ماذا يحدث في الضفة المنسية؟
4-3-2025

إنجي بدوي
* باحثة ماجستير في الشأن الإسرائيلي
الضفة الغربية الفلسطينية تلك البقعة من الأرض التي طالما كانت محوراً للآلام والمعاناة المنسية دائماً، أصبحت اليوم ساحة معركة مفتوحة بين إرادة شعب يسعى إلى استرداد أرضه، وآلة عدوانية لا تتوقف عن فرض سيطرتها منذ بداية العام 2025. تزداد ملامح هذه المعاناة وضوحاً، ليجد الشعب الفلسطيني نفسه في دائرة من العنف والتدمير التي لا تنتهي. ومع تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية، تحولت الضفة الغربية إلى سجن مفتوح يسعى الإحتلال إلى محو وجوده تحت مسميات جديدة.
تستمر المعاناة في الضفة الغربية من جراء العمليات العسكرية للعدوان الإسرائيلي التي بدأت من 41 يوماً تحت مسمى "السور الحديدي" والتي جلبت معها ويلات من الدمار والقتل. 
هذه العمليات الإجرامية طالت المدنيين الأبرياء، ودمرت مئات المنازل، وفقد العديد من العائلات منازلها وأجبرت على النزوح. في ظل هذا العدوان المستمر، سقط المئات من الشهداء، أطفالا، وشيوخا، وأطباء وغيرهم. فيما كان للمخيمات الفلسطينية النصيب الأكبر من هذه الهجمات، خاصة مخيم جنين الذي شهد أكبر موجة من التدمير والتهجير، حيث نزح 90% من سكانه من منازلهم، لتتحول المنطقة إلى ساحة حرب، وأصبحت جنين كالسجن الذي لا يرحم.
أيضا، تتعرض المستشفيات الفلسطينية في الضفة الغربية، ومن بينها مستشفى جنين، إلى حصار خانق من قوات الاحتلال، ما أدى إلى نقص شديد في المعدات الطبية والدواء، بالإضافة إلى عمليات اقتحام المنازل والاعتقالات الجماعية والحواجز المرورية في تلك المناطق التي تعيق حرية أي شخص.
من ناحية أخرى، تعاني المنظمات الإنسانية في الضفة الغربية، ومثال علي ذلك "الهلال الأحمر" الذي أطلق عليه الاحتلال الرصاص داخل مخيم نور شمس في طولكرم، ومنظمة الأونروا أيضاً التي تعاني ويلات ممارسات التهديد من الاحتلال، حيث كشفت أن 5 آلاف طفل حرموا من الذهاب  لمدارسها بسبب العمليات العسكرية في الضفة الغربية.
وفي مشهد كارثي يعكس عمق التهديد الذي يواجهه الشعب الفلسطيني، كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن خطة جديدة لتهويد حي الشيخ جراح في القدس، وطرد العائلات الفلسطينية، واستمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية حتى في شهر رمضان المبارك. حرمت نلك الممارسات  على فلسطينيي الضفة من العادات الرمضانية التي كانوا يعيشونها في السنوات الماضية.
في ظل هذه الظروف، لم يكتف الاحتلال بتلك الانتهاكات اليومية، بل يسعى إلى تغيير الهوية التاريخية للضفة الغربية، حيث أقدمت حكومة الاحتلال على تغيير اسم الضفة إلى "يهودا والسامرة" وهي محاولة جديدة للاحتلال مرة أخرى، بالرغم من أن اتفاقية أوسلو تشير إلى أن الضفة الغربية تكون تحت حكم السلطة الفلسطينية، إلا أن الاحتلال انتهك الاتفاقية، وفرض اسما توراتيا جديدا يناسب الرواية الصهيونية المزيفة وتغييرا جوهريا في هوية الضفة، وفرض مشاريع استيطان وتهويد بالإجبار تحت مسمى "القدس الكبرى" لضم المزيد من الأراضي تحت سلطة الاحتلال. تقع تلك المستوطنات المنصوص عليها في هذا المشروع شمال وشرق وجنوب القدس ضمن مناطق مصنفة على أنها ضمن الضفة الغربية.
إن ما يحدث في الضفة الغربية ليس مجرد ساحة مستمرة من العنف، بل هو محاولة لمحو الهوية الفلسطينية وجريمة في حق الإنسانية. ورغم بشاعة الاحتلال، فإن  الشعب الفلسطيني أصبح رمزاً للشجاعة والصمود. ورغم القتل والعنف والاعتقال، فإنه لا يزال رافضا أن يترك أرضه متمسكاً بحقوقه المشروعة في الحرية والكرامة.

رابط دائم: