وجهات نظري - الإمارات اليوم
قدرت وكالة «موديز» المتخصصة في مجال التصنيف الائتماني، معدل النمو المتوقع لاقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة خلال العام الجاري بنحو 4.2%، ووصفت هذا الاقتصاد بأنه يتمتع بمساحة واسعة من التنويع في قواعده الإنتاجية. وتوقعت الوكالة أن تحقق الإمارات فائضاً في الموازنة العامة للدولة، بمعدل يصل إلى 6%، حتى مع بلوغ متوسط أسعار النفط العالمية 50 دولاراً للبرميل، وقالت إن القطاع المصرفي الإماراتي لديه مستويات عالية من الملاءة المالية، بالشكل الذي يعزز قدرته على مواجهة المضاعفات الناجمة عن تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية.
وتنطوي هذه المؤشرات على عدد من الدلالات الإيجابية بشأن الأداء الاقتصادي لدولة الإمارات العربية المتحدة، وهي: أولا: إن معدل النمو المتوقع أن يحققه الاقتصاد الوطني هو معدل مرتفع في ظل الظروف الاقتصادية العالمية المحيطة. فوفق تقديرات «موديز» يبلغ هذا المعدل نحو ضعف متوسط معدلات النمو المتوقع أن تحققها اقتصادات مجموعة العشرين خلال الفترة نفسها، والمقدر بنحو 2.8%. وهذا الفارق في مستوى النمو لمصلحة الاقتصاد الإماراتي يؤكد نضجه واستقرار أدائه، واحتلاله موقعاً متقدماً بين الاقتصادات المحفزة للنمو العالمي في الوقت الحالي.
الدلالة الثانية، تتعلق بما أشارت إليه وكالة «موديز» بشأن التنويع في مصادر الدخل وقواعد الإنتاج في الاقتصاد الإماراتي، فهذا التنويع كان بمنزلة حائط الصد، الذي حمى هذا الاقتصاد من ضغوط التراجع الأخير في أسعار النفط العالمية، إذ إنه وفر للموازنة العامة للدولة موارد تمويلية جديدة من خارج القطاع النفطي، بالقدر الذي جنبها خطر التعرض لأي عجز مالي، وظلت تداعيات تراجع أسعار النفط وتأثيرها في الموازنة العامة الإماراتية في حدودها الطبيعية، إذ اقتصرت هذه الآثار على تراجع فائض هذه الموازنة من نحو 10% العام الماضي إلى ما يتوقع أن يبلغ نحو 6% خلال العام الجاري، وهو تراجع منطقي ومقبول في ظل الضغوط الاقتصادية الخارجية. ولا تزال الموازنة قادرة على تحمّل مزيدٍ من الضغوط سنوات أخرى في المستقبل من دون أن تتعرض للعجز. وهذا الأمر لا يمكن فصله بأي حال من الأحوال عن الأوضاع المالية للحكومة الإماراتية، التي استطاعت المحافظة على تصنيفها السيادي المتميز طوال السنوات الماضية، من خلال نجاحها في استثمار ما لديها من سيولة وأرصدة مالية، في تنفيذ استثمارات ومشروعات ناجحة حول العالم، بالشكل الذي مكنها من تأمين عوائد مالية جديدة، تتمتع باستقلالية تامة عن القطاع النفطي، وعما يمكن أن تتعرض إليه أسواق الطاقة العالمية وأسعارها من تقلبات.
الدلالة الثالثة، تتعلق بالأوضاع المالية والنقدية للقطاع المصرفي في دولة الإمارات العربية المتحدة، فكما أكدت وكالة «موديز»، في تقريرها، فإن هذا القطاع ظل محتفظاً بمستويات عالية من الملاءة المالية، بما عزز قدرته على مواجهة الضغوط المالية، سواء المحلية أو الإقليمية أو العالمية، فظل قادراً على مواصلة دوره كممول أساسي للأنشطة الاقتصادية في القطاعات كافة، وهو دور تزداد أهميته في مثل هذه الظروف الاقتصادية والمالية العالمية، بل إنه يصبح عامل جذب أمام المستثمرين ورجال الأعمال الأجانب، ففي حال قرر هؤلاء المستثمرين دخول الأسواق الإماراتية، فسيكون بمقدورهم الحصول على احتياجاتهم التمويلية من المصارف العاملة في الدولة، وبشروط ميسرة من دون اللجوء إلى مصادر تمويلية خارجية، وهي ميزة لا تمتلكها العديد من الدول والاقتصادات حول العالم في المرحلة الراهنة.
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية
---------------------------------
* نقلا عن الاتحاد الإماراتية، الأحد، 15/3/2015.
رابط دائم: