التأمين الموحد .. استراتيجية جديدة للشمول التأمينى لكل مواطن
2-9-2024

لواء د. خالد مصطفى فهمى
* أستاذ القانون بأكاديمية الشرطة والجامعات المصرية ورئيس قسم حقوق الإنسان بجامعة السلام

صدر قانون التأمين الموحد رقم 155 لسنة 2024 والذي دخل حيز التنفيذ فعلياً بعد نشره في الجريدة الرسمية أى اعتبارا من 12/7/2024، ويستهدف القانون تجميع القوانين المتعلقة بالتأمين في قانون واحد؛ حيث توجد عدة قوانين منظمة للتأمين في مصر، وهي: قانون صناديق التأمين الخاصة الصادر بالقانون رقم 54 لسنة 1975، وقانون الإشراف والرقابة على التأمين في مصر الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 1981، وقانون التأمين الإجباري عن المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث مركبات النقل السريع داخل جمهورية مصر العربية الصادر بالقانون رقم 72 لسنة 2007، بالإضافة إلى المواد من (747) إلى (771) من القانون المدني المصري.

التأمين ليس فكرة حديثة ولكنها كانت قائمة منذ زمن بعيد، ولكن في ظل التقدم الهائل في مختلف مجالات الحياة سواء الاقتصادية أو الاجتماعية، وكذا الثورة الصناعية في العقد الماضي، والثورة التكنولوجية والمعلوماتية في العصر الحديث، ونشوء الكثير من الأضرار الناتجة عن التقدم والتطور الهائل كان لذلك كله دور مهم في دفع المشرع إلى البحث عن وسيلة مناسبة للتخفيف من آثار الكوارث وتوزيعها علي أكبر قدر من الأشخاص يفيد كل من المسئول ( المؤمن له) والمضرور في الوقت ذاته. وقد شهد القرن الماضي تطورا كبيرا في أحكام التأمين من المسئولية وفي العلاقة ذات الأطراف الثلاثة وهم المؤمن والمؤمن له والمضرور، وما تثيره هذه العلاقات الثلاثية من مشكلات كبيرة في التطبيق ومحاولة كل طرف التخلص من المسئولية، وفي سبيل ذلك جاء المشرع بنوع معين من المسئولية له أحكام آمرة له، وهذا النوع هو التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن الأضرار ففرض الكثير من الأحكام  لتغطية هذا النوع من المسئولية، وكذا تغطية الأضرار التي تصيب الذمة المالية للمؤمن له نتيجة رجوع الغير عليه بالمسئولية وحماية المضرور من إعسار المؤمن له.

أولاً- الهدف من التأمين:

-   الهدف الأساسي من التأمين - بصفة عامة - هو تغطية الأضرار التي تصيب الذمة المالية للمؤمن له نتيجة رجوع الغير عليه بالمسئولية ونتيجة الضرر الواقع علي المضرور، وهي عملية جماعية القصد منها توزيع الآثار الضارة للخطر الذي يلحق واحدا من الجماعة على جميع أفرادها بحيث يذوب الخطر في النهاية، ويعد نظام التأمين وسيلة مهمة لمواجهة المخاطر التي يتعرض لها الإنسان في ماله وحياته وحياة من يتولي رعايتهم، وجوهر هذه الوسيلة هو التعاون الذي يتحقق باشتراك الأشخاص المعرضين للخطر لمواجهة الآثار التي تنجم عنه، من خلال دفع أقساط أو اشتراكات تجمع وتوزيع المبالغ المتحصلة منها على المضرورين وقت حدوث الضرر، وقد أثبتت التجربة فعالية التأمين كوسيلة لجبر الضرر مما أدى إلى تطويره وظهور الكثير من النظم الحديثة المبنية عليه، مثل صناديق التعويضات، والصناديق الخاصة، والصناديق الحكومية وكلها مبنية على التأمين.

-   ويفترض نظام التأمين وجود آلية قانونية فنية تنظم العلاقة الثلاثية القائمة على المؤمن والمؤمن له والمستفيد أو المؤمن عليه، وحتى تتمكن الشركات القائمة بالتأمين من تحقيق الأهداف المرجوة منه فإنها تستعين بمتخصصين في علم الإحصاء والمقاصة والاستثمار حتى يمكن إدارة أموال التأمين لتحقيق الغرض منها.

-   كانت رؤية الحكومة من وضع نصوص التأمين في قانون واحد هى تحقيق أهداف التنمية المستدامة والتي تلقى اهتماما بالغا من الحكومة والهيئة العامة للرقابة المالية، وإنشاء وحدة للتنمية المستدامة داخل الهيئة إلى جانب التوسع في التأمين على القروض متناهية الصغر، وإصدار شهادات تأمينية جديدة، كما يهدف القانون التوجه نحو تطبيق استراتيجية الشمول التأميني للوصول إلى المواطنين الذين لم تصل إليهم الخدمات التأمينية، والعمل على إصدار مجمعة التأمين من الأخطار الطبيعية؛ مثل الزلازل والفيضانات والسيول وتسونامي والأمطار الغزيرة، ويهدف كذلك إلى تطوير منظومة التأمين الاختياري الذي تمثله صناديق التأمين الخاصة، من خلال إجراء تعديلات لتطوير آليات تشكيل مجالس إدارات صناديق التأمين الخاصة، وكيفية عقد وإدارة الجمعيات العمومية لها وزيادة مستوى الشفافية والإفصاح مع تطبيق قواعد الإدارة الرشيدة على إدارة صناديق التأمين الخاصة، والسماح بتأسيس صناديق خاصة وفقا للأنظمة الثلاثة المعروفة عالميا وهي: (المزايا المحددة، والاشتراكات المحددة، والنظام المختلط، الذي يجمع بين النظامين دون إغفال لتحديد آليات ومتطلبات التحول من نظام لآخر)، بالإضافة إلى إيجاد آليات سريعة وناجزة لتسوية شكاوى ومنازعات أعضاء تلك الصناديق، مع السماح بإنشاء اتحاد لصناديق التأمين الخاصة، واستخدام آليات التحول الرقمي لديها بالقدر الذي يتفق وطبيعة تلك الصناديق.

ثانياً- فلسفة نشوء قانون الموحد للتأمين:

-   يستهدف إصدار قانون التأمين الموحد – وفقا لما أشار إليه تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشئون الاقتصادية، ومكاتب لجان الشئون الدستورية والتشريعية، والمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر والخطة والموازنة - رسم قواعد محددة وشاملة لصناعة التأمين وتنظيم الإشراف والرقابة عليه ليصبح لدى سوق التأمين المصرية قانون موحد شامل ينظم آليات الإشراف والرقابة على ممارسات نشاط التأمين في مصر، وعليه فإن القانون سيغطي كافة النظم التأمينية وليس هناك مبرر لبقائها فيجب إلغاؤها.

-   كما يهدف القانون إلى معالجة مشكلات التطبيق العملي لممارسات التأمين الإجباري على مركبات النقل السريع التي كان ينظمها القانون رقم 72 لسنة 2007، فهو يستهدف تحقيق قدر من المسئولية المجتمعية لصناعة التأمين من خلال توفير آليات حماية للمضرورين من حوادث مركبات النقل السريع، ومن جانب آخر مواكبة ما طرأ على ممارسة هذا النوع من التأمين الإجباري من تغيرات كان أبرزها إنشاء مجمعة تأمين متخصصة بين شركات التأمين، وما لحق ذلك من إدخال آليات التحول الرقمي في مجال إنفاذ أحكامه والاتجاه نحو زيادة مبالغ التأمين المؤداة من خلاله بالشكل الذي يساعد على رعاية الفئات المستهدفة من أحكامه بشكل كريم في ظل التغيرات الاقتصادية الحالية.

ثالثاً- الملامح الأساسية للقانون:

- قام المشرع بإعداد القانون على النحو التالي: (قانون إصدار وقانون موضوعي مرافق)، يتناول الأول قواعد إجرائية وتنظيمية وتكليف للهيئة العامة للرقابة المالية والصناديق الحكومية، وتوفيق الأوضاع، أما الآخر فيتناول القواعد الموضوعية لقانون التأمين الموحد وذلك على النحو التالي.

[1] قانون الإصدار:

- تناول قانون الإصدار عدداً من القواعد التي تضبط تنفيذ القانون المرافق باعتبار الثاني القانون الموضوعي للتأمين، فجاءت نصوص قانون الإصدار لتتضمن الآتي:

أ-نصت المادة الأولي من مواد الإصدار على سريان أحكام القانون على أنشطة التأمين وإعادة التأمين وما يرتبط بهما من خدمات تأمينية ومهن وأنشطة، كما منح الهيئة العامة للرقابة المالية دون غيرها الاختصاص بالتأسيس والترخيص والإشراف والرقابة على الجهات القائمة على نشاط التأمين وإعادة التأمين وما يرتبط بهما من خدمات تأمينية ومهن وأنشطة.

ب-ألغي المشرع القانون رقم 54 لسنة 1975 بإصدار قانون صناديق التأمين الخاصة ، والقانون رقم 10 لسنة 1981 بإصدار قانون الإشراف والرقابة على التأمين فى مصر ، والقانون رقم 72 لسنة 2007 بإصدار قانون التأمين الإجبارى عن المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث مركبات النقل السريع داخل جمهورية مصر العربية ، وكذا المواد من 747 إلى 771 من القانون المدنى الصادر بالقانون رقم 131 لسنة 1948 ، كما ألغي كل حكم يخالف أحكام هذا القانون والقانون المرافق له، وبذلك يكون المشرع قد ألغي أى قوانين أو نصوص قانونية تتعارض مع أحكامه.

ج-أنشأ المشرع صندوق ضمان حملة الوثائق والمستفيدين منها المنظم وفقا لنص المادة رقم 198 من القانون، والذي يهدف إلى تعويض حملة الوثائق والمستفيدين منها نتيجة لعدم قدرة الشركة على الوفاء بالتزاماتها محل صندوق ضمان حملة الوثائق والمستفيدين منها لدى شركات التأمين والمسجلة لدى الهيئة العامة للرقابة المالية المنشأ بالمادة 43 من قانون الإشراف والرقابة على التأمين فى مصر، كما أنشأ المشرع الصندوق الحكومى لتغطية الأضرار الناتجة عن حوادث مركبات النقل السريع بموجب المادة 60 من القانون ليحل محل الصندوق الحكومى لتغطية الأضرار الناتجة عن حوادث مركبات النقل السريع المنشأ بالمادة 20 من قانون التأمين الإجبارى عن المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث مركبات النقل السريع داخل جمهورية مصر العربية، على أن تؤول كافة الحقوق والالتزامات الخاصة بالصندوقين إلى الصندوقين المنشئين وفقا للقانون الجديد.

د-أنشأ المشرع اتحادا لشركات التأمين وذلك وفقا لنص المادة 109 من القانون وما بعدها، والذي حل محل الاتحاد المنشأ بين شركات التأمين وإعادة التأمين وجمعيات التأمين وفقًا للمادة 25 من قانون الإشراف والرقابة على التأمين فى مصر على أن تئول إليه جميع حقوقه ويتحمل جميع التزاماته.

ه-اختص المشرع المحاكم الاقتصادية للنظر في المنازعات والدعاوى الناشئة عن تطبيق أحكام القانون بما فيها منازعات التنفيذ الوقتية والموضوعية، وكذا الدعاوى الناشئة عن الجرائم المنصوص عليها فى القانون وذلك فيما لا يخضع لاختصاص محاكم مجلس الدولة. وكذا استمرار المحاكم في نظر الدعاوى الناشئة عن حوادث مركبات النقل السريع داخل جمهورية مصر العربية المشار إليها قبل العمل بأحكام القانون المرافق لحين صدور حكم بات فيها، أى إن الدعاوى المقيدة قبل 11/7/2024 تنظر بمعرفة المحاكم العادية، وبعد ذلك التاريخ يتم القيد بالمحاكم الاقتصادية، على أن تحيل المحاكم باقي المنازعات والدعاوى التى أصبحت بمقتضى أحكام القانون من اختصاص المحاكم الاقتصادية وذلك بالحالة التى تكون عليها ودون رسوم، وفى حالة غياب أحد الخصوم يلتزم قلم الكتاب بإعلانه بأمر الإحالة مع تكليفه بالحضور فى الميعاد أمام المحكمة التى تحال إليها الدعوى.وحتى لا يحدث ضرر لأصحاب الدعوى المحالة فقد نص المشرع على أن تفصل المحاكم الاقتصادية فيما يحال إليها دون عرضها على هيئة التحضير المنصوص عليها فى المادة 8 من قانون المحاكم الاقتصادية الصادر بالقانون رقم 120 لسنة 2008، ولا تسرى أحكام الإحالة إلى المحكمة الاقتصادية على المنازعات والدعاوى المحكوم فيها أو المؤجلة للنطق بالحكم قبل تاريخ العمل بالقانون، وتبقى الأحكام الصادرة فيها خاضعة للقواعد المنظمة لطرق الطعن السارية فى تاريخ صدورها، فالمحاكم الاقتصادية قد أنشئت بموجب القانون رقم 120 لسنة 2008 وتختص بنظر عدد من الجرائم المرتكبة بالمخالفة لبعض القوانين، مثل قانون حماية المستهلك،  وحماية الملكية الفكرية، والتوقيع الإلكتروني، وحماية البيانات الشخصية ..وغيرها، وعليه فقد أحال المشرع منازعات التأمين للمحاكم الاقتصادية.

و-كما نص المشرع على أن جميع الشركات المخاطبة بأحكام قانون التأمين تتخذ شكل شركة مساهمة مصرية وتسرى بشأنها اللوائح والقرارات الصادرة تنفيذًا له ، أحكام قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة وشركات الشخص الواحد الصادر بالقانون رقم 159 لسنة 1981، كما منح تلك الشركات التزاما بتوفيق أوضاعها وفقا لأحكامه خلال سنة من تاريخ العمل به ، ولمجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية مد هذه المهلة لفترات أخرى بحد أقصى ثلاث سنوات من تاريخ العمل به .

[2] القانون الموضوعي المرافق:

- جاء القانون الموضوعي المرافق (قانون التأمين الموحد) منقسما إلى ثلاثة أبواب:

الباب الأول وهو المعني  بالتأمين وإعادة التأمين وما يرتبط بهما من خدمات تأمينية ومهن وأنشطة، وقد قسمه المشرع إلى عدد من الفصول على النحو التالي:

الفصل الأول: خاص يتضمن أحكاما عامة فقام بالمادة الأولي بوضع تعريفات لبعض المصطلحات الواردة بالقانون، ثم قام بتنظيم بعض أنواع تأمينات الأشخاص، وعمليات تكوين الأموال، وتأمينات الممتلكات والمسئوليات، والتأمين الطبي، والتأمين متناهي الصغر، وتكوين هياكل قطاع التأمين،  والمنشآت التي تزاول التأمين، والمهن والأنشطة المرتبطة بها، والاتحادات والأجهزة المعاونة.

وتناول الفصل الثاني: من الباب الأول نشاط التأمين، حيث أشارت المادة الرابعة لقاعدة أساسية وهي محل التأمين فنصت على أنه يكون محلاً للتأمين كل مصلحة اقتصادية مشروعة تعود على الشخص من عدم وقوع خطر معين . كما وضع هذا الفصل عددا من القواعد الخاصة بوثيقة التأمين (وهي العقد بين المؤمن والمؤمن له والذي يلتزم بمقتضاه بتأمين المخاطر المحتمل حدوثها عليه لصالحه أو لصالح شخص آخر أيا ما كان مسمي تلك الوثيقة) حيث نصت على عدداً من القواعد منها:

[1] بطلان أي شرط من الشروط التالية إذا ورد بوثيقة التأمين(المادة الخامسة من القانون):

أ- الشرط الذي يقضى بسقوط الحق في التأمين بسبب مخالفة القوانين واللوائح ، إلا إذا انطوت هذه المخالفة على جناية أو جنحة عمدية أو غش أو تدليس.

ب-الشرط الذى يقضى بسقوط حق المؤمن له بسبب تأخره فى إعلان الحادث المؤمن ضده إلى السلطات أو فى تقديم المستندات ، إذا تبين من الظروف أن التأخر كان لعذر مقبول ولم يؤد إلى إحداث تغيير جوهرى بمعالم الحادث أو تفاقم الضرر الناتج عنه.

ج- كل شرط مطبوع لم يبرز بشكل ظاهر وكان متعلقًا بحالة من الأحوال التي تؤدى إلى البطلان أو السقوط.

د- كل شرط تعسفى آخر يتبين أنه لم يكن لمخالفته أثر في وقوع الحادث المؤمن ضده .

[2] أسقط المشرع بالتقادم الدعاوى الناشئة عن نشاط التأمين وإعادة التأمين وما يرتبط به من خدمات بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حدوث الواقعة التى تولدت عنها هذه الدعاوى(المادة السادسة من القانون)، على ألا تسرى مدة  التقادم على تلك الأحوال الآتية:

أ- في حالة إخفاء بيانات متعلقة بالخطر المؤمن ضده ، أو تقديم بيانات غير صحيحة أو غير دقيقة عن هذا الخطر إلا من اليوم الذي علمت فيه شركة التأمين بذلك.

ب- في حالة وقوع الحادث المؤمن ضده إلا من اليوم الذي علم فيه ذوو الشأن بوقوعه .

[3] نص المشرع على أنه يقع باطلا كل اتفاق يخالف أحكام تنظيم عقد التأمين الواردة بهذا القانون، إلا أن يكون ذلك لمصلحة المؤمن له أو لمصلحة المستفيد، وبالتالي إذا كان الاتفاق في مصلحة شركة التأمين فهو باطل إذا خالف الأحكام المنظمة للقانون، وهذا يعتبر استثناء على نص المادة 147من القانون المدني التي تنص على أن العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب النى يقررها القانون

[4] نص القانون على عدم التزام المؤمن بعدم تعويض المؤمن له إلا عن الضرر الناتج عن وقوع الخطر المؤمن منه بشرط ألا يجاوز ذلك قيمة التأمين .

الفصل الثالث: تناول هذا الفصل أحكاما خاصة ببعض تأمينات الأشخاص وعمليات تكوين الأموال، كما تناول التأمين ضد أخطار الحريق، ونشاط التأمين الطبي المتخصص وما يرتبط به من خدمات، ونشاط التأمين التكافلي وإعادة التأمين التكافلي، ونشاط التأمين متناهى الصغر، ونشاط التأمين الإلزامى، ومنها التأمين الإلزامي عن المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث مركبات النقل السريع داخل جمهورية مصر العربية وذلك في المواد من 9: 57 من القانون.

الفصل الرابع: تناول هذا الفصل نشاط مجمعات التأمين وتلك المجمعات قد عرفتها المادة الأولي من القانون بأنها كيانات تؤسسها مجموعة من شركات التأمين أو إعادة التأمين بهدف الاكتتاب في أخطار معينة، حيث تضمنت المادتان 58، 59 أنه يجوز لشركات التأمين الخاضعة لأحكام هذا القانون أن تنشئ فيما بينها مجمعة أو أكثر لإدارة خطر أو عملية بذاتها وفقًا للنظام الأساسي لكل مجمعة تأمين، وذلك في حالة توافر أى من الأخطار الآتية:

1-  الأخطار ذات الطبيعة القومية التي يصعب فيها الحصول على ترتيبات إعادة التأمين.

2-  الأخطار النمطية التي لا تحتاج إلى عمليات اكتتاب فنية.

3-  الأخطار الطبيعية.

4-  الحالات الأخرى التي يقررها مجلس إدارة الهيئة ووفقًا للضوابط والمعايير التي يقررها.

ويكون لمجمعة التأمين الحق فى إصدار الوثائق التي تغطى هذه الأخطار وفى هذه الحالة تخضع للضوابط ذاتها المقررة على شركات التأمين في هذا الشأن ومنها تلك المتعلقة بالمخصصات الفنية .

الفصل الخامس:تناول في المواد من 60: 62 نشاط صناديق التأمين الحكومية والمعرفة بالمادة الأولي من القانون بأنها تلك الصناديق التي تتولى عمليات التأمين ضد الأخطار التى لا تقبلها عادة شركات التأمين أو تلك التي ترى الحكومة مزاولتها بنفسها لهدف قومي أو اجتماعي، والتي تنشأ بناء على قرار رئيس مجلس الوزراء وتكون لها الشخصية الاعتبارية الخاصة.

الفصل السادس: تناول هذا الفصل المواد من 63: 108 نشاط صناديق التأمين الخاصة والمعرفة وفقا للمادة الأولي من القانون بأنها كل نظام بين مجموعة من الأفراد تربطهم مهنة أو عمل واحد أو أي صلة اجتماعية أخرى ويتألف بغير رأسمال ، ويكون الغرض منه أن يؤدى إلى أعضائه أو المستفيدين منه تعويضات أو مزايا تأمينية أو اجتماعية أو معاشات دورية وفقًا لنظامه الأساسي المعتمد من الهيئة والضوابط أو المعايير التي يصدرها مجلس إدارة الهيئة . حيث وضع القانون أحكاما عامة بتلك الصناديق، وكذا تناول تسجيل الصناديق وتعديل أنظمتها الأساسية، والنظام المالي للصندوق، وإدارة الصندوق (الجمعية العامة - مجلس الإدارة - مدير الاستثمار)، والإشراف والرقابة، والاندماج والتحويل والتصفية والشطب، وأنتهي بأحكام ختامية خاصة بتلك الصناديق الخاصة.

الفصل السابع: لقد نص هذا الفصل في المواد من 109: 123 على نشاط الاتحادات والأجهزة المعاونة ومكاتب التمثيل، حيث نص على اتحاد التأمين باعتباره اتحادا غير هادف للربح يتكون من شركات التأمين وإعادة التأمين الخاضعة لهذا القانون أيًا كان نوع النشاط الذي تزاوله ، ويتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة ، ويُعد من أشخاص القانون الخاص ويسجل فى سجل خاص بالهيئة ، ويشار إليه في هذا القانون بالاتحاد، كما نص على اتحادات المهن والأنشطة التأمينية الأخرى وهي اتحادات غير هادفة للربح للأشخاص المرخص لهم من الهيئة بمزاولة المهن التأمينية أو الأنشطة المرتبطة بالتأمين المسجلين بسجلات الهيئة ، وتتمتع هذه الاتحادات بالشخصية الاعتبارية المستقلة ، وتعد من أشخاص القانون الخاص ، وتسجل في سجل خاص بالهيئة.ويجوز أن يضم الاتحاد أكثر من مهنة أو نشاط من الأنشطة المرتبطة بالتأمين ، ولا يجوز إنشاء أكثر من اتحاد للمهنة أو النشاط الواحد، كما نص على الأجهزة المعاونة، ومكاتب تمثيل منشآت التأمين أو إعادة التأمين أو الأنشطة المرتبطة بهما.

الفصل الثامن:قد نص هذا الفصل في المواد من 124: 146 على المهن التأمينية: الخبراء الاكتواريون، وخبراء التأمين الاستشاريون، خبراء تقييم الأخطار أو معاينة وتقدير الأضرار، وسطاء التأمين وإعادة التأمين.

الفصل التاسع:نص هذا الفصل في المواد من 147: 150 على أحكام ختامية خاصة بالباب الأول من القانون والمتضمن تنظيم العمل بين شركات التأمين وإعادة التأمين ووضع المعايير والقواعد الخاصة بالمهن والأنشطة التأمينية.

الباب الثاني: هو المعني  بشركات قطاع التأمين والخدمات المرتبطة بها والرقابة عليها، وذلك في المواد من 151: 213، حيث نص في الفصل الأول على الأحكام العامة لعمل الهيئة العامة للرقابة المالية، والتي تختص دون غيرها بالتأسيس والترخيص والإشراف والرقابة على الجهات القائمة على نشاط التأمين وإعادة التأمين وما يرتبط بهما من خدمات تأمينية ومهن وأنشطة، وأكد على الاختصاصات التي تختص بها، كما نص في الفصل الثاني على التأسيس والترخيص ونقل ملكية شركات التأمين وشركات إعادة التأمين، وشركات التأمين متناهى الصغر، وقواعد تملك رءوس أموال شركات التأمين وإعادة التأمين، كما نص الفصل الثالث على الرقابة، والإشراف على شركات التأمين وإعادة التأمين، وإدارة وحوكمة الشركات، وتنظيم ممارسة النشاط سواء بالنسبة لتأمينات الأشخاص وعمليات تكوين الأموال أو بالنسبة لتأمينات الممتلكات والمسئوليات، وكذا إعادة التأمين والتقارير المالية والرقابية، وفحص أعمال الشركات والتأمين الطبى المتخصص طويل وقصير الأجل، وما يرتبط بهما من خدمات، والتأمين التكافلى وإعادة التأمين التكافلي، كما نص الفصل الرابع من هذا الباب على صندوق ضمان حملة الوثائق، ونص الفصل الخامس على التحول الرقمى بقطاع التأمين، ونص الفصل السادس على الإجراءات والتدابير الرقابية، ونص الفصل السابع على إنهاء النشاط سواء من خلال تحويل الوثائق ووقف العمل وإلغاء الترخيص، ثم جاء الفصل الثامن والأخير من هذا الباب ليتناول أحكاما ختامية خاصة بتنظيم العمل في هذا الباب

الباب الثالث من القانون، هو المعني بتسوية المنازعات والعقوباتوذلك في المواد من 214: 224،  حيث تم تقسيم هذا الباب إلى فصلين؛ الأول: يتكون من مادة واحدة فقط وهي المادة 214 والخاصة بتسوية المنازعات والتظلمات، وهي اللجنة المعنية بمحاولة فض المنازعات بين الطرفين قبل اللجوء للقضاء ولا يجوز لأي طرف اللجوء للقضاء قبل المثول أمام اللجنة بتظلم أولا، حيث نصت المادة المشار إليها على أنه تشكل لجنة أو أكثر لنظر التظلمات التى يقدمها أصحاب الشأن من القرارات الإدارية الصادرة تطبيقًا لأحكام هذا القانون ، ويصدر بتشكيل كل لجنة قرارمن مجلس إدارة الهيئة ، وتكون برئاسة أحد نواب رئيس مجلس الدولة وعضوية اثنين من مستشارى مجلس الدولة يختارهما رئيس المجلس ، وممثل عن الهيئة يختاره رئيسها ، وعضو من ذوى الخبرة يختاره مجلس إدارة الهيئة ، ويكون للمتظلم الحضور أمام اللجنة بنفسه أو من يمثله.ويكون التظلم من القرار أمام هذه اللجنة خلال ثلاثين يومًا من تاريخ صدور القرار أو انتهاء الأجل الخاص بصدوره ، على أن تصدر اللجنة قرارها فى التظلم فى ميعاد لا يجاوز ثلاثين يومًا من تاريخ استيفاء المستندات والبيانات المطلوبة ، ويكون قرارها نهائيًا ونافذًا وملزمًا لأطرافه.ولا تقبل الدعوى التى ترفع إلى المحكمة المختصة إلا بعد اللجوء إلى اللجنة المشار إليها والبت فى التظلم.ويترتب على تقديم التظلم إلى اللجنة وقف المدد المقررة قانونًا لسقوط أو تقادم الحقوق أو لرفع الدعوى ، وذلك حتى انقضاء ميعاد البت فى التظلم.ويشمل قرار تشكيل اللجنة اختصاصاتها، ومكافآت أعضائها، وإجراءات النظر فى التظلم، والبت فيه، ومواعيد تلك الإجراءات.ويلتزم المتظلم بسداد رسم للتظلم يصدر بتحديد ضوابطه قرار من رئيس مجلس إدارة الهيئة بما لا يجاوز مبلغ عشرين ألف جنيه ، ويُرد هذا الرسم إلى المتظلم حال إلغاء القرار خلال ثلاثين يومًا على الأكثر من تاريخ صدور الإلغاء .

كما نص الفصل الثاني على العقوبات حال مخالفة أحكام القانون.

خاتمة:

مما سبق وباستعراض نصوص القانون تبين أن المشرع قد أرسي قواعد محددة وشاملة لصناعة التأمين في مصر، وأعطي للهيئة العامة للرقابة المالية والتي تختص دون غيرها بالتأسيس والترخيص والإشراف والرقابة على الجهات القائمة على نشاط التأمين وإعادة التأمين وما يرتبط بهما من خدمات تأمينية ومهن وأنشطة، الإشراف والرقابة على شركات التأمين والصناديق، وقام المشرع بتجميع القوانين المتعلقة بالتأمين في قانون واحد ومن ثم تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتطبيق استراتيجية الشمول التأميني ومعالجة كافة مشكلات التطبيق العملي الناتجة عن تطبيق قوانين التأمين المتفرقة، ومن ثم تنشيط القطاع التأميني وتعظيم مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي وإدخال التحول الرقمي وتغطية المسئولية المهنية لبعض المهن الحرة كالأطباء، والمحامين، والمحاسبين، وكذا الفلاحين، والعمال، وهو ما أظهرته الفترة الماضية والتي حدثت فيها الإصابة بفيروس كورونا من وجود حاجة ملحة لتغطية تكاليف علاج المرضي وتقديم مساعدات مالية للمتأثرين من الأزمة نتيجة عدم وجود أعمال لهم، بالإضافة إلى إيجاد آليات سريعة وناجزة لتسوية الشكاوى والمنازعات وعدم تفاقمها.


رابط دائم: