يطرح اتساع تحركات تنظيم "بوكوحرام"، التي أصبحت تشمل أجزاء من الكاميرون، والنيجر، وأصبحت مصدر قلق لكثير من دول الساحل والصحراء في المنطقة، عدة تساؤلات، لعل أهمها: ما هي حدود انتقال التنظيم خارج الأراضي النيجيرية؟، وما هي طرق مواجهة اتساع نطاقه الجغرافي؟.
فى هذا السياق، عقد البرنامج الإفريقي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية حلقة نقاشية بعنوان" مستقبل تنظيم " بوكوحرام " النيجيري واحتمالات التدخل الدولي"، ليناقش مدى فعالية التدخل الإقليمي والدولي، ومدى إمكانية أن يواجه المجتمع الدولي تنظيم "بوكوحرام"، على غرار المواجهة مع تنظيم "داعش"، خاصة بعد قرار تشكيل قوة إقليمية لمحاربة التنظيم بتدخل قوات من دولتي تشاد، والنيجر، وبتأييد من الأمم المتحدة.
النشأة والتطور:
افتتحت الحلقة الدكتورة أمانى الطويل، مدير البرنامج الإفريقي بمركز الأهرام للدراسات، قائلة إن التهديد الأمني أصبح هو السمة السائدة في القارة الإفريقية، وبات ممتدا من سيناء حتى الساحل الأطلنطي، ومرتبطا بجماعات سياسية تحمل السلاح ضد الأمن الإنساني لشعوب المنطقة بكاملها، وأن الغالبية العظمى من تلك الجماعات والحركات هي أقرب إلى السلفية الجهادية.
وبدأ المتحدثون بتوضيح كيفية ظهور وتطور حركة "بوكوحرام" منذ عام 2002، بحسبانها تطورا لجماعات كانت موجودة في الشمال النيجيري، وتطالب بالرجوع إلى الشرعية، والبعد عن كل ما هو متأثر بالفكر والتقاليد والتأثيرات الغربية والأوروبية.
وأشار المتحدثون إلى أنه على الرغم من التعامل الأمني مع جماعة "بوكوحرام" في عام 2009، والذي انتهى بإعدام زعيمها النيجيري، محمد يوسف، والقضاء على الجماعة وقتها، فإنها عادت للظهور مرة أخرى، ولكن في تلك المرة كانت بدعم من الداخل والخارج لتقوم تلك الجماعة بعمليات جديدة في الداخل النيجيري امتدت إلى خارج الحدود، وهو ما حدث في عامي2011 و2012.
التهديدات الإقليمية:
أكد المتحدثون أن مستوى التهديدات التي تتلقاها المنطقة يتركز في مستويين، المستوى الأول: تقتصر حدود تأثيراته على المستوى الداخلي. ففي الوقت الذي تعرضت فيه دولة مالي للانقلاب العسكري وما تبعه من التدخل الفرنسي المباشر، دعمت جماعة " بوكوحرام " جماعات الإسلام السياسي الموجودة في الشمال المالي، التي كانت تسعي للانفصال في مواجهة الحكومة المالية والقوات الفرنسية.
أما الأخير، فهو يتسع إلى المستوى الخارجي، ويمثل تهديدا فعليا وحقيقيا لدول المنطقة، لذلك فإن تآكل الدور النيجيري وتراجعه، كقوة إقليمية في الغرب الإفريقي، كان أهم العوامل لوجود وعودة التنظيم.
حدود المواجهة الإقليمية:
أكد المتحدثون أن مواجهة " بوكوحرام " بدأت منذ التسعينيات، حين قامت القوات النيجيرية من خلال " الإيكواس"، الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، بمجابهة تلك الجماعة، ومن خلال المشاركة في قوات "الإيكوموج"، مجموعة وقف إطلاق النار، حيث خصصت القوات النيجيرية في ذلك الوقت 12000 جندي لمواجهتها.
وبسبب تمرد بعض فرق الجيش النيجيري، ومواجهة القوات الإقليمية، مثل الإيكواس، للعديد من المشكلات بسبب عدم وجود فاعل إقليمي موازن، وهو ما كانت تقوم به نيجيريا من قبل، وفي ظل زيادة تهديدات "بوكوحرام"، بدأ الاتحاد الإفريقي يضع العديد من الترتيبات لمكافحة إرهاب تلك الجماعة.
وأضاف المتحدثون أن نشأة تنظيم " بوكوحرام " كانت انعكاسا مباشرا لفشل الدولة الوطنية في نيجيريا، التي وصلت في تصنيف مؤسسة الشفافية إلى المرتبة الأولي في الفساد.
وانتهى المتحدثون إلى أن وجود تلك التنظيمات وتوسعاتها مكّناها من خلق فرص لإيجاد موارد ودعم ذاتي مكنّاها من الاستمرار في ارتكاب العديد من العمليات الإرهابية، وأن أخطر ما تواجهه المنطقة يتمثل في الآتي:
1- القدرة على التمويل الذاتي عبر عمليات التهريب الممتدة بين دول القارة.
2- بعض المناطق لديها تطلعات في حكم ذاتي في مالي وغيرها.
3- الدولة الوطنية هشة إلى حد كبير، ودولة الاستقلال الوطني لم تنجح في القيام بوظائفها على حدودها.
4- القدرة العالية على تهريب السلاح، وهو التحدي الأمني الخطير الذي يواجه مصر ودول الشمال الإفريقي.
5- القدرة على استنساخ كل الأفكار المتطرفة من تنظيم الدولة "داعش"، ومن تنظيم القاعدة.
واختتمت الندوة د. أماني الطويل، قائلة إنه لابد من تقييم ومتابعة السياسيات المصرية تجاه إفريقيا بما يعيد ترتيب الأوراق لدعم المصالح المصرية، وإعادة الوزن والمكانة لوزن إفريقيا، من خلال دور نشيط في الخارج، والتخطيط له بفاعلية بما ينعكس بالإيجاب على المصالح المصرية.