الأبعاد التنموية الاقتصادية لجولة الرئيس السيسى الإفريقية الأخيرة
19-6-2023

د. جوزيف رامز أمين
* خبير فى الشئون الإفريقية

تغيرت ملامح الدور المصرى فى إفريقيا بمرور السنوات، فبداية كانت مساندة مصر لحركات التحرير فى أنحاء القارة ودعم استقلال الدول الإفريقية منذ بداية الستينيات، الأمر الذى صاحبه محاربة العنصرية فى جنوب القارة حتى تحررت منها في بداية التسعينيات من القرن الماضى، وعلى مدى الأزمان المتعاقبة استمرت مصر تدعم أيضا التنمية فى دول القارة، وتكافح مع غيرها من أجل التصدى لقضية الديون الإفريقية التى كانت وما تزال عبئا ثقيلا على كاهل دول القارة.     

ولعل تلك الجولة الخارجية الأخيرة التى قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى إفريقيا وشملت كلا من أنجولا وزامبيا وموزمبيق؛ حيث التقى رؤساء الدول الثلاث بجانب رئيسى كينيا ومالاوى وقادة ومسؤلى "الكوميسا "، تعكس توجه القيادة السياسية نحو دول الجنوب وإصرارها على تعميق العلاقات والتعاون مع كل بلاد القارة، فضلا عن المشاركة فى أعمال القمة الثانية والعشرين للسوق المشتركة للشرق والجنوب الإفريقى "كوميسا"، وتسليم الرئاسة الدورية لزامبيا؛ ما يعنى أن مصر تولى اهتماما وأولوية غير مسبوقة لكل الدول الإفريقية فى سياستها الخارجية، وأنها نجحت فى تحقيق التقارب مع مختلف بلدان القارة خلال السنوات الأخيرة، وتمضى فى طريق تحقيق التنمية الاقتصادية بالتعاون مع الدول الإفريقية، كما يؤكد أن المحور الإفريقى قد أصبح من أهم محاور السياسة الخارجية المصرية منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى الحكم بحيث يتوج نشاطه الإفريقى بوضوح واستمرارية.

والواقع أن كلا من أنجولا وموزمبيق وزامبيا "وهى الدول التى زارها الرئيس" فى حاجة إلى العمل مع مصر والاستفادة من خبراتها فى العديد من الملفات، فموزمبيق تعانى الإرهاب وتسعى للاستفادة من خبرة مصر فى هذا المجال، فيما تأمل أنجولا فى نقل التجربة المصرية فى الزراعة والصناعة والبنية التحتية، وترغب كذلك فى مشاركة قطاع الأعمال المصرى فى التنمية. فضلا عن أهمية حضور الرئيس السيسى لقمة لوساكا، وتسليم الرئيس الزامبى "هاكيندى هيتشيليما" رئاسة "الكوميسا" بعد رئاسة مصر لهذا التجمع لمدة عامين وسط ظروف صعبة مرت بها إفريقيا وكافة دول العالم إلا أنها لم تمنع مصر من العمل على تعزيز التجارة البينية بين الدول الأعضاء، إلى جانب الدور المهم لمصر فى الدفع والتعجيل لتنفيذ اتفاقية منطقة التجارة الحرة التى ستحقق اندماجا كبيرا لدول القارة. وفى الأخير، يعد الرئيس السيسى أول رئيس جمهورية مصرى يزور منطقة الجنوب الإفريقى.

   وفى ظل الأهمية الاقتصادية لتلك الدول يسعى الرئيس السيسى إلى دفع التعاون والعلاقات الثنائية مع تلك الدول التى تحتاج إلى تجربة مصر؛ حيث تمتلك زامبيا أكبر منجم نحاس بإفريقيا وهو مهم للصناعات الكهربائية، هذا فضلا عن الإمكانات الضخمة داخل هذه البلدان خاصة البترول والعديد من المعادن. يذكر أيضا أهمية الكوميسا، أكبر تجمع اقتصادى إفريقى، بالنسبة إلى مصر؛ حيث وصل حجم التبادل التجارى بينها وبين مصر نحو 4 مليارات دولار، وهو مبلغ كبير بالنسبة لحجم التجارة البينية لدول المنظمة، كما أن إعلان إفريقيا منطقة تجارة حرة سيؤدى إلى الكثير من زيادة الصادرات المصرية والواردات البينية بين الدول الإفريقية.

يذكر أن التعاون فى المجال الاقتصادى كان موضع اهتمام كبير خلال لقاءات الرئيس بالقادة الأفارقة؛ حيث تم الاتفاق على تناميه وتعاظمه سواء فيما يتعلق بالبنية التحتية أو العلاقات الاقتصادية والتجارية ذات البعد الاستثمارى، فضلا عن محاور عدة مثل الطاقة الجديدة والمتجددة، والاقتصاد الأخضر، والأزرق، والمشروعات القومية المرتبطة بخط القاهرة كيب تاون، وربط بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط وضخ الاستثمارات وتنشيط الإنتاج وتنوعه؛ ما ينعكس على العلاقات بين مصر ودول القارة، إلى جانب التركيز على الملف الاجتماعى، وتحديث البنية التحتية، والاهتمام بالمجال الطبى، وتوفير اللقاحات والتمويل اللازم، وأيضا الاهتمام بالتعليم والثقافة وإيفاد بعثات من وإلى الأزهر الشريف للإسهام فى محاربة الإرهاب والفكر المتطرف وبناء القدرات فى كل المجالات المختلفة. كما أن تسليط جولة الرئيس بإفريقيا الضوء أيضا على التنمية المستدامة وأجندة الاتحاد الإفريقى 2063، وتشجيع التجارة لا شك فى أنه ينعكس على النشاط التجارى، ويحقق الهدف الرئيسى للكوميسا منذ نشأتها وتطورها ديسمبر 1994 بأعضائها الـ21 وانشطتها المتنوعة.

تعد كلمة الكوميسا اختصارا لمصطلح "السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا" وباللغة الإنجليزية"Common Market for Eastern and Southern Africa" (COMESA)، والكوميسا هى اتفاقية السوق المشتركة لدول الشرق والجنوب الإفريقى. وتركيزها الأساسى ينصب على إنشاء وحدة اقتصادية وتجارية كبيرة تستطيع التغلب على بعض الحواجز التى تواجه الدول، وهكذا فإنه يمكن تلخيص الاستراتيجية الحالية للكوميسا فى عبارة: "تحقيق الازدهار الاقتصادى من خلال التكامل الإقليمى". ومن خلال عضويتها البالغ عددها 21 دولة عضوا وعدد سكانها الذى يفوق 583 مليون نسمة، وناتجها المحلى الإجمالى بقيمة 805 بلايين دولار، والتجارة العالمية فى الصادرات والواردات من السلع بقيمة 324 بليون دولار أمريكى، فإن الكوميسا تشكل سوقا رئيسية للتجارة الداخلية والخارجية، ومن الناحية الجغرافية فإن الكوميسا تشكل نحو ثلثى مساحة القارة الإفريقية؛ إذ تبلغ مساحتها 12 مليون كيلومتر مربع.

تسلمت مصر رئاسة الكوميسا فى 23/11/2021 برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسى، وهى المرة الثانية التى تتولى فيها مصر رئاسة هذا التجمع الاقتصادى؛ حيث كانت المرة الأولى خلال عامى 2001 2002، وحفلت الفترة الثانية خاصة بأنشطة وإنجازات عدة فى المجالات الاقتصادية والتنموية. ووافقت الدول أعضاء تجمع السوق المشتركة للشرق والجنوب الإفريقى "الكوميسا"، على المبادرة المصرية لتحقيق التكامل الصناعى الإقليمى فى الكوميسا؛ حيث تم اعتمادها وتكليف الأمانة العامة بالبدء فى تنفيذها.

