ثمة أسباب عميقة وأخري ظرفية تفسر نجاح الثورة التونسية في الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي وانهيار نظامه، بعد أن حكم بقبضة حديدية لمدة 23 عاما، وروج لما سمي بالمعجزة التونسية' من قبل شخصيات عالمية صديقة للرئيس التونسي السابق، مثل الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، ورئيس الحكومة الإيطالية برلسكوني، وعدد من رموز اليمين الفرنسي في عهد ساركوزي، ومن صناع القرار في بروكسل وواشنطن.
لقد سقط بن علي بعد أربعة أسابيع فقط من الاضطرابات الاجتماعية المطلبية في عدد من المدن والقري الشعبية في المحافظات الداخلية التونسية التي تشكو منذ أكثر من 55 عاما من ضعف الاستثمارات الاقتصادية الحكومية والخاصة المرصودة لها، مقارنة بالمحافظات المطلة علي البحر التي يتمركز فيها أكثر من ثلاثة أرباع سكان البلاد والأنشطة الاقتصادية. إن السطور القادمة تسعي لكشف العوامل التي هيأت الظروف لإطلاق الثورة التونسية، ومحاولة لاستشراف مستقبل البلاد، بعد ثورة ضد التهميش والقمع امتد صداها إلي البلدان العربية.