حول ذلك المشروع القومى العملاق تحدثت إلى السيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضى لمعرفة ما تم إنجازه فى هذا المجال، وما هى آفاق المستقبل بالنسبة لهذا المشروع، ومتى يتحقق حلم الاكتفاء الذاتى من المحاصيل الزراعية الإستراتيجية؟.
فى البداية سألته: إلى أين وصلنا فى مشروعات استصلاح واستزراع الأراضى الجديدة؟.
أجاب السيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضى قائلا: فى الأسبوع الماضى وأثناء افتتاح مجمع مصانع الأسمدة الأزوتية استعرضت الجهود التى تبذلها الدولة فى هذا الإطار أمام السيد الرئيس والحاضرين، مشيرا إلى أن الأنظمة الزراعية والغذائية أصبحت واحدة من أكبر التحديات التى تواجه الدول المتقدمة والنامية على السواء، حيث لم تعد مشكلة الفجوة الغذائية مجرد مشكلة اقتصادية وزراعية فقط، لكنها أصبحت قضية إستراتيجية ترتبط بالأمن القومى والإقليمي، بعد أن أصبح الغذاء سلاحا فى يد الدول المنتجة والمصدرة له، تضغط به على الدول المستوردة لتحقيق أهدافها السياسية والإستراتيجية.
وأضاف وزير الزراعة: من هنا تبنت الدولة إستراتيجية التنمية الزراعية المستدامة، وقطعت شوطا كبيرا فى سبيل تحقيقها، رغم التحديات التى تواجهها خاصة ما يتعلق بمحدودية الأراضى المتاحة للزراعة وكذلك محدودية المياه اللازمة للتوسع فى الرقعة الزراعية.
رغم ذلك تحركت الدولة وبسرعة فائقة من أجل تنفيذ المشروع القومى العملاق الذى استهدف زيادة الرقعة الزراعية، وهو المشروع الذى يدخل تحت مظلته عدة مشروعات أهمها مشروع الدلتا الجديدة، ومشروع تنمية جنوب الوادى «توشكى الخير»، ومشروع تنمية شمال ووسط سيناء، وكذلك مشروع تنمية الريف المصرى الجديد، بالإضافة إلى بعض المساحات الأخرى فى محافظات الصعيد والوادى الجديد، بإجمالى مساحة من 3٫5 إلى 4 ملايين فدان .
تستهدف المرحلة الأولى من هذه المشروعات إضافة 1٫5 مليون فدان ثم تأتى باقى المساحات تباعا، وهناك العديد من المساحات دخلت الخدمة فعليا فى توشكي، والدلتا الجديدة، وكذلك شمال ووسط سيناء، والريف المصري، وأسهم إنتاج هذه المشروعات فى توفير جزء من الاحتياجات الغذائية، وزيادة قدرات الدولة المصرية على مواجهة تبعات أزمتى كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية خلال المرحلة الماضية.
قلت: وماذا عن التوسع الرأسي، وزيادة إنتاجية الحاصلات الزراعية المصرية؟
أجاب السيد القصير وزير الزراعة: مصر الآن من أعلى الدول التى نجحت فى زيادة إنتاجية الفدان من المحاصيل المختلفة، حيث تم التوسع فى الاعتماد على التقاوى المعتمدة، المحسنة خاصة فى المحاصيل الإستراتيجية «القمح والذرة والقطن وفول الصويا وعباد الشمس والأرز».
وعلى سبيل المثال فقد تمت زيادة إنتاجية فدان القمح فى العام الماضى بنسبة 35٪ وارتفعت هذا العام إلى 70٪.
وأشار إلى أن افتتاح مجمع الأسمدة الأزوتية فى الأسبوع الماضى يعتبر خطوة مهمة فى هذا الإطار أيضا، لان توفير الأسمدة يسهم فى زيادة الإنتاجية، والعكس صحيح، وقد انخفضت إنتاجية بعض المحاصيل مثل القمح والذرة وعباد الشمس فى الاتحاد الأوروبى فى العام الماضى بسبب نقص الأسمدة، والمشاكل المتعلقة بأزمة الطاقة العالمية، واضطرار الكثير من مصانع الأسمدة الأوروبية إلى تخفيض طاقتها الإنتاجية.
