يعيد هذا العدد من ملحق "اتجاهات نظرية"، إثارة النقاش حول مجموعة من الأفكار والظواهر الخاصة بالقوة، والتي أعادت الثورات العربية الاهتمام بها بين الأكاديميين وصناع القرار، في المنطقة العربية وفي العالم, من قبيل مركب القوة، ودورة القوة، وديناميكيات التحول في عناصر وأشكال القوة، وأبعاد انتشار القوة، وأنماط استخدامات القوة بطريقة فعالة ومؤثرة. كما يناقش مجموعة من التساؤلات الخاصة بخريطة انتشار القوة في المنطقة، خاصة بعد أن نجحت الثورات في كل من مصر وتونس وليبيا في تغيير النخب الحاكمة، وذلك من قبيل: ما الذي تحتاجه دولة مثل مصر أو تونس لتتبع سياسة خارجية مؤثرة أو للعب دور إقليمي فعال؟، وكيف ستتعامل الدول الغربية مع دول الثورات؟.
فمن ناحية، أعادت هذه الثورات، الاهتمام بعناصر القوة التي تمتلكها الدول، وبسياسات استخدام القوة، وعززت من أهمية أشكال أخرى للقوة، ترتكز على "سياسات" استخدام القوة، مثل القوة الذكية والقوة المدنية. حيث يلاحظ أن دول المنطقة، بما فيها الدول الصغيرة مثل قطر، اتجهت لاستخدام "مركب" من عناصر القوة منحها نفوذ وتأثير، يفوق حجم النفوذ والتأثير الذي تتمتع به دول عربية أخرى، تتفوق عليها من حيث إجمالي مقدرات القوة التي تمتلكها، مثل السعودية ومصر. ومن ناحية ثانية، طرحت الثورات العربية، تحديات للولايات المتحدة باعتبارها القوة الأكبر في عالم اليوم، حيث هزت هذه الثورات "مرتكزات" القوة الأمريكية في المنطقة، فكما ترى وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، خلقت هذه الثورات "عالم جديد، وعلينا أن نحدد كيف سنتكيف معه".
وفي هذا السياق، يناقش هذا العدد من الملحق، بأقسامه الخمسة مفهوم القوة، والظواهر التي ارتبطت به تاريخيا، ويحاول أن يقدم بعض المداخل النظرية التي يمكن من خلالها دراسة وفهم تلك الظواهر، من خلال استدعاء بعض المقولات الرئيسية الخاصة بالقوة، والموجودة في تراث الحضارات القديمة، وتلك التي ارتبطت بالنظريات الكبرى في العلاقات الدولية، مثل الواقعية والليبرالية، وبأسماء المنظرين الرئيسيين لمفهوم القوة مثل سان تزو، وميشيل فوكو وهانز مورجنتاو، وجوزيف ناي. ويحاول الملحق، الإجابة على مجموعة من التساؤلات الخاصة بوضع القوة خلال المرحلة الحالية التي تمر بها المنطقة العربية والعالم، من قبيل من الذي يملك القوة؟، وما هي أشكال القوة التي تحتاجها الدولة من أجل ممارسة التأثير في محيطها الخارجي؟، وما هي شروط استخدام القوة؟، وما هي أبعاد انتشار القوة من حيث الفاعلين الذي يملكون القوة ويستطيعون استخدامها، ومن حيث أشكال القوة وعناصرها.