حجم التجارة البينية بين مصر ودول "الكوميسا:"

بلغ حجم التبادل التجارى بين مصر والكوميسا 3 مليارات دولار (2020)، فيما بلغ قيمة الفائض التجارى 1،4 مليار دولار لمصلحة مصر فى 2020، كما ارتفعت قيمة صادرات مصر لدول الكوميسا لنحو 1.683 مليار دولار عام 2019 فى مقابل 1.522 مليار دولار خلال 2018، كما زادت الواردات من تلك الدول نحو 945 مليون دولار فى مقابل 737 مليون دولار، طبقا (لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار أغسطس 2021 – إدارة إفريقيا قطاع الاتفاقات التجارية بوزارة التجارة والصناعة فى أبريل 2021)؛ حيث تبلغ صادرات مصر لدول الكوميسا نحو 45% من إجمالى صادراتها للدول الإفريقية، التى سجلت ذلك عام (2021) نحو 4.767 مليار دولار، فى مقابل واردات بقيمة 2.096 مليار دولار.

وتبلغ صادرات الدول أعضاء الكوميسا فيما بينها نحو 10.874 مليار دولار، فيما تبلغ قيمة وارداتها من بعضها نحو 11.241 مليار دولار، وتطبق تلك الدول إعفاءات جمركية بالكامل لكونها أعضاء فى منطقة التجارة الحرة فيما عدا إثيوبيا حيث تقوم بتطبيق 10% تخفيضا على الرسوم الجمركية، وتطبق إريتريا 80% تخفيضا، ولا تطبق كل من إسواتيني والصومال والكونغو الديمقراطية أى تخفيضات، كما أن أوغندا تحتفظ بقائمة من السلع الحساسة جارٍ التفاوض على إلغائها.

هذا ويعد قطاع الصناعات الغذائية من أهم القطاعات التصديرية المصرية لدول الكوميسا؛ حيث يمثل 34% من قيمة الصادرات المصرية لتلك الدول، يليه قطاع الصناعات الكيماوية بنسبة 16%، ثم الصناعات الهندسية بنسبة 10%، والصناعات الطبية والدوائية بنسبة 8%، ومواد البناء بنسبة 7%، وصناعات أخرى بنسبة 25%. وذكر تقرير صادر عن منظمة دول السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا "كوميسا" أن مصر استحوذت على أكبر عدد من المشروعات الاستثمارية المنفذة داخل دول تجمع الكوميسا عام 2020 بإجمالى مشروعات منفذة بلغت 32 مشروعا، أى ما يمثل نحو 32% من إجمالى عدد المشروعات بدول التجمع. كما أوضح تقرير منظمة "الكوميسا" أن الصين صاحبة أكبر حصة من الاستثمارات المباشرة داخل المنطقة الإفريقية بنحو 17 مشروعا ما يشكل 17% من إجمالى المشروعات المعلن عنها هذا العام، تليها كل من دولة الإمارات (13%)، ثم فرنسا (9%)، وألمانيا (6%)، وبلغت مساهمة مصر والمملكة العربية السعودية نحو 3%. وعن أهم العقبات التى تواجه الصادرات المصرية إلى إفريقيا، تأتى عقبات تتعلق بالقيود غير الجمركية، وعقبات تتعلق بصعوبة النفاذ إلى الأسواق، وعقبات تتعلق بالتمويل والمعاملات والضمانات البنكية وعقبات تتعلق بالنقل والشحن.  

المشاركة المصرية فى قمة "الكوميسا":

وصل الرئيس عبد الفتاح السيسى، مساء الأربعاء 7-6-2023، إلى العاصمة الزامبية لوساكا قادما من أنجولا للمشاركة فى أعمال القمة الثانية والعشرين للسوق المشتركة للشرق والجنوب الإفريقى "كوميسا" فى زيارة هى الأولى من نوعها.