وأوضح أن ما قامت به الدولة من مشروعات فى مجالات الطاقة والكهرباء والغاز فى السنوات الماضية كان وراء نجاح افتتاح مشروعات الأسمدة الجديدة اللازمة لزيادة الرقعة الزراعية، وكذلك زيادة إنتاجية الفدان.
سألت: وماذا عن المحاصيل الإستراتيجية وطرق تحفيز المزارعين لزراعتها؟!
أجاب وزير الزراعة: اتجهنا خلال الفترة الأخيرة إلى تفعيل منظومة الزراعة التعاقدية، وذلك من خلال الإعلان عن أسعار ضمان للمحاصيل الإستراتيجية فى وقت مبكر قبل الزراعة كحد أدنى يضمنه المزارع، على أن يكون التسلم بالأسعار المتداولة محليا وعالميا وقت التسلم، بما يسهم فى طمأنة المزارعين وتحفيزهم فى ذات الوقت على التوسع فى زراعة هذه المحاصيل دون خوف أو تردد أو قلق.
وأشار إلى أن أهمية منظومة الزراعة التعاقدية تضمن كذلك كسر حلقات الاحتكار، وتصحيح مسار العملية التسويقية وتأمين عائد مجز للمزارع، وتشجيعه على التوسع فى تلك المحاصيل بما فيها المحاصيل التصنيعية المرتبطة بالأعلاف والزيوت.
فى ذات الوقت تم التوسع فى السعات التخزينية للحاصلات الزراعية حيث زادت القدرات التخزينية من 1٫2 مليون طن فى عام 2014، لتصل إلى 5٫5 مليون طن تقريبا ... أى أن هذه القدرات تمت مضاعفتها أكثر من 4 أضعاف، وهو ما يتيح التوسع فى الزراعات التعاقدية، وضمان وجود قدرات تخزينية قادرة على استيعابها بشكل آمن وفعال.
سألت: هل افتتاح مجمع الأسمدة الفوسفاتية والأزوتية سوف يكون له دور ملموس فى زيادة فرص التوسع الأفقى والرأسى فى الزراعة ؟
أجاب : توافر الأسمدة من أهم المحددات للتوسع فى استصلاح الأراضي، وكذلك تعظيم الإنتاجية الزراعية.
أيضا تسهم الأسمدة بدور كبير فى زيادة معدل التكثيف الزراعى والحفاظ على خصوبة التربة، وتدعيم قدرة النباتات على مواجهة ظروف التغيرات المناخية.
لكل ذلك قامت وزارة الزراعة بإعداد قاعدة بيانات لخصوبة التربة على مستوى الجمهورية لتحديد خصائصها وعناصرها المختلفة تمهيدا لإعادة تقدير المقررات السمادية طبقا لنتائج تحليل التربة، ومدى توافر المغذيات النباتية بها، وربطها بالتراكيب المحصولية.
سألت: متى تنعكس نتائج تلك المشروعات الزراعية على حلم تحقيق الاكتفاء الذاتى من المحاصيل الإستراتيجية؟
أجاب وزير الزراعة: الثورة الزراعية انعكست بالفعل على الأسواق المحلية خلال أزمتى كورونا، والحرب الروسية، حيث نجحت الدولة فى تأمين معظم السلع والمحاصيل الزراعية خلال الفترة الماضية، بل وزادت حجم الصادرات الزراعية مقارنة بالفترات السابقة.
أما بخصوص الاكتفاء الذاتى من المحاصيل الإستراتيجية فإننا نسير فيه بقوة على مختلف المحاور أفقيا ورأسيا، ودعم الزراعات التعاقدية، وغيرها من الإجراءات التى تستهدف ذلك بحيث نقوم بتقليل الفجوة أولا بين احتياجات الاستهلاك والإنتاج، لنصل فيما بعد إلى تحقيق أكبر قدر من الاكتفاء الذاتى فى تلك الحاصلات خلال المرحلة المقبلة إن شاء الله.
انتهى حديث وزير الزراعة، ويبقى تأكيد أهمية مشروع الـ 3٫5 مليون فدان باعتباره أحد أهم المشروعات فى مجال الزراعة، فى العقود الأخيرة ليكون سلة غذاء جديدة من أجل تحقيق حلم الاكتفاء الذاتى من المحاصيل الزراعية وما يرتبط بها من إنتاج الزيوت والأعلاف ومستلزمات الإنتاج الحيوانى والداجنى.