لم يستقر في الأدبيات السياسية علي مفهوم واضح ومحدد لتوازن القوي في النظام الدولي. فقد تعرض هذا المفهوم لحالة من الجدل الواسع بين المحللين السياسيين، وتشكلت حوله نظريات، وتوجهات، ومدارس فكرية، ودراسات متعددة تناولت تشكيل أنظمة توازن القوي الدولية والإقليمية، عقب التحولات الكبري، وتأثير هذه الأنظمة في العلاقات الدولية والإقليمية، والنتائج التي ترتبت علي تشكيلها.
ما تشهده منطقة الشرق الأوسط، وتحديدا الدول العربية، من تهديدات ومخاطر قد تصل إلي مستوي الصراع في كل من سوريا، وليبيا، واليمن، يشير إلي أن الصراع ينطلق من مرحلة إلي أخري، طبقا لاستراتيجيات الفاعلين الدوليين والإقليميين، ومستوي الشراكة والأحلاف المشروطة بضمان مصالح القوي الكبري، والتوافق مع السياسات الدولية، والإقليمية الجاري تطبيقها في تلك المنطقة.
ولعل السيناريوهات التي نفذت، أو الجاري تنفيذها لتغيير واقع الشرق الأوسط، اشتملت علي محاور ومسارات عدة، منها التخلي عن اتفاقية أوسلو، وتهويد القدس بنقل السفارة الأمريكية إليها، وفرض حل القضية الفلسطينية من منظور اقتصادي، ومحاولة إسقاط النظام السوري لتلحق سوريا بالعراق ويعاد تشكيلها علي أساس طائفي وعرقي، وكذلك ليبيا، واليمن ليلاقيا المصير نفسه. وهكذا، يمكن تقسيم المنطقة العربية إلي كيانات صغيرة لإضعافها، ولطمس شخصية الإقليم والهوية العربية، ولتمكين إسرائيل لقرون قادمة من الهيمنة وفرض شروطها الإقليمية في الشرق الأوسط.