المحكمة الجنائية الدولية (ICC) هي مؤسسة دولية أُنشئت بموجب اتفاقية روما لعام 1998 وبدأت عملها عام 2002. تختص بالنظر في الجرائم الدولية، مثل جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية، وجرائم العدوان.
قرارات المحكمة الجنائية الدولية ضد إسرائيل:
1. التحقيق في الجرائم في الأراضي الفلسطينية:
في مارس 2021، أعلنت المدعية العامة للمحكمة آنذاك، فاتو بنسودا، فتح تحقيق رسمي بشأن الجرائم المزعومة في الأراضي الفلسطينية، بما يشمل الضفة الغربية، والقدس الشرقية، وقطاع غزة.
ويشمل التحقيق انتهاكات محتملة للقانون الدولي من قبل القوات الإسرائيلية، بما في ذلك ممارسات الاستيطان والفصائل الفلسطينية المسلحة، مثل إطلاق الصواريخ العشوائي.
2. شرعية الاختصاص القضائي:
أقرت المحكمة بأن لها اختصاصًا على الأراضي الفلسطينية بناءً على انضمام فلسطين إلى اتفاقية روما عام 2015، رغم عدم اعتراف إسرائيل بفلسطين كدولة.
إسرائيل رفضت هذا الموقف واعتبرته تسييسًا للقضاء الدولي.
• موقف نتنياهو من قرارات المحكمة:
عبّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن رفضه الشديد لقرارات المحكمة، واتخذ عدة مواقف، منها:
اتهام المحكمة بمعاداة السامية حيث وصف تحقيق المحكمة بأنه "انحراف عن العدالة" و"هجوم على دولة إسرائيل".
رفض التعاون: إسرائيل رفضت التعاون مع المحكمة أو تقديم أي وثائق ذات صلة بالتحقيق.
• ضغط دبلوماسي: حاول نتنياهو عبر حلفاء إسرائيل مثل الولايات المتحدة الحد من تأثير المحكمة.
كما أن الولايات المتحدة أيضًا خاصة خلال إدارة ترامب دعمت إسرائيل بقوة وفرضت عقوبات على مسئولين في المحكمة بمن فيهم المدعية العامة بنسودا.
• ردود أفعال مختلفة:
رحبت السلطة الفلسطينية بقرارات المحكمة واعتبرتها خطوة نحو تحقيق العدالة للفلسطينيين.
أما بالنسبة للمجتمع الدولي: الانقسامات واضحة، هناك دول تدعم قرارات المحكمة وأخرى تعتبر أن دور المحكمة قد يتعارض مع مصالحها السياسية.
في نوفمبر 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت، على خلفية اتهامهما بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في الأراضي الفلسطينية ، حيث إن الاتهامات تتعلق بعمليات استهداف المدنيين واستخدام التجويع كوسيلة حرب خلال العدوان الأخير على غزة.
وكانت أبرز تفاصيل القرار:
1. اختصاص المحكمة: المحكمة أكدت أن ولايتها لا تتطلب اعتراف إسرائيل باختصاصها، استنادًا إلى انضمام فلسطين لاتفاقية روما.
2. التداعيات الدولية:
الاتحاد الأوروبي وبعض الدول الأعضاء أكدوا التزامهم بتنفيذ القرار، فيما أعلنت دول مثل الولايات المتحدة رفضها للقرار واعتبرته مسيسًا.
وقد رحبت السلطة الفلسطينية بهذه الخطوة واعتبرتها تقدمًا نحو تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني.
3. رد فعل إسرائيل:
رفض نتنياهو القرار ووصف المحكمة بأنها "معادية للسامية" واتهمها بتسييس العدالة.
وهاجمت إسرائيل المحكمة واعتبرت أن القرار يهدد أمنها ويعزز التطرف.
• التبعات المحتملة:
يُلزم قرار المحكمة الدول الأعضاء في نظام روما الأساسي بالتعاون مما قد يعيق سفر نتنياهو ومسئولين آخرين إلى تلك الدول، ويضعهم تحت خطر الاعتقال ومع ذلك يواجه تنفيذ هذه القرارات صعوبات بسبب غياب آلية إنفاذ دولية فعالة.
ويمكن اعتبار هذا التطور علامة فارقة في محاسبة المسئولين عن الانتهاكات في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
أما بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية فقد أعربت عن رفضها القاطع لقرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرتي اعتقال بحق بنيامين نتنياهو ويوآف جالانت في نوفمبر 2024.
وكانت أبرز ردود الفعل:
1. الرئيس الأمريكي وإدارته:
وصفت إدارة الرئيس الأمريكي القرار بأنه "مشين وغير عادل"، واعتبرته خطوة مسيّسة تقوّض العدالة الدولية.
أكدت الولايات المتحدة على دعمها القوي لإسرائيل، وشددت على أن المحكمة الجنائية الدولية "تفتقر إلى الاختصاص القضائي" في هذه القضية لأن إسرائيل ليست طرفًا في اتفاقية روما.
2. وزير الخارجية الأمريكي:
دعا إلى احترام سيادة إسرائيل واعتبر أن المحكمة تتجاوز دورها بالانخراط في صراعات سياسية.
كما أشار إلى أن الولايات المتحدة ستدعم إسرائيل قانونيًا ودبلوماسيًا لمواجهة تداعيات هذا القرار.
3. الضغط على الدول الأخرى:
استخدمت الولايات المتحدة نفوذها للتأثير على الدول الأعضاء في المحكمة لتجاهل تنفيذ مذكرات الاعتقال، مشيرة إلى أن القرار يهدد استقرار المنطقة ويُضعف محاولات تحقيق السلام.
4. السياق الأوسع:
لطالما عارضت الولايات المتحدة تدخل المحكمة الجنائية الدولية في القضايا التي تشمل حلفاءها مثل إسرائيل، وسبق أن فرضت عقوبات على مسئولين في المحكمة خلال إدارة ترامب.
وهنا يعكس رد الفعل الأمريكي الموقف التقليدي الرافض لأي محاسبة دولية لإسرائيل، مع التركيز على تصوير المحكمة الجنائية الدولية كجهة مسيّسة تتعارض مع أهداف السلام في الشرق الأوسط.
ختامًا، تعكس قضية المحكمة الجنائية الدولية مع إسرائيل الصراع الدائم بين السعي لتحقيق العدالة الدولية وبين التحديات السياسية التي تواجهها المؤسسات الدولية حيث إن موقف نتنياهو يظهر استراتيجية إسرائيل في رفض أي محاسبة دولية واعتبارها تهديدًا لسيادتها.