لبنان: أبعاد وتداعيات استمرار تعثر انتخاب رئيس جديد
13-11-2022

د. منى سليمان
* باحث أول ومحاضر فى العلوم السياسية

فشل البرلمان اللبنانى فى اختيار رئيس جديد للبلاد للمرة الخامسة على التوالى خلال جلسته التى عقدت يوم 10 نوفمبر 2022، وذلك بعد شغور المنصب بالبلاد إثر انتهاء ولاية الرئيس اللبنانى السابق العماد "ميشال عون"، وسط ترجيحات باستمرار هذا الشغور الرئاسى عدة أشهر نظرا لعدم وجود مرشح توافقى يحظى بموافقة ثلثى أعضاء البرلمان وفق الدستور، هذا فى ظل أزمة اقتصادية حادة تعصف بالسلم الاجتماعى اللبنانى وتهدد بالقضاء على الاستقرار الهش بالبلاد، هذا فى ظل متغيرات جيوسياسية إقليمية ودولية تؤثر فى مستقبل الدولة اللبنانية.

المشهد السياسى اللبنانى:

تولى العماد "ميشال عون" (87 عاما) (مسيحى مارونى) منصب الرئاسة بلبنان (2016-2022) بعد تسوية سياسية مع زعيم تيار المستقبل السنى "سعد الحريرى" على أن يكون الأخير رئيسا للوزراء، وهذا الاتفاق قد أنهى شغورا رئاسيا استمر عامين ونيف، ويصف جموع اللبنانيين السنوات الست الأخيرة بأنها أصعب الفترات منذ نهاية الحرب الأهلية بلبنان نظرا لتردى الوضع الاقتصادى وخلل التوازنات السياسية واضطراب الوضع الأمنى، وقد أسهم "عون" فى ذلك كثيرا بانحيازه لتياره السياسى داخليا ("التيار الوطنى الحر" وزعيمه صهر "عون" وزير الخارجية السابق "جبران باسيل" المتحالف مع "حزب الله" اللبنانى) ومحوره الإقليمى خارجيا، حيث:

- فراغ رئاسى حكومى: انتهت ولاية "عون" رسميا فى 31 أكتوبر 2021 وغادر القصر الرئاسى فى بعبدا الذى أغلق بعد رحيله ونُكست عليه الأعلام اللبنانية اعترافا بفراغه، وقد كرس "عون" هذا الشغور رئاسيا وحكوميا قبل رحيله بيوم؛ حيث وقع على مرسوم استقالة حكومة تصريف الأعمال الحالية برئاسة "نجيب ميقاتى"، وهذا على الرغم من أن الحكومة مستقيلة بالفعل منذ بدء جلسات البرلمان الجديد فى يونيو الماضى، وطلب من البرلمان سحب تكليف تأليف الحكومة الجديدة من "ميقاتى"، وهو ما رفضه الأخير، وأكد "أن الحكومة ستتابع القيام بواجباتها الدستورية كافة"، وقد اتسم عهد "عون" بالتعطيل وربما يستمر فى ذلك بعد رحيله، فقد أعلن "أنه انتقل إلى مرحلة جديدة من النضال لاقتلاع الفساد" وانتقد المؤسسة القضائية وشكك فى قراراتها، واتهم حاكم البنك المركزى اللبنانى "رياض سلامة" بالفساد والسماح بتهريب الأموال للخارج، ولذا فإنه بعد انتهاء رئاسته يسعى لعرقلة الحياة السياسية اللبنانية، حيث تصبح المؤسسات اللبنانية التنفيذية شاغرة تماما من منصبى رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء، مع عجز البرلمان عن انتخاب رئيس جديد وتشكيك بباقى مؤسسات الدولة.

- فشل انتخاب رئيس جديد: عقد البرلمان اللبنانى خمس جلسات بدعوة من رئيسه "نبيه برى" لاختيار رئيس جديد للبلاد خلفا "لعون"، ووفق الدستور اللبنانى يجب أن يكون رئيس البلاد مسيحيا مارونيا يتم انتخابه من قبل أعضاء البرلمان بأغلبية الثلثين فى جلسة مكتملة النصاب بحضور 86 نائبا من أصل 128 نائبا، وأبرز المرشحين هم: رئيس "حركة الاستقلال" النائب "ميشال معوّض" المعارض لـ"حزب الله"، ورئيس تيار المردة حليف "حزب الله" "سليمان فرنجية"، ومرشحون مستقلون، وجاءت نتائج الجلسات السابقة كما يلى.. 

• عقدت الجلسة الأولى فى 29 سبتمبر 2022، اقترع 63 من أصل 122 نائبا حضروا الجلسة بورقة بيضاء، وهذه الورقة تعنى عدم اختيار اسم مرشح محدد، وتحصد الأغلبية فى كل جلسة.

• لم يكتمل النصاب لعقد الجلسة الثانية التى كانت مقررة فى 13 أكتوبر 2022 بعد تعمد تغيب نواب "التيار الوطنى الحر" بزعامة "جبران باسيل".

• عقدت الجلسة الثالثة فى 20 أكتوبر 2022، حصل "ميشال معوض" على 42 صوتا، و"ميلاد بوملهب" على صوت واحد، مقابل 55 ورقة بيضاء، و17 صوتا باطلا.

• عقدت الجلسة الرابعة لانتخاب رئيس جديد فى 24 أكتوبر 2022، وأسفرت عن حصول النائب "ميشال معوض" على 39 صوتا و10 أصوات "لعصام خليفة"، و50 ورقة بيضاء.

- غموض موقف الأكثرية السياسية: يشهد البرلمان اللبنانى انقساما بين القوى السياسية غير مسبوق، فالأغلبية التى تملكها "قوى 8 آذار" تملك (65 نائبا) وتضم (حزب الله اللبنانى، وحركة أمل الشيعية، والتيار الوطنى الحر، وحزب الطاشناق، وتيار المردة، وعددا من المستقلين التابعين لهم) لم تسمِّ مرشحا للرئاسة حتى اليوم وتختار فى كل جلسة الاقتراع بأوراق بيضاء ما يفسر بأمرين وجود خلاف حقيقى بينها أو رغبتها فى إطالة أمد الفراغ الرئاسى للحصول على مكاسب سياسية ثم تمرير مرشح تفرضه على الجميع فيما بعد، وقد اجتمعت 3 أحزاب هى (القوات اللبنانية، الكتائب اللبنانية، الحزب الاشتراكى التقدمى) على دعم "معوض"، وكذلك تكتل "الاعتدال الوطنى" يضم (5 نواب سنة، 6 مستقلين من نواب بيروت وصيدا) بعضهم يؤيد "معوض"، بينما لم يتوافق النواب السنة بالبرلمان على اسم مرشح محدد نظرا لغياب زعامة سنية توحدهم بعد اعتزال زعيم تيار المستقبل السنى "سعد الحريرى" العمل السياسى بلبنان فى فبراير الماضى.

- دعم عربى دولى: منذ استقلال الدولة اللبنانية فى 22 نوفمبر 1946 وهى تحظى بدعم عربى إقليمى دولى، وقد تعزز ذلك بعد انتهاء الحرب الأهلية، ولذا كثرت الدعوات للساسة اللبنانيين بالإسراع فى اختيار رئيس جديد للبلاد وإنهاء حالة الشغور الرئاسى تمهيدا لدعم لبنان اقتصاديا، فقد صدر يوم 21 سبتمبر بيان سعودى أمريكى فرنسى مشترك على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة فى نيويورك، دعا الساسة اللبنانيين إلى "إجراء الانتخابات الرئاسية فى موعدها، وجدد دعم الدول الثلاث لسيادة لبنان وأمنه واستقراره"، وجددت مصر دعمها للبنان خلال لقاء "ميقاتى" مع الرئيس المصرى "عبد الفتاح السيسي" يوم 7 نوفمبر 2022 على هامش انعقاد مؤتمر المناخ بشرم الشيخ؛ حيث قدمت القاهرة شحنة أدوية تقدر بـ1705 أطنان من اللقاحات والمستلزمات الطبية لبيروت، كما دعا الرئيس الفرنسى "إيمانويل ماكرون" لإجراء الانتخابات الرئاسية بلبنان كأولوية لانتظام عمل المؤسسات.

تداعيات متعددة:

استمرار تعثر انتخاب رئيس لبنانى جديد سيؤدى إلى استمرار الفراغ السياسى الحكومى بالبلاد فى ظل وجود حكومة تصريف أعمال لا تملك كل صلاحياتها الدستورية السياسية ما يعوق قراراتها لمواجهة الأزمات الآنية المرشحة للتفاقم فى ظل الفراغ الرئاسى ومنها. 

- تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية: يمر الاقتصاد اللبنانى بأزمة حادة منذ "حراك تشرين" فى أكتوبر 2019، تفاقمت بعد التداعيات الاقتصادية السلبية لتفشى فيروس كورونا عامى 2020 و2021، والأزمة الأوكرانية؛ حيث أصبح 80% من الشعب اللبنانى تحت خط الفقر وفقدت العملة (الليرة) 90% من قيمتها منذ مطلع العام الحالى، فضلا عن أزمة نقص الكهرباء والدولار والمحروقات والخبز، ما أدى إلى ارتفاع الدين العام الداخلى وزيادة معدلات التضخم والعجز والبطالة وارتفاع معدلات الفساد وإهدار المال العام، هذا وسط استمرار الاحتجاجات الشعبية والمواجهات بين القوى الأمنية والمعتصمين من العسكريين المتقاعدين وأهالى ضحايا تفجير مرفأ بيروت، وضحايا "قوارب الموت" وهى قوارب "الهجرة غير الشرعية" التى تنطلق من لبنان للسواحل الأوروبية التى كثرت مؤخرا، وقد رهن وفد "صندوق النقد الدولى" الذى زار لبنان فى نهاية سبتمبر 2022 منح لبنان قروضا مالية باتخاذ قوانين إصلاحية، وهذا لن يحدث دون وجود رئيس جديد، ولذا من المنتظر تفاقم الأزمات الاقتصادية بالبلاد مع احتمالات حدوث موجة من الاحتجاجات الاجتماعية الفوضوية إثر نقص جميع المواد المعيشية ومواد الطاقة والأدوية فى ظل انتشار أمراض معدية مثل (الكوليرا وكوفيد 19) ببعض المدن اللبنانية ما يؤدى إلى انهيار النظام الصحى بالبلاد.

- اختراق خلايا "داعش" للبنان: أعلنت السلطات الأمنية اللبنانية فى 9 نوفمبر 2022 تفكيك 8 خلايا إرهابية تابعة لتنظيم "داعش" الإرهابى خلال الأشهر الأربعة الماضية، كما تم توقيف 30 عنصرا إرهابيا من جنسيات عربية ولبنانية بمختلف المناطق (البقاع – بيروت – الشمال - الجنوب – جبل لبنان)، ومن المتوقع أن ترتفع حالات اختراق خلايا "داعش" الإرهابى للبنان وتجنيد عدد من الشباب اللبنانى الذى يعانى الأزمات الاقتصادية الحالية خاصة فى طرابلس نظرا لاتصالها الجغرافى بخلايا التنظيم الناشطة فى سوريا، فضلا عن وضعها السياسى؛ حيث تعد مركزا لتيارات الإسلام السياسى مثل السلفية و"الإخوان المسلمين" الممثلة فى "الجماعة الإسلامية" بلبنان، وهذا سيعزز الانقسام الطائفى بين السنة وسائر الطوائف بالبلاد، كما سيهدد الأمن القومى للبنان، وربما تسيطر هذه الخلايا على بعض القرى حال استمر الفراغ السياسى وصحبه تدهور أمنى كما حدث عام 2016 عندما سيطر "داعش" على منطقة الجرود شمالا.

- عرقلة تشكيل حكومة جديدة: منذ مايو 2022 تم تكليف رئيس الوزراء اللبنانى السابق "نجيب ميقاتى" بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة بعد انتخابات البرلمان، بيد أن "عون" رفض حتى نهاية ولايته الموافقة على أى تشكيل حكومى طرحه عليه "ميقاتى"، وتمسك "التيار الوطنى الحر" بعدة شروط للموافقة على الحكومة الجديدة ومنها إقرار تعيينات سيادية لمقربين من "عون"، وإقالة حاكم مصرف لبنان الحالى وتعيين شخصية مقربة من "عون" بدلا له، وتعيين ستة وزراء دولة فى الحكومة يختارهم "التيار الحر"، ومنح الجنسية اللبنانية لعدد من الأشخاص بمخالفة للدستور، وهو ما رفضه "ميقاتى" لأنه يخل بتوازن القوى السياسى فى لبنان ويخالف الأعراف المتعارف عليها فى تشكيل الحكومات الجديدة، ولذا فإنه من المتوقع أن يبقى "ميقاتى" رئيسا لحكومة تصريف أعمال وعدم تشكيل حكومة لبنانية جديدة إلا بعد انتخاب رئيس جديد للبلاد.

- تجدد الجدل حول "اتفاق الطائف": فى عام 1989 وبعد 15 عاما من الحرب الأهلية فى لبنان، عقد اجتماع بمدينة الطائف السعودية بناء على تفاهمات لبنانية عربية دولية أدت إلى تعديل النظام اللبنانى واعتماد وثيقة "الوفاق الوطنى" أو "اتفاق الطائف" الذى أعلن قيام الجمهورية الثانية، باعتبار لبنان جمهورية عربية الهوية والانتماء ديمقراطية برلمانية، تقوم على احترام الحريات العامة، وفى طليعتها حرية الرأى والمعتقد، وعلى العدالة الاجتماعية والمساواة فى الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز أو تفضيل، كما حدد الاتفاق توزيع المناصب العليا بالدولة على الطوائف اللبنانية وتحديد صلاحيات كل منها، ومنذ تولى "عون" منصبه الرئاسى وهو يطالب بإعادة النظر فى الاتفاق لأنه يقسم الحكم بين "ثلاثة مناصب" هى (رؤساء الجمهورية والحكومة ومجلس النواب)، وطالب بإجراء إصلاح سياسى سيادى وتغييرات بنيوية فى نظام الحكم، وهذا يعبر عن موقف "عون" وحليفه "حزب الله" اللبنانى لأنهما يرغبان فى الحصول على المزيد من المناصب والمكاسب السياسية نظرا لتغير التوازنات السياسية الحالية بلبنان بعد فراغ الزعامة السنية.

وعلى الرغم من دعوات "عون" فإن كل الطوائف اللبنانية مازالت تؤيد "اتفاق الطائف" كمرجعية للحكم بالبلاد، وقد تجلى ذلك خلال الاحتفال الذى عقدته السفارة السعودية فى بيروت يوم 5 نوفمبر الحالى احتفالا بمناسبة الذكرى الـ33 لتوقيع "اتفاق الطائف" وشهد مشاركة سياسية دبلوماسية واسعة، ودعت السفارة "لتجسيد صيغة العيش المشترك والحفاظ على هوية لبنان وعروبته"، وأكد "ميقاتى" (سنى) أن "الاتفاق له أهمية قصوى باعتباره ركيزة أساسية لإنهاء الحرب الأهلية فى لبنان"، وأكد رئيس البرلمان "نبيه برى" (شيعى) "اتفاق الطائف هو دستورنا والاتفاق ساوى بين اللبنانيين، وجعل المسلمين يتشددون أكثر من المسيحيين فى الحفاظ على الصيغة الحالية"، وأوضح رئيس الحزب التقدمى الاشتراكى "وليد جنبلاط" (درزى) قبل البحث فى تعديل اتفاق الطائف يجب تطبيقه وصولا إلى إلغاء الطائفية السياسية"، فيما أكد رئيس "تيار المردة" "سليمان فرنجية" (مسيحى) "أن المردة جزء من الطائف"، كما دعت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة فى لبنان "يوانا فرونتسكا" إلى "تطبيق اتفاق الطائف التاريخى بما يضمن استقرار لبنان"، ورغم هذا الإجماع على "اتفاق الطائف" فإن "عون" وحلفاءه سيطالبون بإعادة النظر فيه مرة أخرى.

السيناريوهات المقبلة للبنان:

استمرار الفراغ الرئاسى بلبنان سيعرقل وضع حلول عاجلة لعدد من الملفات الآنية ومنها معالجة الأزمة المالية الاقتصادية، واستئناف التحقيق فى انفجار مرفأ بيروت الذى وقع فى 4 أغسطس 2020 ودمر نصف العاصمة، وموقف الدولة اللبنانية من نزع سلاح "حزب الله" وترحيل اللاجئين السوريين، فضلا عن استئناف ترسيم الحدود البحرية مع سوريا نظرا لأنه لا يمكن عمليا لبيروت البدء فى التنقيب عن الغاز الطبيعى بسواحلها شرق المتوسط بعد توقيع ترسيم الحدود مع إسرائيل دون توقيع اتفاق مماثل بين لبنان وسوريا، ويجب التأكيد هنا على أن القوى السياسية اللبنانية لم تتفق على حلول لتلك الملفات وتتخذ كل منها موقفا معاكسا تماما، وهذا ينعكس على اختيار الرئيس اللبنانى المقبل، فالأحرى بهم الاتفاق على آليات معالجة الملفات الآنية الخلافية بينهم قبل انتخاب الرئيس الجديد، هذا فى ظل بيئة إقليمية ودولية مضطربة بفعل استمرار تداعيات أزمات ما عرف "بالربيع العربى" وانعكاسات الأزمة السورية سياسيا واقتصاديا على لبنان بفعل الارتباط التاريخى الجيوسياسى بينهم، والخلل بالتوازن السياسى اللبنانى الداخلى بعد غياب زعامة سنية موحدة وفاعلة داخليا وخارجيا إثر اعتزال "الحريرى" العمل السياسى، وبناء عليه هناك عدد من السيناريوهات المقبلة لاختيار الرئيس اللبنانى الجديد وهى:

- إطالة أمد الفراغ الرئاسى: من المرجح حال استمرت مواقف القوى السياسية اللبنانية كما هى أن يستمر الفراغ الرئاسى بالبلاد لأشهر مقبلة، حيث فشلت كل القوى المعارضة فى التوحد ودعم مرشح للرئاسة، كما أن "حزب الله" اللبنانى وحلفاءه لا يملكون الأغلبية المطلقة فى البرلمان التى تمكنهم من تمرير مرشحهم الذى لم يعلن عنه حتى الآن، ولكنه يمتلك الثلث المعطل الذى يمنع انتخاب أى رئيس للبلاد لحرمان خصومه السياسيين من انتخاب مرشحهم.

 - فرض "حزب الله" مرشحه: ربما يرغب "حزب الله" فى إطالة أمد الأزمة طويلا حتى يفرض مرشحه وتقبله القوى السياسية كحل نهائى للأزمة كما حدث خلال التسوية الرئاسية عام 2016، وهذا المرشح سيكون على الأرجح حليفه رئيس التيار الوطنى الحر "جبران باسيل" الذى أعلن رغبته فى الترشح للرئاسة ويدعمه فى ذلك (صهره) الرئيس السابق "عون"، أو ربما يكون رئيس تيار المردة "سليمان فرنجية" حليف "حزب الله" أيضا الذى يدعمه رئيس البرلمان اللبنانى رئيس حركة أمل "نبيه برى"، والمعضلة هنا هى من سيختار "حزب الله" من حلفائه ليصبح رئيسا جديدا للبلاد "باسيل" أم "فرنجية"، خاصة فى ظل احتياجه لاستمرار تحالفه مع "التيار الوطنى الحر" وقاعدته الشعبية المسيحية، وأيضا تحالفه مع "حركة أمل" الشيعية بزعامة "برى" حتى لا تنقسم القوى الشيعية بالبرلمان.

- اختيار مرشح توافقى بتسوية سياسية: ربما تمارس القوى الإقليمية والدولية المعنية بالشأن اللبنانى ضغوطا على حلفائها فى الداخل لاختيار مرشح توافقى، ربما يكون رئيس حركة الاستقلال "ميشال معوض" الذى يحظى بأكبر عدد أصوات حتى الآن، بيد أنه من الصعب قبول "حزب الله" به إلا إذا تم تقديم تنازلات جمة للحزب فى تشكيل الحكومة الجديدة والمناصب السيادية، أو رئيس تيار المردة "سليمان فرنجية"، وربما يتم طرح اسم جديد ليصبح مرشحا توافقيا تقبله جميع القوى السياسية ويكون منتميا للمستقلين بالبرلمان اللبنانى.

- انتخاب قائد الجيش اللبنانى: حظى قائد الجيش اللبنانى "جوزيف عون" خلال الأعوام الثلاثة الماضية بشعبية كبيرة داخل مختلف القوى السياسية بعد رفضه فض تظاهرات "تشرين 2019" بالقوة، وكان له العديد من المواقف الوطنية التى تعزز سلطة الدولة وسيادتها مقابل قوة ونفوذ الميليشيات، وربما يكون انتخابه هو الحل الأمثل للحالة اللبنانية الحالية نظرا لأن جميع الشروط الدستورية تنطبق عليه، كما أن اختياره سيعمل على إيجاد حلول عاجلة للأزمات اللبنانية لحياده وعدم انحيازه لأى تيار سياسى، كما سيقوم بضبط الفوضى الأمنية بالداخل وضبط الحدود لمواجهة الخلايا الإرهابية لما له من خلفية أمنية عسكرية مهمة، وهذا سيكون استثناء نظرا لأنه ليس عضوا برلمانيا بيد أن تلك الحالة لها سوابق فى الحياة اللبنانية فقد تم انتخاب قائد الجيش السابق العماد "ميشال سليمان" ليتولى الرئاسة خلال الفترة (2008-2014).

مما سبق، نرى أن انتخاب رئيس لبنانى جديد سيخضع لجملة من المتغيرات الداخلية والتوازنات الإقليمية والأحرى بساسة بيروت التوصل لمرشح توافقى ينهى الفراغ الرئاسى ويمنع تغلغل القوى الإقليمية والخلايا الإرهابية فى لبنان ويواجه الأزمة الاقتصادية الحادة التى تعصف بالبلاد؛ لأن إطالة أمد الفراغ الرئاسى لن تؤدى إلى أى حلول، فى ظل انشغال المجتمع الدولى بالأزمة الأوكرانية وتداعياتها وتراجع الاهتمام بالملف اللبنانى.


رابط دائم: