تختلف "الجماعة البحثية العربية" حول قضايا وملفات متعددة، يأتي في طليعتها الخلاف حول أفضلية أي من إيران وتركيا في لعب أدوار قيادية في المنطقة، بعد تراجع الأدوار العربية فيها. ومع احتدام الصراع بين المشروعات الفكرية والإقليمية المختلفة، يغيب العرب عامة برؤاهم وأفكارهم التي شكلت تاريخيا حيزا غير منكور من النقاش العام في المنطقة.
وانتعشت الأدوار الإقليمية لإيران وتركيا في المنطقة تاريخيا مع فراغ القوة العربية -بمعناه الشامل- مما شكل الأساس الموضوعي للتنافس علي النفوذ بين هاتين القوتين الإقليميتين غير العربيتين. وترتب علي ذلك التنافس أن أصبح الانتماء الطائفي محددا في أغلب الأحيان للميل العاطفي وغير العقلاني، بالضرورة، نحو إيران أو تركيا. في هذا الوضع الصعب فكريا وسياسيا، يحاول هذا الإسهام المتواضع أن يتناول الأدوار الإقليمية لكل من إيران وتركيا، مبرزا المهام الملقاة علي عاتق الجماعة البحثية العربية للتعامل مع هذين القطبين الإقليميين، بعد أن يُلقي الضوء علي مفارقات المقارنة بينهما، ويستعرض القيود علي أدوارهما الإقليمية، وصولا إلي خلاصة.