وتركز قمة الكوميسا - التى شارك فيها زعماء ورؤساء حكومات 21 دولة إفريقية - على سبل دفع عملية التنمية وتعزيز الاندماج الاقتصادى والتجارى بين الدول الأعضاء بالتجمع. وسعت مصر، خلال رئاستها للكوميسا عام 2021، إلى تحقيق العديد من الأهداف، تضمنت تعظيم التكامل الصناعى، وزيادة الاستثمار فى البنية التحتية، وتعزيز سلاسل التوريد الإقليمية فيما بين دول الكوميسا، وذلك بالتناغم مع اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية وتقوية قدرة دول الكوميسا على الصمود أمام التحديات الدولية وخاصة جائحة كورونا، وتعزيز سلاسل التوريد الإقليمية فيما بين دول الكوميسا، والتركيز على التعاون فى مجالات التحول الرقمى وربطها بالآليات التجارية، وزيادة الاستثمار فى البنية التحتية العابرة للحدود.

وتضم الكوميسا 21 دولة هى: مصر، وبوروندى، وجزر القمر، والكونغو الديموقراطية، وجيبوتى، وإريتريا، وكينيا، وإثيوبيا، وإيسواتينى، ومالاوى، ومدغشقر، وليبيا، وسيشيل، ورواندا، وموريشيس، وتونس، والسودان، والصومال، وزامبيا، وزيمبابوى،، وأوغندا.

وفى كلمته أمام القمة أعرب الرئيس عبد الفتاح السيسى، عن سروره بالحضور فى العاصمة الزامبية "لوساكا" للمشاركة فى أعمال القمة الثانية والعشرين لتجمع "الكوميسا" تحت شعار: "تكامل الكوميسا الاقتصادى، يرتكز على الاستثمار الأخضر، والقيمة المضافة والسياحة".

وقال الرئيس السيسى: "كان شرفا كبيرا، أن تتولى مصر قيادة تجمع "الكوميسا"، على مدى العامين الماضيين فى فترة شديدة الدقة، شهدت تطورات مهمة، على المستويين الدولى والإقليمى، ولقد وضعت مصر أمام أعينها، أهدافا محددة، خلال رئاستها للتجمع، ترتكز على دفع معدلات التكامل الاقتصادى، من أجل تعزيز مستوى رفاهية شعوبنا، بالإضافة إلى تعزيز مقدرات السلم والأمن بدولنا، غير أنه وعلى الرغم من النجاحات التى تم تحقيقها، فلا يزال أمامنا الكثير، لتوظيف تكاملنا الإقليمى لمواجهة التحديات الراهنة.

وفى هذا الصدد، استعرض الرئيس السيسى أبرز الإنجازات على مدى العامين الماضيين، ففيما يتعلق بمجال التنمية الاقتصادية، أولت مصر اهتماما كبيرا، لتفعيل اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية، وتحقيق التناغم بينها وبين اتفاقية التجارة الحرة الثلاثية، بين تجمعات "الكوميسا" و"السادك" و"شرق إفريقيا" عبر إجراءات محددة، لحث الدول الأعضاء على تنفيذ الإعفاءات الجمركية، وتيسير حركة التبادل التجارى فيما بينها، حيث أسفرت تلك الجهود عن زيادة الصادرات البينية لدول "الكوميسا"  لتصل إلى "13" مليار دولار عام 2022، وهى القيمة الأعلى، منذ إنشاء منطقة التجارة الحرة، فى إطار التجمع عام 2000 إلى جانب ارتفاع حجم التبادل التجارى بين مصر ودول "الكوميسا" فى العام ذاته، إلى أعلى قيمة لها منذ انضمام مصر إلى الكوميسا، ليصل إلى "4.3" مليار دولار.

تعاظم دور مصر الإفريقي التنموى فى عهد الرئيس السيسي:

حرصت مصر منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى مقاليد الحكم عام 2014 على ترسيخ دورها الريادى والمحورى فى عمقها الاستراتيجى الإفريقى، حاملة راية تسوية الأزمات والصراعات التى تقف عائقا أمام التنمية والاستقرار فى القارة الأم، هذا إلى جانب إيمان راسخ بأهمية التكامل الإقليمى والقارى وجهود وتحركات منسقة لتعزيز وتعظيم الدور الريادى لمصر فى القارة من خلال تنشيط التعاون بين مصر والأشقاء الأفارقة فى كل المجالات ما يوضح الانتماء المصرى إلى القارة الإفريقية.

وحرصت مصر بقيادة السيسى على العمل من أجل تحقيق التنمية فى القارة من خلال تنمية المصالح المشتركة، والدفاع فى جميع المحافل الدولية عن حق الدول الإفريقية العادل فى النهوض والسلام والاستقرار والتقدم. وهى ثوابت للسياسة الخارجية لمصر تتبعها الدولة المصرية دفاعا عن حق القارة فى التنمية، وعكستها كلمة الرئيس السيسى قبل أيام خلال الجلسة الافتتاحية للاجتماعات السنوية بمجموعة البنك الإفريقى للتنمية بشرم الشيخ، حيث أشار الرئيس السيسى إلى أن الدول الإفريقية تحتاج إلى 200 مليار دولار سنويا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة طبقا لتقديرات الأمم المتحدة وبنك التنمية الإفريقي، مضيفا أن الأزمات العالمية أثرت بقوة فى اقتصادات الدول النامية وعلى رأسها اقتصادات دول القارة الإفريقية.

وأضاف الرئيس السيسى أن الدول الإفريقية تعانى فى الأساس تحديات داخلية عدة، ما يتطلب أفكارا غير تقليدية للبحث عن حلول تمويلية تسهم فى دفع عجلة المشروعات الأكثر إلحاحا وبخاصة فى مواجهة تحديات تغير المناخ والتنمية المستدامة، ويؤكد الرئيس السيسى أن الاحتياجات التمويلية لمواجهة الانعكاسات السلبية للتغيرات المناخية فى إفريقيا تقدر بنحو ثلاثة تريليونات دولار حتى عام 2030.

تواصل وتنسيق مستمر مع القادة الأفارقة تجاه كل القضايا القارية والدولية حرص عليه الرئيس السيسى منذ انتخابه رئيسا للبلاد فى 2014، وذلك من خلال الزيارات المتبادلة والاتصالات الهاتفية ومشاركة الرئيس فى جميع الاجتماعات والقمم التى تعقد على مستوى قادة القارة. هذا إلى جانب دور تنموى فى القارة حرصت القيادة السياسية على الدفع به منذ 2014 بعد إجراء تقييم شامل لواقع القارة الإفريقية والفرص والتحديات التى تشهدها إفريقيا ودولها ودورها فى النظام العالمى المتغير لضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة فى القارة، وهو دور انعكس جليا خلال رئاسة مصر بقيادة الرئيس السيسى للاتحاد الإفريقى فى عام 2019. ويأتى ذلك من خلال تحديد أولويات انطلقت من أجندة عمل الاتحاد الإفريقى وأولويات العمل المتفق عليها فى إطار الاتحاد ومن أهمها أجندة 2063، وتسخير مصر إمكاناتها وخبراتها لدفع عجلة العمل الإفريقى المشترك لآفاق أرحب، وحرصها على تحقيق مردود ملموس من واقع الاحتياجات الفعلية للدول والشعوب الإفريقية فى التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومد جسور التواصل الثقافى والحضارى بين الشعوب الإفريقية، وتحقيق التكامل الاقتصادى والاندماج الإقليمى، والإصلاح المؤسسى والمالى للاتحاد، والسلم والأمن عبر تعزيز الآليات الإفريقية لإعادة الإعمار والتنمية لمرحلة ما بعد النزاعات، ودعم جهود الاتحاد فى استكمال منظومة السلم والأمن الإفريقية، ودفع الجهود المبذولة لمنع النزاعات والوقاية منها والوساطة فى النزاعات.

كما نجحت مصر فى توقيع اتفاقية استضافة مركز الاتحاد الإفريقى لإعادة الإعمار والتنمية بعد النزاعات بالقاهرة، فى خطوة جديدة تؤكد حرص مصر الدائم على دعم الاستقرار والتنمية فى الدول الإفريقية الشقيقة، واضطلاعها بدور فاعل فى حفظ السلم والأمن بالقارة، خطوة مهمة عكسها الترحيب الذى عبر عنه قيادات ومسئولون لا سيما بالاتحاد الإفريقى. وكذا إنجازات عدة حققتها الرئاسة المصرية للاتحاد الإفريقى؛ حيث أطلقت مصر برئاسة الرئيس السيسى، منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية عقب بدء سريان اتفاقية التجارة الحرة القارية المنظمة لها، التى كانت ضمن الأولويات التى أعلنها الرئيس خلال رئاسة مصر للاتحاد، وتسارعت الدول الإفريقية لإقامة تكتل اقتصادى بحجم 3,4 تريليون دولار يجمع 1.3 مليار شخص ليكون أكبر منطقة للتجارة الحرة منذ تأسيس منظمة التجارة العالمية، وهو ما يقدم فرصة ذهبية لإحداث تحول اقتصادى وتنموى قى القارة.

وعلى صعيد الإنشاءات، توجد شركة المقاولون العرب الوطنية المصرية داخل 23 دولة إفريقية عبر تنفيذ حزمة ضخمة من مشروعات البنية التحتية، وأعمال الطرق الكبرى، أحدثها التعاقد على تصميم وتشييد سد ومحطة روفيجى للكهرباء بمنطقة "ستيجلر جورج" فى تنزانيا. كما شهدت فترة السنوات التسع الماضية إقامة أهم وأكبر المشروعات التنموية المصرية بالقارة السمراء، ومن بينها مشروعات الربط بين مصر وإفريقيا، من خلال قطاعى النقل والمواصلات، والكهرباء، وأهمها مشروع "القاهرة- كيب تاون"، والربط الكهربى بين إفريقيا وأوروبا، ومشروع الربط المائى بين مدينة الإسكندرية المصرية وبحيرة فيكتوريا، وكذلك السكك الحديد للربط بين دول القارة، ومشروع القاهرة – كيب تاون يستهدف الربط بين تسع دول إفريقية من خلال إنشاء طرق برية عابرة لدول القارة، لتسهيل حركة الاستثمار والتجارة، حيث سيمر الطريق البرى العملاق عبر دول (مصر، والسودان، وكينيا، وإثيوبيا، وتنزانيا، وزامبيا، وزيمبابوى، والجابون، وحتى مدينة كيب تاون بجنوب إفريقيا).

وحرصا من مصر على دعم الأشقاء الأفارقة فى مختلف المجالات، وفى إطار النهج والتوجه المصرى لإعلاء مفهوم الشراكة والمصالح المشتركة، وتحقيق التنمية المستدامة لدول القارة السمراء، تسهم الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية بإفريقيا فى بناء قدرات أشقائنا الأفارقة فى مختلف المجالات. وتهدف الوكالة منذ إطلاقها فى 2014 إلى المساهمة فى تعزيز جهود مصر فى مجال التعاون الدولى، خاصة التعاون بين دول الجنوب، فى المجالات ذات الصلة بالتنمية المستدامة فى الدول الإفريقية ، من خلال تقديم دعم فنى فى مختلف المجالات.


رابط دائم: