الأبعاد والتداعيات المحتملة لطلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية
27-5-2024

لواء د. خالد مصطفى فهمى
* أستاذ القانون بأكاديمية الشرطة والجامعات المصرية ورئيس قسم حقوق الإنسان بجامعة السلام

يسعى المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية إلى إصدار أوامر اعتقال بحق شخصيات بارزة في حماس وإسرائيل بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال هجمات 7 أكتوبر2023 والحرب اللاحقة على غزة.فإذا وافقت لجنة من قضاة المحكمة على أوامر الاعتقال بحق قادة إسرائيل فإنها ستعتبر أول خطوة يتم اتخاذها من المحكمة الجنائية الدولية ضد السياسيين الإسرائيليين فهي المرة الأولى التي تستهدف فيها المحكمة الجنائية الدولية إسرائيل الحليف الوثيق للولايات المتحدة. حيث ستضع تلك المذكرات قرار المحكمة في حق نتنياهو إلى جانب قرارها ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي سبق أن أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحقه بشأن حرب روسيا على أوكرانيا، فهل ستنصاع دول العالم المتحضر لتلك المذكرات أم لا؟!

وسوف نتناول هذا الموضوع من خلال النقاط التالية:

أولاً- أساس عمل المحكمة الجنائية الدولية:

المحكمة الجنائية الدولية هي هيئة قضائية مستقلة يخضع لاختصاصها الأشخاص المتهمون بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب.نشأت المحكمة الجنائية الدولية بهدف محاسبة الأشخاص الذين يرتكبون جرائم خطيرة في حق الإنسانية من خلال التحقيق معهم ومحاكمتهم وعقابهم علي ارتكاب هذه الجرائم. ويسهم إنشاء هذه المحكمة في تحقيق فاعلية وتأثير لقواعد القانون الدولي الإنساني، وتنفيذ مبادئه حيث إن ذلك يسهم أيضاً في التغلب على العقبات الدولية التي تحدث نتيجة وقوع جرائم خطيرة ضد الإنسانية.

تنص المادة الأولي من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أن إنشاء المحكمة جاء باعتبارها هيئة دائمة لها سلطة ممارسة اختصاصها على (الأشخاص) إزاء أشد الجرائم خطورة والتي تكون موضع الاهتمام الدولي، على أن تكون المحكمة مكملة للولايات القضائية الجنائية الوطنية. ويخضع اختصاص المحكمة وأسلوب عملها لأحكام النظام الأساسي للمحكمة. ومن ثم فإن اختصاص المحكمة يرتبط بما يعرض عليها وينظمه نظامها الأساسي،ولفظ الأشخاص الوارد بالمادة الأولي جاء عاماً فلم تنص على الأشخاص التابعين للدول الأطراف فقط ولكن كل شخص توافر في حقه ارتكابه لجريمة من الجرائم الأشد خطورة الواردة بالنظام. ومن ثم فإن المبدأ العام في هذا النظام أن المحكمة الجنائية الدولية تملك القدرة على تقرير اختصاصها وعما إذا كانت القضية مقبولة أم لا وفقاً للمادة 17 والمادة 19/1 من النظام الأساسي للمحكمة.

وقد أشارت ديباجة نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (اعتمد من قبل مؤتمر الأمم المتحدة الدبلوماسي للمفوضين المعني بإنشاء محكمة جنائية دولية بتاريخ 17 يوليو 1998، تاريخ بدء النفاذ 1 يونيو 2001 وفقاً للمادة 126 - وثيقة الأمم المتحدة PCNICC/1999/INF/3) إلى أن الدول الأطراف في هذا النظام الأساسي تدرك أن ثمة روابط مشتركة توحد جميع الشعوب وأن ثقافات الشعوب تشكل معاً تراثاً مشتركاً، وإذ يقلقها أن هذا النسيج الرقيق يمكن أن يتمزق في أي وقت وتضع في اعتبارها أن ملايين الأطفال والنساء والرجال قد وقعوا خلال القرن الحالي ضحايا لفظائع لا يمكن تصورها هزت ضمير الإنسانية بقوة فتسلم بأن هذه الجرائم الخطيرة تهدد السلم والأمن والرفاه في العالم، لذا فهي تؤكد أن أخطر الجرائم التي تثير قلق المجتمع الدولي بأسره يجب ألا تمر دون عقاب، وأنه يجب ضمان مقاضاة مرتكبيها على نحو فعال من خلال تدابير تتخذ على الصعيد الوطني وكذلك من خلال تعزيز التعاون الدولي، وقد عقدت العزم على وضع حد لإفلات مرتكبي هذه الجرائم من العقاب وعلى الإسهام بالتالي في منع هذه الجرائم، وتذكر بأنه من واجب كل دولة أن تمارس ولايتها القضائية الجنائية على أولئك المسئولين عن ارتكاب جرائم دولية وتؤكد من جديد مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وبخاصة أن جميع الدول يجب أن تمتنع عن التهديد باستعمال القوة أو استعمالها ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأية دولة، أو على أي نحو لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة، وتؤكد في هذا الصدد أنه لا يوجد في هذا النظام الأساسي ما يمكن اعتباره إذناً لأية دولة طرف بالتدخل في نزاع مسلح يقع في إطار الشئون الداخلية لأية دولة وأن إنشاء محكمة جنائية دولية دائمة مستقلة ذات علاقة بمنظومة الأمم المتحدة وذات اختصاص على الجرائم الأشد خطورة التي تثير قلق المجتمع الدولي بأسره والتي تكون مكملة للولايات القضائية الجنائية الوطنية ولضمان الاحترام الدائم لتحقيق العدالة الدولية.

وتختص المحكمة وفقا للمادة الخامسة من نظام روما بالنظر في أربعة أنواع من الجرائم وهي: (أ) جريمة الإبادة الجماعية.(ب) الجرائم ضد الإنسانية.(ج) جرائم الحرب.(د) جريمة العدوان.

ثانياً- أساس عمل المدعي العام للمحكمة:

يعتبر مكتب المدعي العام مستقلا ومنفصلا عن باقي أجهزة المحكمة الجنائية الدولية، ولا يجوز التداخل في أعمال الادعاء من أي جهة، ولا يجوز لأعضائه بمن فيهم الإداريين تلقي أي تعليمات من أي جهة خارج المكتب، ويهدف المدعي العام من عمله تحقيق العدالة الجنائية الدولية، وهو في سبيل ذلك يتخذ كافة التدابير المناسبة التي من شأنها ضمان فعالية التحقيقات التي يجريها في الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة، فيقدم كافة الضمانات للمتهمين والشهود واحترام مصالح الشهود والضحايا.

تنص المادة 15 من النظام الأساسي للمحكمة على كيفية أداء المدعي العام لعمله، حيث يتعين البدء في إجراءات التحقيق أمام المحكمة الجنائية الدولية من خلال الحالات الثلاث الآتية :[1] بناء على طلب من دولة طرففي النظام الأساسي للمحكمة، [2] أن يقوم المدعي العام بهذه الإجراءات من تلقاء نفسه، [3] بناء على طلب من مجلس الأمن بموجب الفصل السابع من ميثاق المنظمة، وليس هناك إلزام على المدعي العام في تحقيقاته حيث أنه يقوم بتجميع الأدلة والبحث فيها وعما إذا كانت تكوٍّن جريمة أم لا .

ونستخلص مما يلي دور المدعي العام:

[1] يباشر المدعي العام التحقيقات من تلقاء نفسه على أساس المعلومات المتعلقة بجرائم تدخل في اختصاص المحكمة.

[2] يقوم المدعي العام بتحليل جدية المعلومات المتلقاة، ويجوز له، لهذا الغرض، التماس معلومات إضافية من الدول، أو أجهزة الأمم المتحدة، أو المنظمات الحكومية الدولية أو غير الحكومية، أو أية مصادر أخرى موثوق بها يراها ملائمة، ويجوز له تلقى الشهادة التحريرية أو الشفوية في مقر المحكمة.

[3] إذا استنتج المدعي العام أن هناك أساساً معقولاً للشروع في إجراء تحقيق، يقدم إلى الدائرة التمهيدية طلباً للإذن بإجراء تحقيق، مشفوعاً بأي مواد مؤيدة يجمعها. ويجوز للمجني عليهم إجراء مرافعات لدى الدائرة التمهيدية وفقاً للقواعد الإجرائية وقواعد الإثبات.

[4] إذا رأت الدائرة التمهيدية، بعد دراستها للطلب وللمواد المؤيدة، أن هناك أساساً معقولاً للشروع في إجراء تحقيق وأن الدعوى تقع علي ما يبدو في إطار اختصاص المحكمة، كان عليها أن تأذن بالبدء في إجراء التحقيق، وذلك دون المساس بما تقرره المحكمة فيما بعد بشأن الاختصاص ومقبولية الدعوى.

[5] رفض الدائرة التمهيدية الإذن بإجراء التحقيق لا يحول دون قيام المدعي العام بتقديم طلب لاحق يستند إلي وقائع أو أدلة جديدة تتعلق بالحالة ذاتها.

[6] إذا استنتج المدعي العام، بعد الدراسة الأولية المشار إليها في الفقرتين 1 و 2، أن المعلومات المقدمة لا تشكل أساساً معقولاً لإجراء تحقيق، كان عليه أن يبلغ مقدمي المعلومات بذلك. وهذا لا يمنع المدعي العام من النظر في معلومات أخرى تقدم إليه عن الحالة ذاتها في ضوء وقائع أو أدلة جديدة.

وعليه فإن المدعى العام يتقدم للمحكمة بكافة الأدلة إن شاءت أقرته وإن شاءت رفضت، فإذا أقرته يتخذ إجراءات التحقيقات والبدء في الدعوى وإن رفضت عليه أن  يخطر مقدمى المعلومات ولا يمنعه ذلك من أن يقوم بجمع أدلة جديدة وتقديمها مرة أخرى للمحكمة.وقد أصدرت المحكمة مذكرات توقيف ضد كل من: عمر البشير الرئيس السابق لدولة السودان، ومعمر القذافي الرئيس السابق لدولة ليبيا، وفلاديمير بوتين الرئيس الروسي الحالي لما نسب إليهم من ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية.

ثالثاً- صدور أمر التوقيف من اختصاص الدائرة التمهيدية:

تنص مادة 58 من النظام الأساسي للمحكمة على صدور أمر القبض أو أمر الحضور من الدائرة التمهيدية حيث تنص على مايلي: [1] تصدر الدائرة التمهيدية في أي وقت بعد الشروع في التحقيق، وبناء على طلب المدعي العام، أمرا بالقبض على الشخص إذا اقتنعت بما يلى، بعد فحص الطلب والأدلة أو المعلومات الأخرى المقدمة من المدعي العام:

(أ) وجود أسباب معقولة للاعتقاد بأن الشخص قد ارتكب جريمة تدخل في اختصاص المحكمة.

(ب) أن القبض على الشخص يبدو ضروريا:

"1" لضمان حضوره أمام المحكمة ؛ أو

"2" لضمان عدم قيامه بعرقلة التحقيق أو إجراءات المحكمة أو تعريضهما للخطر، أو

"3" حيثما كان ذلك منطبقا، لمنع الشخص من الاستمرار في ارتكاب تلك الجريمة أو لمنع ارتكاب جريمة ذات صلة بها تدخل في اختصاص المحكمة وتنشأ عن الظروف ذاتها.

[2] يتضمن طلب المدعي العام ما يلى:

(أ) اسم الشخص وأية معلومات أخرى ذات صلة بالتعرف عليه.

(ب) إشارة محددة إلى الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة والمدعي العام أن الشخص قد ارتكبها.

(ج) بيان موجز بالوقائع التي يرى المدعي العام أنها تشكل تلك الجرائم.

(د) موجز بالأدلة وأية معلومات أخرى تثبت وجود أسباب معقولة للاعتقاد بأن الشخص قد ارتكب تلك الجرائم.

(هـ) السبب الذي يجعل المدعي العام يعتقد بضرورة القبض على الشخص.

[3]يتضمن قرار القبض ما يلى:

(أ) اسم الشخص وأية معلومات أخرى ذات صلة بالتعرف عليه.

(ب) إشارة محددة إلى الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة والمطلوب القبض على الشخص بشأنها.

(ج) بيان موجز بالوقائع التي يرى المدعي العام أنها تشكل تلك الجرائم.

[4] يظل أمر القبض ساريا إلى أن تأمر المحكمة بغير ذلك.

[5]يجوز للمحكمة بناء على أمر بالقبض، أن تطلب القبض على الشخص احتياطيا أو القبض عليه وتقديمه بموجب الباب 9.

[6] يجوز للمدعي العام أن يطلب إلى الدائرة التمهيدية تعديل أمر القبض عن طريق تعديل وصف الجرائم المذكورة فيه أو الإضافة إليها، وتقوم الدائرة التمهيدية بتعديل الأمر على النحو المطلوب إذا اقتنعت بوجود أسباب معقولة للاعتقاد بأن ذلك الشخص قد ارتكب الجرائم المعدلة أوصافها أو المضافة.

[7] للمدعي العام، عوضا عن استصدار أمر بالقبض، أن يقدم طلبا بأن تصدر الدائرة التمهيدية أمرا بحضور الشخص أمام المحكمة. وإذا اقتنعت الدائرة التمهيدية بأن هناك أسبابا معقولة للاعتقاد بأن الشخص قد ارتكب الجريمة المدعاة وأن إصدار أمر بحضور الشخص يكفى لضمان مثوله أمام المحكمة، كان عليها أن تصدر أمر الحضور، وذلك بشروط أو بدون شروط تقيد الحرية (خلاف الاحتجاز) إذا نص القانون الوطني على ذلك، ويتضمن أمر الحضور ما يلى:

(أ) اسم الشخص وأية معلومات أخرى ذات صلة بالتعرف عليه.

(ب) التاريخ المحدد الذي يكون على الشخص أن يمثل فيه.

(ج) إشارة محددة إلى الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة والمدعي العام أن الشخص قد ارتكبها.

(د) بيان موجز بالوقائع التي يرى المدعي العام أنها تشكل تلك الجريمة.

ويجري إخطار الشخص بأمر الحضور.

رابعاً- طلب المدعي العام للمحكمة بالإذن بالتحقيق في الجرائم الواقعة بحق الشعب الفلسطيني وأهالي غزة:

وفقاً للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية واختصاص المدعي العام للمحكمة، فإنه له من تلقاء نفسه أن يباشر التحقيقات على أساس المعلومات التي تتوافر لديه بجرائم تدخل في اختصاص المحكمة، فقد تقدم بتاريخ 20/5/2024 كريم خان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بطلب للدائرة التمهيدية الأولى للمحكمة لإصدار أوامر بإلقاء القبض على كبار قادة حركة حماس وجناحها العسكري (كتائب القسام،)، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في سياق  السابع من أكتوبر 2023 والحرب على غزة.حيث أصدر في بيان أن لديه "أسبابا معقولة" للاعتقاد بأن قادة حماس: [1]يحيى السنوار، قائد حماس في قطاع غزة، [2] محمد الضيف، القائد الأعلى للجناح العسكري لحماس (كتائب القسام)، [3] إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يتحملون مسئولية جنائية عن جرائم حرب وجرائم ضد إنسانية وتشمل هذه الجرائم: الإبادة، والقتل العمد، والاغتصاب وأعمال العنف الجنسي الأخرى، والتعذيب، وغيرها من الأعمال اللاإنسانية مثل الجرائم ضد الإنسانية، وأخذ الرهائن، والمعاملة القاسية، والاعتداء على الكرامة الشخصية باعتبارها جرائم حرب.

كما قال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إن لديه "أسبابا معقولة" للاعتقاد بأن قادة إسرائيل: [1] رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، [2] وزير الدفاع يوآف غالانت، يتحملان المسئولية الجنائية عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في قطاع غزة تشمل تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب، والقتل العمد، وتعمد إحداث معاناة شديدة، أو إلحاق أذى خطير بالجسم أو بالصحة، وتعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين باعتبارها جرائم حرب، والإبادة أو القتل العمد بما في ذلك في سياق الموت الناجم عن التجويع باعتباره جريمة ضد الإنسانية، والاضطهاد، وغيرها من الأعمال اللاإنسانية باعتبارها جرائم ضد الإنسانية.

وأشار المدعي العام للمحكمة إلى أن مكتبه لا يزال  يركز على تعميق تحقيقاته بشأن جميع الجرائم التي ارتُكِبت في إطار هذه الهجمات وسيواصل العمل مع كل الشركاء لضمان تحقيق العدالة. وقال: "أكرر مطالبتي بالإفراج الفوري عن كل الأسرى الذين أُخذوا من إسرائيل وبرجوعهم سالمين إلى أُسرهم. وهذا شرط أساسي يقتضيه القانون الدولي الإنساني".أما بالنسبة للاتهامات المنسوبة إلى رئيس الوزراء ووزير الدفاع الإسرائيليين، قال إن مكتبه يدفع بأن الأدلة التي جمعها "تثبت أن إسرائيل تعمدت حرمان السكان المدنيين في كل مناطق غزة بشكل منهجي من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم الإنساني".

وأضافالمدعي العام للمحكمة أن ذلك حدث من خلال فرض حصار كامل على غزة، تضمن الإغلاق التام للمعابر الحدودية الثلاثة، والتقييد التعسفي لنقل الإمدادات الأساسية بعد إعادة فتحها، وقطع أنابيب المياه العابرة للحدود من إسرائيل إلى غزة، وقطع إمدادات الكهرباء ومنعها.وقال: "لإسرائيل الحق في اتخاذ إجراءات للدفاع عن سكانها، شأنها في ذلك شأن الدول كلها. إلا أن هذا الحق لا يُعفي إسرائيل أو أي دولة من التزامها بالانصياع للقانون الدولي الإنساني. وبغض النظر عن أي أهداف عسكرية قد تكون لدى إسرائيل، فإن الأساليب التي اختارتها لتحقيق هذه الأهداف في غزة – وهي تعمد التسبب في الموت والتجويع والمعاناة الشديدة وإلحاق الإصابات الخطيرة بالجسم أو بالصحة بالسكان المدنيين – تُعدّ أساليب إجرامية".وقال المدعي العام أنه أكد مراراً في بياناته العلنية أن الذين "لا ينصاعون للقانون ينبغي ألا يضجوا بعدئذ بالشكوى عندما يتخذ مكتبي إجراءات. وقد آن الأوان لذلك".وأكد المدعي العام أن القانون الدولي الإنساني ينطبق على الجميع، "وليس لجندي من المشاة أو لقائد أو لزعيم مدني – أو لأي شخص – أن يفلت من العقاب على تصرفاته".

وأشار المدعي العام للمحكمة أنه لا يمكن تبرير تعمد حرمان البشر من الضروريات الأساسية اللازمة للحياة، ولا أخذ الرهائن أو استهداف المدنيين.وأضاف: "لقضاة المحكمة الجنائية الدولية المستقلين وحدهم الحكم فيما إذا كان المعيار اللازم لإصدار أوامر قبض قد استوفي. فإن وافقوا على طلباتي وأصدروا الأوامر المطلوبة، سأعمل حينئذ عن كثب مع مسجل المحكمة باذلا كل جهدي للقبض على الأفراد المذكورة أسماؤهم". وأكد أن مكتبه لن يتردد في تقديم المزيد من طلبات إصدار أوامر القبض، ومجددا مناشدته لجميع الأطراف في النزاع الدائر بأن يمتثلوا للقانون الآن.  وشدد المدعي العام على ضرورة إظهار أن القانون الدولي الإنساني هو قاعدة الأساس التي يرتكز عليها السلوك الإنساني في خلال النزاعات، وينطبق على كل الأفراد وينطبق بالتساوي عبر جميع الحالات، وذلك لإثبات "إثباتا ملموسا أن كل البشر تتساوى حياتهم في قيمتها".

خامساً-الجرائم التي ارتكبها مجرمو الحرب الإسرائليين في حق الشعب الفلسطيني وأهالي غزة العزل تتلخص فيما يلي:

[1] جريمة الإبادة الجماعية في حق الشعب الفلسطيني وأهالي غزة:

جريمة الإبادة الجماعية هي من أشد الجرائم الدولية خطورة ، وقد عرفت بأنها هي سلوك إجرامي منهجي تقوم به جماعة بهدف فرض سطوتها على جماعة أخرى ، وذلك بقتلها أو إلحاق أذي شديد بها أو إخضاعها لظروف تؤدى لتدميرها أو الحيلولة دون تكاثر ونمو هذه الجماعة أو أخذ أطفالها عنوة ، وذلك بهدف إنهاء هذه الجماعة وتدميرها جزئياً أو كلياً ، وذلك لوجود اختلاف ديني أو عرقي أو قومي .

تنص اتفاقية روما على أنه: لا يسأل الشخص جنائياً عن ارتكاب جريمة تدخل في اختصاص المحكمة، ولا يكون عرضة للعقاب على هذه الجريمة إلا إذا تحققت الأركان المادية للجريمة ، وقد وضحت الاتفاقية السلوك الإجرامي فنصت على أن : الإبادة الجماعية تمثل أيا من الأفعال التالية المرتكبة علي قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو اثنية أو عنصرية أو دينية، بصفتها هذه:(أ) قتل أعضاء من الجماعة.(ب) إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة.(ج) إخضاع الجماعة ـ عمداً ـ لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً.(د) فرض تدابير تستهدف الحيلولة دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة.(هـ) نقل أطفال من الجماعة ـ عنوة ـ إلي جماعة أخري.

كما نصت الاتفاقية على ضرورة توافر الركن المعنوى في الجريمة، وجوهر الركن المعنوي هو اتجاه إرادة الفاعل إلى تحقيق النتيجة الإجرامية التي يريد تحقيقها عن طريق ارتكاب الأفعال المؤدية إليها، ولذلك تسمي نية ارتكاب الجريمة بأنها النية المؤثمة، وهي قوة نفسية تقوم على الإدراك والاختيار أي سلامة الإدراك وحرية الاختيار. حيث تنص المادة30 من النظام الأساسي للمحكمة على الركن المعنوي بأنه:[1] ... لا يسأل الشخص جنائياً عن ارتكاب جريمة تدخل في اختصاص المحكمة ، ولا يكون عرضة للعقاب على هذه الجريمة إلا إذا تحققت الأركان المادية مع توافر القصد والعلم.[2] ... يتوافر القصد لدى الشخص عندما:(أ) يقصد هذا الشخص ـ فيما يتعلق بسلوكه ـ ارتكاب هذا السلوك.(ب) يقصد هذا الشخص ـ فيما يتعلق بالنتيجة ـ التسبب في تلك النتيجة أو يدرك أنها ستحدث في إطار المسار العادي للأحداث.[3] ... يعنى لفظ "العلم" أن يكون الشخص مدركاً أنه توجد ظروف أو ستحدث نتائج في المسار العادي للأحداث ، ويفسر لفظا "يعلم" أو "عن علم" تبعا لذلك.ويستدل على توافر الركن المعنوي في جرائم الإبادة الجماعية من نية الإبادة الجماعية ـ سواء حدثت كلياً أو جزئياً ـ من أركان الجرائم التي وضعها النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والسابق الإشارة إليها ، والقصد خاصاً وهو نية الإبادة الجماعية.

الأفعال المؤثمة وفقا للمادة السادسة (الإبادة الجماعية) من اتفاقية روما والتي تنطبق على القادة الصهاينة:

(أ) قتل أفراد الجماعة(قتل أهالي غزة على النحو الذي أظهرته مقاطع الفيديو والصور الواردة من قطاع غزة).

(ب) إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة(الإصابات البالغة وبتر بعض الأعضاء الجسدية).

(ج) إخضاع الجماعة عمدا لأحوال معيشية يقصد بها إهلاكها الفعلي كليا أو جزئيا(تعطيل عمل المستشفيات وضربها ومنع وصول الغذاء والطعام والمؤن والغاز وكافة سبل المعيشة لأهالي غزة).

[2] الجرائم ضد الإنسانية في حق الشعب الفلسطيني وأهالي غزة:

عرف مصطلح الجرائم ضد الإنسانية بأنه يصف مجموعة من الجرائم الدولية التي جرمها المجتمع الدولي، مثل القتل العمد، والتصفية، والاستعباد، والإبادة، والترحيل وغيرها والتي ارتكبت ضد المدنيين ما قبل أو أثناء نزاع مسلح، وتشترط هذه الجريمة ثلاثة شروط عامة لتكييف الأفعال بأنها جرائم ضد الإنسانية وهي:[1] ارتكابها في إطار منهجي أو واسع النطاق.[2] توجيه الهجوم ضد مجموعة من السكان المدنيين.[3] وقوع الهجوم عن علم وبينة.وعليه فإن الجرائم ضد الإنسانية تتطلب وجود مشاركة لمجموعة والعلم بهجوم واسع النطاق ومنهجي ضد السكان المدنيين، كما أن ذلك لا يتطلب إثبات علم المتهم بجميع خصائص ذلك الهجوم أو بالتفاصيل الدقيقة للخطة أو السياسة التي تتبعها الدولة أو المنظمة. ففي حالة ظهور الهجوم الواسع النطاق والمنهجي ضد السكان المدنيين يشير شرط القصد في حالة إذا نوى مرتكب الجريمة مواصلة هذا الهجوم . ويفهم من عبارة ”الهجوم المباشر ضد السكان المدنيين“ في سياق هذا الجريمة بأنه يعني سلوكاً يتضمن ارتكاباً متعدداً للأفعال المشار إليها في المادة 7 من النظام الأساسي ضد أي سكان مدنيين تأييداً لدولة أو سياسة تنظيمية بارتكاب هذا الهجوم . ولا توجد ضرورة لأن تشكل الأفعال عملاً عسكرياً . كما أن ”السياسة الرامية إلى القيام بهذا الهجوم“ تستدعي أن تقوم الدولة أو المنظمة بتعزيز أو تشجيع فعلي للهجوم ضد السكان المدنيين، ومن ثم يتضح أنه يشترط توافر هجوم واسع النطاق ومباشر ضد السكان المدنيين تقوم به دولة أو منظمة وليس سلوكاً فردياً أو جماعياً إذا لم يتوافر فيه ما سبق، وقد قرر مجلس الأمن أنه في الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية لا يشترط وجود ارتباط بين الجريمة والنزاع المسلح.

الأفعال المؤثمة وفقا للمادة السابعة (الجرائم ضد الإنسانية) من اتفاقية روما والتي تنطبق على القادة الإسرائيليين:

(أ) القتل العمد(قتل أهالي غزة على النحو الذي أظهرته مقاطع الفيديو والصور الواردة من قطاع غزة).

(ب) الإبادة (السلوك الإجرامي المنهجي الذي تقوم به دولة إسرائيل بهدف فرض سطوتها على أهالي غزة، وذلك بقتلهموإلحاق أذي شديد بهم وإخضاعهم لظروف تؤدى لتدميرهم وذلك بهدف إنهاء أهالي غزة وتدميرهم جزئياً أو كلياً، وذلك لوجود اختلاف ديني وعرقي).

(د) إبعاد السكان أو النقل القسرى للسكان)نقل أهالي غزة قسرا من المنطقة التي يوجدون فيها، بصفة غير مشروعة، بالطرد دون مبررات يسمح بها القانون الدولي).

(هـ) السجن أو الحرمان الشديد على أي نحو آخر من الحرية البدنية بما يخالف القواعد الأساسية للقانون الدولي(القبض غير المبرر على الأشخاص والنساء والأطفال وإيداعهم سجون الاحتلال).

(و) التعذيب (تعمد إلحاق ألم شديد أو معاناة شديدة، سواء بدنية أو عقلية، بأشخاص موجودين تحت إشرافهم وسيطرتهم).

(ح) اضطهاد أية جماعة محددة أو مجموع محدد من السكان لأسباب سياسية، أو عرقية، أو قومية، أو إثنية، أو ثقافية، أو دينية، أو متعلقة بنوع الجنس على النحو المعرف في الفقرة 3، أو لأسباب أخرى من المسلم عالميا بأن القانون الدولي لا يجيزها، وذلك فيما يتصل بأي فعل مشار إليه في هذه الفقرة أو بأية جريمة تدخل في اختصاص المحكمة- يعنى "الاضطهاد" حرمان جماعة من السكان أو مجموع السكان حرمانا متعمدا وشديدا من الحقوق الأساسية بما يخالف القانون الدولي، وذلك بسبب هوية الجماعة أو المجموع( حرمان أهالي غزة من كافة الحقوق الأساسية التي يتمتع بها الإنسان الطبيعي وذلك لأسباب سياسية، وعرقية، ودينية).

(ط) الاختفاء القسري للأشخاص- يعنى "الاختفاء القسري للأشخاص" إلقاء القبض على أي أشخاص أو احتجازهم أو اختطافهم من قبل دولة أو منظمة سياسية، أو بإذن أو دعم منها لهذا الفعل أو بسكوتها عليه. ثم رفضها الإقرار بحرمان هؤلاء الأشخاص من حريتهم أو إعطاء معلومات عن مصيرهم أو عن أماكن وجودهم، بهدف حرمانهم من حماية القانون لفترة زمنية طويلة(ما تقوم به دولة إسرائيل من القبض على مواطنين عزل من أهالي غزة واحتجازهم دون مبرر قانوني وحرمانهم من حرياتهم).

(ي) جريمة الفصل العنصري- تعنى "جريمة الفصل العنصري" أية أفعال لا إنسانية تماثل في طابعها الأفعال المشار إليها في الفقرة 1 وترتكب في سياق نظام مؤسسي قوامه الاضطهاد المنهجي والسيطرة المنهجية من جانب جماعة عرقية واحدة إزاء أية جماعة أو جماعات عرقية أخرى، وترتكب بنية الإبقاء على ذلك النظام( ما تقوم به دولة إسرائيل من اضطهاد وغلق وسيطرة ممنهجة على قطاع غزة وسكانه ومنعهم من حقوقهم الأساسية في الحياة الكريمة وإبقائهم مضطهدين ووضعهم داخل سور مغلق وتعمد عزلهم عن العالم الخارجي).

(ك) الأفعال اللاإنسانية الأخرى ذات الطابع المماثل التي تتسبب عمدا في معاناة شديدة أو في أذى خطير يلحق بالجسم أو بالصحة العقلية أو البدنية( ما تقوم به دولة إسرائيل عن عمد في التسبب في إحداث معاناة شديدة وإضرار متعمد وخطير ومنع الفلسطينيين من كافة سبل الحياة الطبيعية وحقهم في تكوين دولتهم المستقلة وتمكين كافة دول العالم من الاعتراف بهم، بالاشتراك مع الولايات المتحدة الأمريكية الحارس القوي والداعم لأفعالهم غير الإنسانية وتشجيعهم ومنع أي قرارات تصدر في حقهم من مجلس الأمن باستخدام حق الفيتو الذي تستخدمه في مواجهة العالم أجمع).

[3] جرائم الحرب في حق الشعب الفلسطيني وأهالي غزة:

تعرف جريمة الحرب بأنها ما يحدث من انتهاكات أو أفعال ضارة أثناء الحرب أو كل انتهاك لقوانين وأعراف الحرب، وتعرف أيضا بأنها كل فعل عمدى يرتكبه أحد أفراد القوات المسلحة لطرف محارب أو أحد المدنيين انتهاكاً لقاعدة من قواعد القانون الدولي الإنساني الواجبة الاحترام.

ذهبت الدائرة الاستئنافية للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة في حكمها في قضيةTadic إلى ضرورة توافر عدة شروط في الجريمة حتى تمثل جريمة حرب ومن ثم انتهاكاً لقوانين وأعراف الحربوهي:

[1] أن ينطوى الانتهاك على خرق لقاعدة من قواعد القانون الدولي الإنساني.

[2] يجب أن تكون القاعدة قاعدة عرفية بطبيعتها فإذا كانت جزءاً من القانون التعاهدي فيجب توافر الشروط اللازمة في هذا الشأن.

[3] يجب أن يكون الانتهاك خطيراً بمعني أن يشكل خرقا لقاعدة تحمي قيماً مهمة، كما يجب أن يكون الخرق مؤدياً إلى نتائج خطيرة بالنسبة للضحية.

[4] يجب أن يكون انتهاك القاعدة مؤديا في ضوء القانون العرفي أو الاتفاقي إلى ترتيب المسئولية الجنائية الفردية للشخص المنسوب إليه الفعل.

وقد عرف النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية جرائم الحرب بأنها تعني أحد الأفعال التالية:

(أ) الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف المؤرخة 12/8/1949.

(ب) الانتهاكات الخطيرة الأخرى للقوانين والأعراف السارية على النزاعات الدولية المسلحة، في النطاق الثابت للقانون الدولي.

(ج) الانتهاكات الخطيرة في حالة وقوع نزاع مسلح غير ذي طابع دولي.

(د) الانتهاكات الخطيرة الأخرى للقوانين والأعراف السارية على النزاعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي، في النطاق الثابت للقانون الدولي.

وسوف نتناول بعض جرائم الحرب والتي تشكل أفعالا إجرامية وقعت بالفعل على الشعب الفلسطيني بصفة عامة وعلى أهالي غزة بصفة خاصة وهي:

[1] الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف المؤرخة 12/8/1949، ويراد بهذه الانتهاكات الجرائم المتعلقة بانتهاك اتفاقيات جنيف ، المؤرخة في سنة 1948، أى الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني حيث تعبر اتفاقيات جنيف عن القانون الدولي الإنساني. ووقعت تلك الانتهاكات ضد الأشخاص أو ضد الممتلكات التي تحميها أحكام اتفاقية جنيف، ويتبين من استعراض تلك الجرائم أنه يشترط توافر ركنان أساسيان في كل جريمة من الجرائم المؤثمة في ذلك المبحث وهما:[أ] صدور هذا السلوك في سياق نزاع مسلح دولي ، ويكون مقترناً به.[ب] علم مرتكب الجريمة بالظروف الواقعية التي تثبت وجود هذا النزاع المسلح. وهذان الركنان متلازمان مع كل جريمة ويلزم وجود هذه الجريمة في إطار نزاع مسلح ذى طابع دولي، مع توافر الركن المعنوي من علم وإرادة في كل جريمة، وهذه الانتهاكات تحدث ضد الأشخاص أو الممتلكات، ومؤثمة وفقاً لأحكام اتفاقية جنيف ذات الصلة.

ومن هذه الجرائم التي وقعت على الشعب الفلسطيني وأهالي غزة: [أ] القتل العمد.[ب] التعذيب والمعاملة اللاإنسانية. [ج] تعمد إحداث معاناة شديدة أو إلحاق أذى خطير بالجسم أو بالصحة.[د] إلحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات والاستيلاء عليها دون أن تكون هناك ضرورة عسكرية تبرر ذلك وبالمخالفة للقانون وبطريقة عابثة.[ه] إرغام أي أسير حرب أو أي شخص آخر مشمول بالحماية على الخدمة في صفوف قوات دولة معادية.[و] تعمد حرمان أي أسير حرب أو أي شخص آخر مشمول بالحماية من حقه في أن يحاكم محاكمة عادلة ونظامية.[ز] الإبعاد أو النقل غير المشروعين أو الحبس غير المشروع.[ح] أخذ رهائن.

(ب) الانتهاكات الخطيرة الأخرى للقوانين والأعراف السارية على النزاعات الدولية المسلحة ، في النطاق الثابت للقانون الدولي، تنص المادة الثامنة من النظام الأساسي لاتفاقية روما على الأفعال والأركان المتعلقة بكل جريمة من الجرائم المقترفة عن عمد ومخالفة للبروتوكول والتي سببت أذي بالغا بالجسد أو بالصحة ، وهي الانتهاكات الخطيرة الأخرى للقوانين والأعراف السارية على النزاعات الدولية المسلحة، في النطاق الثابت للقانون الدولي وأي من الأفعال الواردة بالنص، وقد وردت تلك الأفعال على سبيل المثال لا الحصر.

ومن هذه الجرائم التي وقعت على الشعب الفلسطيني وأهالي غزة: [1] تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين. [2] تعمد توجيه هجمات ضد مواقع مدنية. [3] تعمد شن هجمات ضد موظفين مستخدمين أو منشآت أو مواد أو وحدات أو مركبات مستخدمة في مهمة من مهام المساعدة الإنسانية أو حفظ السلام عملا بميثاق الأمم المتحدة ما داموا يستحقون الحماية التي توفر للمدنيين أو للمواقع المدنية بموجب قانون المنازعات المسلحة.[4] تعمد شن هجوم مع العلم بأن هذا الهجوم سيسفر عن خسائر تبعية في الأرواح أو عن إصابات بين المدنيين أو عن إلحاق أضرار مدنية أو عن إحداث ضرر واسع النطاق وطويل الأجل وشديد للبيئة الطبيعية يكون إفراطه واضحا بالقياس إلى مجمل المكاسب العسكرية المتوقعة الملموسة المباشرة.[5] مهاجمةأو قصف المدن أو القرى أو المساكن أو المباني العزل التي لا تكون أهدافا عسكرية.[6] إساءة استعمال الهدنة وعلم الأمم المتحدة أو شاراتها وأزيائها العسكرية، وكذلك الشعارات المميزة لاتفاقيات جنيف مما يسفر عن موت الأفراد أو إلحاق إصابات بالغة بهم.[7] قيام دولة الاحتلال، على نحو مباشر أو غير مباشر، بنقل أجزاء من سكانها المدنيين إلى الأرض التي تحتلها، أو إبعاد أو نقل كل سكان الأرض المحتلة أو أجزاء منهم داخل هذه الأرض أو خارجها.[8] تعمد توجيه هجمات ضد المباني المخصصة للأغراض الدينية، أو التعليمية، أو الفنية، أو العلمية، أو الخيرية، والآثار التاريخية، والمستشفيات وأماكن تجمع المرضى والجرحى. [9] قتلالأفراد وإصابتهم غدرا.[10] تدمير الممتلكات المدنية والاستيلاء عليها. [11] إعلان أن حقوق ملغاة. [12] نهب أي بلدة أو مكان حتى وإن تم الاستيلاء عليه عنوة.[13] استخدام أسلحة تدميرية غير معترف بها دولياً. [14] استخدام أسلحة أو قذائف أو مواد أو أساليب حربية تسبب بطبيعتها أضرارا زائدة أو آلاما لا لزوم لها أو أن تكون عشوائية بطبيعتها بالمخالفة للقانون الدولي للمنازعات المسلحة، بشرط أن تكون هذه الأسلحة، والقذائف، والمواد، والأساليب الحربية موضع حظر شامل . [15] الاعتداء على كرامة الشخص، وبخاصة المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة.[16] تعمد توجيه هجمات ضد المباني، والمواد، والوحدات الطبية، ووسائل النقل، والأفراد من مستعملي الشعارات المميزة المبينة في اتفاقيات جنيف طبقا للقانون الدولي.[17] تعمد تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب بحرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم، بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الغوثية على النحو المنصوص عليه في اتفاقيات جنيف.

ختاماً:

لقد تأخر كثيراً المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية حتى يطالب بتوقيف مجرمي الحرب الصهاينة بعد الجرائم التي قاموا بها والتي سبق توضيحها وبعدما قتلوا الصحفيين، والأطباء، وأطقم التمريض، وموظفي المنظمات الدولية؛ الأونروا ومنظمة الصحة العالمية وغيرهم من العاملين في خدمة الإنسانية، وأن يأتي متأخراً خيراً من أن لا يأتي مطلقاً، ومما سبق نري أن المدعي العام للمحكمة قد قام بواجبه الذي نص عليه النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بملاحقة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والإبادة الجماعية، فهل ستنصاع الدولة العظمي للمطالبة بمحاكمة مجرمي الحرب الصهاينة؟، وهل ستلتزم الدولة الإسرائيلية وقادتها مجرمو الحرب إلى الانصياع لقرارات المحكمة الجنائية الدولية أم إنها ستفعل كعادتها رفضاً تاماً لتلك القرارات والوقوف أمام الإرادة الدولية باعتبارها دولة فوق الجميع؟، فالواضح أنها لا ولن تنصاع لتلك القرارات وتصبح طلبات المجتمع الدولي حبرا على ورق لا يتم تنفيذه إلا قبل الضعفاء الذين ليس لديهم القدرة على رفض الإرادة الدولية.


رابط دائم: