تشكل حالة المرونة في العلاقات الإقليمية أحد الملامح الأساسية للتفاعلات المعقدة في المنطقة العربية في مراحل ما بعد الثورات، فهي تعني أن اتفاق الدول حول قضية معينة لا يمنع اختلافها في قضايا أخري، دون أن ينال ذلك من أساس الاتصالات فيما بينها. ولذا، تصبح تلك العلاقات أو الاصطفافات بين الدول ذات طبيعة براجماتية وغير جامدة تتفق حينا، وتختلف أحيانا أخري، وتتغير وفقا للقضية موضع التأثير، لاسيما مع سيادة منطق الحسابات الوطنية لكل دولة عند النظرة لأمنها القومي.
تلك المرونة الإقليمية فرضتها سمات البيئة الراهنة في المنطقة لحسابات تتعلق بتشابك أزمات الداخل والخارج، وغياب قوة إقليمية مركزية تسيطر علي التفاعلات بين الدول، بخلاف تنازع توجهات القوي الكبري ذات التأثير في قضايا المنطقة، بل ومرونتها أيضا. فبينما تتقارب مواقف الولايات المتحدة وروسيا حول التعامل الدبلوماسي مع قضية النووي الإيراني، تحدث حالة من التنافر بينهما في الحالة السورية.
استنادا لهذا الإطار، تمثل العلاقات المصرية مع الدول المغاربية أحد تجليات المرونة والبراجماتية في العلاقات الإقليمية. فصحيح أن هنالك تنسيقا ثنائيا وإقليميا بين الجانبين حول أزمات الجوار الإقليمي، فإن ذلك لم يمنع تباين الرؤي بينهما، سواء أكان الأمر يتعلق بتسوية الأزمة الليبية، أم قضايا أخري بزغت أخيرا علي السطح، كمقترح القوة العربية المشتركة، و"عاصفة الحزم" ضد الحوثيين في اليمن.
رابط دائم: