رائع أن تحتفي وزارات وأجهزة الدولة المعنية بأمور الثقافة والسياحة والآثار والإعلام بتاريخ المتاحف المصرية والأحداث المتعلقة بتاريخها ودورها الحضاري ومساهمتها في الحفاظ على ملامح الهوية المصرية والاحتفاء برموز العمل المتحفي ودورهم الرائد في مراحل الإنشاء والعمل والتطوير في مجال دعم تلك المؤسسات التاريخية والأثرية الرائعة.
بمناسبة افتتاح المتحف القبطي يوم 14 مارس 1910 احتفلت وزارة السياحة والآثار بمرور 112 عاما على افتتاح المتحف القبطى، وذلك بإقامة معرض الهروب إلى مصر الذى يحكى رحلة العائلة المقدسة بمصر ومساراتها وحياة السيد المسيح منذ البشارة بميلاده وحتى العودة إلى فلسطين.
معلوم أن واجهة المتحف القبطى هي لوحة معمارية استثنائية لا مثيل لها فى العالم، وقد قام مؤسس المتحف القبطى "مرقص سميكة باشا" بنسخ واجهة جامع الأقمر الفاطمى بشارع المعز لتكون واجهة المتحف القبطى بما يركز على قيم التلاحم والتعايش بين الأديان، وحيث تؤكد على فكرة تواصل الحضارات وتلك الأعمدة السبعة التي أشار إليها المفكر الكبير الراحل الدكتور ميلاد حنا التي تمثل الرقائق التراكمية للحضارات على أرض مصر، وحيث العمارة المسيحية والإسلامية هي منظومة تواصل حضارية تؤكدها إبداعات الفنان والصنايعي المصري عبر التاريخ..وهى في النهاية تُعد بمثابة رسالة سلام ومحبة فى حد ذاتها.
فيهذا السياق، يؤكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار أن هذه الواجهة هى نموذج طبق الأصل من واجهة جامع الأقمر وقد أضاف إليها الفنان التشكيلى راغب عياد الرموز المسيحية وولد مرقص سميكة عام 1864 فى عائلة قبطية عريقة تضم رجال دين ورجال قضاء وعمل بالآثار القبطية حتى وفاته وكان عضوًا فى مجلس شورى القوانين والجمعية العمومية والجمعية التشريعية ومجلس المعارف الأعلى والجمعية الملكية الجغرافية ومجلس أعلى دار الآثار العربية وعضو مجلس الأثريين فى لندن وعضو مجلس إدارة جمعية الآثار القبطية بالقاهرة ومن مؤلفاته دليل المتحف القبطى والكنائس الأثرية فى مجلدين باللغتين العربية والإنجليزية ووضع فهارس المخطوطات العربية والقبطية الموجودة بالمتحف القبطى.
ويرجع تأسيس المتحف القبطى تأسس إلى عام 1908 ويقع بمنطقة مصر القديمة أمام محطة مترو الأنفاق، وقد افتتح رسميًا فى 14 مارس عام 1910 وأنشئت المبانى الأولى لهذا المتحف على جزء من الأرض التابعة لأوقاف الكنيسة القبطية قدمها البابا كيرلس الخامس البطريرك 112، وقد سمح أيضًا بنقل جميع التحف والأدوات القبطية الأثرية كالمشربيات والأسقف والأعمدة الرخامية والنوافذ واللوحات والحشوات الخشبية المنقوشة والأبواب المطعمة والأرائك والبلاطات الخزفية التى كانت فى منازل الأقباط القديمة وظل المتحف القبطى ملكًا للبطريركية حتى عام 1931حين قررت الحكومة ضمه إلى أملاك الدولة، لأنه يمثل حقبة مهمة من سلسلة حقبات الفن والتاريخ المصرى القديم وتقديرًا لمرقص سميكة باشا قامت الحكومة بعمل تمثال نصفى له على نفقة الدولة أقيم وسط الحديقة الخارجية أمام مدخل المتحف.
من الجدير بالذكر أن مجلس إدارة المجلس الأعلى للآثار وافق مؤخرًا على تسجيل مبنى المتحف القبطي في عداد الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية، الذي تم إنشاؤه عام 1898م وافتتاحه رسميًا عام 1910، ليصبح بذلك المتحف الأول والوحيد بالعالم المتخصص في الآثار القبطية، وذلك فى اجتماعه الثلاثاء 21 ديسمبر 2021برئاسة الدكتور مصطفى وزيرى أمين عام المجلس الأعلى للآثار.
هذا ويضم المتحف القبطى نحو 16ألفقطعة أثرية مرتبة فى 12 قسماً ترتيبًا تاريخيًا، ومن أهم مقتيناته شاهد قبر من الحجر الجيري يظهر التداخل بين علامتي الصليب والعنخ (نهاية القرن 4م)، قطعة نسيج عليها بعض الرموز المسيحية (القرن 6م)، نقش علي مشط من العاج يظهر بعض معجزات السيد المسيح (القرن 7م)، تاج عمود من الحجر الجيري مزين بشكل عناقيد العنب (القرن 7م)، مسرجة من البرونز لها مقبض على شكل الهلال والصليب (القرن 13م(.
في الواقع، أرى أنه من الأمور العجيبة التي لا أعلم سبب القصور فيها، والتي تمثل علامة استفهام: لماذا يفتقر الإعلام المصري لوجود قناة تليفزيونية عالمية في مجال الترويج لمثل تلك المنشأت التاريخية الفريدة عالميًا والأنشطة والمجلات السياحية بشكل عام، وبشكل خاص ونحن بصدد المتحف الكبير في ظل جمهورية جديدة حضارية؟.. بل وهناك قصور شديد في وجود برامج تليفزيونية بشكل دوري على خرائط قنواتنا، رغم أنه بمجرد الإعلان عن تخصيص قناة تليفزيونية عالمية جديدة سوف يتسابق نجوم الاستثمار السياحي في دعمها للترويج عن منشأتهم، بل وأتصور أنها يمكن أن تشكل موردًا ماليًا رائعًا للإنفاق على مشاريع الترويج السياحي عالميًا، مثل المعارض الخارجية، وأرى أن تشغيل تلك القنوات السياحية على شاشات الطائرات السياحية والفنادق للتعريف بمواقع كل المقاصد السياحية الثقافية والدينية والصحية والشاطئية وغيرها تمثل أهمية كبرى في دعم الدخل السياحي، والأغرب عدم وجود مجلة سياحية عالمية دورية تتابع الأنشطة السياحية في جانبها الخبري والتحليلي والترويجي والوطني!
رابط دائم: