أنشطة السياسة الدولية - مؤتمرات وندوات

الصراع المحتمل:|"ندوة":انعكاسات الانتخابات البرلمانية على خريطة القوى السياسية في مصر

داخلي
طباعة

 تأتي نتائج الانتخابات البرلمانية المصرية الأخيرة، والمتمثلة في سيطرة التيار الإسلامي، ممثلا في حزبي " الحرية والعدالة " و"النور "، إلى جانب نجاح التيار الليبرالي، ممثلا في حزب " الوفد " و"الكتلة المصرية "، محددة لشكل الخريطة السياسية تحت قبة البرلمان، والتي ربما يتحول الصراع السياسي تحتها من صراع إسلامي- ليبرالي، أو إسلامي- يساري، إلى صراع إسلامي- إسلامي يؤثر فى أداء المجلس مستقبلا. وفي هذا الإطار، نظم المركز الدولي للدراسات المُستقبلية والاستراتيجية ندوة حول "تحليل نتائج الانتخابات البرلمانية وانعكاساتها على الخريطة السياسية لمجلس الشعب" .

الإرادة السياسية للمجتمع ونتائج الانتخابات

 ذكر الكاتب الصحفي سعد هجرس أن النظام الانتخابي في مصر بدائي للغاية، وأشار إلى أن فترة الانتخابات شهدت كثيراً من المُخالفات، مثل مُخالفة الإعلان الدستوري في المادة الرابعة منهِ، وأيضاً في تقسيمات الدوائر، حيثُ كان هُناك انحياز في تقسيمها، وعدم إعطاء فُرصة للجميع . كما وصف اللجنة العُليا للانتخابات بأنها "شاهد مشافش حاجة" بسبب كيفية تعامُلها مع المُخالفات، وعدم اتخاذ أى موقف تجاهها، مثل استخدام المساجد للدعاية الانتخابية، وخرق فترات الصمت الانتخابى. وأخيراً، طالب "هجرس" بوضع دستور الجمهورية الثانية لمصر على أساس التوافُق بين القوى السياسية وليس بالأقلية والأغلبية عن طريق التوصُل لفواصِل وطنية مُشتركة بين القوى السياسية .

وأشار علي بكر"، باحث في شئون الجماعات الإسلامية، إلى أن النظام السابق في سنواتهِ الأخيرة قد قضى على كُل القوى السياسية الشرعية، المُتمثلة في الأحزاب السياسية، وأنهُ المُتسبب الرئيسي في إضعاف هذه الأحزاب وجعلها أحزابا كرتونية، وأيضاً إضعاف المُشاركة السياسية الفعالة، وخلق نوع من العزوف عن المُشاركة السياسية لدى المُواطنين.

وأضاف أنهُ لم تكُن هُناك أي قوة سياسية مُنظمة في البلاد تمتلك قواعد جماهيرية، ولديها القدرة على الحشد والتأييد سوى التيار الإسلامي بشكل عام، وجماعة الإخوان المسلمين بشكل خاص، والتي كانت تمتاز دون كل الحركات الإسلامية بالمشاركة السياسية البرلمانية والنقابية. وحصر أهم الأسباب التي أدت الى هذا التفوق الكبير للتيار الدينى، خاصة جماعة الاخوان المسلمين والتيار السلفي، في تغيُر الواقع السياسي المصري، وسمات خاصة مُتعلقة بجماعة الإخوان المُسلمين.

وأكد أهمية أن تتعلم القوى غير الإسلامية - التيارات الليبرالية والقومية واليسارية- أن من يلتحم بالجماهير والفئات الفقيرة والمُتوسطة سوف يكون له مكان على المسرح السياسي المصري، وأنه لا مكان في مصر الآن للأحزاب الكرتونية ولا للقوى السياسية الهُلامية التي لا توجد إلا في وسائل الإعلام.

وتوقع "بكر" أن يخلو البرلمان القادم من التيار الإسلامي، وأنهُ لن يكون كُتلة واحدة، لعدة أسباب منها: تنوع أطياف التيار الإسلامي داخل البرلمان، ووجود صراعات بين بعض التيارات الإسلامية مُنذ فترة طويلة، مثل الصراع بين الإخوان المُسلمين والسلفية. ومن ثم، يتوقع أن الصراع سوف يشتد ويتحول إلى صراع سياسي، ويكون الصراع القادم إسلامياً- إسلامياً، وليس صراعاً إسلامياً- ليبراليا،ً أو إسلامياً- يسارياً. وأخيراً، فإن البرلمان القادم سوف يشهد ما يُمكن أن يُطلَق عليه "صراع الرؤى" بين فصائل التيار الإسلامي الموجودة تحت قُبة البرلمان.

أخطاء التيارات السياسية وأسباب الفشل

أما الكاتب الصحفي، نبيل زكي، فذكر أن جميع التيارات السياسية باختلاف توجُهاتها أخطأت بشكل ينُم عن عدم وجود أى خبرات سياسية واجتماعية سابقة. ولخص أهم السلبيات التي سبقت مرحلة الانتخابات في عدم توافُر الوقت الكافي لشباب الثورة لتأسيس أحزاب سياسية، وخلق قواعد شعبية لها، مما تسبب في تشرذُم ائتلاف الثورة، وأيضاً الانقسامات التي حدثت في صفوف التيارات الليبرالية واليسارية، وتحوُلها إلى مجموعات نخبوية، بالإضافة إلى صراعات في إعداد القوائم الانتخابية داخل الأحزاب والائتلافات، وانسحاب بعض الأحزاب من التحالُفات. وقال إنهُ لن يُدافع عن الليبرالية أو أحزاب بعينِها، ولكنهُ يهتم بالدفاع عن الديمُقراطية والدولة المدنية الحديثة. وتساءل "زكي": هل سيكون هذا البرلمان مُمثلاً لكُل القوى السياسية والفئات الأُخرى، خاصة أنهُ يفتقد تقريباً وجود الشباب، والمرأة، والأقباط ؟!.

في حين أكد د.كمال زاخر، مُنسق التيار العلماني القبطي، أن تحليل نتائج تلك الانتخابات ستمتد حتى الانتخابات القادمة، لأنها الخطوة التاريخية الأولى في طريق الديمُقراطية، وأشار إلى أن الأقباط واقع ملموس يُشير إلى أحد مُكونات الأزمة التي يجتازها الشارع المصري، ويكون سبباً في احتقانات كثيرة. وبالتالي، فإن هذا الواقع فرض نفسه على مُجريات الانتخابات، ومن ثم أتت نتائج الانتخابات عاكسة لهذا الواقع. ونفى "زاخر" أن الارتباك الذي نعيشهُ بسبب الثورة، ولكن أرجعهُ إلى أن هُناك من يُريدنا أن نرتبك.

وأخيرَا، ذكر "زاخر" أن الأقباط لديهُم تصور مصري، وليس تصوُراً قبطياً، وعبر عن استيائهِ من تعامُل البرلمان مع مُشكلة التهجير. وقال إنهُ لن يتهم البرلمان بأنهُ ضد الأقباط، ولكنهُ يعتقد أنهُ لا يشعُر بالأقباط من الأساس، بالإضافة إلى أنهُ لم يلمس أى تغيير حتى الآن ما بين برلمان الحزب الوطني وبرلمان الثورة بسبب سيطرة هاجس الالتزام باللائحة على إدارة الجلسات على حساب المهام الأساسية للمجلس في الرقابة على أداء السُلطة التنفيذية.

مشكلات وتحديات

يتناول هذا المحور دور كُل من التغطية الإعلامية والأمن لعملية الانتخابات. فعن الأولى، أشار يحيى غانم،الصحفي بالأهرام، إلى أن الجهل شاب التغطية الإعلامية لمرحلة الانتخابات في أوقات كثيرة، وأن أسلوب العمل وتشغيل وسائل الإعلام في تلك الفترة كان قبلياً أكثر منهُ وطنياً وعقائدياً حتى أصبحت "حرباً مُقدسة".

وذكر أن الإعلام بكُل وسائلهِ اعتمد على سياسة تناوُل ظاهر الأشياء أكثر من واقِعها، مما تسبب في التضليل غير المُتعمد للرأى العام. أما عن دور الأمن في تنظيم العملية الانتخابية، فقد لفت د.نشأت الهلالي، رئيس أكايمية الشرطة سابقاً، إلى أننا لاحظنا الاختلاف الواضح بين دور الشُرطة في الانتخابات الأخيرة عن دورِها في الانتخابات التي تمت في ظل النظام السابق، فقد كانت الشُرطة في الأولى مُلتزمة بأقصى درجات ضبط النفس، ومُراعية لكيفية التعامُل بحكمة مع وسائل الإعلام ومُنظمات المُجتمع المدني وحقوق الإنسان، بالإضافة إلى تعزيز الإجراءات الأمنية، خاصة في المناطق التي كان من المُحتمل أن تحدُث أعمال عُنف بها.

أما بالنسبة لمُشاركة المرأة في العملية الانتخابية، فقد شرحت نهاد أبو قُمصان، رئيس المركز المصري لحقوق المرأة، أن منطقة الشرق الأوسط، ومنها مصر، هى الأدنى في مُعدل مُشاركة المرأة في صناعة القرار وفي قوة العمل، بينما يصل المُعدل لأقصاه في منطقة شرق آسيا، ومنها ماليزيا، مما يُفسر التقدُم الاقتصادي لماليزيا والتخلُف الاقتصادي في مصر. وقالت إن إساءة  توجيه مهارات النساء ومواهبهُن تُكلف ثمناً اقتصادياً باهظاً. كما أكدت ضرورة إتاحة المُساواة والفُرص المُتكافئة بين النساء والرجال، حتى يُتيح لهُما التطوُر الاجتماعي والسياسي الاستفادة بأفضل الخبرات.

وعن الخريطة السياسية لمجلس الشعب وتوازُنات القوى السياسية بالمجلس، انتقد د.عمرو هاشم ربيع وجود حاجز انتخابي بدون أى مُبرر، وأيضاً الضغوط التي تعرض لها الناخبون من المصريين في الخارج، خاصة العاملين بأوروبا والولايات المُتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى عدم تدريب القُضاة بشكل لائق على قوانين الانتخابات والدوائر الانتخابية والشعب والشورى. كما رأى "ربيع" أن التحالُفات داخل البرلمان أصبحت مُختلفة تماماً عن التي خاضت الانتخابات، مُفسراً أنهُ بوصول التيار الديني للمجلس بنسبة 69% حدث ما سماهُ بالطلاق بين جميع الأحزاب السياسية والتحالُفات من جميع التيارات.

 وخلصت الندوة في نهايتها إلى عدة توصيات، تمثلت في ضرورة إصدار قانون خاص بالتظاهُر والاعتصامات، لأنهُ من غير المُمكن أن يعمل البرلمان في ظل الفوضى التي تحدُث حالياً، مهما يكن دور الميدان سابقاً، وكذلك الفصل  بين الدين والسياسة، ومنع الانتهاكات من قِبَل المساجد والكنائس. بالإضافة إلى الاهتمام بالخطوات المُستقبلية، والتوقُف عن النظر إلى الماضي، وإعطاء الهيئة المُنتخبة هيبتها وتقديرها، مع ضرورة التوافُق بين التيار المدني والإسلامي حالياً، و إنشاء لجنة عامة للانتخابات دائمة التطوير."

طباعة

تعريف الكاتب

شيريهان نشأت المنيري

شيريهان نشأت المنيري

باحثة في مجال الدراسات الإعلامية والمعلوماتية