على الرغم من أنها المرة الأولي تقريبا التي تصبح بغداد فيها علنا في مواجهة مع السليمانية، فإن هذا الحسم تأخر كثيرا، ويجب أن تستتبعه إجراءات أخرى تجعل من فكرة انفراط عقد العراق عملا مستحيلا أو صعبا على الأقل، خصوصا مع الدعم الذي يلقاه الاكراد للانفصال، وإقامة دولتهم.
وهناك في امتداد الفرات في الشقيقة سوريا، وبعد الأوضاع المشابهة التي ترتبت في سوريا، بعد الانتصارات الأخيرة للجيش العربي السوري على "داعش"، وعدد من التنظيمات الإرهابية، واكتسابه مزيدا من الأراضي، أوشك بها ليس فقط أن يسترد المساحة الكبرى من الأراضي السورية، وإنما أيضا لتكون له الكلمة الأهم في أي مفاوضات تخص مستقبل سوريا. ورغم الإشارات القادمة من الجانب الكردي بالاستعداد لاستكمال القتال من أجل ترتيب أوضاعهم على الأرض، وبما يسمح بتغيير شكل الدولة السورية، سواء على الخريطة أو في الدستور، وإعلانهم صراحة عن الدعم الأجنبي لهم، فإن سوريا في الطريق الذي سارت إليه. وعليه، فإن الأمور في العراق تستلزم ترتيب البيت العربي، أو على الأقل طبقا لطموحات الحد الأدني أن يكون التنسيق العربي بصورة أخرى تجعل من الموقف في كل من العراق وسوريا واحدا، ومعركته في كلا الجانبين واحدة.
هذا التنسيق يجب ألا يكون عدد من الأطراف العربية بعيدا عنه، وفي مقدمتها مصر التي لم يتوقف دورها، وسيكشف المستقبل عنه في يوم من الأيام، لكنه يحتاج للتكثيف الدبلوماسي فى الفترة المقبلة استثمارا لتصريح العبادي، وانتصارات الجيش السوري لإقناع أطراف عربيه بتعديل موقفها.
وعلى الجزائر أن تستعد لدور مشابه، حيث يبدو الالتزام القومي العربي حاضرا لدى القيادة الجزائرية. وبالطبع، تظل الجامعة العربية مدعوة في كل الأوقات، مهما تكن النظرة الشعبية لدورها، وما جرى من تطورات على الساحتين العراقية والسورية، تطورات مهمة وإيجابية تشير إلى يقظة عربية قادرة على طرح مخطط تمزيق الأمة.