واجهت دول إفريقيا منذ الاستقلال أنماط من التهديدات والتحديات السياسية، والاقتصادية، والطبيعية، وعانت من انقلابات عسكرية، حرض عليها دوافع إثنية كامنة، أو تدخل قوي دولية لإزاحة قادة بأعينهم لا يشاطرونهم الولاء أو الأيديولوجية.
وقادت التقسيمات القسرية التي وضعها الاستعمار عند ترسيم الحدود لنزاعات أهلية، وممارسات عنيفة ممنهجة ضد عرقيات وقبائل بعينها داخل الوطن الواحد. كما رسم الصراع من أجل الاستقلال ملامح مواجهات رفقاء السلاح بعد الاستقلال لتضيف سببا لمزيد من المعاناة، والعنف، والنزوح القسري داخل حدود الوطن الواحد وخارجه.
ومع استقرار مبدأ قدسية الحدود الموروثة، خلال الحقبة الاستعمارية، وتضمين ذلك المبدأ في الميثاق المنشئ عام 1963 لمنظمة الوحدة الإفريقية، وتعايش رفقاء الحركات التحررية بعد تيقنهم من عقم المواجهة وما أفضت إليه من معاناة، عادت دول القارة تنعم بمساحة من الاستقرار والنمو، وإن تباينت أماكنه ودرجاته بحسب البلد والإقليم. وتلا تلك المرحلة تأسيس الهيكل المؤسسي الأشمل للعمل الإفريقي المشترك، والذي مثلته بكفاءة منظمة الوحدة الإفريقية التي احتفلنا بعيد تأسيسها الثالث والخمسين مايو الماضي.
لم تفق إفريقيا من تبعات مرحلة الاستعمار حتي استفاقت، وهي في خضم مرحلة ما بعد الاستقلال، وبدء عملية التنمية، علي سلسلة من النزاعات والانقلابات، وتخللها جميعا مؤثرات وكوارث طبيعية حادة كالجفاف، كان لها أبعادها الإنسانية والاجتماعية. وامتدت التحديات لتشمل ظواهر مستجدة كالقرصنة البحرية، وأمن المياه الإقليمية، مع استمرار الصيد البحري الأحنبي الجائر، وما يمثله من اعتداء علي موارد دول القارة من الثروة السمكية، ومحاولة السيطرة علي ثراوتها الأخري، وإدخالها في صراعات وانقلابات بسبب الموارد من ذهب، وألماس، ويورانيوم، وغيرها من المعادن التي تزخر بها القارة، ولكن القارة وقفت صامدة أمام كل تلك التحديات.
رابط دائم: