لم يكن ظهور نزعات لتفكيك ليبيا، بعد ثورة الـ 17 من فبراير، مجرد رد فعل مباشر على الضيم والتهميش والقمع للأقاليم الثلاثة الرئيسية المشكلة للدولة (طرابلس، برقة، فزان)، إبان حكم القذافي، وإنما عكس معضلة دولة تميل بنيتها الجغرافية، والاقتصادية، والاجتماعية منذ الاستقلال إلى التفكك، ولا مركزية السلطة أكثر من الوحدة. ولم تسع الأنظمة المتعاقبة، في مرحلة ما بعد الاستعمار، إلى تجذير محفزات الوحدة، لاسيما مع وجود مشتركات لغوية، ودينية، وثقافية بين الليبيين، بقدر ما عمقت مفاعيل التباعد السياسي، والاجتماعي، والتنموي بين الأقاليم، عبر سياسات استئثارية دفعت الأقاليم إلى النظر إلى الدولة على أنها أداة قهر وإفقار.