لما كانت الدولة تتقدم بخطى واثقة نحو بناء مستقبل يليق بطموحات أبنائها وبناء الجمهورية الجديدة، وفى ضوء الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التى اعتمدها السيد رئيس الجمهورية؛ أصدرت الدولة خلال الفترة السابقة العديد من التشريعات بهدف سد الفجوة التشريعية بين التشريعات الحالية وبين توجهات الدولة الناهضة لكفالة وتعزيز واحترام جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية واستكمال البناء التشريعى لتعزيز الاتساق بين القوانين الوطنية والمبادئ والضمانات الواردة بالدستور والاتفاقات الدولية وإدخال تعديلات تشريعية واستحداث تشريعات جديدة. وحيث أشارت الاستراتيجية فى أحد بنودها إلى حماية حقوق المسنين، وأضافت الاستراتيجية أن التحديات التى تواجهها فى حماية المسنين تتمثل فى غياب تشريع يعزز حقوق كبار السن، وعدم كفاية الرعاية الاجتماعية والنفسية والصحية، وكذا انخفاض مستوى الوعى لديهم، والحاجة إلى تعزيز مشاركاتهم فى الحياة العامة وصياغة السياسات الخاصة بهم، وكذا تعقد بعض الإجراءات المرتبطة بالحماية القانونية ذات الصلة بتقديم الخدمات لكبار السن. وبناء عليه، دعا مجلس النواب ممثلى جميع وزارات الدولة والمجالس القومية لاستعراض مشروعات القوانين المقدمة من الحكومة ومن بعض أعضاء المجلس والتنسيق فيما بينها لإعداد تشريع لحماية المسنين، ووضع الضمانات اللازمة وجميع أنواع الرعاية التى تضمن حقوق المسنين، وجاءت مواده لتضع تنظيما تشريعيا جيدا وبه الكثير من أوجه الرعاية والحماية ويمثل طفرة فى مجال حماية الفئات الأولى بالرعاية.
أولا - اتفاق القانون مع الدستور والاتفاقات الدولية:
جاء القانون متفقا مع الدستور والاتفاقات الدولية المنضمة إليها الدولة؛ حيث ينص الدستور على التزام الدولة بضمان حقوق المسنين، فتنص المادة 83 من الدستور على أنه: تلتزم الدولة بضمان حقوق المسنين صحيا، واقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وترفيهيا، وتوفير معاش مناسب يكفل لهم حياة كريمة، وتمكينهم من المشاركة فى الحياة العامة. وتراعى الدولة فى تخطيطها للمرافق العامة احتياجات المسنين، كما تشجع منظمات المجتمع المدنى على المشاركة فى رعاية المسنين، وذلك كله على النحو الذى ينظمه القانون. كما ينص الدستور على التزام الدولة بالاتفاقات والمعاهدات الدولية وخاصة تلك الاتفاقات المتعلقة بحقوق الإنسان؛ حيث تنصالمادة 93 من الدستور على أنه: تلتزم الدولة بالاتفاقات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التى تصدق عليها مصر، وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقا للأوضاع المقررة، الباب الرابع سيادة القانون. كما ينص الدستور على التزام الدولة بكفالة الحياة الكريمة لكل المواطنين؛ حيث تنص المادة 8 من الدستور على أنه: يقوم المجتمع على التضامن الاجتماعى، وتلتزم الدولة بتحقيق العدالة الاجتماعية، وتوفير سبل التكافل الاجتماعى، بما يضمن الحياة الكريمة لجميع المواطنين، على النحو الذى ينظمه القانون.
نصت مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بكبار السن على أن الجمعية العامة تقدر ما يقدمه كبار السن من إسهامات فى مجتمعاتهم، وعملا بخطة العمل الدولية للشيخوخة التى اعتمدتها الجمعية العالمية للشيخوخة - التى أنشأتها الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1978- وأيدتها الجمعية العامة بقرارها رقم 37 فى ديسمبر 1982؛ حيث تضمن مبادئ أساسية طالبت الحكومات بأن تتضمنها فى برامجها الوطنية وهى: الاستقلالية، والمشاركة، والرعاية، وتحقيق الذات، والكرامة.
اعتمدت الأمم المتحدة فى 14 ديسمبر 1990 وبمناسبة ذكرى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان بقرارها رقم 106/45 الأول من أكتوبر من كل عام يوما دوليا للمسنين، وقد أشارت الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى أنه من أهداف هذا اليوم: [1] زيادة المعرفة والوعى بالإعلان العالمى لحقوق الإنسان والتزام جميع أصحاب المصلحة لتعزيز حماية حقوق الإنسان للأجيال الحالية والمقبلة من المسنين فى جميع أنحاء العالم.[2] تبادل النماذج المشتركة بين الأجيال والتعلم منها لحماية حقوق الإنسان فى جميع أنحاء العالم.[3] دعوة الحكومات وكيانات الأمم المتحدة إلى مراجعة ممارساتها الحالية بهدف تحسين إدماج نهج يشمل حقوق الإنسان على مدى الحياة فى عملها، وضمان المشاركة النشطة والهادفة لجميع أصحاب المصلحة، بما فى ذلك المجتمع المدنى والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والمسنين أنفسهم، فى العمل على تعزيز التضامن بين الأجيال والشراكات بين الأجيال.
كما اعتمدت الأمم المتحدة الكثير من الإعلانات والصكوك بشأن المسنين منها: [1] الإعلان السياسى وخطة عمل مدريد الدولية للشيخوخة(2002)، [2] إعلان برلين الوزارى (2002)، [3] إعلان عن الشيخوخة (1992)، [4] مبادئ الأمم المتحدة للمسنين (1991)، [5] خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة (1982).
ثانيا- فلسفة القانون وأهدافه:
جاء القانون ليؤكد القيم الإنسانية وتأكيد الأسس التى يقوم عليها النظام المجتمعى مثل الأخلاق والعدالة والحقوق والقيم الاجتماعية وتنفيذا لالتزام دستورى قائم على الدولة بكفالة توفير بضمان حقوق المسنين صحيا، واقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وترفيهيا وتوفير معاش مناسب يكفل لهم حياة كريمة، وتمكينهم من المشاركة فى الحياة العامة، فالقانون ليس مجرد حق للمسنين بل واجب أيضا على المجتمع، وتنفيذا لتوجهات الدولة الجديدة الساعية إلى كفالة حقوق للمسنين ووضع تشريع ينظم ذلك وحلم مشروع يتطلع إليه كبار السن. كما وضع القانون التزاما على وحدات الجهاز الإدارى بالدولة من وزارات ومصالح وأجهزة وهيئات عامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة التابعة لها، كل فى مجال اختصاصه، بحماية حقوق المسن المنصوص عليها فى هذا القانون، أو فى أى قوانين أخرى وكذلك الواردة بالاتفاقات والمواثيق الدولية التى صدقت عليها جمهورية مصر العربية، واتخاذ التدابير اللازمة لذلك، وإزالة جميع العقبات والمعوقات التى تحول دون تمتعه بهذه الحقوق.
كما وضع القانون التزاما على وزارة التضامن الاجتماعى بإصدار بطاقة المسن الأولى بالرعاية، كما ألزم جهات الدولة ببناء قاعدة بيانات خاصة بالمسن تستخدم فى تخطيط تقديم الخدمات المختلفة وتنفيذها ومتابعتها، وإتاحة تعزيز أنظمة المتابعة والبحوث المتعلقة بالمسن مع مراعاة سرية بياناتها، ووضع القانون التزاما بالحماية الاجتماعية للمسن وضمان معاش يؤمن به معيشته، وتوفير نفقة مرافق له إذا كان فى حاجة إلى مرافق، بالإضافة إلى الرعاية الصحية والنفسية والتأهيل، وتحمل الدولة المصروفات الخاصة بعلاجه، وعدم تعريضه للخطر ومعاقبة من يعرض مسنًّا للخطر، وتوفير آليات لحمايته منها توفير خط ساخن خاص بذلك للتواصل مع الجهات المختصة للإبلاغ عن أى مخاطر تهدد أمن وسلامة وكرامة وحياة المسن، مع توفير جميع الضمانات؛ للاستجابة السريعة للشكوى وإبلاغ الجهات المختصة،وإنشاء صندوق لرعاية المسنين يهدف إلى تعزيز حقوق وحريات المسن وتنميتها وحمايتها وترسيخ قيم المساواة وتكافؤ الفرص وتقديم الدعم له فى جميع النواحى الاجتماعية والاقتصادية والصحية والنفسية والتعليمية، وغيرها.
ثالثا - الالتزامات التى تضمنها القانون على الجهاز الإدارى للدولة:
نصت المادة الثالثة على التزامات على الجهاز الإدارى للدولة، وألزمته بأن يتخذ الإجراءات اللازمة لإزالة جميع العقبات والمعوقات التى تحول دون تمتع المسن بهذه الحقوق من تلك الالتزامات:
1- احترام حرياته فى ممارسة خياراته بنفسه وبإرادته المستقلة.
2- عدم التمييز بسبب السن أو الديانة، وتأمين المساواة الفعلية فى التمتع بجميع حقوق الإنسان وحرياته الأساسية فى الميادين كافة.
3- توفير البيئة الآمنة للمسن، وتهيئة الظروف المناسبة له للمعيشة الكريمة من جميع المناحی.
4- التعبير بحرية عن آرائه، والاهتمام بهذه الآراء، وأخذها فى الحسبان عند اتخاذ القرار فى كل ما يمسه، وبما يكفل مشاركته بصورة كاملة وفعالة فى المجتمع.
5- الرعاية الاجتماعية: توفير مجموعة من الخدمات الاجتماعية والأنشطة الترفيهية والثقافية التى تلبى احتياجات المسن بما يتناسب مع ظروفه الاقتصادية والاجتماعية والصحية وميوله الشخصية.
6- المؤسسات الاجتماعية لرعاية المسن: كل منشأة عامة، أو خاصة، أو أهلية مرخص لها من قبل الوزارة المختصة أو مديرياتها، لإقامة المسن وتقديم برامج الرعاية المتكاملة له.
7- رفع الوعى المجتمعى بحقوق المسن، وتعزيز احترام هذه الحقوق، وتدعيم ذلك الوعى بقدرات وإسهامات المسنين أنفسهم.
8- اتخاذ التدابير اللازمة التى تكفل إمكانية وصول واستخدام المسن للبيئة المادية المحيطة، ولوسائل النقل والمعلومات والاتصالات والتكنولوجيا، بما يعظم قدراته ومهاراته.
9- تمكين المسن من المشاركة فى تسيير الشئون العامة على قدم المساواة مع الآخرين، وتشجيع مشاركته فى صياغة السياسات والبرامج وخاصة فيما يتعلق بشئونه، وذلك بنفسه أو من خلال المؤسسات الوطنية التى تمثله.
10- توفير الأمن والحماية اللازمة التى تتناسب مع قدراته، ووضع الإجراءات الكفيلة بحمايته وتأمينه من الأخطار التى قد يتعرض لها فى جميع الظروف بما فى ذلك ظروف الأوبئة والكوارث وغيرها من الظروف الطارئة والحالات التى تتسم بالخطورة.
11- توفير التأهيل والتدريب والتوعية والإرشاد والمساندة اللازمة للمكلف برعاية المسن ولأسرته بوصفها المكان الطبيعى لحياة المسن، وتوفير الظروف المناسبة لرعايته داخلها، وتضمين جميع سياسات الدولة وبرامجها ما يكفل حماية وتعزيز حقوق المسن.
12- تيسير سبل إنجاز تعاملات المسن مع الجهات الحكومية وغير الحكومية بما فى ذلك الجهات والهيئات القضائية، وأن تكون هناك نافذة تخصص لحصوله على الخدمات الحكومية دون مزاحمة مع غيره.
13- إتاحة وتيسير انتقال ونقل المسن بما يضمن له التنقل الآمن وحمايته من مخاطر الطريق والحوادث.
14- إدراج حقوق واحتياجات المسن فى برامج وسياسات مكافحة الفقر والحد منه، وبرامج التنمية المستدامة التى تقوم بها، وتنفيذ هذه البرامج والسياسات دون تمييز على أى أساس وعلى قدم المساواة مع الآخرين.
15- توفير أقصى درجات الحماية للمسن فى أوقات الأزمات والكوارث وتوفير أماكن إيواء آمنة له، بها الاحتياجات الضرورية كافة، وتعويضه عن أى إصابات تعرض لها وتوعيته بسبل الحماية وقت الأزمات والكوارث من خلال مواد كتابية ودعائية وتوعية إعلامية.
16- تيسير إنشاء مؤسسات رعاية اجتماعية للمسن بمستويات اقتصادية مختلفة، سواء من خلال الوزارة المختصة، أو مؤسسات المجتمع الأهلى، أو غيرها من الأشخاص الطبيعية، أو الاعتبارية العامة أو الخاصة، وذلك وفقا للضوابط التى تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون.
17- المشاركة فى برامج التعليم المستمر، وتعليم الكبار، وتضمين المناهج بالمدارس والمعاهد والجامعات دراسة العلوم الخاصة بالمسن.
18- المشاركة فى برنامج التدريب والتأهيل وذلك وفقا لاحتياجات المسن الاقتصادية والاجتماعية وبما يتفق مع قدراته الصحية والعقلية والنفسية.
19- تيسير الأنشطة الرياضية والترويحية للمسن واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتهيئة أماكن الرياضة والترويح بما يتيح له ارتيادها وتوفير الأساليب والوسائل التى تيسر حصوله على فرص المشاركة فى هذه الأنشطة، وكذا توفير العناصر البشرية المدربة والأدوات والملاعب اللازمة الكفيلة بمشاركته فى الأنشطة والمحافل الوطنية والدولية.
20- دعم وتهيئة البيئة الثقافية والمجتمعية والمكانية والتكنولوجية لتنشيط البرامج السياحية الموجهة للمسن للعمل على الارتقاء بمستواها فى المقاصد السياحية كافة، بما يسهل ارتياده لها.
21- إتاحة وتيسير سبل مشاركة المسن فى عمليات الترشح والتصويت فى الانتخابات وإبداء الرأى فى الاستفتاءات بجميع أنواعها، وإتاحة الأدوات الكفيلة لهذه العمليات بما فى ذلك الحق فى الاستعانة عند الاقتضاء بمرافقين أو مساعدين يختارهم المسن، وذلك كله دون الإخلال بأحكام قانون بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية الصادر بالقانون رقم 45 لسنة 2014.
رابعا- أوجه الرعاية التى تضمنها القانون للمسنين:
شمل القانون الكثير من أوجه الحماية والرعاية للمسن، وكفل تمتعهم بجميع الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والترفيهية، ومن تلك الرعاية:
[1] الحماية الاجتماعية: تضمنت النصوص القانونية فى المادتين الخامسة والسادسة حق المسن فى الحصول على مساعدة ضمانية شهرية فى حالة عدم حصوله على معاش تأمينى، وكذا توفير خدمة توصيل المعاش الخاص بالمسن، أو المساعدة المستحقة للمسن الأولى بالرعاية، إلى محل سكنه مقابل رسمبسيط.
[2] التكاتف الأسرى والرعاية المؤسسية: تضمنت النصوص القانونية من المادة السابعة حتى المادة الثالثة عشرة بعض الضوابط الخاصة بالتكاتف الأسرى والمجتمعى والمؤسسى فى رعاية المسن؛ حيث نصت على التزام أسرة المسن فى أن تتكاتف فى رعايته وتوفير احتياجاته الضرورية ويتولاها كل من الزوج أو الزوجة ما داما قادرين على أدائها، فإذا تبين عدم توفر هذه الرعاية كان المكلف بها قانونا أحد أفراد أسرته المقيم فى مصر ممن يقدر على القيام بمسئولية رعاية المسن والمحافظة عليه والإشراف على شئون حياته، وذلك وفقا لترتيب الفئاتالمحددة بالقانون، مع وضع الأمر تحت يد محكمة الأسرة لتنظيم ذلك، كما نصت على أنه تكون نفقات الرعاية من أموال المسن إذا كان له مال يكفى ذلك، فإذا لم يتحقق ذلك، وطلب المكلف بالرعاية الحصول على تكاليفها تحملهاأفراد أسرته وذلك وفقا لترتيب الفئاتالمحددة بالقانون، مع وضع الأمر تحت يد محكمة الأسرة لتنظيم ذلك، كما نصت على توفير خدمة مرافق المسن إذا كان فى حاجة إلى مرافق، كما نصت على الترخيص بإنشاء المؤسسات الاجتماعية لرعاية المسن، وتلك التى تقدم خدمات اجتماعية وثقافية وترفيهية ودينية ورياضية، كما حظر على المؤسسات الاجتماعية لرعاية المسن إجبار المسن على البقاء بها دون رضاه، ولا يجوز لها رفض طلب خروجه سواء صدر منه، أو من ممثله القانونى، أو من الوزارة المختصة، وفى هذه الحالة يسلم إلى من يتولى رعايتهوفقا لضوابط محددة، كما نصت على إعفاء المسن الأولى بالرعاية الذى ليس لديه مكلف بالرعاية من تحمل تكاليف الإقامة والإعاشة فى مؤسسات الرعاية الاجتماعية لرعاية المسن،كما ألزم المؤسسات الاجتماعية لرعاية المسن بقبول نسبة 4% من نسبة إشغال المؤسسة بالمجان. وقد نص المشرع على عقاب كل شخص مكلف برعاية المسن فأهمل فى القيام بذلك، أو استغل المسن، أو تسبب فى جرحه، أو إصابته بعاهة، أو وفاته بالحبس.
[3] الرعاية النفسية والتأهيل والتمكين: لما كان المسن قد يتعرض لسوء معاملة سواء من المتولى رعايته أو دور الرعاية الأمر الذى يؤثر فيه نفسيا، فقد تضمنت النصوص القانونية من المادة الرابعة عشرة حتى المادة السادسة عشرة بعض الضوابط الخاصة بالرعاية النفسية وتأهيل المسن وتمكينه؛ حيث نصت على التنسيق بين وزارتى التضامن والصحة مع الجهات المعنية بتوفير الرعاية، وتقديم الدعم النفسى للمسن، وتعمل على اتخاذ الإجراءات اللازمة لإزالة ما قد يتعرض له من اضطراب نفسى أو عقلى، وكذلك تصميم وإدارة برنامج استجابة وتأهيل للمسن الذى تعرض لأزمات، أو لاضطرابات نفسية، أو عقلية ناتجة عن ممارسات سوء المعاملة، أو الإهمال، أو الاستغلال، أو التمييز، وذلك لإعادة تأهيله وتعافيه ومساعدته على الدمج فى المجتمع الخارجى.
[4] الرعاية الصحية: تضمنت النصوص القانونية من المادة السابعة عشرة حتى المادة التاسعة عشرة بعض الضوابط الخاصة بالرعاية الصحية للمسن، منها الحق فى الحصول على الرعاية الوقائية والعلاجية الجيدة، على أن تتحمل الدولة المصروفات الخاصة بعلاج المسن الأولى بالرعاية، كما تضمن التزاما على المستشفيات والمراكز الطبية التابعة لوزارة الصحة وغيرها من الجهات الحكومية، بتقديم الخدمة الوقائية والعلاجية للمسن، كما طالبت الجهات البحثية بالسعى إلى بحث ودراسة أمراض الشيخوخة وعلى الأخص مرض الزهايمر، وتطوير سبل علاجها.كما وضعت التزاما على مؤسسات الرعاية الاجتماعية لرعاية المسن حال قيامها بتقديم خدمات صحية بداخلها الحصول على موافقة وزارة الصحة.
[5] المشاركة فى الحياة السياسية والاجتماعية وإتاحتها: تضمنت النصوص القانونية فى المادتين العشرين والحادية والعشرين بعض الضوابط الخاصة بالمشاركة السياسية والاجتماعية،؛ حيث تضمنت تشجيع الدولة الوسائل الإعلامية والمواقع الإلكترونية والصحف على تسويق الصور الإيجابية للشيخوخة النشطة، وتطوير الرسائل المناسبة التى تبرز حقوق المسن ومسئوليات المجتمع تجاهه، وتسليط الضوء على الإسهامات المحتملة للمسن فى المجتمع، وتوفير برامج توعية للمسن عن سبل حماية ورعاية أنفسهم ورفاهيتهم والاستغلال الأمثل لقدراتهم، كما نص القانون على إصدار بطاقة المسن الأولى بالرعاية لتيسير حصوله على الخدمات التى يقدمها للقانون على أن تجدد له كل خمس سنوات. كما نص القانون على عقاب كل شخص يزور تلك البطاقة ويستخدمها بالمخالفة للقانون، أو غير بقصد التزوير فى بطاقة المسن الأولى بالرعاية حال تحريرها بالسجن والغرامة.
خامسا - الحماية القانونية والقضائية للمسن والمعرض للخطر منهم:
تضمنت النصوص القانونية من المادة الثانية والعشرين حتى المادة السادسة والعشرين بعض الضوابط الخاصة، توفير الحماية للمسن فى جميع مراحل الضبط والتحقيق والمحاكمة والتنفيذ، والحق فى معاملة إنسانية تتناسب مع حالته العمرية واحتياجاته، ويكون له الحق فى الحماية والمساعدة الصحية والاجتماعية والمساعدة الفنية المتخصصة عند الاقتضاء، وكذا مراعاة احتياجات المسن وحالته الصحية فى نقل الأشخاص المحتجزين وفى تخطيطها لمراكز الإصلاح والتأهيل وجميع أماكن الاحتجاز الأخرى، لإتاحتها للمسن. كما تضمنت توفير آليات مختلفة بما فى ذلك خط ساخن للإبلاغ عن أى مخاطر تهدد أمن المسن وسلامته وكرامته وحياته، مع توفير جميع الضمانات؛ للاستجابة السريعة للشكوى وإبلاغ الجهات المختصة، وذلك بالتنسيق مع الجهات المعنية كافة، كما منح الموظفين الذين يعينهم وزير العدل بالاتفاق مع وزير التضامن فى دوائر اختصاصهم سلطة الضبط القضائى فى الجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون، وتحرير المحاضر اللازمة بشأنها وإحالتها إلى الجهات المختصة، ويكون لهم حق الحصول من الجهات المعنية على المعلومات المتعلقة بمستحقى الرعاية واللازمة لأداء عملهم، واستدعاء المكلفين بالرعاية، وتوجيههم إلى واجباتهم، ومتابعة تنفيذ التوجيهات التى تتعلق برعايتهم.
كما نص على الحالات التى يعد المسن فيها معرضا للخطر ونص عليها على سبيل الحصر وهى:
1- عزله عن المجتمع دون سند قانونى، أو الامتناع عن تقديم الرعاية الطبية، أو الغذائية، أو التأهيلية، أو المجتمعية، أو القانونية له.
2- استخدام وسائل علاجية، أو تجارب طبية تضر به دون سند من القانون، أو عدم مراعاة الأصول الفنية وفق المعايير الدولية للممارسة الصحية الآمنة.
3- إلحاقه فى مؤسسات خاصة بغرض التخلص منه فى غير الحالات التى تستوجب ذلك الإلحاق.
4- إذا كانت ظروف إقامته فى المؤسسات الاجتماعية للرعاية، أو غيرها من شأنها أن تعرضه للإهمال، أو للإساءة، أو العنف، أو الاستغلال، أو التشرد.
5- إذا تخلى عنه الملتزم بالإنفاق عليه، أو تعرض لفقد المكلف برعايته.
6- إذا تعرض داخل الأسرة، أو العمل، أو فى المؤسسات الاجتماعية للرعاية، أو غيرها بأفعال من شأنها التحريض على العنف، أو الأعمال المنافية للآداب، أو الأعمال الإباحية، أو الاستغلال التجارى، أو التحرش، أو الاستعمال غير المشروع للكحوليات، أو المواد المخدرة المؤثرة فى الحالة العقلية.
7- إذا وجد متسولا، أو تم استغلاله فى أعمال التسول بجميع صورها.
8- إذا لم يكن له محل إقامة مستقر، أو كان يبيت عادة فى الطرقات، أو فى أماكن أخرى غير معدة للإقامة، أو المبيت.
9- إذا كان مصابا بمرض بدنى، أو باضطراب نفسى أو عقلى، وذلك على نحو يؤثر فى قدرته على الإدراك، أو الاختيار بحيث يخشى من هذا المرض، أو الضعف على سلامته، أو سلامة الغير.
كما تضمن القانون عقاب كل من يعرض المسن لحالة من حالات التعرض للخطر، بالحبس والغرامة، أو إحداها.
سادسا- تيسير الأمور الحياتية للمسن:
نص المشرع على تيسير بعض الأمور الحياتية للمسن مثل منحه بعض الإعفاءات فى أثناء استخدام وسائل النقل العام المملوكة للدولة، وكذا إعفاء جزئى للمسن من رسوم الاشتراك فى الهيئات الرياضية ومراكز الثقافة والمسارح وبعض المتاحف والمواقع الأثرية المملوكة للدولة، وكذا إعفاء المؤسسات الاجتماعية التى تنشأ لرعاية المسنين من الضرائب والرسوم والمصروفات، وعاقب المؤسسات التى تنشأ دون الحصول على الترخيص بالغرامة، كما أنشأ المشرع صندوقا لرعاية المسنين تكون له الشخصية الاعتبارية العامة، ويهدف الصندوق إلى تعزيز حقوق وحريات المسن وتنميتها وحمايتها وترسيخ قيم المساواة وتكافؤ الفرص وتقديم الدعم له فى جميع النواحى الاجتماعية والاقتصادية والصحية والنفسية والتعليمية، ووضع له مصادر تمويل وفرض رسوم على بعض الخدمات التى تقدمها الدولة للمواطنين، ومصادر أخرى تسهم فى تعزيز أموال الصندوق للصرف على المسنين وخاصة الأولى منهم بالرعاية.
ختاما:
يهدف القانون لأن يكون بمنزلة تنظيم تشريعى متكامل لمنح المسنين الذى تزيد أعمارهم على خمسة وستين بعد أن قاموا بخدمة المجتمع سنوات طويلة فى الحصول على العديد من الحقوق والمزايا- التى هى واجب على المجتمع نحوهم بعد أن وصلوا إلى هذا العمر، وتنفيذا للالتزام الدستورى بضمان حقوق المسنين فى شتى المجالات؛ حيث تضمن القانون توفير رعاية كاملة لحقوق المسنين صحيا واقتصاديا وثقافيا واجتماعيا وترفيهيا، وتوفيـر معـاش مناسـب يساعدهم على تحمل أعباء الحياة. كما تضمن القانون التزام الدولة بأن تراعـى فـى تخطيطهـا للمرافـق العامـة احتياجـات المسـنين. كما يشـجع منظمـات المجتمـع المدنـى علـى الإسهام بجهودهم فـى رعايـة المسـنين وفى إعداد وتنفيذ وتخطيط البرامج لتحقيق الرعاية للمسنين والتكامل فى تقديم الرعاية المطلوبة. إلى جانب إعفاء دور الرعايـة الخاصـة بكبـار السـن من بعض الالتزامات نحو الدولة مثل الضرائب وغيرها. كما أنه يلزم الوزارات والجهات المختصة فى الدولة بالتنسيق فيما بينها لمنح المسنين حقوقا ومزايا تمكنهم من الحياة الكريمة والمشاركة فى الحياة العامة. كما منح المسن الأولى بالرعاية مزايا تتمثل فى المساعدة، أو معاش ضمان تأمينى مع إمكانية توصيل المعاشات لمسكنهم، كما تضمن القانون تقديم الخدمات الصحية والاجتماعية والنفسية والوقائية والثقافية وتخصيص مميزات لكبار السن سواء من خلال الوزارات المختلفة، فضلا عن مطالبة القطاع الخاص بالمشاركة فى كل مناحى الرعاية المطلوبة للمسنين عبر دورها الاجتماعى، كما ألزم الجهات الإعلامية فى رفع الوعى المجتمعى تجاه حقوق المسنين. وتعزيز مشاركة المسنين السياسية والمجتمعية والاستفادة من خبراتهم الطويلة فى خدمة المجتمع.
ونرى أن هذا القانون جاء ليعزز حقوق الإنسان التى وضعتها الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وخاصة بالنسبة للفئات الضعيفة التى لا تزال هناك فئات منها تحتاج إلى توفير أوجه للرعاية والحماية كأطفال الشوارع، ونأمل أن يتم تأسيس مجلس قومى لرعاية حقوق المسنين بالمشاركة مع الجهات المختصة يكون شاغله الأكبر تحقيق متطلبات المسنين وتنفيذها.