية، فإن تأثيره سينصب بالدرجة الكبرى على التجارة التي تصل إلى موانئ الساحل الغربي للولايات المتحدة، والتي ستجد لها طريقا أكثر قصرا من الدوران حول القارة الأمريكية الجنوبية لتصل إلى موانئ الساحل الشرقي.
 
وبرز الخط البحري الجديد في منطقة المحيط المتجمد الشمالي، شمال روسيا وأوروبا، جراء الذوبان المتسارع للجليد في هذه المناطق بسبب ظاهرة الاحترار العالمي. ويهدد هذا الطريق بأن يوفر طريقا بديلا أقصر بكثير من طريقي قناة السويس ورأس الرجاء الصالح التقليديين بالنسبة للتجارة بين الشرق الأقصى وأوروبا. ولفت ذوبان كامل للجليد، لفترة قصيرة خلال صيف عام 2007، فى الممر البحرى الشمالى المتاخم لروسيا، الذى يربط المحيطين الهادى والأطلنطى، الانتباه الدولى إلى إمكانية أن يصبح هذا الطريق ممرا بحريا دوليا موسميا خلال أشهر الصيف. 
 
ومنذ ذلك الحين، ارتفع عدد سفن الشحن التى استخدمت هذا الطريق فى رحلات دولية من نحو 5 سفن عام 2009 إلى 71 سفينة فى عام 2013. وبالرغم من أن هذا العدد لا يقارن بنحو 17 ألف سفينة شحن تعبر قناة السويس سنويا، فإن تضاعف عدد السفن التي تستخدم الممر البحرى الشمالى 14 مرة، خلال 4 سنوات، يعكس الاهتمام الدولي المتزايد بهذا الطريق، خصوصا أن رحلة بحرية من ميناء شنغهاى الصينى حتى ميناء هامبورج الألمانى عبره توفر نحو 30% من المسافة التى تقطعها رحلة مماثلة عبر قناة السويس، أو ما يتراوح بين 12 و15 يوما من الرحلة البحرية التي تقطعها سفينة قادمة من سواحل الصين الشرقية حتى شمال أوروبا، بحسب ما يوضح تقرير نشرته صحيفة الجارديان البريطانية في 18 أغسطس 2013. 
 
وفضلا عن ذلك، فإن استخدام طريق المحيط المتجمد الشمالي يتيح تفادى مناطق القراصنة فى مضيق مالقا وفى المياه المتاخمة لمنطقة القرن الإفريقى. وإضافة لما توفره ميزة القصر النسبى للمسافة من إمكانية اختصار زمن الرحلات البحرية، فإنها تتيح للسفن كذلك إمكانية الإبحار ببطء، وبالتالى خفض كميات الوقود المستهلكة.
 
وتمثل المخاطر المرتبطة بالتحولات المفاجئة للطقس، حتى خلال فصل الصيف، وبكتل الجليد الطافية، العائق الرئيسى أمام الاستخدام الكثيف لهذا الممر البحرى، ونظيره الغربى المتاخم للسواحل الشمالية لكل من ألاسكا وكندا. لكن تقرير لجنة الأمم المتحدة للتغير المناخى فى عام 2013 توقع أن يشهد المحيط المتجمد الشمالى ذوبانا تاما للجليد خلال شهر سبتمبر قبل منتصف هذا القرن، إذا ما تواصل انبعاث الغازات الدفيئة عالميا، مما يعنى أن تأثير تلك المخاطر قد يتراجع جذريا خلال نحو 30 عاما. بعبارة أخرى، فإن صناعة النقل البحرى وكل ما يرتبط بها من صناعة لوجيستية قد تشهد انقلابا مهما، حتى لو كان موسميا، بعيدا عن الشرق الأوسط خلال الأمد المنظور. وتأهبا لمثل هذا الانقلاب، تستثمر روسيا حاليا عشرات المليارات من الدولارات فى إنشاء عدد من الموانئ، وتجهيزات البنية الأساسية على طول هذا الممر البحرى الشمالى.
 
وبالرغم من أن هذا الخط سيتركز تأثيره الموسمي فى جذب التجارة بين الصين ومناطق شمال أوروبا، وليس جنوبها، والتي سيبقى الطريق عبر قناة السويس هو الأكثر جدوى بالنسبة إليها، فإن تقرير الجارديان، السابق الإشارة إليه، يوضح أن أحد التقديرات يذهب إلى أن ما يتراوح بين 5% و15% من حجم تجارة الصين الدولية قد يعتمد على الطريق الشمالي الجديد بحلول عام 2020. ويمكن إدراك دلالة هذه النسب في ظل حقيقة أن حجم التجارة بين الصين وأوروبا بات يتجاوز المليار دولار يوميا بحسب إحصاءات المفوضية الأوروبية لعام 2013، وهذا الرقم مرشح للزيادة في ظل سعي الطرفين لإنشاء منطقة للتجارة الحرة فيما بينهما. ويزداد هذا الرقم كثيرا إذا ما أضيف إليه حجم التجارة بين اليابان وكوريا الجنوبية من جهة، وأوروبا من جهة أخرى، وهي التجارة المرشحة أيضا للتحول باتجاه مثل هذا الطريق الجديد. يعني ذلك أن جزءا مهما ومتناميا من التجارة الدولية مرشح للتحول عن مساراته التقليدية عبر قناة السويس.
 
وفي هذا الصدد، يبدو أن التقليص الذي يتيحه ازدواج الخط الملاحي عبر قناة السويس بمقدار نحو 11 ساعة لن يكون كافيا لمجابهة التأثير السلبي الذي يمكن أن يتولد عن تطوير طريق المحيط المتجمد الشمالي في المدى المتوسط. ويبقى الرهان الحقيقي أمام قناة السويس هو، مثلما سبقت الإشارة، تطوير محورها ليصبح مركزا صناعيا ولوجيستيا عالميا، بما يتيح له أن يصبح بذاته قطبا جاذبا للتجارة الدولية، ويحقق أكبر قدر من الاستفادة من أي توسعة في القدرة الاستيعابية للقناة.
 
ثانيا: القناة محورا للتكامل المصري-الإفريقي:
 
في ضوء ما سبق بيانه من فرص ومن تحديات، فإن أحد المداخل المهمة لمواجهة هذا التحدي المحتمل والخطير لحصة قناة السويس من التجارة الدولية، والمكملة لمشروع تطويرها الطموح، هو السعي لجعل مشروع تنمية قناة السويس جزءا من مشروع تنموي إقليمي ضخم، ورافدا له، بحيث تصبح الأقاليم المحيطة للمنطقة والمرتبطة بها مباشرة شريكا مهما في التجارة الدولية، بما يضمن للقناة موردا مستمرا ومهما من حركة التجارة الدولية. 
 
ونظن في هذا السياق أن تأسيس تكامل بين مشروع تنمية القناة ومشروع تنموي كبير في منطقة حوض النيل تحديدا، بحيث تكون مصر هي بؤرة مثل هذا المشروع وقاطرته، يعد فرصة وضرورة في آن واحد. فرصة بالنظر لما تمتلكه هذه المنطقة من موارد هائلة ومتنوعة غير المستغلة، وكذلك بالنظر لما سيحدثه مثل هذا المشروع من طفرة في حجم تجارة هذه المنطقة مع العالم، والتي لم تبلغ خلال عام 2013 سوى نحو 95.2 مليار دولار (باستثناء مصر) لا تمثل إلا نحو 0.5% من حجم التجارة العالمية في السلع عام 2013. وحال تحقق مثل هذا المشروع التنموي، يمكن لقناة السويس أن تصبح بالفعل بوابة هذه المنطقة التجارية مع العالم، وإلى المستقبل، بدلا من أن تسعى دول هذه المنطقة إلى البحث عن فرص تنمية بعيدة عن مصر، وربما بالتنافس معها، مثلما يبدو الحال في اللحظة الراهنة.
 
يقتضي تحقيق التكامل بين المشروعين إنشاء خطوط مواصلات برية وبحرية وجوية كفء ومتعددة بين مصر وهذه الدول، لجعل مصر وقناة السويس هما بالفعل شريان التجارة لهذه الدول مع العالم الخارجي، وكذلك أن تكون مصر مركزا مهما للتفكير والتخطيط والأعمال والخدمات بالنسبة لكل المشروعات التنموية الممكنة في هذه المنطقة، بحيث تصبح بؤرة جذب رءوس الأموال الطامحة للاستثمار في هذه المنطقة. 
 
وطورت مصر، خلال خمسينيات وستينيات القرن العشرين، نواة أولية لممارسة دور فاعل في إفريقيا عامة من خلال دورها الداعم لحركات التحرر والاستقلال الوطني في القارة، قبل أن يتراجع دور مصر الإفريقي إجمالا في العقود اللاحقة. ونظن أن استعادة الدور المصري، من خلال مدخل التنمية، بعد مدخل التحرر، إحدى الركائز الأساسية لاستعادة نفوذ مصري إيجابي في هذه المنطقة، التي باتت مصدرا لتهديد مصر مائيا، بدلا من أن تكون رهانها الحقيقي لمواجهة احتياجاتها المائية المتزايدة. كما يعد مثل هذا الدور ضمانة لاستمرار جدوى قناة السويس كمركز مهم للتجارة الدولية، في ظل التحولات المحتملة في مساراتها. وإجمالا، فإن مشروع تنمية قناة السويس يمنح أفقا جديدا لمثل هذا الدور المصري التنموي في حوض النيل بقدر ما تمنح تنمية هذه المنطقة قناة السويس فرصا وآفاقا غير محدودة.
طباعة

    تعريف الكاتب

    مالك عوني

    مالك عوني

    مدير تحرير مجلة السياسة الدولية، كاتب وباحث مصري في العلاقات الدولية، مؤسسة الأهرام