في إطار الاحتفال بمرور خمسين عاما علي إصدار "السياسة الدولية"، لابد للمرء أن يتذكر أن أول "تقرير" كلفني به أستاذي العالم الكبير د. بطرس غالي -أول رئيس تحرير للمجلة- كان يتناول الحرب الأهلية بين باكستان الشرقية (بنجلاديش) وباكستان الغربية، والذي صدر في عدد أكتوبر عام 1971، والذي رأيت فيه أن الانفصال بين شقي الدولة هو النتيجة الحتمية للحرب.
وقد مثلت تلك الحرب وأشباهها في النظام الدولي -آنذاك- أحد معالم الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، والتي بدأت عقب الحرب العالمية الثانية عام 1945، إذ بنيت السياسة الخارجية لكل من القوتين العظميين علي عدة أسس، تقع علي قمتها الحروب بالوكالة، ثم حافة الهاوية، ثم الردع والردع المتبادل، ثم الانتقال إلي الوفاق، وانتهت المنافسة بينهما إلي سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991 بسقوط سور برلين. وهكذا، تحول النظام الدولي، الذي كان ثنائيا، ما بين 1945 و1992، إلي نظام فردي، حتي الأزمة المالية عام 2008 التي أودت بقيادة الولايات المتحدة للنظام الدولي، وفتحت الباب أمام النظام الدولي التعددي، الذي تتربع علي قمته الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي (ألمانيا علي وجه الخصوص) والصين، وروسيا، واليابان. ويتعلق السؤال الآن بمدي تأثير التحول في السياسة الخارجية الأمريكية في نمط التفاعلات الدولية ومجالاتها ( للمزيد أنظر المجلة).