انتهت المرحلة الأولي من قصة الثورة الليبية بسقوط العاصمة طرابلس في أيدي الثوار بعد زحف وئيد وصعب من الشرق إلي الغرب انتهي بالاستيلاء علي العاصمة واستسلام أبناء القذافي الثلاثة.
سيف الإسلام, والساعدي, ومحمد بعد حصار لم يستمر لفترة طويلة انهارت بعدها مقاومة القذافي أمام زحف قوي الشعب الليبي الذي خرج إلي الشارع مطالبا بالحرية والديمقراطية وإنهاء حكمه إلي الأبد. عناصر كثيرة ميزت قصة الثورة الليبية مقارنة بباقي ثورات الربيع العربية الأخري بعضها ناشئ من طبيعة معمر القذافي وأسلوب حكمه وطريقة إدارته وعلاقاته الخارجية مع دول الشمال والجنوب الأمر الذي أدي إلي امتداد هذا الصراع بأطول مما حدث في الثورتين التونسية والمصرية لأسباب عدة.
من الزاوية البشرية كان للطبيعة القبلية في ليبيا دور مهم استند إليه القذافي في إطالة مرحلة الصراع ضد الثوار, وفي بعض الأوقات بدا أن القذافي سوف يحول دفة الأحداث لصالحه, لولا تدخل عناصر أخري خارجية وداخلية غيرت مسار العمل العسكري وبدلت من أساليبه وأدواته. ومقارنة بدول أخري كان في حوزة القذافي وقياداته إمكانيات عسكرية وصلت في نهاية المعركة إلي استخدامه لصواريخ سكود الباليستية بعيدة المدي ضد مناطق الثوار في لحظة يأس أخيرة بعدها لفظ هو أنفاس مقاومته الأخيرة.
تدخل حلف الناتو في هذا الصراع لصالح الثوار, وتبنيه لمبدأ' التدخل الإنساني' و'مسؤولية الحماية', وتطبيقه علي الواقع بطريقة حاسمة وبدون تردد, أثارت كثيرا من النقد ورفضا في بعض الأحيان من دول مثل ألمانيا وروسيا, لكن هذا السبيل برغم كل شيئ كان وراء فقد القذافي لقدرته علي الخروج فائزا في صراعه ضد الشعب الليبي المدعوم بقدرات حلف الناتو العسكرية والإستخبراتية. ولاشك أن موقف الجامعة العربية من القذافي ودعمها للثورة الليبية, وإمدادها بالسلاح أحينا من دول مثل قطر والإمارات, كل ذلك ساعد في تعويض النقص التسليحي والبشري والنفسي في جانب الثوار. وقد أضيف للثوار مدد آخر من أكثر من دولة أوروبية وعربية وإفريقية اعترفت بقيادة الثورة ومجلسها الانتقالي واعتبرته الممثل الشرعي للشعب الليبي.
بطبيعة الحال ما نراه الآن من نتائج تحققت علي أرض الواقع للثورة الليبية مجرد بداية الغيث لمشوار طويل لإعادة بناء ليبيا من البداية. فليبيا مقارنة بدول عربية أخري تختلف في أمور كثيرة وتفتقد إلي الكثير. مصير القذافي غير معروف حتي الآن لكنه إذا ما كان حيا يرزق سوف يقف أمام العدالة الليبية والدولية بلا جدال. والقذافي كما نعلم بينه وبين بلاد كثيرة أوروبية وعربية ثارات كثيرة مازالت ساخنة, وهناك الكثير من الأفراد والحكومات تنتظر أخذ الثأر منه في كثير الحالات المعروفة. وفي حالة القذافي بالذات سوف نري أول رئيس عربي أمام محكمة دولية بعد أن أصبح لنا رئيس وقف بالفعل أمام محكمة وطنية, الأيام القادمة في ليبيا سوف تكون مزدحمة بأجندات كثيرة.
(*) نقلا عن صحيفة الأهرام