قاربت فترة الرئيس الأمريكي باراك أوباما علي الانتهاء، وبدأت الحملة التمهيدية لانتخاب رئيس جديد، وأصبح من الملائم طرح سؤال حول حدود التغيير والاستمرارية في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط في مرحلة ما بعد أوباما. فمما لا شك فيه أن فترة الرئيس الأمريكي أوباما قد شهدت تحولات مهمة في سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط. وسوف تشرح السطور الآتية أهم هذه التحولات، ومدي استمرارها أو تغيرها في المستقبل.
أولا- الارتباط الأمريكي بالشرق الأوسط:
بالرغم من أن إدارة أوباما أعلنت في شهورها الأولي في الحكم عن نيتها لتبني سياسة نشطة في الشرق الأوسط، وقطع الرئيس أوباما علي نفسه عددا من التعهدات -في خطابه الشهير في جامعة القاهرة في 4 يونيو 2009- منها السعي لحل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وفتح صفحة جديدة من العلاقات مع العالمين العربي والإسلامي، وتبني سياسات تدعم تطلعات شعوب المنطقة في التنمية والديمقراطية، فإن إدارة أوباما شهدت -خاصة في سنواتها الأخيرة- تراجعا في الاهتمام الأمريكي بالشرق الأوسط، وتوجها للحد من ارتباط الولايات المتحدة بهذه المنطقة. وقد استند هذا التوجه إلي عدد من الافتراضات، أهمها:
1- انخفاض احتياج الولايات المتحدة لنفط الشرق الأوسط، سواء بسبب قيامها بتنويع مصادر استيراد النفط، والاعتماد بشكل أكبر علي مصادر من خارج منطقة الخليج العربي، مثل كندا، والمكسيك، ونيجيريا، أو ما يتعلق بالاكتشافات الضخمة لما يسمي "النفط الضخري" في الولايات المتحدة، والبدء في استخراجه وإنتاجه بمعايير اقتصادية، وهو ما سيؤدي إلي وصول الولايات المتحدة إلي حالة الاكتفاء الذاتي من الطاقة في المستقبل القريب، وبالتالي عدم الحاجة للواردات النفطية من الخارج، خاصة من الشرق الأوسط.
هذا التطور أصبح يشكل أحد المدخلات الاساسية في التفكير الاستراتيجي الأمريكي تجاه منطقة الشرق الأوسط، والتي ارتبط وجودها التاريخي بها بهدف تأمين مصادر البترول للأسواق الأمريكية. ومن ثم، فإن انخفاض حاجة الولايات المتحدة لبترول المنطقة أصبح يؤثر بالتأكيد في درجة اهتمامها وارتباطها بها.
رابط دائم: