أولا - مؤامرة اغتيال الرئيس الروسى:
فى بقعة ساخنة، نجد ما جرى فى روسيا من استهداف مبنى الكرملين فجر الأربعاء الثالث من مايو الجاري؛ حيث هاجمت مسيرتان المبنى وقد تم إسقاطهما دون خسائر ملموسة، وما يعنيه ذلك من رسالة حاول الغرب إرسالها بأنه من الممكن الوصول إلى مقر الحكم وما يمثله ذلك من تهديد صريح لروسيا ورسالة من أمريكا بطول يدها وتباطؤ روسيا فى نشر الخبر عما حدث وتأخر الإعلان عنه، ثم رد مقتضب عن طريق المتحدث الرسمى باسم الكرملين، عن محاولة لاغتيال الرئيس الروسى بطائرات أوكرانية بدون طيار، مع اتهام صريح لأوكرانيا بالقيام بتلك المحاولة بالتعاون مع الغرب وأمريكا تلاه تأكيد من وزير الخارجية الروسى بضلوع أمريكا والاتحاد الأوروبى فى هذه المؤامرة!
وعلى الجانب الآخر ينفى الرئيس الأوكرانى زيلينسكى قيام أوكرانيا بهذا العمل، مضيفا أنهم لا يستهدفون الرئيس الروسى، وأنهم يحاربون على الأراضى الأوكرانية، وليست لديهم الذخيرة التى يستنفدونها فى مثل تلك المحاولات، فيما الداخل الأوكرانى فى حاجة إليها!
وقد كان واضحا من رد زيلينسكى أنه يريد نفى التهمة عن نفسه خوفا من رد فعل روسى يؤثر فى سلامته الشخصية؛ حيث تعهد الرئيس الروسى سابقا وفى أثناء بداية الحرب الأوكرانية بعدم المساس أو استهداف زيلينسكى ما جعله يتحرك بسلاسة على الرغم من تخصيص وحدة متخصصة بريطانية لتأمين سلامته!!
وهنا يفرض التساؤل نفسه: هل يحاول الغرب الإيقاع بزيلينسكى بعد أن أصبح يمثل صداعا لدول الاتحاد الأوروبى قاطرة مع تنامى شعور شعوبها بالغضب والتعبير عنه بالاحتجاجات المتتالية من الدعم المقدم لأوكرانيا والمطالبة بوقفه!
ثانيا- هل تتخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها؟
على الطرف الآخر، نجد الموقف الأمريكى من المناقشات الجارية فى الكونجرس لرفع سقف الدين حتى تتمكن الحكومة الأمريكية من مواصلة تقديم الدعم إلى أوكرانيا وتسديد مديونياتها، ولكن ما هو سقف الدين؟
هو قيد فرضه الكونجرس على حجم الأموال التى يتاح للحكومة الفيدرالية اقتراضها لتسديد مصاريفها، وهو إجراء قائم منذ عام 1917 وأخذ شكله الحالى منذ 1939 ونظرا لأن الحكومة تنفق عادة أكثر مما تأخذ من قروض، يحتاج الكونجرس إلى رفع سقف الديون بشكل متكرر إلى الحد الذى يتيح للحكومة دفع تكاليف عملياتها وتنفيذ التزاماتها، وقد تكرر هذا الإجراء أكثر من 70 مرة فى المدة من 1962 حتى 2019.
لذا، حال عدم الموافقة على رفع السقف أو الموافقة المشروطة بتخفيض النفقات، حسب مشروع الجمهوريين بالكونجرس، فستضطر الحكومة إلى تحجيم الدعم الأمريكى لأوكرانيا فى وقت تضغط فيه أمريكا والغرب على أوكرانيا للقيام بهجوم ضخم مضاد تعلنه وتعد وتطنطن له وسائل الإعلام الأمريكية، فيما الوضع الفعلى على الأرض لا يتيح لأوكرانيا القيام بمثل هذا الهجوم؛ حيث ستكون تكلفته المادية والبشرية مرتفعة للغاية، إلا أن أهداف أمريكا لا تقف أمام مثل هذه العوائق الفارغة، فهى تحارب حتى آخر جندى أوكرانى فى سبيل زعزعة وضع روسيا!
وهنا لابد من إيضاح حجم التضليل الذى تمارسه الآلة الإعلامية الغربية؛ حيث ذكر قائد القيادة الأمريكية الأوروبية (EUcom) منذ أيام فى شهادة أمام الكونجرس الأمريكى أن آلة الحرب الروسية حتى الآن لم تتأثر بالحرب الأوكرانية، وأن الجانب الأعظم من القوات الروسية لم تطُله أى تغييرات بمعنى رسوخ الجيش الروسى وعدم تضرره من الحرب الجارية واستعداده الذى مازال فى وضع قوى للغاية!
يضاف إلى هذا ما أعلنته روسيا فى الآونة الأخيرة من نجاحها فى السيطرة على الصواريخ الأمريكية هايمارس والتحكم فيها وإعادة توجيها حتى لا تصيب أهدافها!
فهل خبر إسقاط واحد من صواريخ روسيا الفرط صوتية (ثلاث مرات سرعة الصوت) عن طريق منظومة مضادات الصواريخ "باتريوت" هو مجرد دعاية مضادة خاصة أنه لا توجد شواهد على هذا الإسقاط؛ حيث لم تظهر أى صور أو فيديوهات للصاروخ الذى أسقط ولم يتحدث شهود عن الواقعة!
فيما قالت مصادر أمريكية إن الصاروخ أسقط بواسطة مجموعة أوكرانية تم تدريبها فى كاليفورنيا، ولم يوجد أو يشارك معهم أى أمريكى إلا أنهم يصدقون الرواية الأوكرانية لتظل الحقيقة غائبة.
ثالثا- ماذا يجرى فى الولايات المتحدة من إفلاس للبنوك؟
أخيرا، دعنا ننتقل إلى نظرة على الواقع الأمريكى فى الآونة الأخيرة!
سمعنا جميعا عن إفلاس عدد من البنوك الأمريكية بدأت ببنك سيليكون فالى، تلاه بنك سيجنيتشر، ثم سيلفر جيت، وأخيرا بنك فيرست ريبابليك، واللافت للنظر أن ثلاثا من أكبر أربع حالات إفلاس لبنوك أمريكية قد حدثت فى آخر شهرين فقط حسب تقرير لوكالة بلومبرج!
فإذا تم ربط ذلك بوصول الدين الأمريكى إلى ٣١.٤ تريليون دولار ومحاولات الحكومة الأمريكية حث الكونجرس على رفع سقف الدين لتتمكن من سداد ديونها!، فإن الولايات المتحدة تبدو فى محاولاتها للظهور بمظهر الاقتصاد القوى والدولة العظمى أنها تستنزف ثروات الدول والمؤسسات الكبيرة تحت مسمى إفلاس البنوك لتستقطع مليارات من المستحقات عليها!
عند بداية انهيار بنك سيليكون فالى صرح المساعد السابق لوزير الخزانة الأمريكية "بول كريج روبيرتس" بأن على الفيدرالى الأمريكى تجنب سياسة رفع نسبة الفائدة حتى لا تقوض أرصدة القطاع المصرفى، ومن ثم انهيار المزيد من البنوك وهو ما حدث بالفعل!
وفى سؤال عما يتعين القيام به كبديل أشار إلى وجوب ضخ الكثير من الأموال لإنقاذ المؤسسات الائتمانية من الانهيار ما سيؤثر، من ثم، فى قيمة الدولار! لذا فالخياران أحلاهما مر!
فهل توقف الفيدرالى الأمريكى عن رفع سعر الفائدة؟ بالطبع لا، بل على العكس قام فى الآونة الأخيرة برفع سعر الفائدة بنسبة ربع فى المئة، وهو عاشر ارتفاع خلال ١٤ شهرا ليصل سعر الفائدة إلى ٥.٢٥ بالمئة كأعلى سعر منذ ستة عشر عاما فيما كان يقارب الصفر بالمئة فى مارس ٢٠٢٢!
فهل لنا أن نستنتج من هذا أن المصلحة العليا لأمريكا تستلزم العمل على انهيار المزيد من البنوك التى تمثل ميزانياتها ميزانيات دول كاملة حتى يمكنها التخلص من جزء من عبء الديون وتقليص استحقاقات دول الخليج والمواطنين الخليجيين لدى البنوك الأمريكية لتستكمل سلسة عملية النصب الكبرى التى بدأت فى ١٩٧٣ بما سمى وقتها صدمة نيكسون.
ولكن ماذا عن تأثير ذلك فى الاقتصاد الأمريكى؟! هل فكرت المؤسسات المالية التى خفضت التصنيف الائتمانى لمصر فى دراسة تخفيض التصنيف الخاص بالولايات المتحدة!؟ هيهات، فهذه المؤسسات أمريكية، الغرض منها سياسيا قبل أن يكون اقتصاديا.(لمزيد من الإيضاح يرجى مراجعة مقالنا هنا على الموقع بعنوان "بريتون وودز وعملية النصب الكبرى")