أطلقت الصين مبادرة الحزام والطريق عام 2013، وهذه المبادرة تهدف إلى ربط دول العالم بعضها بعضا عبر شبكة من الطرق البرية، والسكك الحديد، والموانئ، وخطوط أنابيب النفط، والممرات البحرية، وشبكات الاتصالات السلكية واللاسلكية التى تمر بالصين و65 بلدا آخر. وقدمت الحكومة الصينية هذه المبادرة بوصفها وسيلة لتحسين التعاون والاتصال بين المناطق المختلفة، وتركز المبادرة على خمسة مجالات هى: التنسيق فيما بين السياسات الإنمائية، وإنشاء بنى أساسية ومرافق وشبكات، وتعزيز الاستثمار والعلاقات التجارية، وتحسين التعاون المالى، وتكثيف التبادل الاجتماعى والثقافى.
تعد مبادرة "الحزام والطريق"One belt and One road “OBOR” التى أعلنها الرئيس الصينى "شى جى بينج" عام 2013، من أهم المبادرات فى الألفية الجديدة، كونها مشروعا استراتيجيا شاملا طويل الأجل، ويهدف بدوره إلى ربط الصين برا وبحرا بجنوب شرق آسيا ووسط آسيا والشرق الأوسط وأوروبا وإفريقيا، وذلك من خلال طريقين رئيسيين، هما "حزام طريق الحرير البرى" و"طريق الحرير البحرى"؛ إذ لا شك فى أن لتلك المبادرة تداعيات كبيرة على دول منطقة الشرق الأوسط؛ حيث تمثل مرحلة جديدة فى تفاعل بكين مع دول المنطقة، ويأتى الممر الاقتصادى الصينى الباكستانى CPECعلى رأس المحاور الاقتصادية والتجارية لها بل أهم مشروعات مبادرة الحزام والطريق، ومن المتوقع أن تستفيد بكين استراتيجيا واقتصاديا من خلال العديد من المشروعات فى إطار الممر.
أولا- أهمية الممر الاقتصادى الصينى الباكستاني
إن فكرة الممر الاقتصادى الصينى الباكستانى CPECكانت اقتراحا من رئيس مجلس الدولة الصينى السابق لى كه تشيانج خلال زيارته لباكستان فى مايو 2013. يبدأ الممر الذى يبلغ طوله 3000 كيلومتر من منطقة كاشغار فى منطقة شينجيانج الويغورية الصينية التى تتمتع بالحكم الذاتى فى غرب الصين، وينتهى عند ميناء جوادار الباكستانى، ويربط الحزام الاقتصادى لطريق الحرير فى الشمال وطريق الحرير البحرى للقرن الحادى والعشرين فى الجنوب. ويتضمن الممر الاقتصادى تطوير شبكة بنية تحتية واسعة النطاق فى باكستان، ويحتوى على تدشين ميناء بحرى كبير، ومشروع سكك حديد بقيمة 7.2 مليار دولار وشبكة مترو أنفاق فى "لاهور" بقيمة مليارى دولار ومحطات لإنتاج الطاقة الكهرومائية، وتدشين مئات الأميال من كابلات الألياف الضوئية بين البلدين، وسوف يبنيها ويديرها عملاق الاتصالات الصينى "هواوى"، بالإضافة إلى إقامة عدد من المناطق الاقتصادية الخالصة. وتفوق هذه الالتزامات الصينية مجموع الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى إسلام آباد والمساعدات الأجنبية المقدمة لها من خارج بكين بما فيها تلك القادمة إليها من واشنطن.
تبرز أهمية الممر لكل من الصين وباكستان وإقليميا على النحو التالى:
بالنسبة إلى الصين:
يمكن القول إن بكين تجاوزت بقية دول العالم فى كونها المركز الرئيسى للتصنيع والتجارة فى العالم، وتعد أوروبا والشرق الأوسط أهم الشركاء التجاريين، وتحتل المراكز الأولى للصادرات الصينية وبنسب: أوروبا (18.5%) والشرق الأوسط (15%). وتعتمد بكين بشكل كبير على النقل البحرى فى التجارة الخارجية ومن أجل تقليل الاعتماد على الطريق التقليدى عبر مضيق ملقا الذى يواجه مشكلات عدة فيما يطلق عليه الصينيون معضلةMalaccan التى تتعلق بطول المسافة وزيادة التكلفة والتأخير فى وصول الشحنات؛ حيث تستورد بكين أكبر نسبة من إمداداتها النفطية عبر مضيق ملقا، وتستغرق شحنات النفط عبره 45 يوما للوصول إلى وجهتها بالصين، وتصل خلال 10 أيام فقط عبر ميناء جوادار.
