مع تصاعد معضلة تدفقات اللاجئين في العالم، تعرض مفهوم الأمن الإنساني Human Security، الذي برز في منتصف تسعينيات القرن العشرين، ليشدد علي تقديم الانحياز لأمن الإنسان أو الفرد، لا الأمن القومي أو التقليدي، إلي "اختبار واقعي" في العلاقات الدولية. إذ بدا أن ذلك المفهوم، الذي راج بعد انتهاء الحرب الباردة، علي خلفية اتساع الانتهاكات ضد المدنيين، مع تزايد الصراعات الداخلية مقابل الحروب بين الدول، يصطدم بواقع السياسات والمصالح الدولية التي قد تولي أولوية لأمنها التقليدي علي حساب الأمن الإنساني.
في ضوء ذلك، تستهدف هذه الورقة مناقشة السياسات الدولية تجاه معضلة اللاجئين، عبر تقييم الاستجابة الأوروبية لهذه المعضلة من خلال المقاربة بين التعامل الأوروبي الفعلي، مقابل إعلان أوروبا المتكرر التزامها بقيم الأمن الإنساني ومبادئه.
أولا- الأمن الإنساني .. الملامح الأساسية:
يشير مفهوم الأمن الإنساني إلي: "مزيج من التهديدات المرتبطة بالحروب، والإبادة الجماعية، ونزوح السكان. ويعني تحقيق الأمن الإنساني في حده الأدني التحرر والخوف من العنف"(1). أما الملامح التفصيلية لهذا المفهوم، فقد وردت في تقرير لجنة الأمن الإنساني في الأمم المتحدة، حيث تنص علي أن "الأمن الإنساني يهدف لحماية جوهر حياة جميع البشر بطرق تعزز الحريات، وتلبي الحاجات الإنسانية، ويعني بالأساس بحماية الحريات التي تمثل أساس الحياة البشرية، وبالتالي حماية الناس من التهديدات الحرجة أو المستعرة عن طريق تنفيذ عمليات توظف مواطن قوة البشر وتطلعاتهم، مما يعني تأسيس الأنظمة السياسية، والاجتماعية، والبيئية، والاقتصادية، والعسكرية، والثقافية التي توفر معا الفرص الحياتية، والقدرة علي الاستمرار، وسبل العيش والكرامة لجميع الناس"(2).
رابط دائم: