ليس من قبيل التهويل القول إن الهجمات الإرهابية، التي وقعت في العاصمة الفرنسية باريس مساء الجمعة 13 نوفمبر، قد فرضت تحديا كبيرا علي دول أوروبا، في إطار تعاطيها مع أزمة الهجرة واللاجئين، بل إنها أضافت بعدا جديدا للأزمة، وعمقت الانقسام بين الدول الأوروبية حول كيفية التعامل مع النازحين من الدمار في سوريا وغيرها، بل وأعطت ثقلا للآراء المنادية بإعلاء الطابع الأمني علي الدور الإنساني لأوروبا تجاه اللاجئين.
وبرغم تعدد الآراء حول مستقبل اللاجئين في أوروبا بعد تلك الأحداث، فإن هناك إجماعا علي أن تلك الأحداث ستؤثر بالسلب فيهم، بيد أن الاختلاف يكمن في تحديد طبيعة وحدود ذلك التأثير، وإلي مدي ستتمسك أوروبا بقيمها الإنسانية المشتركة التي تميزها؟ وهل من الممكن أن تهدد تلك الأزمة تماسك الاتحاد الأوروبي وقدرته علي إفراز سياسات جماعية تحتفظ بالقيم الليبرالية، وفي الوقت نفسه لا تخل بالأمن القومي للدول وللاتحاد ككيان متكامل؟.
ملاحظات أولية علي السياسات الأوروبية:
تجدر الإشارة ابتداء إلي عدة ملاحظات مهمة في إطار الحديث عن التغير الذي قد يلحق بالسياسات الأوروبية تجاه اللاجئين. ولعل أبرز تلك الملاحظات:
أولا- إنه لم تكن هناك "سياسة أوروبية موحدة" للتعامل مع الهجرة واللاجئين في الدول الأوروبية، بل كانت الدول تتعامل بشكل منفرد مع الأزمة، وكانت طرق التعاطي متباينة إلي حد كبير. فبينما كانت تقوم بعض الدول باستقبال اللاجئين بشكل كبير ومكثف، انطلاقا من القيم الإنسانية التي يتبعها الاتحاد، مثل ألمانيا وفرنسا، كانت هناك دول أخري ترفض استقبال اللاجئين، واتخذت إجراءات مشددة ضدهم، مثل المجر والنمسا، بما دفع دولا أخري في الاتحاد، كألمانيا وفرنسا، لتوجيه انتقادات حادة "للمعاملة غير الإنسانية"، و"السياسة المخزية" التي تنتهجها الحكومة المجرية تجاه اللاجئين، كما وصفها وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس.
رابط دائم: