تتواصل الاشتباكات والهجمات المتبادلة بين الجانبين الإسرائيلى والفلسطينى، على إثر أحداث جنين وسقوط العشرات، مع توالى الاقتحامات للمقدسات الإسلامية والمسيحية، ومن ثم تبادل حركات القصف والاعتداءات، وهو ما عُدَّ تقويضا صريحا لعملية السلام المرجوة من جراء الإشكالية المعاصرة، وربما ما يحدث لم يكن بمستبعد، لاسيما مع تشكيل الحكومة اليمينية المتطرفة بقيادة نتنياهو ووزير الأمن القومى إيتمار بن غفير، التى رغبت حتى قبل مجيئها فى التوسع فى بناء المستوطنات، فى مخالفة صريحة للقرارات الدولية وأهمها قرار مجلس الأمن رقم 2334.
ولعل فداحة المواجهات الأخيرة، شكَّلت منحى جديدا فى المواجهات وتركيبة هجمات ربما لم تندلع منذ انتفاضة القدس الشهيرة عام 2000، تعاملت معه الإدارة الأمريكية سريعا، وإن تخللت تصريحات بايدن ازدواجية واضحة فى المعايير، لم تراع سخونة الأوضاع وارتفاع حدَّتها.
وربما زيارة بلينكن السريعة إلى الشرق، وانطلاقتها التى جاءت من مصر، فى تقليد دبلوماسي شهير مفاده التعويل على القاهرة وعلى ريادتها فى حفظ استقرار المنطقة، تنبئ بإرهاصات تدخل أمريكى مستهدف فى المنطقة وأزماتها، أى عودة لوجود الإدارة الديمقراطية على خطى السابقين إن كان بوش الابن أو أوباما.
غير أن التعاطى المصرى مع الأزمة، طالما تضمَّن اعتبارات عدة أبرزها القراءة الجيدة للداخل الإسرائيلى وانقساماته فى ظل المعارضة الواضحة لحكومة نتنياهو، وإن شُكلت بصعوبة عقب فشل أكثر من أربع حكومات، إلى جانب الاختلال الواضح للسلطات، خصوصا عقب قرارات نتنياهو الأخيرة والمتعلقة بتسييس القضاء وحتمية إخضاعه للحكومة، فى غياب واضح للتوازن فيما بين السلطات.
فى المقابل، أيضا ومن الداخل الفلسطينى وانقساماته، تواصل القاهرة تناولها للموقف من خلال العمل على إحداث التوازن بين مفردات السلطة الفلسطينية، دون استبعاد أو إقصاء أى أطراف من المعادلة السياسية، مع العمل على معالجة الانقسامات فيما بين هذه الأطراف، ولا أدل على ذلك من تاريخ المصالحات الذى خاضته القاهرة للتوفيق فيما بين الفصائل الفلسطينية، فضلا عن تدويل الملف الفلسطينى وأزماته بالمحافل الدولية والإقليمية؛ حيث جدد سامح شكرى وزير الخارجية الأحاديث عن الرؤية المصرية تجاه الأزمة الفلسطينية، ذلك إبان أحدث لقاءاته مع نظرائه، وبلورها فى حتمية التهدئة على الجانبين، وضرورة اللجوء إلى الحل السياسى تجاه حل الدولتين، مع إلزام المجتمع الدولى بتعاطى الموقف وفق القوانين الدولية.
إلا أن محاولات الجانب الإسرائيلى تهويد القدس وتغيير طبيعتها الديموجرافية، عبر التهجير المستمر للعرب والتوسع فى الاستيطان مع المصادرة العسكرية والاقتصادية للفلسطينيين، سعت مصر للتصدى لها ولا تزال من خلال الدعم المتواصل للشباب الفلسطينى وعلى جميع المستويات، إلى جانب أيضا التنديد المتواصل من أجل المحافظة على الطبيعة التاريخية لها سواء الإسلامية أو المسيحية.
رابط دائم: