كما شهد ميناء إيلات انهيارا هائلا فى حركة الشحن خلال النصف الأول من عام 2024، مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2023، وذلك على النحو التالى:
• انخفاض الشحنات الواردة بنسبة 85%: وصلت كمية البضائع المستوردة إلى الميناء خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2024 إلى 354 ألف طن فقط، فيما كانت.31 2 مليون طن فى الفترة نفسها من عام 2023.
• انخفاض الشحنات الصادرة بنسبة 54.3%: وصلت كمية البضائع المصدرة من الميناء خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2024 إلى 163 ألف طن فقط، فيما كانت 360 ألف طن فى الفترة نفسها من عام 2023.
شلل تام فى حركة استيراد السيارات عبر ميناء إيلات:
يعد ميناء إيلات شريانا رئيسيا لقطاع السيارات فى الأراضى المحتلة؛ حيث يتدفق عبره عدد كبير من السيارات المستوردة من مختلف أنحاء العالم. وحافظ الميناء على مكانته كبوابة ثانية لاستيراد السيارات منذ عام 2010، ما يؤكد أهميته الاستراتيجية للاقتصاد الإسرائيلى.
- خلال الفترة من عام 2010 إلى عام 2023، استقبل الميناء 1.55 مليون سيارة، أى ما يعادل ثلاثة أضعاف ما استقبله ميناء حيفا خلال الفترة نفسها. وبذلك، احتل ميناء إيلات المرتبة الثانية بعد ميناء أشدود، الذى استقبل 1.98 مليون سيارة خلال الفترة نفسها، كأكثر الموانئ الإسرائيلية استقبالا للسيارات.
- لكن سرعان ما تحول هذا الازدهار إلى شلل شبه تام، بدءا من عام 2024، بسبب الهجمات الحوثية على البحر الأحمر، التى أدت إلى إغلاق ميناء إيلات بشكل شبه كامل. فخلال النصف الأول من عام 2024، لم تصل أى سيارة إلى الميناء، فيما كان قد وصل خلال الفترة نفسها من عام 2023 ما مجموعه 93.774 سيارة.
يمثل هذا الانخفاض الهائل ضربة قاسية لقطاع السيارات فى الأراضى المحتلة؛ حيث يعد ميناء إيلات نقطة عبور رئيسية لوصول السيارات المستوردة من مختلف أنحاء العالم. نتيجة لذلك، ارتفعت أسعار السيارات بشكل ملحوظ فى السوق الإسرائيلية، كما يُتوقع حدوث نقص فى بعض أنواع السيارات فى المستقبل القريب. وتُبذل الجهود حاليًا لمعالجة هذه الأزمة؛ حيث تُجرى محادثات مع الحوثيين لضمان حركة ملاحة بحرية آمنة، كما تبحث الحكومة الإسرائيلية عن حلول بديلة لضمان وصول السيارات إلى الأراضى المحتلة. ولكن يبقى مستقبل ميناء إيلات واستئناف دوره كبوابة رئيسية لاستيراد السيارات رهنا بنجاح هذه الجهود وبتحقيق الاستقرار فى المنطقة.
كيف أضرت هجمات الحوثيين بميناء إيلات؟
منذ نوفمبر 2023، يفرض الحوثيون حصارا بحريا فعليا على ميناء إيلات الإسرائيلى، مؤثرين بشكل كبير فى تجارة البلاد البحرية .تشير بيانات "مجموعة النزاع المسلح" إلى وقوع 111 هجوما فى البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، بين نوفمبر 2023 و17 يوليو 2024، استهدفت جميعها السفن الإسرائيلية أو تلك المتجهة إلى إسرائيل .كما شهد نوفمبر 2023 ثانى أعلى عدد من الهجمات بـ 18 هجوما، فيما كان يونيو 2024 الأكثر دموية بـ 22 هجوما. كان الهجوم الأبرز الذى شنه الحوثيون فى بداية استهدافهم للسفن فى البحر الأحمر، حدث يوم 19 نوفمبر 2023، عندما استولى مقاتلو الجماعة اليمنية على سفينة "جلاكسى ريدر" التجارية فى البحر الأحمر.
تُؤكد بيانات رسمية صادرة عن السلطات الإسرائيلية تراجعًا حادًا فى حركة النشاط البحرى لميناء إيلات، مُتزامنًا مع تصاعد هجمات الحوثيين على السفن فى المنطقة خلال الربع الأخير من عام 2023 .ويُشير الانحدار المستمر فى نشاط الميناء، حتى تاريخ 20 يوليو 2024، إلى فعالية الحصار البحرى الذى يفرضه الحوثيون على الملاحة فى البحر الأحمر، وتأثيره السلبى فى التجارة الإسرائيلية.
ونتيجة للمخاطر فى مياه البحر الأحمر، لم تعد السفن تتجه نحو ميناء إيلات أو ترسو فيه خشية استهدافها، وكان الميناء يستقبل السفن التى تتحرك بين آسيا وإسرائيل، التى بات عليها أن تسلك طريقا أطول للوصول إلى البحر المتوسط. هذا الطريق يتطلب الآن الالتفاف حول الطرف الجنوبى لقارة إفريقيا مرورا برأس الرجاء الصالح، وصولا إلى مضيق جبل طارق، الذى من خلاله تدخل السفن مياه البحر المتوسط وصولا إلى ميناءى حيفا وأشدود الإسرائيليين .إلا أن هذا الطريق البديل عن البحر الأحمر وقناة السويس (تربط بين البحر الأحمر والمتوسط)، يعد أكثر تكلفة، كما أنه يطيل الرحلات لمدة تتراوح بين أسبوعين وثلاثة أسابيع. وقبل أن يبدأ الحوثيون استهدافهم للسفن، كان يمر عبر البحر الأحمر بين 13 إلى 15% من حجم التجارة العالمية، فيما كان يمر يوميا عبر مضيق باب المندب (أحد أهم الممرات المائية بالعالم) نحو 10% من النفط المنقول بحرا، بحسب بيانات وكالة الطاقة الدولية.
ختاما، وفى ظل هذا الوضع تكبر كرة الثلج؛ حيث من المتوقع أن تعلن موانئ ومنشآت اقتصادية ومالية كبرى فى إسرائيل إفلاسها خلال الفترة المقبلة على خلفية الشلل التام الذى أصاب قطاعات حيوية نتيجة اضطرابات الملاحة فى البحر الأحمر. ويتسع المشهد أكثر، مع إعلان شركة "ميرسك" الدنماركية للشحن البحرى أن نطاق الاضطرابات التى تشهدها حركة الشحن عبر البحر الأحمر اتّسع بما يتخطى مسارات التجارة العالمية فى أقصى شرق أوروبا ليشمل كامل شبكتها الدولية.
رابط دائم: