مع تنامى الاعتماد على التكنولوجيا الرقمية فى إفريقيا، أصبحت الجرائم الإلكترونية تمثل تهديدًا متزايدًا للأمن القومى والاستقرار الاقتصادى والسياسى فى القارة. فى ظل تزايد الهجمات السيبرانية، واستغلال الفجوات التشريعية، وضعف البنية التحتية الرقمية فى بعض الدول، باتت هذه الظاهرة تشكل تحديًا أمام الحكومات والمؤسسات الإقليمية. إن انتشار الجرائم الإلكترونية، بما فى ذلك الاحتيال المالى، والهجمات على البنية التحتية الحيوية، والتجسس الرقمى، لا يقتصر على إلحاق الخسائر الاقتصادية، بل يهدد أيضًا السيادة الوطنية ويؤثر على ثقة المواطنين فى مؤسسات الدولة. لذلك، يتطلب التصدى لهذا التحدى نهجًا سياسيًا موحدًا، يعزز التعاون الإقليمى والدولى، ويؤسس لإطار قانونى وأمنى مشترك قادر على حماية الأمن السيبرانى الإفريقى فى مواجهة التهديدات المتنامية.
أولًا- التصعيد الرقمى فى إفريقيا.. المخاطر السيبرانية الراهنة:
تظل الجرائم الإلكترونية والهجمات الإلكترونية مشكلة كبيرة لإفريقيا، وتشهد المنظمة الإفريقية المتوسطة ما يقرب من 3200 هجوم أسبوعيًا، أى أكثر بنسبة 73% من المتوسط العالمى،وفقًا للبيانات المقدمة من شركة الأمن السيبرانى Check Point Software Technologies.أصبحت إفريقيا بشكل متزايد مركزًا للجرائم الإلكترونية، حيث احتلت ثمانى دول قائمةCheck Point لأعلى 20 منطقة معرضة لخطر الجرائم الإلكترونية. احتلت إثيوبيا المركز الأولكأخطر دولة فى مجال الجرائم الإلكترونية عالميا بين 109 دول شملها المؤشر، بينما تراوحت مراكز الدولالإفريقية الأخرى بين المرتبة الخامسة (زيمبابوي) والمرتبة الـ 17 (موزمبيق)، بينما احتلت نيجيريا المرتبة 19.
إن بلدان الجنوب العالمى، بما فى ذلك البلدان فى مناطق إفريقيالديها أقل عدد من المنظمات التى أفادت بأنها قادرة على الصمود فى مواجهة الهجمات السيبرانية، وفقا لتقرير "توقعات الأمن السيبرانى العالمى 2025" الصادر عن المنتدى الاقتصادى العالمى، وفى إفريقيا، تفتقر 36% من المنظمات إلى الثقة، فى حين أن الدول الإفريقية ممثلة بشكل غير متناسب فى قائمة أكثر 20 دولة خطورة على الإنترنت وتفتقر إلى الثقة فى قدرتها على الصمود فى مواجهة الهجمات الإلكترونية، فإن اقتصاداتها تتصدر القائمة أيضًا من حيث النمو، حيث تضم إفريقيا 11 من أسرع 20 اقتصادًانموًا، كما أن النمو السكانيالمتسارع فى إفريقيا، مقترنًا بالتوسع فى الرقمنة، يشكل تحديًا مزدوجًا للحكومات وصناع القرار. فمن جهة، يساهم الشباب الإفريقى المتزايد فى تعزيز الابتكار الرقمى وخلق فرص اقتصادية جديدة، مما يعزز التنمية المستدامة والتحول الرقمى. ومن جهة أخرى، فإن هذا التحول السريع يزيد من المخاطر الأمنية، حيث يوفر بيئة خصبة لانتشار الجرائم الإلكترونية واستغلال الثغرات الرقمية من قبل الجماعات الإجرامية المنظمة.
كما أن القارة الإفريقية لا تضم سوى 20 ألف مهندس مؤهل في مجال الأمن السيبرانى، وهو ما يشير إلى الحاجة الماسة إلى المزيد من الخبراء للانضمام إلى هذا المجال. ومع ذلك، هناك تركيز من جانب مؤسسات القطاعين الخاص والعام على تحفيز التدريب على الأمن السيبراني وخاصة بين الشباب، سواء لسد الفجوة الحادة في المهارات أو توفير فرص العمل المطلوبة بشدة، وفى الربع الأول من عام 2024 وحده، شهدت الشركات الإفريقية زيادة بنسبة 20٪ فى الهجمات الإلكترونية، مقارنة بالفترة نفسها فى عام 2023، بمتوسط 2373 هجومًا لكل مؤسسة فى الأسبوع، وفقًا لتقرير Check Point. مع سعى البلدانالإفريقية إلى أن تصبح أكثر اتصالًا، يستغل مجرمو الإنترنت نقاط الضعف فى البنية التحتية للهوية وأنظمة الأمان، مما يكلف القارة 4مليارات دولار سنويًا من الخسائر.
وتخلف هذه الجرائم عواقب مدمرة على الشركات والحكومات، تتراوح من تعطيل العمليات التجارية إلى سرقة الأموال على نطاق واسع وتسريب البيانات الحساسة. ووفقا للجنة الاقتصادية لإفريقيا التابعة للأمم المتحدة، فإن الافتقار إلى الاستعداد لمواجهة التهديدات السيبرانية قد يكلف البلدان الإفريقية ما يصل إلى 10٪ من ناتجها المحلى الإجماليسنويا، وتلعب الهندسة الاجتماعية دورًا فى 52% من الهجمات الناجحة على المنظمات، و91% على الأفراد فى إفريقيا. وتتضمن نحو 29% من هذه الهجمات مواقع ويب مزيفة تحاكى صفحات المصادقة الخاصة بالشركات أو البنوك أو أنظمة الدفع.
وفى عام 2020، احتلت إفريقياالمرتبة الأولى بين المناطق الأكثر تعرضًا للهجمات السيبرانية لكل دولة، فى مؤشر التعرض للأمن السيبرانى، ووفقًا لمؤشر الأمن السيبرانى العالمى للاتحاد الدولى للاتصالات، فإن سبع دول إفريقية فقط موريشيوس ومصر وتنزانيا وغانا وتونس ونيجيريا والمغرب من بين أفضل 50 دولة بأعلى مؤشرات للأمن السيبرانى، يرسم المؤشر التزامات البلدان فى مجال الأمن السيبرانى عبر خمس ركائز: التدابير القانونية، والتدابير الفنية، والتدابير التنظيمية، وتدابير تنمية القدرات، وتدابير التعاون. المغرب هى الدولة الإفريقية الوحيدة التى وصلت إلى المراكز الخمسين الأولى على مؤشر الأمن السيبرانى الوطنى (أكتوبر 2022)، والذى يقيس استعداد البلدان لمنع التهديدات السيبرانية وإدارة الحوادث السيبرانية.
ولقد اعتمدت العديد من البلدان فى جميع أنحاء العالم استراتيجيات وطنية للأمن السيبرانى، من خلال إنشاء المؤسسات والمبادرات والأولويات، وتحديد الأدوار والمسئوليات، وتحديد عناصر التعاون الدولى بشأن قضايا الأمن السيبرانى، ومع ذلك، فإن إفريقيا تتخلف عن الركب فى تطوير وتنفيذ استراتيجيات الأمن السيبرانى الوطنية، وقد وافقت جميع البلدان الثماني التى ركزت عليها على استراتيجيات الأمن السيبرانى الوطنية أو صاغتها. وإلى جانب الاستراتيجيات المخصصة، فإن الجوانب المتعلقة بالأمن السيبرانى تُغطى أحيانًا أيضًا فى استراتيجيات وسياسات وخطط وطنية أخرى.
1- كينيا ونيجيريا.. التزام استراتيجى بالتعاون الدولى:
تتبنى كينيا نهجًا واضحًا فى تعزيز التعاون الدولى ضمن استراتيجيتها الوطنية للأمن السيبرانى، إذ تؤكد على ضرورة المشاركة فى تطوير القوانين والمعاهدات والسياسات الدولية ذات الصلة. كما تبرز سياستها فى قطاع النطاق العريض التزامها ببناء تحالفات عالمية لضمان تطبيق القانون الدولى فى الفضاء الإلكترونى. وبالمثل، تولى نيجيريا أهمية كبيرة للتعاون الدولي، حيث خصصت قسمًا كاملًا ضمن استراتيجيتها الوطنية لهذا الغرض. وتلتزم الحكومة النيجيرية بتنسيق الجهود مع الدول الأخرى والمنظمات المتعددة الجنسيات لتعزيز إنفاذ القانون السيبرانى، وتبادل المعلومات، واعتماد أفضل الممارسات فى مجال الأمن السيبرانى.
