تتسم سلوكيات الصبية في سن المراهقة بالتقلب العاطفي وسرعة الانفعال، وعدم التقدير الجيد للأمور وحب الظهور والاعتداد بالنفس والخروج على الأعراف والتقاليد، ناهيك عن التمرد على الأوضاع القائمة في الأسرة والمجتمع، وغيرها من الصفات والسلوكيات التي مررنا بها في تلك المرحلة العمرية، والتي كلما تذكرناها أدركنا مدى تفاهتنا وحمقنا وغطرستنا وجهلنا آنذاك، وكثيرون منا قد لاحظوا هذا كله وتابعوه وعاشوه مع أبنائهم، ومازال ماثلا أمام أعينهم.
والمتتبع لتصرفات الإيرانيين والإسرائيليين يستطيع أن يجد في هذه التصرفات نوعا مما عهدناه في سلوكيات المراهقين، فإسرائيل لا تجد حرجا في خروجها على الأعراف والتقاليد، بل والقوانين الدولية، وتسعى علنا من خلال تصريحاتها على التهديد بعمل عسكري ضد إيران، وبخاصة بعد تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي صدر أخيرا وأدان برنامج طهران النووي ذا الطابع العسكري، وقد وجد الساسة الإسرائيليون المراهقون دعما لتهديداتهم من قبل المحرض الأمريكي الذي على ما يبدو لا يخلو من «مراهقة متأخرة» ألمت به، أما المراهق الإيراني فيهدد بعمل عسكري يزيل به إسرائيل من الوجود، الأمر الذي أعلنه الرئيس الإيراني أحمدي نجاد، ولم يتوان المرشد الأعلى للثورة الإيرانية عن التأكيد عليه.
وكما لا نستبعد قيام المراهقين بأعمال وتصرفات دون تقديرهم لمسؤولية وعواقب ما يعزمون عليه، وكما يدفع الوالدان دائما فاتورة حساب مراهقة أبنائهم، أخشى أن تتحمل منطقة الشرق الأوسط بعامة، والخليج بخاصة، عواقب المراهقة الإيرانية الإسرائيلية.
فالعالم كله ــ في حالة تنفيذ المراهقين لتهديداتهم غير المسؤولة ــ سيدفع ثمن أية حرب قد تقع في المنطقة. فمثلا في الطاقة، سواء في شكل ارتفاع أسعارها، أو في نقص إمداداتها، نظرا لاحتمال لجوء طهران إلى إغلاق مضيق هرمز أمام سفن البترول.
وعلى نحو ما سبق، فإن التهور الذي تعكسه تصريحات قيادات إسرائيل وإيران، قد يقود المنطقة بأسرها إلى عاقبة لا يعلم سلبياتها وآثارها المدمرة إلا الله تعالى.
ولا أعتقد أننا وصلنا إلى طريق مسدود، فلا توجد حرب إلا واكتوى بنيرانها الأبرياء قبل الأشقياء، وعلى العقلاء والحكماء من قادة الدول التحرك بإيجابية وبشكل عاجل، قبل أن يقع المحظور، فالمراهقون دائما يفاجئوننا بأفعالهم التي تخرج عن نطاق العقل والمنطق، فعقولهم غير ناضجة، ومنطقهم سقيم وعقيم..
إن الحرب الدعائية القائمة بين المراهقين الإيرانيين والمراهقين الإسرائيليين تجعل العالم كله يفكر في استراتيجية تجاه تسليح الدول، فالسلاح في أيدي الصبية خطر، وفي أيدي المراهقين أخطر.
والله المستعان على ما يصفون.
------------------------------
* نقلا عن عكاظ الثلاثاء 6/12/2011.
رابط دائم: