جاء التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى، ثمرة إصلاح منظومة العمل المدنى والأهلى فى مصر، التى تجسدت فى إعلان الرئيس السيسى عام 2022 عاما للمجتمع المدنى، وبدء تطبيق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التى تتضمن المحاور الرئيسية للمفهوم الشامل لحقوق الإنسان فى الدولة، وذلك بالتكامل مع المسار التنموى القومى لمصر الذى يرسخ مبادئ تأسيس الجمهورية الجديدة، ويحقق أهداف رؤية مصر 2030، وتعظيم حقوق المواطنة وتعزيز رؤية بناء الإنسان. التحالف كان قد انطلق فى ١٣ مارس ٢٠٢٢، وذلك بمشاركة وعضوية كبرى مؤسسات العمل الأهلى والتنموى فى مصر، وآخرها مجلس الشباب المصرى، الذى يضيف انضمامه إلى تلك المظلة بعدا جديدا فى العمل الأهلى والتنموى.
لقد عشنا أوقاتا مُرَّة مع منظمات العمل المدنى والأهلى فى مصر؛ ما بين "الأكشاك الحقوقية" التى تقتات على تشويه صورة الدولة المصرية، والجمعيات الأهلية المحلية المخترقة من الجماعة المحظورة وأذنابها التى عملت على استغلال الحاجات الإنسانية والاجتماعية فى القرى والمناطق الأكثر فقرا فى أداء أحد أبرز وظائف المجتمع المدنى المتمثلة فى تشكيل الوعى والتجنيد وتجميع المصالح، لكن هنا كانت التعبئة لمصلحة أهداف الجماعة وخدمة لمصالحها وتزييف وتشكيل وعى زائف لدى الشباب استغلالا للحاجة على حساب الوطن.
هذه العشـوائية فى دور المجتمـع المدنـى فـى مصـر وعـدم اكتمـال بنائـه وترسـخه، أضرت الوطن بسـلبياته أكثـر مـن التمتـع بإيجابياتـه، خاصة دوره فى تنمية المجتمع وتحسين الأوضاع الاقتصادية للأفراد، والتكامل مع الدولة فى دفـع عجلـة البناء المجتمعـى. لذلك كان من الأهمية بمكان إعادة صياغة واقع المجتمع المدنى بمصر فى ضوء المحددات الجديدة لدولة ما بعد يونيو 2013، حيث أصبــح المجتمع المدنــى أحــد عناصــر تكويــن الدولـة الحديثـة، يسـهم فــى تنفيــذ خطــط التنميــة فــى الدولــة، وليــس مــن الصحيح دائمـا أنه يمثل "قـوة معارضـة" للدولة أو أنـه يمثل عنصر إضعــاف" لهــا. بــل إن النظريــات المعاصــرة فــى علاقة الدولــة بالمجتمــع تؤكــد أنــه لا توجــد دولــة قويــة دون مجتمــع مدنــى قــوى؛ فقــوة المجتمــع المدنــى عنصــر تدعيــم لقــوة الدولــة، وكلاهما يكمــل بعضــه الآخر ويتمــم دوره. الأكثر من ذلك أن الأزمات الحالية عالميا ومحليا تدفع نحو المزيد من تكامل الأدوار بين الدولة والمجتمع المدنى فى إطار عمليات التنمية المستدامة.
لذلك كانت الحاجة ملحة لمظلة وطنية كبيرة وجامعة، تقر التعددية كأساس وطنى للعمل المدنى. بمعنـى قبـول التعـدد كمبـدأ وقيمـة فـــى العمـــل المدنـــى، وإقـــرار التعدديـــة فـــى منظمـات المجتمـع المدنـى العاملـة فـى المجالات الإنسانية، والاجتماعية، والحقوقية. تنسق الأنشطة والمبادرات وتعمل على تكاملها من جانب، وفى جانب آخر تؤسس لحوكمة العمل المدنى؛ حيث يعمل التحالف الوطنى على تعزيز العمل بمبادئ الحوكمة فى منظمات المجتمع المدنى بالاعتماد على شراكات واسعة بين المنظمات من جانب وبين الجهات الحكومية ذات العلاقة المباشرة بعمل منظمات المجتمع المدنى من جانب آخر. وذلك لتعظيم الاستفادة من موارد وقدرات المنظمات ومؤسسات المجتمع المدنى، وكذلك توسيع قاعدة المستفيدين ومنع الاستغلال التكرار الحادث، فى إطار توحيد البيانات لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه، وأن تصل كل صور المساعدات الأخرى إلى المستحقين بالفعل.
ويضيف مجلس الشباب المصرى بانضمامه للتحالف حيوية وطاقة جديدة للتحالف عبر قواعده المحلية الشابة فى محافظات الجمهورية، ومجلس الشباب المصرى نموذج لمجتمع مدنى فاعل ووطنى، يسهم فى الحراك المجتمعى، والفكرى والثقافى، بما يعين الدولة فى معالجة القضايا والمشكلات من خلال الحوار والنقاش، والنقد البنَّاء الذى يهدف إلى المصلحة العامة فى المقام الأول. لكن فى المقابل هناك مسئولية واقعة على المنظمات ومسئوليها، والكرة الآن فى ملعب منظمات المجتمع المدنى بعد أن منحت القيادة السياسية كل الدعم والمساندة لوضع آفاق أرحب للمجتمع المدنى وتوسيع صلاحياته ونطاق أنشطته لتتكامل مع أهداف الدولة الإنمائية، فى إطار تنفيذ توجيهات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية بضرورة التوسع فى المبادرات والأنشطة التنموية غير التقليدية.
رابط دائم: