خصائص الروبوتات العسكرية:
تتميز الروبوتات العسكرية بمجموعة من الخصائص أبرزها:
الأتمتة أو الاستقلالية (التشغيل الآلى):
ويقصد بها النظام الذى يقرر التصرف أو عدمه الذى يحكم عمل الأسلحة ذاتية التشغيل دون الاعتماد على مشغل بشرى، كما يعنى القدرة على التصرف بشكل مستقل، بما فيها "الإجراءات" التى تعنى القدرة على التأثير فى العالم، و"التفاعلات" التى تعنى الوعى والتكيف لما يحدث فى العالم، و"القرارات" التى تشير إلى الخوارزمية التى تتحكم فى كيفية تصرف الوكيل فى مواقف مختلفة، ويمكن أن يعنى أشياء كثيرة مختلفة، وهى تشير مباشرة إلى تعقيد خوارزمية التحكم، وتعيين معلومات المستشعر إلى الإجراءات، وبشكل غير مباشر صفات مثل القدرة على التعلم اعتماداعلى خبرة القيام بالعمل السابق.
القدرة على التحسين الذاتى والتكيف مع الأوضاع:
تعمل نظم الروبوتات ذاتية التشغيل عن طريق خاصية التحسين والتطوير من قدرتها ذاتيا بالاعتماد على نماذج معقدة من الخوارزميات الرياضية، وكمية هائلة من البيانات التى تم تحليلها لتحديد الإجراء السريع الذى يعرف بالذكاء الاصطناعى، ويتطلب هذا الإجراء الإشراف المستمر من البشر حتى لا يحيد النظام باختياره، ومن ذلك طريقة اختيار الأهداف العسكرية، أو عدد القتلى، أو ما يمكن أن يقلصه من الأضرار الجانبية، وغير ذلك حسب برمجة تراعى الأنظمة القانونية.
التعقيد فى تعقب الأخطاء البرمجية:
يصعب فهم المسار الذى اتخذته الآلة لتفسير مخرجاتها، ومن الصعب أيضا تقييمها خاصة إذا اعتمدت على طبقات عميقة من الشبكات العصبية (الذكاء الاصطناعى المتطور) ومن ثم لا يمكن تعقب الخطأ، وقد أشار المتخصصون إلى إمكانية تطوير ذكاء اصطناعى قابل للتفسير وتعقب الخطأ، ويرى بعض المحللين أنه يخلق تضادا فى المفاهيم؛ حيث يتطلب الحاجة إلى تفسير وتعقب الخطأ لكى يساعد على قيام أساس المسئولية لأى انتهاك قد يحدث سواء على المطور، أو المبرمج، أو المصمم، أو القائد العسكرى،أو غيرهم.
الفتك بالأهداف والتجرد من المشاعر:
يشير إلى أى تهديد تسببه الآلة كالموت أو الأضرار البشرية، ولا يمكن تحديد نوع هذا التهديد فى أثناء القتال، وذلك ناتج عن اعتداد الروبوتات بالأحاسيس الإنسانية فهى لا تخضع لاعتبارات الضمير الإنسانى فى تنفيذ مهامها، ومن ثم عدم الاهتمام بالحالات الإنسانية.
عدم القدرة على التنبؤ والموثوقية:
وتعنى عدم القدرة على التنبؤ بالنتائج التى ستترتب على استقلال الربوت وقيامه بعملية الاشتباك، وهو ما يثير قلق المجتمع الدولى خاصة المنظمات غير الحكومية بما ستقدم عليه، ومن ثم عدم الموثوقية بقدرتها على الالتزام بقواعد القانون الدولى الإنسانى.
المساءلة والمحاسبة:
تنشأ المحاسبة والمساءلة عن التسلسل الهرمى الذى يحدث من طاعة القوات لأوامر القادة، وبالنسبة للروبوتات فإن استقلالها فى اتخاذ القرار سيترتب عليه الغموض فيمن ستقع عليه المسئولية والمحاسبة على موضوع الأضرار الناتجة عن استخدام الآلة، وهذه الخاصية تثير مسألة أخلاق الآلة وأحكام المسئولية بينها وبين الإنسان، وذلك فى إطار القوانين التى تنظم عمل الآلة من عدم إيذاء الإنسان، أو السماح بإلحاق الضرر بأى إنسان فى أثناء عمله. بما سيتطلب إجراء تعديلات فى مفاهيم الآلة.
السحابة القتالية.. تطور الحرب فى عصر المعلومات:
تستخدم السحابة القتالية نموذجا تشغيليا تكون فيه المعلومات وإدارة البيانات والاتصال والقيادة والتحكم (C2) من الأولويات الأساسية للمهمة؛ حيث تتعامل السحابة القتالية مع كل منصة على أنها مستشعر و"مستجيب" وهى تتطلب صيغة قيادة، وتحكم توفر إمكانات الارتباط الأوتوماتكى، ونقل سلس للبيانات، بالإضافة إلى كونها موثوقة وآمنة ومضادة للأعطال.
يعكس مفهوم السحابة القتالية صيغة حرب الأسلحة المدمجة من خلال جعل النقطة المحورية فى الحرب هى (المعلومات)، وليس (المناورة والاشتباكات) فى مجال العمليات، ويمثل هذا المفهوم تطورا حيث تتحول المنصات ذات الشبكات الفردية إلى مؤسسة "نظام النظم" فى أى مجال كان، وتكون مدمجة بواسطة النطاق والروابط المتعلقة بالمهمة.
إن الموجودات المتعددة الوظائف القادرة على أداء مهام المراقبة والاستطلاع، ستحل بشكل ثابت محل الموجودات الخاصة بالمهمة، وسيقوم الاشتباك بالهدف القائم حول الحاجة إلى "تدمير" نقطة معينة بإفساح المجال أمام الاشتباك المرتكز على التأثيرات، بفضل قدرات محسنة مثل تقنيات الذكاء الاصطناعى.
التكنولوجيا الحديثة وتغير شكل الحرب وموازين القوى:
سيؤدى الذكاء الاصطناعى الدور الأكبر فى تطوير أسلحة المستقبل وتغيير بعض أساليب القتال واستراتيجيات وتكتيكات الحروب، فهذه التكنولوجيا ستقلل الاعتماد على البشر فى العديد من المهمات العسكرية ولاسيما تحسن مستوى الدفاعات الجوية نتيجة الثورة التكنولوجية، ولا يزال الهدف الأساسى من تعزيز قدرات الجيوش على مختلف الأصعدة ردع الخصوم.ولأن عملية التحديث الدائمة للطائرات والمنظومات الدفاعية مكلفة ماليا وتتطلب وقتا لاستيعابها، فإن الدول تتجه لإنشاء تحالفات تضاعف من قدراتها الدفاعية وممارستها قبل نشوب نزاع مسلح.
إشكاليات الاعتماد على نظم الذكاء الاصطناعي:
ينذر التوسع فى الاعتماد على الخوارزميات وتطبيقات الذكاء الاصطناعى، خاصة فى المجال العسكرى، باتخاذ قرارات ليست ذات درجة عالية من الكفاءة. ففى وطأة القتال هناك أمور قد تعجز نظم الذكاء الاصطناعى عن إدراكها مثل الحدس والبصيرة، وهى أمور قد يراها المقاتلون جوهرية فى أثناء تبادل إطلاق النيران. لذلك، قد تكون خوارزميات الذكاء الاصطناعى مثالية من ناحية الرياضيات، ولكنها ليست دائما كذلك فى الواقع العملى، لدرجة التعقيد فى ساحة المعركة.
1- درجة كفاءة البيانات:
يتعلم نظام الذكاء الاصطناعى ويتطور بناء على المعلومات التى يتم تزويد النظام بها. وإذا كانت هناك خطأ أو مشكلة أو نقص فى هذه البيانات، فسوف يترتب على ذلك أن النظام نفسه سيحصل على استنتاجات خاطئة فى بعض الأوقات، ومن الأمثلة على ذلك إغفال إمداد النظام بوجود مدنيين فى منطقة قتال. بما يترتب على ذلك من قيام نظام الذكاء الاصطناعى بتدمير المنطقة كاملا دون الأخذ فى الحسبان حياة المدنيين، أو أن يتم تزويد النظام بعمليات عسكرية تتم فى رؤية غير واضحة، كتصوير ليلى مثلا وتنقصه الدقة فى وصف البيانات، فتتكون لدى النظام رؤية منقوصة، أو يقوم بإجراء تفسيرات خاطئة للبيئة القتالية، بما يترتب عليها إما فشل العملية، أو إصابة أهداف صديقة.
2- التحيز فى إتخاذ القرارات:
هناك إشكالية تحيز يتسم بها الذكاء الاصطناعى مثلما يتسم بها البشر، تدفع نحو التفكير فى قدرة الذكاء الاصطناعى على أخذ الأحكام ، فمثلا إذا كانت المعلومات التى تمت تغذية النظام بها عن عمليات عسكرية، تم استخدام القوة المفرطة فيها، فإن ذلك يدفع النظام إلى تدمير الأهداف حتى البسيطة بأكبر قدر من المتفجرات، فيصبح بذلك عبئا على ميزانية وزارة الدفاع، أو أن تتم تغذية النظام بمعلومات عسكرية سابقة يغلب عليها قتال مرتزقة مثلا من ذوى البشرة السوداء، فيقوم النظام بالوصول لاستنتاج أن كل من له بشرة سوداء يعد مصدر تهديد وهو أمر غير صحيح.
3- القابلية للاختراق:
وتلك مشكلة كل جهاز به برمجة رقمية أو خوارزمية، فإذا تم اختراق نظم الأمن السيبرانى الخاصة بالنظام، فيمكن فى هذه الحالة تحييده من المعركة وإخراجه من الخدمة، أو حتى ضمه إلى صفوف قوات العدو، أو إعادة برمجته مرة أخرى ليقوم بقتل أهداف صديقة.
ختاما:
إن هذه المتغيرات تظهر أن طبيعة الحروب تتطور مع انتقالنا من العصر الصناعى إلى عصر المعلومات بما ينطوى عليه من تحول المعلومات إلى عامل مهيمن فى الحرب، وإن قدرة أى جهة فى المحافظة على الهيمنة الجوية أو البرية أو البحرية فى أى حرب مستقبلية لن تكون طويلة بسبب الشكل الجديد للنزاعات العسكرية التى أحدثها الذكاء الاصطناعى والتطور الإلكترونى والسيبرانى إلى عالم التسلح وإدارة الحروب. ومن المحتمل أن تختلف الحرب فى عصر المعلومات ودور القوة الجوية فى الحرب الحديثة اختلافا كبيرا؛ حيث ستؤدى العمليات الجوية دورا حاسما بما يدفع الطلب على دمج المعلومات التى تعد القوة التى تطور المنصات العسكرية التقليدية من أدوات قوة تقليدية إلى مؤسسة متكاملة؛ حيث يحدد انحسار المعلومات والبيانات وتدفقها من وإلى كل عنصر من عناصر المؤسسة العسكرية النجاح فى حروب المستقبل.
قائمة المراجع:
- إيهاب خليفلة، الخوارزميات القاتلة فى إدارة المعارك العسكرية، مجلة السياسة الدولية، ملحق تحولات استراتيجية، العدد 228، إبريل 2022.
- عبد القادر محمود الأقرع، الروبوتات العسكرية فى الحروب المستقبلية ومدى خضوعها لأحكام القانون الدولى الإنسانى، المجلة القانونية، 0758-2537 .
- التكنولوجيا العسكرية، سباق التسلح أم تكافؤ الفرص، المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية 2021.
- رياض قهوجى، القوات الجوية وحروب المستقبل، الدار العربية للعلوم ناشرون 2020.
- روبوت مطور بالذكاء الاصطناعى لتوظيفه داخل البيئات القاسية غير المناسبة للبشر، موقع المصرى اليوم متاح على:https://www.almasryalyoum.com/news/details/2961789