الرئيس المنتظر:| " ندوة " الملامح الأخيرة للمشهد الرئاسي المصري بين مصلحة الوطن ورغبات القوى السياسية 20-5-2012 * دخلت الساحة السياسية المصرية معترك انتخابات رئاسة الجمهورية لعام 2012 ، وتعد هى التجربة الأولى من نوعها كأول خطوة نحو تحقيق ما نادت به ثورة الخامس والعشرين من يناير ، فأصبحت مصر الآن فى انتظار ما سيئول إليه المشهد الرئاسى الحالى. تيارات سياسية عديدة وقوى إسلامية وليبرالية تختلف الرغبات فيما بينها، ولكن يتخللها ترقبات المصريين بمن سيحقق مصلحة الوطن الذى كثيرا ماعانى من التردى والتدهور. وعلى ظلال هذا المشهد، جاءت الندوة التى تحدث فيها د. سيف الدين عبد الفتاح، وأ. محمد سيف الدولة بعنوان "المشهد الرئاسى بين مصلحة الوطن ورغبات القوى السياسية" لتلقى مزيداً من الضوء حول الكيفية التى يظهر بها المشهد الرئاسى، وكيف ستتحقق مصلحة الوطن بين رغبات القوى والتيارات السياسية المختلفة، والتى تدير المعترك الانتخابى الحالى. معايير الدولة المؤسسية: بدأت الندوة بالحديث عن مفهوم الدولة العميقة، وما يجب أن تشتمل عليه من مؤسسات فعالة متعددة فى كافة المجالات تدير سائر شئون الدولة ، فتصبح الدولة حينها دولة مؤسسات لا دولة أشخاص، وبالتالى تكون أهدافها ومصالحها بمثابة استراتيجية مهمة تتمثل فى عدة خطوات، يسعى إلى تحقيقها كل فرد داخل هذه المؤسسات، ويصبح معها كل فرد فى الدولة مسئولا عن تحقيق مصلحة الوطن. وقد أكدت الندوة ضرورة التخلص من شخصنة الدولة التى تعمل على تحقيق مصلحة القائمين على السلطة بدلاً من تحقيق الصالح العام للبلاد . وتطرقت الندوة إلى دور القوى السياسية فى المجتمع، وأن وجودها يعد بمثابة التنظيم المساعد الذى يعمل بجانب المؤسسات القائمة على إدارة شئون البلاد. وأضافت بوجود عدد من المعايير التى تحدد طبيعة العلاقة بين القوى السياسية ومؤسسات الدولة. ويتركز هذا فى المرجعية التى تعمل من خلالها القوى السياسية المختلفة فى المجتمع، وتحديد وجهتها: إسلامية أم ليبرالية، أم غير ذلك، بالإضافة إلى ضرورة تقسيم مراكز القوى وتوزيع الأدوار المختلفة لإيجاد مزيد من التنظيم لتحقيق ما بدأت به الثورة من مشاركة كافة القوى والتيارات الوطنية لخلق المسار نحو دولة قوية . وذكرت الندوة كذلك أنه يجب على كافة القوى والتيارات السياسية أن تعمل على إنتاج تيار واحد يعبر عن إرادة واحدة تعمل باتجاه مصلحة كافة فئات الشعب، وتتفق فيما بينها على مصلحة الوطن فى المقام الأول، وتعمل على تحقيق ذلك لتخرج بالمجتمع خارج عقدة الاستبداد، وتسعى لترسيخ أعمدة دولة مؤسسية قوية. متطلبات المشهد الرئاسي: ناقشت الندوة مدى خصوصية المشهد الرئاسى فى مصر، نظراً لوجود عدد من المؤثرات التى من شأنها أن تشكل تأثيراً كبيراً فى مسيرة عملية الانتخابات الرئاسية. وذكرت أن القرار فى العملية الانتخابية لا يعتمد فقط على مجرد التصويت، ولكنه ذلك القرار المحاط بقدر من القلق والحيرة لدى المواطنين، خاصة فى ظل وجود المؤسسة البرلمانية التى لم ترض الكثير فى عملها أو قراراتها ، والتى كان المفترض بها بعد أن اختارتها جموع الشعب أن تعبر عن رغباته ومتطلباته. لذلك، فإن مسئولية القرار بالتصويت فى الانتخابات الرئاسية لصالح تيار بعينه أو برنامج معين تعمل على اتساع حجم المسئولية فى اختيار الرئيس والمسئول القادم . وبالتالي، حين لم يعمل البرلمان على خلق حالة توافقية مع الحالة الثورية، فانصب كل الاهتمام على من هو الرئيس القادم الذى سيعمل على تصحيح المسار بما يتماشى مع ما نادت به 25 يناير ، فأصبح القرار بالتصويت شديد الحساسية لدى كثير من المواطنين فى أن يمنح صوته لمن لا يتمكن من تحقيق أهداف الثورة، أو من قد يعيد إنتاج نظام مبارك من جديد . وناقشت الندوة عدداً من المؤشرات التى تُعين على الاختيار ، بدأتها بتحديد ما نريده من الرئيس القادم، أى هل سيكون رئيساً تطلبه الثورة، أم رئيسا يصبح امتداداً للنظام السابق، وهذا سيعد القرار المحورى والأهم، نظرا لما سببه الكثيرون من تشويه الثورة بشكل متعمد. وقد حددتها الندوة فى هل سيكون " رجل السلطة أم رجل الدولة؟". فحين يكون رجل الدولة إذن، فهو يعمل على مراعاة كرامة المواطن، ويعمل من أجل أن يستعيد مكانة مصر وما تستحقه مصر الثورة ، وبالتالى سيحفظ كرامة مصر والمصريين، كل هذا من خلال مؤسسات يفعل الموجود منها، فضلاً عن تحويل الأشخاص إلى مؤسسات فعالة قائمة على الخبراء والاستشاريين، كلها تصب فى حماية مصلحة الوطن. وكما أطلق عليه د. سيف، سيكون " الرئيس المؤسسة". وانطلقت الندوة مؤكدة معنى المؤسسية، وضرورة التوصل إلى شخص لديه المقدرة على التعرف على احتياجات المصريين، والقدرة على تنفيذها والحفاظ عليها، ويسعى جاهدا ً لحل المشكلات المحورية فى المجتمع ، ذكرتها الندوة فى: الأمن – البطالة – الفقر – الفساد ، والتى لم يتحقق أى منها حتى الآن ، وإن كان الفقر منها هو إفقاراً للشعب، لما تملكه مصر من موارد عدة، ولكن يعتريها سوء الإدارة والفساد. دور الإعلام في تحقيق رغبات المواطنين: ناقشت الندوة أهمية المشهد الإعلامى المصاحب للمشهد الرئاسى، والذى زاد دوره فى الفترة الأخيرة ، لرغبة المواطنين فى معرفة المزيد من المعلومات من خلال الصحف المكتوبة، أو الإعلام المرئى، بالإضافة إلى استطلاعات الرأى التى انتشرت على نطاق واسع ، والمناظرات، وإن كانت جميعها تدل على الحركية التى تشهدها الساحة المصرية. لذلك، فإن المشاركين فى الندوة أشادوا بما توصلنا إليه من خطوات وآليات يجب استغلالها، ولم يغفل المشاركون عن ذكر ما لدى المواطنين من تشكك أحياناً فى الوسائل الإعلامية، على خلفية النظام السابق، وكيف كان اختلاط الإعلام بالمال السياسى، مما جعل منه إعلاماً موجهاً. وكان دائماً داعى الخوف والقلق لدى الناس هو أن العديد من الشواهد تؤكد أن الثورة لم تصل بعد إلى مؤسسات الإعلام الرسمية والخاصة على حد سواء، بالإضافة إلى أن وسائل الإعلام بمختلف توجهاتها وتصنيفاتها صارت تواجه عددا من التحديات، متمثلة في العمل، من خلال بيئة قانونية مقيدة لا تزال بها عقبات فى نصوص قوانينها، بالإضافة إلى السلطات الرقابية التي تمارسها السلطات التنفيذية على عمل وسائل الإعلام، بجانب قيام عدد من رجال الأعمال والمؤسسات الكبرى في ضخ مبالغ مالية كبيرة -عادة ما تكون مجهولة المصدر- تستخدم في شراء وتأسيس وسائل إعلام جديدة، دون العلم بمصادرها. المشهد الشعبي في ظلال المشهد الرئاسى: أوصت الندوة بضرورة التوجه إلى صناديق الإنتخابات. وكما ذكر د. سيف، فـ "إن الذى مكن للمستبد هو حزب اللامبالاة" ، لذلك فلا يمكن التراجع عن قرار التصويت، لأنه هو الذى من شأنه تحديد المسار الذى يكمل ما قامت الثورة من أجله، لأن الثورات العربية حتى الآن وإن أسقطت رءوس الأنظمة، إلا أنها لم تسقط الأنظمة ذاتها. لذلك، يجب السعى إلى إقامة أنظمة جديدة تتوافق مع متطلبات الثورة، من خلال السيطرة على العملية الانتخابية، وتوجيهها فى الطريق الذى سيساند ما تطلبته الثورة. ومن جهة أخرى، فإن المشاركين أوصوا بضرورة الانتخاب، ولكن لمن لا يعيد إنتاج النظام السابق من جديد، لأنه سيلقى بالبلاد إلى ما هو أسوأ مما مضى. رابط دائم: