واجه المرشح الجمهوري دونالد ترامب المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس في أول مناظرة بينهما في فجر الأربعاء 11 سبتمبر 2024، في ولاية فيلادلفيا قبل أقل من شهرين علي إدلاء الأمريكيين بأصواتهم لاختيار رئيسهم، وتأتي المناظرة وسط دورة انتخابية غير عادية اتسمت بعدد من المنعطفات الدرامية، بما في ذلك القرار التاريخي الذي اتخذه الرئيس الأمريكي جو بايدن بالانسحاب من السباق الانتخابي بعد أدائه الكارثي في المناظرة أمام ترامب، حيث تعتبر تلك المناظرة هي الأولي بين المرشحين للرئاسة الأمريكية دونالد ترامب وكامالا هاريس، وتعتبر هذه المناظرة الرئاسية هي السابعة لدونالد ترامب منذ ترشحه لأول مرة في عام 2016، علي النقيض من ذلك فهي المناظرة الرئاسية الأولي لكامالا هاريس.
أولا- القضايا الداخلية:
الاقتصاد وتكلفة المعيشة :
تم توجيه سؤال لكل من المرشحين عن هل يعتبر الأمريكيون أفضل الآن عن ما كانوا عليه من 4 سنوات ؟ فقد أكدت هاريس علي أنها جاءت من طبقة متوسطة ولديها خطة لرفع مستوي المعيشة للطبقة المتوسطة وأنها تؤمن بطموح وحلم الشعب الأمريكي، ولديها خطة بأن تبني اقتصاد يسمي (اقتصاد الفرص ) وأكدت أن البلد يعاني من نقص في الإسكان وأن كلفة المنازل عالية جدا لكثير من أبناء الشعب وأن الأسر تحتاج لدعم لتربية أبنائهم، فقد أكدت أن لديها خطة لتخفيض الضرائب بنسبة تتناسب مع قدرتهم علي الدفع، وأنها سوف تعمل علي خفض الضرائب للمشاريع الصغيرة لأنها تمثل العمود الفقري للاقتصاد الأمريكي، وقد وجهت هاريس انتقادا إلي ضريبة المبيعات التي قام بها ترامب أثناء فترة حكمه، والتي أدت إلي زيادة 4000 دولار إضافية علي مصروف الأسر، علي النقيض أكد ترامب أنه ليس لديه نية لفرض ضرائب علي المبيعات بل هناك تعريفات جمركيه سوف تفرض علي دول أخري حيث هناك دول ظلت ما يقرب من 75 عام تقوم بالاستفادة من الولايات المتحدة حيث أكد أنه في أثناء فترة حكمه قد استعاد مليارات الدولارات من الصين علي عكس الإدارات السابقة، وقد نوه ترامب إلى خطورة التضخم الذي تسببت فيه الإدارة الحالية والذي قد أثر بالسلب علي الطبقة الوسطي، حيث هناك الكثير من الأجانب الذين يأتون من مختلف أنحاء العالم لأخذ الوظائف من الأمريكيين أصحاب الأصول الإفريقية، ويستولون عليها بعنف، هذا ما تسبب به بايدن وتركهم يدمرون كل شيء، فقد أكد ترامب أنه قد أنشأ اقتصادا من أقوي الاقتصادات في تاريخ الولايات المتحدة وأنه ينوي أن يفعل ذلك مره ثانية.
الإجهاض :
هاجمت كامالا هاريس منافسها دونالد ترامب في هذا الملف مشيرة إلي أنه وضع خلال ولايته العديد من العراقيل للسيدات اللاتي أردن ممارسة حقهن في الإجهاض خصوصا الفقيرات منهن، وقد أكدت هاريس خلال المناظرة أنه لا يمكن نزع حق الإجهاض خاصة بعد جرائم الاغتصاب، وأن حظر الإجهاض هي إهانة للمرأة الأمريكية ولن يسمح بذلك إذا أصحبت رئيسة للولايات المتحدة ، وقد وصفت هاريس سياسات ترامب بشأن الإجهاض بأنها ( غير أخلاقية ) مشيرة إلي اختيار ترامب لقضاة المحكمة العليا الأمريكية خلال فترة توليه منصب الرئيس وهو ما ربطته بإلغاء قضية (رو ضد وايد) وقد أكدت هاريس علي أنها ستوقع بفخر علي مشروع قانون يهدف إلي إعادة حماية ( رو ضد وايد) في حال انتخابها رئيسة، وأشارت نائبة الرئيس إلي شعور الشعب الأمريكي بأن بعض الحريات ولا سيما حرية اتخاذ القرارات المتعلقة بالجسد لا ينبغي أن تكون خاضعة لسلطة حكومية. فيما عقب ترامب قائلا: إنه لا يجوز إعدام الأطفال تحت شعارات دعم الإجهاض، وأنه يؤمن بالإجهاض في حالات خاصة وليس إتاحته بشكل عام، وقد تابع المرشح الجمهوري دونالد ترامب وأكد أن الإجهاض هي جريمة قتل بالنسبة له ولا يمكن أن يسمح بذلك أبدا، وأن كلام هاريس عن نيته لحظر الإجهاض بشكل مطلق غير صحيح وإنما سيكون له ضوابط.
الهجرة:
شهدت المناظرة اشتعال معركة كلامية حول ملف الهجرة، حيث اتخذها كل من المرشح الجمهوري دونالد ترامب والمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس ساحة لإبراز نقاط ضعف الخصم، فاستغل ترامب فرصة المناظرة ليتحدث عن فشل إدارة الرئيس الأمريكي بايدن في منع تدفق المهاجرين عبر الحدود متهما إياها بإغراق البلاد بالمجرمين فيما لم تتردد هاريس في مهاجمة ترامب، منوهة بتدمير سياساته للبلاد وفشله في تقديم حلول فعالة لمشكله الهجرة .
فقد أكد ترامب أن الديمقراطيين هم سبب وصول الكثير من المهاجرين أو المجرمين علي حد وصفه إلي الولايات المتحدة وأن معدلات الجريمة قد ازدادت في الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة معتبرا أن المرشحة الديمقراطية تسعي إلي إغراق البلاد بالمجرمين والقتلة، وأضاف أن 21 مليون شخص دخل الولايات المتحدة في عهد بايدن، وأن خطط الهجرة السيئة قد دمرت البلاد، وأن إدارة الرئيس الأمريكي الحالي سمحت بدخول ملايين المهاجرين للحصول علي أصواتهم، وإدارة بايدن وهاريس دمرت نسيج المجتمع الأمريكي، وقد أشار إلي أن هاريس كانت مسئولة عن ملف الهجرة وتعرف أن إدارة بايدن تعاملت بشكل سيئ مع هذا الملف، وأكد أن سياسة الحدود التي يتبعها الديمقراطيون ستجعلنا دولة فاشلة مثل فنزويلا بحسب تعبيره وأن ملايين من الناس يقتحمون حدودنا لأن الديمقراطيين سمحوا بذلك، مؤكدا بأن المهاجرين يأكلون الكلاب والقطط والحيوانات الأليفة في المدن الحدودية .
وجاء رد هاريس علي ترامب مؤكدة بأنها لاحقت المهاجرين غير القانونيين ومهربي السلاح ودعمت قانون أمن الحدود، وحاكمت عصابات التهريب حلال عملها كمدعية عامة وقد نوهت علي أن ترامب عرقل تمرير قانون أمن الحدود لتعقيد مشكلة الهجرة، وأشارت هاريس إلي تعثر مشروع قانون حماية الحدود في الكونجرس أوائل العام الماضي، معتبرة أنه كان من شأنه توفير 500 ضابط حدود إضافي، واستخدم ذلك لتوقف تدفق مخدر الفنتانيل عبر حدود الولايات المتحدة ووصفت هاريس أنها تعرف شخصيا ذلك المخدر وأن هذا القانون كان ليوفر موارد إضافية لمواجهة عمليات تهريب المخدرات والسلاح، لكن ترامب أصر علي قتل هذا القانون ووجه حلفاءه في الكونجرس للقيام بذلك لأن هدفه كان استغلال هذه القضية لخدمة حملته الانتخابية، وأكدت هاريس أن ترامب أراد مشكلة يوظفها في حملته الانتخابية بدلا من حلها فهو يتحدث عن الهجرة اليوم رغم أنها ليست القضية الأساسية .
ثانيا- السياسة الخارجية :
على الرغم من أنّ قضايا السياسة الداخلية بما في ذلك الاقتصاد، وأمن الحدود، وحقوق الإنجاب حظيت باهتمام كبير، فإن السياسة الخارجية كانت أيضا بارزة، إذ اصطدم المرشّحان بمستقبل الدعم الأمريكي لأوكرانيا في حربها مع روسيا، وبموقف واشنطن من الحرب بين "إسرائيل" وحماس، وأخيرا مشكلة الانسحاب من أفغانستان.
الحرب الروسية - الأوكرانية :
أكد ترامب أنه يريد وقف الحرب وأنه قد تعهد بتسوية الحرب قبل توليه منصبه دون أن يقدم أي تفاصيل حول كيفية تحقيق ذلك، حيث أشار إلى أنه سوف يتحدث إلي الطرفين وسيجمعهما معا، كما قد كرر ادعاءه السابق بأن الحرب لم تكن لتحدث أبدا لو كان مستمرا في منصبه بدلا من بايدن وأصر علي أنه يحظى باحترام زعماء العالم أكثر من بايدن أو هاريس، وقال ( أعرف زيلينسكي جيدا، وأعرف بوتين جيدا إنهما يحترمانني ولا يحترمان بايدن)، كما انتقد ترامب إدارة بايدن بسبب المبلغ الذي أنفقته علي الدفاع عن أوكرانيا مقارنة بما أنفقته علي الدول الأوربية لكن إجمالي المساعدات الأوربية لأوكرانيا يتجاوز في الواقع المساعدات الأمريكية للبلاد، وعندما تم توجيه السؤال إلي هاريس حول كيف ستتعامل مع بوتين، أجابت هاريس عن الدور الذي لعبته في الفترة التي سبقت الحرب بما في ذلك الاجتماع مع زيلينسكي في مؤتمر ميونيخ للأمن في فبراير 2022، لتقديم أحدث تقييمات الاستخبارات الأمريكية التي تحذر من خطط روسيا قبل أقل من أسبوع من تدفق القوات الروسية إلي أوكرانيا، وأكدت هاريس علي أن إدارة بايدن لها دور كبير لمساعدة أوكرانيا من خلال الدعم وبفضل الدفاع الجوي والذخيرة والمدفعية وصواريخ جافلين ودبابات أبرامز التي قدمتها إدارة بايدن لتقف بجانب أوكرانيا كدولة مستقلة وحرة .
الحرب في غزة:
على الرغم من الجهود الدبلوماسية المكثفة، فشلت الإدارة الحالية في التوسط في اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس من شأنه أن يضمن إطلاق سراح المحتجزين لدى الحركة في غزّة، فقد أكدت هاريس أنها سوف تمنح إسرائيل دائما القدرة على الدفاع عن نفسها تجاه إيران ووكلائها في المنطقة، وأكدت هاريس أن طبيعة دفاع إسرائيل عن نفسها مهمة أيضا، وقالت خلال المناظرة أنه قد تم قتل عدد كبير جدا من الفلسطينيين الأبرياء مؤكدة دعمها لحل الدولتين وحاجة الفلسطينيين إلي الأمن وتقرير المصير، أما ترامب فلم يقدم أي تفاصيل حول كيفية التفاوض مع إسرائيل وحماس أو كيفية معالجة الوضع الإنساني المتدهور بشكل متزايد داخل غزة، وبدلا من ذلك قد أصر علي أنه لو كان رئيسا لما بدأت الحرب بين إسرائيل وحماس أبدا، كما أكد ترامب علي أن هاريس تكره إسرائيل والعرب وقد أعطي دليل علي كرهها لإسرائيل حيث أنها لم تلتقي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو عندما ذهب إلي الكونجرس لإلقاء خطاب مهم للغاية، وقال ترامب إنه إذا أصبحت هاريس رئيسة فانه يعتقد أن إسرائيل لن تكون موجودة في خلال عامين من الآن، وأشار ترامب إلى أنه إذا تم انتخابه فإنه يتعهد بتسوية الصراعات الجارية قبل أي تنصيب من دون تقديم أي تفاصيل حول كيفية القيام بذلك، فإنه قد قدم وعدا بإنهاء كافة المشكلات بين الحوثيين واليمن وما يحدث داخل الشرق الأوسط إذا تم انتخابه .
الانسحاب من أفغانستان:
جاءت المناظرة في ظل الذكرى الثالثة للانسحاب الأميركي الفوضوي من أفغانستان، والذي تعد المسئولية عنه موضوع نقاش كبير في واشنطن، وعندما تم توجيه السؤال إلي هاريس عما إذا كانت تتحمل أي مسئولية عن كيفية تطور الانسحاب تجنبت هاريس الإجابة عن السؤال بشكل مباشر وبدلا من ذلك كررت دعمها لبايدن فى قرار الانسحاب وقالت ( قال أربعة رؤساء إنهم سيفعلون ذلك، وفعل جو بايدن ذلك )، قبل أن تتحول إلي مهاجمة سجل ترامب في التفاوض علي اتفاق الانسحاب الأولي مع حركة طالبان متجاوزا الحكومة الأفغانية، وقد دافع ترامب عن ذلك مدعيا أنه سعي إلي الانسحاب لحماية أرواح القوات الأمريكية وأشار إلى أن طالبان قد ورثت ما يقرب من 85 مليار دولار من المعدات العسكرية الأمريكية .
قائمة المراجع :
1-https://www.google.com/url?sa=t&source=web&rct=j&opi=89978449&url=https://abcnews.go.com/Politics/harris-trump-presidential-debate-transcript/story%3Fid%3D113560542&ved=2ahUKEwjJ8s-Fw8aIAxWNVKQEHTbLHEEQFnoECBwQAQ&usg=AOvVaw1xM0X3jshm-XcCcKkTYxsC
2-https://www.google.com/url?sa=t&source=web&rct=j&opi=89978449&url=https://www.cnn.com/2024/09/11/politics/election-poll-trump-harris-debate/index.html&ved=2ahUKEwjJ8s-Fw8aIAxWNVKQEHTbLHEEQFnoECBkQAQ&usg=AOvVaw1n04mOzqVo6sNyR6gjTc_v
3-https://www.google.com/url?sa=t&source=web&rct=j&opi=89978449&url=https://www.reuters.com/world/us/harris-builds-lead-over-trump-voters-see-her-debate-winner-reutersipsos-poll-2024-09-12/&ved=2ahUKEwjJ8s-Fw8aIAxWNVKQEHTbLHEEQFnoECBYQAQ&usg=AOvVaw0nWoWiWhGoNZAzGh3xgXHU
4-https://www.google.com/url?sa=t&source=web&rct=j&opi=89978449&url=https://www.cnn.com/2024/09/10/politics/debate-takeaways-trump-harris/index.html&ved=2ahUKEwjJ8s-Fw8aIAxWNVKQEHTbLHEEQFnoECCcQAQ&usg=AOvVaw0ZLINbyXiQ0EEwcuoqn-Ev
5-https://www.google.com/url?sa=t&source=web&rct=j&opi=89978449&url=https://www.washingtonpost.com/elections/interactive/2024/presidential-debate-voter-poll/&ved=2ahUKEwjJ8s-Fw8aIAxWNVKQEHTbLHEEQFnoECCkQAQ&usg=AOvVaw0YgaM_VkyX9YEYV3jSX3NZ