حزب سيريزا اليساري اليوناني فاز بفارق حاسم، ولكنه قصّر قليلاً عن تحقيق الأغلبية المطلقة . وقال زعيم الحزب، اليكسيس تسيبراس، إن انتصار حزبه يشير الى نهاية "حلقة التقشف المفرغة" . وقال في إشارة إلى الشروط الليبرالية الجديدة، التي وضعها صندوق النقد الدولي، والمفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي: "إن تفويض الشعب اليوناني، يجعل هذه الترويكا، شيئاً من الماضي، بالنسبة إلى الإطار الأوروبي المشترك" .
وقد أقرّ رئيس الوزراء المنتهية ولايته، انطونيس ساماراس بالهزيمة، باعترافه ببعض الأخطاء . ولكنه أضاف: "لقد استعدنا صدقية اليونان الدولية" .
وقد قوبل فوز حزب سيريزا بحذر في ألمانيا . وأصرّ حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي الحاكم في ألمانيا، على أنه ينبغي على اليونان، أن تلتزم ببرنامج التقشف . ولكن وزير المالية البلجيكي، قال، إن هنالك مجالاً للتفاوض مع سيريزا .
أمّا اليساريون في أوروبا، فقد رحّبوا بفوز الحزب، وقال حزب بوديموس الاسباني المناوئ للتقشف، إن اليونان قد ملكت في آخر الأمر حكومة، بدلاً من القيام بدور مندوب ألماني . وقال حزب الخضر البريطاني، إن انتصار حزب سيريزا كان نفحة إلهام .
ونقل موقع "غرين ليفت"، (26-1-2015)، عن زعيم حزب سيريزا، تسيبراس، في حشد من الأنصار المبتهجين الملوحين بالأعلام، بعد فوز الحزب الساحق، "إن اليونان سوف تخلف التقشف المدمّر، والخوف والتسلط وراء ظهرها، وسوف تتجاوز خمس سنوات من الإذلال والألم . ." .
وقال سيبراس للحشد، "لقد أعطى الشعب اليوناني الذي استعاد سيادته اليوم، تفويضاً واضحاً قوياً لا يقبل الجدل . لقد طوَت اليونان صفحة قديمة، وفتحت صفحة جديدة" . . "إن حكمَ الشعب اليوناني، حكمَكم، يلغي اليوم بطريقة لا جدال فيها، اتفاقات الإنقاذ، اتفاقات التقشف، التي لم تجلب سوى الكارثة" .
وكان حزب سيريزا قد خاض الانتخابات ببرنامج يهدف إلى إنهاء التقشف الذي أدى إلى خفض كبير لدخل معظم أفراد الشعب اليوناني، وإلى زيادة البطالة والتشرد وحوادث الانتحار .
ويسعى حزب سيريزا، إلى جانب اتخاذ تدابير فورية لتخفيف وطأة الأزمة الإنسانية، والتراجع عن التقشف، إلى عقد مؤتمر لإعادة التفاوض على ديون اليونان، بهدف إلغاء نسبة كبيرة منها، وربط دفعات ما يتبقى بالنموّ الاقتصادي .
ومن الأمور التي اشتمل عليها برنامج حزب سيريزا الانتخابي، كما هي منشورة في موقع "لينكس . اورغ": مراجعة الدين العام، وإعادة التفاوض على الفوائد المستحقة وتعليق الدفعات إلى ما بعد انتعاش الاقتصاد، وعودة النموّ والتوظيف/ مطالبة الاتحاد الأوروبي بتغيير دور البنك المركزي الأوروبي، بحيث يموّل الدول وبرامج الاستثمار العام/ رفع ضريبة الدخل إلى 75% على جميع الدخول التي تتجاوز نصف مليون يورو/ زيادة الضرائب على الشركات الكبرى إلى المعدل الأوروبي/ خفض النفقات العسكرية/ رفع الحدّ الأدنى للأجور إلى المعد الذي كان موجوداً قبل الخفض/ استخدام مباني الحكومة والبنوك والكنائس لإيواء المشردين/ فتح قاعات طعام في المدارس العامة وتقديم وجبتي إفطار وغداء مجانية للأطفال/ تقديم خدمات رعاية صحية مجانية للعاطلين عن العمل، والمشردين وذوي الدخل المنخفض/ تأميم البنوك/ المساواة في الأجور بين الرجال والنساء/ إلغاء امتيازات نواب البرلمان/ منع الشرطة من ارتداء الأقنعة واستخدام الأسلحة النارية .
ومن الأمور التي تضمنها برنامج الحزب، في ما يخص السياسة الخارجية: سحب القوات اليونانية من أفغانستان والبلقان، وحظر إرسال قوات يونانية الى خارج الحدود/ إلغاء القواعد العسكرية الأجنبية في اليونان والانسحاب من حلف الناتو .
كما اشتمل البرنامج على: إلغاء التعاون العسكري مع "إسرائيل"، ودعم إقامة دولة فلسطينية ضمن حدود 1967 .
من هنا، كان فوز حزب سيريزا في الانتخابات خبراً مشؤوماً بالنسبة إلى دولة الكيان الصهيوني، كما كتبت صحيفة "يوروبيان جويش برس" اليهودية، (25-1-2015) وقالت إن اليكسيس تسيبراس صرّح العام الماضي أثناء مسيرة نُظمت في أثينا، احتجاجاً على هجوم "إسرائيل" على غزة، قائلاً: "ينبغي على العالم أن يبذل كل جهد ممكن لكي تنهي "إسرائيل" هجومها الإجرامي، ووحشيتها ضدّ الفلسطينيين" .
وتقول الصحيفة إن حزب سيريزا، يتخذ موقفاً مناوئاً ل "إسرائيل" بصورة سافرة، وموقف هذا الحزب اليساري يعتبر على نطاق واسع مناوئاً ل "إسرائيل" . وهو يعلن باستمرار تعاطفه مع القضية الفلسطينية، ويتضمن برنامجه السياسي مطالبة بإلغاء تعاون اليونان العسكري مع "إسرائيل"، وتأييد إقامة دولة فلسطينية ضمن حدود 1967 .
وتتمتع اليونان و"إسرائيل" بعلاقة قوية وتعاون وثيق منذ عام ،2008 في المجالات العسكرية والاستخبارية والاقتصادية والثقافية المختلفة .
وتقول الصحيفة، إن زملاء اليكسيس تسيبراس في الحزب، والمقربين منه، يهاجمون "إسرائيل" والصهاينة بصورة متكررة . . كما دأب رئيس الحزب السابق، نيكوس كونستاندوبولوس - بصفته محامياً - على الدفاع عن العرب الذين تعتقلهم اليونان بتهمة الإرهاب، وقد قال تسيبراس أثناء المسيرة السالفة الذكر في أثينا: إن رؤية "إسرائيل" تقتل الأطفال في فلسطين، أمر غير مقبول . ينبغي علينا أن نضمّ أصواتنا ونوحّد قوانا لكي نعيش في سلام، معبِّرين عن تضامننا مع الشعب الفلسطيني .
وقال: "عندما يُقتل المدنيون الأطفالُ على الشواطئ المقابلة، للبحر ذاته الذي يتاخم القارة الأوروبية، لا يمكن أن نجلس ساكتين . . لأن ذلك إذا حدث على الجانب الآخر من البحر المتوسط اليوم، فقد يحدث في جانبنا غداً" .
----------------------------
نقلا عن دار الخليج، الخميس، 29/1/2015.