2- السنغال ورواندا.. شراكات لتعزيز الأمن السيبرانى:
تحدد السنغال التعاون الإقليمى والدولى كأولوية فى استراتيجيتها الوطنية للأمن السيبرانى، وتدعو إلى تعزيز تبادل المعلومات مع الشركاء العالميين لمواجهة التهديدات السيبرانية. وتتماشى هذه الرؤية مع استراتيجية رواندا، التى تركز على الاستجابة للطوارئ الحاسوبية الإقليمية والدولية، وتعزيز التعاون فى مكافحة الجرائم الإلكترونية، إضافة إلى بناء شراكات مع المنظمات الدولية لتعزيز القدرات الوطنية فى مجال الأمن السيبرانى.
3- جنوب إفريقيا وغانا.. الانخراط فى الأطر الدولية:
تؤكد جنوب إفريقيا فى سياستها الوطنية للأمن السيبرانى على ضرورة المشاركة فى المنتديات الإقليمية والدولية لتعزيز موقفها فى مواجهة التحديات السيبرانية. وتسعى البلاد إلى إنشاء شراكات ثنائية ومتعددة الأطراف لضمان استجابة منسقة للتهديدات. من جهتها، تلتزم غانا بتعزيز التعاون الدولى عبر قانون الأمن السيبرانى الذى أقره برلمانها عام 2020، والذى ينص على دور هيئة الأمن السيبرانى فى تنفيذ المعاهدات الدولية وإنشاء آليات لتسهيل التعاون مع الوكالات الدولية.
4- كوت ديفوار وناميبيا.. الأمن السيبرانى كأولوية وطنية ودولية:
تعكس استراتيجية كوت ديفوار للأمن السيبرانى (2021-2025) طموح البلاد فى لعب دور قيادى على المستوى القارى، من خلال تعزيز التعاون الدولى والمشاركة فى المبادرات العالمية مثل شبكة FIRSTومبادرة ITU Cyberdrill. فى المقابل، تتبنى ناميبيا نهجًا مماثلًا فى خطتها الوطنية للأمن السيبرانى (2022-2027)، حيث تركز على تعزيز الشراكات الدولية لدعم جهود الأمن السيبرانى الوطنى.
ثانيًا- الفضاء السيبرانى فى إفريقيا.. التحديات والتهديدات والاستجابات الاستراتيجية:
مع التوسع المتزايد فى استخدام الإنترنتوالتطور السريع للتكنولوجيا الرقمية، يواجه المشهد الأمنى فى القارة الإفريقية تحولات جوهرية، حيث أصبح الفضاء السيبرانى ساحة جديدة للصراع والتعاون والمنافسة. وكما هو الحال على الصعيد العالمى، فقد أدى انتشار تقنيات المعلومات والاتصالات إلى تعقيد التحديات الأمنية الوطنية، مما أتاح فرصًا للجهات الفاعلة المختلفة لاستغلال الفضاء السيبرانى بطرق تؤثر على الأمن والاستقرار. وفى هذا السياق، يسعى مركز إفريقيا إلى تعميق الفهم بشأن التهديدات السيبرانية المتنامية، واستشراف تطوراتها المحتملة خلال العقد المقبل، وتحديد الاستجابات الفعالة التى يمكن أن تعتمدها الدول الإفريقية على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية.
1- التجسس السيبرانى.. تصاعد القدرات وانتشار المراقبة:
أحدث الفضاء السيبرانى ثورة فى أساليب جمع المعلومات الاستخباراتية، حيث باتت الدول تستخدم التقنيات الرقمية لتعزيز قدراتها فى التجسس على الدول الأخرى وعلى مواطنيها. وفى إفريقيا، تُثار المخاوف بشكل خاص حول الدور المتنامى لبعض القوى الدولية، مثل الصين، فى توفير تقنيات المراقبة والبيانات الضخمة، مما يعزز من قدرات العديد من الحكومات على تعقب الأفراد ومراقبة المعارضين السياسيين. كما أن هناك انتشارًا متزايدًا لقدرات التجسس الإلكترونى بين الدول الإفريقية نفسها، وهو ما يطرح تحديات فيما يتعلق بحماية الخصوصية وحقوق الإنسان، إلى جانب المخاوف الأمنية الناجمة عن تسرب المعلومات الحساسة إلى جهات أجنبية أو غير حكومية.
2- تخريب البنية التحتية الحيوية: تهديد متنامٍ لاستقرار الدول:
تواجه الحكومات والأنظمة العسكرية والمؤسسات المالية وقطاعات الاتصالات فى إفريقيا مخاطر متزايدة من الهجمات السيبرانية التى تهدف إلى تعطيل أو تدمير البنية التحتية الحيوية. وتشكل العمليات الإلكترونية التى تنفذها جهات حكومية معادية أو شبكات الجريمة المنظمة مصدر قلق متزايدا، لا سيما مع تصاعد الهجمات التى تستهدف المرافق الحكومية والخدمات الأساسية. إلى جانب التهديدات المتعمدة، تبرز مخاطر التخريب غير المقصود الناتج عن الإهمال أو سوء الإدارة، مما يزيد من أهمية تعزيز أنظمة الحماية السيبرانية واعتماد سياسات صارمة لضمان أمن البنية التحتية الرقمية للدول الإفريقية.
3- الجريمة السيبرانية المنظمة: بيئة خصبة لنمو الأنشطة الإجرامية:
يتيح الفضاء السيبرانى للمجموعات الإجرامية ذات الخبرات التقنية فرصًا جديدة لتنفيذ عمليات غير قانونية على نطاق واسع، بما فى ذلك سرقة البيانات، واختراق الأنظمة المالية، والاحتيال عبر الإنترنت، وابتزاز الأفراد والشركات. ومع تزايد معدلات انتشار الإنترنت فى إفريقيا، شهدت المنطقة تطورًا فى أنماط الجرائم الإلكترونية، مثل عمليات اختراق البريد الإلكترونى للشركات والاحتيال الرومانسى، مما أدى إلى تغير ديناميكيات السوق السوداء وتحويل مسارات تمويل شبكات الجريمة المنظمة التقليدية. ولمواجهة هذا التحدى، تحتاج الحكومات إلى تعزيز التعاون بين الأجهزة الأمنية، واعتماد تشريعات متطورة، والاستفادة من القدرات التقنية لمكافحة الجريمة السيبرانية بكفاءة.
4- التكتيكات العسكرية السيبرانية.. بُعد جديد للصراعات فى إفريقيا:
مع تزايد أهمية الفضاء السيبرانى فى العمليات الأمنية والعسكرية، بدأت الدول الإفريقية تدرك الحاجة إلى تطوير استراتيجيات دفاعية وهجومية فى هذا المجال. وإلى جانب استخدام الفضاء الإلكترونى فى عمليات التجسس والتخريب السيبرانى، باتت تقنيات المراقبة المتقدمة والأنظمة غير المأهولة، مثل الطائرات بدون طيار، تلعب دورًا محوريًا فى النزاعات المسلحة داخل القارة. وتساعد هذه التقنيات فى جمع المعلومات الاستخباراتية، واستهداف العناصر المعادية، وتعزيز السيطرة الأمنية فى المناطق غير المستقرة، مما يضيف بُعدًا رقميًا إلى الصراعات التقليدية فى إفريقيا.
إن الأمن السيبرانى بات يشكل أحد الأعمدة الأساسية لحماية الاستقرار الوطنى فى إفريقيا، ولا بد من مقاربة استراتيجية تستند إلى التعاون الدولى والإقليمى، والاستثمار فى التكنولوجيا، وتعزيز القدرات البشرية والمؤسسية لمواكبة التهديدات المتجددة فى العصر الرقمى.
ثالثًا- تعزيز الأمن السيبرانى فى إفريقيا.. رؤية استراتيجية لمكافحة الجرائم الإلكترونية:
فى ظل التهديدات المتزايدة التى تفرضها الجرائم السيبرانية على الأمن الوطنى والدولى، يؤكد الإنتربول على ضرورة تبنى الدول الإفريقية الأعضاء نهجًا استراتيجيًا شاملًا يعزز القدرات السيبرانية الوطنية، ويدعم التنسيق الإقليمى والدولى لمواجهة هذه التحديات.
1- تطوير أطر سيبرانية وطنية متماسكة:
ينبغى للدول أن تواصل جهودها فى إنشاء وتعزيز منظومات وطنية قوية ومنسقة للأمن السيبرانى، من خلال تطوير استراتيجيات وسياسات وأطر قانونية تضمن استجابة فعالة للجرائم السيبرانية. ويشمل ذلك إزالة العقبات القانونية أمام جهات التحقيق، واعتماد تشريعات متقدمة توفر بيئة قانونية مرنة وقادرة على مواكبة التطورات التقنية المستمرة، مما يسهم فى تعزيز الجاهزية للتعامل مع التهديدات الإلكترونية المختلفة.
2- تعزيز القدرات السيبرانية لمؤسسات إنفاذ القانون:
يتطلب التطور السريع للجرائم السيبرانية استثمارًا مستدامًا فى القدرات الأمنية والتكنولوجية لمؤسسات إنفاذ القانون، بما يشمل تطوير وحدات متخصصة، وتأهيل الكوادر البشرية، وتوفير الأدوات والمنصات المتقدمة التى تتيح الاستجابة السريعة والفعالة للهجمات الإلكترونية. كما أن الانخراط فى برامج بناء القدرات التى تقدمها المنظمات الإقليمية والدولية يمثل عنصرًا أساسيًا لتعزيز المهارات وتبادل الخبرات فى مجال مكافحة الجرائم السيبرانية.
3- تعزيز التعاون بين أصحاب المصلحة فى منظومة الأمن السيبرانى:
نظرًا للطبيعة العابرة للحدود للجريمة السيبرانية، تبرز أهمية تعزيز التعاون بين جميع الجهات الفاعلة فى منظومة الأمن السيبرانى، بما فى ذلك القطاع الخاص، ووكالات الأمن الرقمى، والمؤسسات البحثية. ويعد تكامل الجهود بين هذه الأطراف عاملًا محوريًا فى تحسين الاستجابة للحوادث، وتعزيز تبادل المعلومات الاستخباراتية، والتصدى للبنية التحتية الضارة، ورفع مستوى الوعى بالأمن السيبرانى. كما أن إنشاء فرق وطنية للاستجابة للطوارئ الإلكترونية، وربطها بمنظومات أمنية متطورة، يسهم فى بناء شبكة حماية قوية تضمن التصدى الفعّال للتهديدات المتزايدة.
4- ترسيخ ثقافة الوعى الرقمى وتعزيز الأمن السيبرانى المجتمعى:
فى ظل تزايد اعتماد الأفراد والمؤسسات على الفضاء الرقمى، يصبح تعزيز الثقافة الأمنية الرقمية ركيزة أساسية لمواجهة الجرائم السيبرانية. ومن هذا المنطلق، يتطلب الأمر تكثيف الجهود التوعوية لنشر ممارسات الحماية الإلكترونية، مثل اعتماد أنظمة المصادقة متعددة العوامل، وتحسين أمن البريد الإلكترونى، وتعزيز آليات الدفع الآمنة. كما يجب تسهيل عمليات الإبلاغ عن الجرائم السيبرانية، عبر منصات إلكترونية متاحة للجميع، لضمان استجابة سريعة وفعالة تسهم فى الحد من المخاطر الرقمية وتوفير بيئة إلكترونية أكثر أمانًا.
5- تعميق التعاون الإقليمى والدولى فى مكافحة الجريمة السيبرانية:
يُعد التعاون الإقليمى والدولى عنصرًا حاسمًا فى مواجهة التهديدات السيبرانية، حيث تزداد الحاجة إلى تنسيق الجهود بين الدول، وتعزيز تبادل المعلومات الأمنية، وتطوير عمليات مشتركة تستند إلى معلومات استخباراتية دقيقة لملاحقة الشبكات الإجرامية التى تستغل الفضاء الرقمى. كما أن تبنى آليات تعاون أكثر فاعلية بين الدول يسهم فى الحد من المخاطر السيبرانية، وتعزيز الاستقرار الرقمى، وحماية المجتمعات من التهديدات المتنامية فى العالم الرقمى.
ختامًا:
إن التحولات الرقمية المتسارعة تفرض تحديات أمنية غير مسبوقة، تستوجب تبنى استراتيجيات وطنية وإقليمية ودولية شاملة لمواجهة الجرائم السيبرانية، وتعزيز الحماية الرقمية، وضمان بيئة إلكترونية آمنة ومستدامة. إن العمل المشترك والتكامل بين مختلف الأطراف المعنية يمثلان حجر الأساس لبناء فضاء سيبرانى أكثر أمانًا، يسهم فى تعزيز الاستقرار والتنمية المستدامة.