نظرا لوجود النزاعات بين الصين ودول جنوب شرق آسيا الأخرى وحالة من عدم اليقين من أنه إذا قامت دول شرق آسيا الأخرى بتشكيل تحالف ضد بكين، فسوف تتمكن من فرض حواجز بحرية على مضيق ملقا، ومن ثم يمكن أن تخنق الصين اقتصاديا، فقد اقترح المحللون على صناع القرار الصينيين تبنى سياسة ذات شقين تتمثل فى اتخاذ نهج فى أثناء عملية إقامة علاقات مع القوى العظمى، وتوسيع علاقاتها مع البلدان النامية والبلدان المجاورة لها. من هنا، سوف يقوم الممر الاقتصادى الصينى الباكستانى بإنشاء الصلة المحتملة بين الصين والشرق الأوسط ودول أوروبا وبما يتيح حركة آمنة وسريعة ومنخفضة التكلفة للمواد الخام والسلع نصف المصنعة وتامة الصنع.
وضعت بكين وإسلام آباد خطة طويلة الأجل لبناء مرافق النقل والطاقة على طول الممر فى شهر إبريل 2015، ومن المتوقع أن تحفز هذه المرافق إطلاق مشروعات كبرى أخرى فى البنية التحتية، والطاقة، والحفاظ على المياه والمعلومات والاتصالات بما فى ذلك المناطق الصناعية ومناطق التجارة الحرة وباستثمارات إجمالية تبلغ 45 مليار دولار أمريكى، ومن المقرر أن يكتمل بناء الممر بحلول عام 2030.
جدير بالذكر، أن الرئيس الصينى شى جى بينج ورئيس الوزراء الباكستانى الأسبق نواز شريف حضرا حفل وضع حجر الأساس لنحو 5 مشروعات كبرى فى 20 إبريل 2015، وتم التوقيع على أكثر من 30 اتفاقية ومذكرة تفاهم تتعلق بالتعاون المشترك فى إطار مشروعات الممر.
بالنسبة إلى باكستان:
أكد الجانبان الصينى والباكستانى فى 24 يوليو 2021،فى بيان صحفى مشترك، أن الممر دخل مرحلة جديدة من التنمية عالية الجودة، وقدم مساهمة مهمة فى التنمية الاقتصادية والاجتماعية فى باكستان. وسوف يواصل الجانبان تعزيز تنمية الممر، وضمان الانتهاء من المشروعات قيد الإنشاء فى الوقت المناسب، والتركيز على محاور التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وخلق فرص العمل وتحسين معيشة الناس، ومواصلة تعزيز التعاون فى المناطق الاقتصادية المتخصصة والبنية التحتية والعلوم والتكنولوجيا والعلاج الطبى والصحة العامة والزراعة وتدريب الموارد البشرية، بهدف إطلاق العنان للإمكانات الكبيرة للممر بشكل مستمر لجعله مركزا للاتصال الإقليمى، كما اتفق الجانبان على بناء الممرات الصحية والصناعية والتجارية والرقمية والخضراء بشكل شامل.
استعرض الجانبان بشكل مرضٍ الإنجازات الرائعة التى حققتها مشروعات الممر، ويتطلع كلا الجانبان إلى عقد الاجتماع العاشر للجنة التعاون والتخطيط المشترك لكيفية تسهيل التشغيل عالى الجودة لهذه الممرات بشكل عملى، وتعزيز التعاون عالى الجودة فى إطار مبادرة الحزام والطريق، كما يتوقع المسئولون الباكستانيون أن يؤدى الممر الاقتصادى إلى خلق ما يقرب من 2.3 مليون فرصة عمل بين عامى 2015 و2030، وإضافة 2 إلى 2.5 نقطة مئوية إلى النمو الاقتصادى السنوى للبلاد، وبداية من عام 2022، عزز المشروع صادرات باكستان وقدراتها التنموية فضلا عن توفير ربع إجمالى الكهرباء.
أما من حيث الأهمية إقليميا، فيمكن النظر إلى أن الممر يهدف إلى تعزيز التبادلات التجارية والاقتصادية والتعاون الثنائى فى مجالات النقل والطاقة والشحن البحرى وتعزيز التواصل بين البلدين، وبما يحقق أهداف التنمية المحلية والمشتركة، وسوف يساعد على تعزيز الاتصال عبر جنوب آسيا بأكمله، وتوسيع التعاون فى قطاعات الاقتصاد والطاقة بين دول جنوب آسيا ووسطها، وشمال إفريقيا وعلى طول الخليج العربى، ومن ثم تشكيل نصف قطر اقتصادى يستفيد منه ما يَقرب من 3 مليارات نسمة.
يقدر إجمالى استثمارات الممر الاقتصادى الصينى الباكستانى بنحو 46 مليار دولار أمريكى، ويصادف هذا العام 2023 مرور عقد على إطلاق مشروع الممر الذى عزز التجارة بين الصين والدول المجاورة لها وكان له تأثير إيجابى فى باكستان والمناطق المحيطة بها على مدى السنوات العشر الماضية.
تأتى أهم المشروعات الرئيسية للممر على النحو التالي:
تناولت بعض التحليلات الصينية ومصادر وزارة التخطيط والتنمية الباكستانية بعض التطورات فى الممر؛ حيث إنه تم تنفيذ معظم مشروعات الممر بسلاسة خلال العامين الماضيين، أو هى فى مراحل متقدمة من الاكتمال، ومن ثم سوف تجنى إسلام آباد ثمار مشروعات الممر فى شكل كمية كافية من الكهرباء متاحة للجميع تقريبا وشبكة محسنة من الطرق فى جميع أنحاء باكستان، فضلا عن نمو الناتج المحلى الإجمالى والتقدم الاقتصادى للبلاد مقارنة بما كانت عليه قبل عام 2018. وفى هذا الصدد، هناك مجموعة من النقاط التى تم الانتهاء منها على النحو التالى:
· أسهمت كل من محطة كهرباء ساهيوال ومحطة كهرباء ميناء قاسم فى توليد ثلث الطاقة الكهربائية فى باكستان، كما أسهمت مشروعات نقل التيار المباشر عالى الجهد فى ماتيارى - لاهور وغيرها من مبادرات نقل الطاقة فى تخفيف نقص الكهرباء بشكل كبير، ونتيجة لذلك أصبحت لدى إسلام آباد الآن قدرة طاقة كافية لتلبية الطلب المحلى، إضافة إلى ذلك حقق مشروع محطة كهرباء ساهيوال أداء فائقا فى انبعاثات الغاز مقارنة بالمعايير المحلية.
· تعد المرحلة الثانية من طريق كاراكورام السريع، وطريق بيشاور إلى كراتشى السريع، وأول قطار نقل حضرى فى باكستان، وقطار مترو لاهور أورانج لاين، من بين المشروعات التى أسهمت فى زيادة قدرة النقل بين بكين وإسلام آباد، فضلا عن التحسينات المهمة فى الطرق الرئيسية فى باكستان، ويعد قطار لاهور أورانج لاين للمترو أول نظام مترو للنقل الحضرى فى باكستان.
· أنهى مشروع كابلات الألياف الضوئية العابر للحدود بين الصين وباكستان حقبة عدم وجود كابلات ألياف ضوئية أرضية تربط بينهما.
· تعد منطقة رشاكاى الاقتصادية الخاصة أول منطقة صناعية يتم إنشاؤها فى إطار الممر، والتى قامت بدمج الموارد بشكل فعال، وعززت التجمعات الصناعية التنافسية، وبما يخدم منظومة الصادرات من تلك التجمعات الصناعية.
· فى مجال التعاون الزراعى فى إطار الممر، ساعدت الصين باكستان على السيطرة على تفشى الجراد من خلال توفير إمدادات للقضاء عليه، كما أدى نقل التقنيات والمهارات الزراعية الحديثة من الخبراء الصينيين إلى المزارعين فى جوادار إلى تحويل أكثر من 100 ألف متر مربع من الأراضى إلى مساحات خضراء صالحة للزراعة وزيادة إيرادات المحاصيل الزراعية فى تلك الأراضى.
هذا، وتشير بعض التقديرات المحلية فى إسلام آباد إلى أن تلك المشروعات فى إطار الممر أوجدت أكثر من 200 ألف فرصة عمل فى باكستان.
ثانيا- التحديات التى تواجه الممر
يعد الممر بمنزلة بنية تحتية وتنمية رئيسية شاملة لمبادرة الحزام والطريق، ويهدف إلى تحقيق فوائد كبيرة لكل من الصين وباكستان وبقية الدول الإقليمية وغيرها فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأوروبا، وشأن أى مشروع ناحج لا بد من أن يواجه عدة تحديات داخلية وخارجية على النحو التالى:
التحديات الداخلية
يرى بعض المحللين أن هناك بعض التحديات المحلية للممر من الجانب الباكستانى وتتمثل فى الآتى:
· الوضع السياسى: قد يشكل عدم الاستقرار السياسى فى باكستان أيضا خطرا على الممر؛ إذ كانت البلاد تعانى عدم استقرار سياسى كبير أو تغييرات فى الحكومة والمخاطر الأمنية وضعف إمكانات وقدرات العاملين المحليين، ومن ثم عدم كفاية القدرة على تنفيذ المشروعات المدرجة فى الممر.
· المعارضة من قبل المجتمعات المحلية: لبعض المشروعات المدرجة فى الممر ذات الأثر السلبى فى البيئة مثل محطة الطاقة التى تعمل بالفحم فى جوادار.
· القيود الاقتصادية: تتمثل فى عدم قدرة الاقتصاد الباكستانى على استيعاب الحجم الكبير من الاستثمارات المدرجة فى الممر المذكور ما يؤدى إلى مشكلات مثل التضخم أو تدفق الاستثمارات الصينية إلى سوق العقارات، وما لذلك من عواقب سلبية على الاقتصاد المحلى.
· الافتقار إلى التنسيق بين الوكالات أو الإدارات التى تعمل على المشروعات المختلفة والمدرجة فى الممر ما قد يؤدى إلى ازدواجية الجهود أو تضارب الأولويات، وينعكس ذلك على التأخير فى تنفيذ تلك المشروعات، وربما إلى عدم الكفاءة فى الأداء.
· محدودية المشاركة المحلية والتخوف من عدم الاستفادة من المشروعات المدرجة فى الممر، ما لم يتم تضمين تلك الشركات أو العمال المحليين فى سلاسل التوريد أو فرص العمل المرتبطة بتلك المشروعات، ما قد يؤدى إلى توترات اجتماعية.
· قيود البنية التحتية: والتخوف من عدم قدرة وكفاية البنية التحتية من طرق أو موانئ أو وسائل نقل أخرى لدعم حركة المواد والعمال إلى مواقع المشروع ما يؤدى إلى التأخير فى تنفيذ المشروعات المدرجة فى الممر.
· قدرة محدودة للاقتصاد الباكستانى على استيعاب الاستثمارات واسعة النطاق المدرجة فى الممر بشكل فعال ما قد يؤدى إلى مشكلات مثل التضخم، فضلا عن مخاوف بشأن تأثير تدفق الاستثمارات الصينية إلى سوق العقارات الباكستانية.
هذا، وتشير بعض التقديرات إلى أن إجمالى الاستثمار الأجنبى المباشر فى تاريخ باكستان بلغ نحو 40 مليار دولار فقط، فيما وصل فى إطار الممر إلى أكثر من 20 مليار دولار فى غضون ثلاث سنوات فقط، ما يمثل تحديا كبيرا لباكستان.
التحديات الخارجية
تشمل تحديات إقليمية متنوعة للممر، وتتعلق بأطر المنافسة ومخاطر جيوسياسية وبيئية واقتصادية وغيرها وتتمثل فى الآتى:
· المنافسة من بعض الدول الإقليمية التى ترى أن الممر يشكل تهديدا لمصالحها الخاصة، وتسعى من جانبها إلى تقويض المشروع أو تعطيله، وكانت الهند من أشد المنتقدين لهذا الممر بحجة أنه يمر عبر منطقة جيلجيت بالتستان المتنازع عليها، وتدعى نيودلهى أنها جزء من جامو وكشمير.
