اتسمت النظم العربية بجملة من السمات، ألقت بظلالها علي طبيعة ثورات دول الربيع العربي، وأسهمت في بروز عدد من التحديات التي تقف أمام عمليات بناء الدولة الديمقراطية الحديثة في هذه الدول.

ولعل السمة الأولي، في هذا الإطار، الصلاحيات الواسعة لرئيس الدولة، في معظم أنظمة الحكم العربية، دون وجود آليات حقيقية للمساءلة والمحاسبة. وقد لعب الخطاب السياسي الرسمي علي هذه النقطة، بالتركيز علي أن الدولة تواجه تهديدا خارجيا من دول مثل إسرائيل، أو دول حوض النيل، أو إيران، أو داخليا من الإسلاميين، وما يطلق عليه في بعض الدول جماعات الإرهاب. استخدمت السلطة هذه "التهديدات" لتبرير القبضة الأمنية الحديدية، والتضييق المستمر علي الحريات والحقوق المدنية، وتصاعد نفوذ المؤسسات الأمنية والعسكرية والمخابراتية. ويضاف إلى هذا، في بعض الحالات، كما في مصر وسوريا، الحكم في ظل حالة الطوارئ لعقود طويلة، وإحالة المدنيين إلى محاكم استثنائية. هذا إلى جانب إصرار الأنظمة العربية علي بقاء قاعدة الانفراد والسيطرة عند صنعها للتشريعات، وتمرير ما تريده هي في شأن جل قطاعات المجتمع.