· التوترات الجيوسياسية: تشمل التوترات بين الصين ودول أخرى وخاصة الولايات المتحدة التى تشكل أيضا تهديدا للممر؛ حيث ينظر إلى الممر على أنه عنصر أساسى فى مشروع الصين لمبادرة الحزام والطريق، وأن أمن واستقرار مشروعات الممر رهن باستقرار وعدم تدهور العلاقات بين واشنطن وبكين.
· المخاطر البيئية: معارضة من السكان المحليين أو المجموعات البيئية لبعض المشروعات المدرجة فى هذا الممر التى تعمل بالفحم، وكانت هناك احتجاجات على الآثار البيئية لمحطة الطاقة التى تعمل بالفحم فى مدينة جوادار الساحلية.
· موازنة المصالح الإقليمية: سوف تحتاجإسلام آباد إلى موازنة علاقتها مع جيرانها بعناية، وكذلك بكين وعلاقاتها الدولية الأخرى، ولما قد يؤدى إليه التحالف الوثيق مع الصين من توترات مع دول أخرى، ومنها الولايات المتحدة الأمريكية الحليف التقليدى لباكستان.
· المخاطر الإقليمية: يعد إقليم بلوشستان الغربى الذى يشهد حالة من التقلب السياسى والاجتماعى من ضمن المناطق التى يتم فيها تنفيذ مشروعات الممر، ويُخشى من تفاقم الوضع هناك، وأن تصبح مشروعات هذا الممر أهدافا للعنف أو التخريب، وقد حدثت فى الماضى عدة هجمات على العمال الصينيين والبنية التحتية المرتبطة بمشروعات الممر.
· المخاطر الاقتصادية المحلية والدولية: يتخوف البعض من أن تكون الجدوى الاقتصادية لبعض المشروعات المدرجة فى الممر غير مؤكدة، واحتمال فشلها فى تحقيق الفوائد الاقتصادية المتوقعة، ومن أبرز تلك المخاوف تتعلق بربحية ميناء جوادار العنصر الرئيسى فى هذا الممر.
ويخشى البعض من آثار تراجع نمو الاقتصاد العالمى على الطلب على السلع والخدمات التى تنتجها المناطق الاقتصادية الخاصة والمدرجة فى الممر.
· المخاطر الدبلوماسية: يرى البعض أن العلاقة الوثيقة بين الصين وباكستان يمكن أن تؤدى إلى مزيد من التوترات مع دول أخرى وخاصة الهند التى كانت من أشد المنتقدين للممر، وسبق أن أعربت نيودلهى عن مخاوفها بشأن وجود العمال الصينيين والبنية التحتية فى منطقة جيلجيت بالتستان التى تدعى الهند أنها جزء من جامو وكشمير.
· المخاطر التكنولوجية: يخشى البعض من أن تصبح المشروعات المدرجة فى الممر الاقتصادى الصينى الباكستانى قديمة الطراز، أو غير اقتصادية بسبب التغير التكنولوجى، خاصة مع ما يشهده العالم من التحول إلى الطاقة المتجددة، فى حين أن بعض محطات الطاقة المدرجة فى الممر تعمل بالفحم.
· الكوارث الطبيعية: يشير البعض إلى أن المنطقة التى يتم فيها تنفيذ مشروعات الممر معرضة للكوارث الطبيعية الكوارث، مثل الزلازل والفيضانات، ومن ثم إتلاف البنية التحتية وتعطل تنفيذ المشروعات فى المنطقة.
· المنافسة من المشروعات الأخرى:يمكن أن تشكل مشروعات البنية التحتية والتنمية الأخرى فى المنطقة تهديدا للممر، ومن أجل التنافس على الموارد فقد تسعى بعض الدول ومنظمات التمويل الأخرى إلى تقديم الدعم لمشروعات البنية التحتية فى باكستان، ويتم توجيه الاستثمار والدعم إلى المشروعات الأخرى وبعيدا عن الممر.
ثالثا - تداعيات الممر الاقتصادى الصينى الباكستاني
أُجريت إحدى الدراسات المعنية لاختيارأفضل طرق التجارة الخارجية للصين،وذلك بالتطبيق على نقل حاوية 40 قدما من المنتجات الصينية إلى منطقة الشرق الأوسط وأوروبا وبمعايير وبمؤشرات تتعلق بالمسافة والوقت والتكلفة والمفاضلة بين الطرق التقليدية منها ومسارات الممر الجديد، وانتهت إلى النتائج التالية:
1- تبين أن طريق الممر الجديد هو البديل الأكثر أهمية لطريق التجارة فيما يتعلق بالسفر والوقت والمسافة لجميع مقاطعات الصين، ويكون الممر الجديد أفضل من حيث التكلفة بالنسبة للمقاطعات الواقعة فى غربها، وأفضل من حيث المسافة والوقت لجميع مقاطعاتها مقارنة بالطريق التقليدى.
2- يتيح الممر الجديد حصول بكين على طريق قصير وآمن لجميع المقاطعات الصينية للتجارة مع الشرق الأوسط وأوروبا، وسيتم تقليل وقت السفر بمقدار 10 إلى 20 يوما تقريبا من المقاطعات الصينية إلى الشرق الأوسط وأوروبا. وسوف تنخفض المسافة بمقدار 3000 إلى 10000 كيلومتر تقريبا من المقاطعات الصينية إلى الشرق الأوسط وأوروبا، وكذلك سوف تنخفض تكلفة النقل بنحو 2000 دولار من شينجيانغ (غرب الصين) إلى الشرق الأوسط وأوروبا، وتنسحب تلك المزايا والفوائد الاقتصادية المحتملة من الممر أيضا على التجارة بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية ولا سيما من حيث تقليل وقت النقل والمسافة.
3- يتيح الممر بنية تحتية جيدة للنقل، ومن ثم حركة آمنة وسريعة ومنخفضة التكلفة لنقل المواد الخام والسلع تامة الصنع للبضائع إلى منطقة الشرق الأوسط وأوروبا وكذا الولايات المتحدة الأمريكية.
رابعا- مصر والممر الاقتصادى الصينى الباكستاني
يعد الممر الاقتصادى الصينى الباكستانىCPEC المشروع الرئيسى لمبادرة الحزام والطريق، ومن ثم سوف يحقق لبكين نموا جيوستراتيجيا كبيرا، فضلا عن تحقيق تنمية اقتصادية شاملة وفوائد جمة للصين وذلك فيما يتعلق بتخفيض الوقت والمسافة فى نقل المواد البترولية المستوردة، ويتوقع أن تستفيد وبشكل مباشر موانئ عدد من دول المنطقة، نظرا لوقوعه خارج مضيق هرمز، ويمكنه التعامل مع سفن الشحن الكبيرة وناقلات النفط فضلا عن موقعه الاستراتيجى كمركز إقليمى وميناء شحن مستقبلى.
فى هذا السياق، سوف يؤدى الممر دورا كبيرا فى تزايد الأهمية الجيوستراتيجية لقناة السويس، لا سيما مع تحقيق بكين نموا اقتصاديا كبيرا، ونظرا لقدرة قناة السويس على استيعاب الحجم الكبير المتنامى لسفن الشحن التى تعد مهمة للاقتصاد الصينى، ومرور ما يقرب من 60% من حجم التجارة الصينية من خلال النقل البحرى. ومع زيادة حجم التجارة الصينية بالمنطقة سوف تظل بكين مرتبطة ارتباطًا وثيقا بقناة السويس، ويعزز الممر الاقتصادى حجم العبور والمرور للسفن فى القناة، فضلا عن تزايد الطلب على مصادر الطاقة المختلفة، وبما يعظم دور مصر لموقعها الاستراتيجى بين ثلاث قارات، وبوصفها نقطة ارتكاز رئيسية فى المبادرة الصينية والممر الجديد.
جدير بالذكر، أن مصر تحتل مركز الصدارة فى مجال النقل البحرى بامتلاكها قناة السويس، ما يؤهلها لأن تكون مركزا لوجستيا مهما وبوابة رئيسية نحو أوروبا وإفريقيا، ومع اكتشاف حقل ظهر "المفاجئ" فى مصر عام 2015 فقد خلق ذلك مزيدا من آفاق ومجالات للتعاون الاقتصادى بين مصر والصين، وعزز ذلك ارتقاء العلاقات الثنائية بين البلدين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة عام 2014.