منذ أن تولى الرئيس عبدالفتاح السيسي رئاسة الجمهورية، حققت مصر نجاحات كبيرة وعظيمة في ملف العلاقات الخارجية، بعد أن عانت مصر لسنوات عجاف من صعوبات ومشكلات في هذا الملف الحيوي، نتيجة للظروف الصعبة التى شهدتها مصر خلال الفترة التى سبقت توليه رئاسة الجمهورية، واعتلائه كرسي الحكم.
دخلت السياسة الخارجية المصرية مرحلة جديدة وتاريخية أكثر إشراقاً بعد الإطاحة بحكم أهل الشر في ٣٠ يونيو ٢٠١٣، ثم تولى الرئيس عبدالفتاح السيسي مقاليد الحكم في البلاد بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية في يونيو ٢٠١٤. وقد تمثلت السياسة المصرية في عهده في تبنى عدد من الأهداف والدوائر الحيوية، فبالإضافة إلى استمرارية الأهداف التقليدية للسياسة الخارجية المصرية، يمكن القول إن مرحلة ما بعد ٣٠ يونيو تضمنت عدة أهداف يوجد بينها قدر من الترابط والتعاون والشق التاريخي بينها وبين العديد من دول المنطقة والعالم، أصبح لها أولوية في رؤية الدولة المصرية وتوجهاتها وعلاقاتها الخارجية والدولية.
إن النشاط المكثف الذي قام به الرئيس عبدالفتاح السيسي، على صعيد السياسة الخارجية وعلاقات مصر الدولية حتى العام السابع لتوليه المسئولية، قد أثمر تعزيز مكانة مصر الإقليمية والدولية، وساهم في تحقيق المصالح الوطنية للدولة في المجالات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، كما ساهم في تحقيق متطلبات الأمن القومي المصري وتعزيز القدرات المصرية في كل المجالات، وتوفير الدعم الخارجي والتعاون الدولي مع جهود التنمية الشاملة التي تشهدها مصر حالياً.
سبع سنوات من الازدهار في ملف العلاقات الدولية المصرية:
استعادت مصر مكانتها ودورها المحوري لمصلحة شعبها والمنطقة والعالم، وهو ما عكسته زيارات وجولات الرئيس الخارجية، والتي بلغت ١٢٥زيارة خارجية، جاء العام الأول في المركز الأول من حيث كثافة هذه الزيارات بعدد ٢٧ زيارة خارجية، يليه العام الخامس ٢٢ زيارة خارجية، في حين تساوي عدد زيارات كل من العامين الثاني والرابع من فترة حكم الرئيس السيسي بـ ١٧ زيارة سنوياً من إجمالي الزيارات الخارجية للرئيس السيسي خلال تلك الفترة، فيما احتل العام السادس والسابع أقل عدد من الزيارات بعدد ١٤ و١٠ زيارات على التوالي، وذلك بسبب تداعيات جائحة كورنا العالمية، وبلغ عدد الدول التي زارها الرئيس السيسي في قارات العالم المختلفة، خلال سبع سنوات، ٤۸ دولة في قارات العالم المختلفة من الولايات المتحدة الأمريكية غرباً وحتي اليابان شرقاً، ومن روسيا شمالاً حتي تنزانيا جنوباً، حيث جاءت المملكة العربية السعودية في صدارة الدول التي زارها الرئيس عبد الفتاح السيسي ١٢ مرة، منها ٥ زيارات في العام الأول وزيارتان في العام الخامس.
الملف العربي:
على مدى سبع سنوات، شهدت العلاقات المصرية الخليجية دفعة قوية في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، والتي حققت مزيدًا من توحيد الرؤى والمواقف الدولية المشتركة في مختلف قضايا المنطقة، فضلًا عن تعزيز أوجه التعاون في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية، وكذلك بحث سبل مكافحة الإرهاب، وهو ما بدا ظاهراً في تأكيد القيادة السياسية مرارًا وتكرارًا، على أن أمن الخليج جزء لا يتجزأ من أمن الدولة المصرية.
ونشطت السياسة الخارجية المصرية في مرحلة ما بعد الإخوان في العديد من الدوائر، منها الدائرة العربية، خاصة بعدها الخليجي، كما ساهمت في الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة السورية، كما نشطت في جهود تسوية الأزمة الليبية، وساهمت كذلك في جهود دعم الشرعية اليمنية بالمشاركة في التحالف العربي لدعم الشرعية وعمليتي عاصفة الحزم وإعادة الأمل، وقامت بتنمية علاقاته مع العراق، واستمرت كذلك في الدعوة لإحياء عملية السلام الفلسطيني الإسرائيلي، وساهمت بدور أساسي في التواصل لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في منطقة هي الأكثر سخونة والملف الأصعب والتاريخي.
الملف المصري - الإفريقي:
سنين عجاف شهدتها العلاقات المصرية الإفريقية بداية من عام ١۹۹٥، عندما تعرض الرئيس الراحل مبارك لمحاولة اغتيال في أديس أبابا، واستمر تدهور العلاقات بعد تنحي مبارك وتولي الرئيس المعزول مرسي إلى أن جاء الرئيس عبد الفتاح السيسي ليضع الملف المصري-الإفريقي في مقدمة أجندته محاولاً بذلك إعادة إحياء العلاقات المصرية - الإفريقية من جديد، كما وصلت هذه العلاقات ذروتها عندما تولت مصر رئاسة الاتحاد الإفريقي لمدة عام، ناهيك عن زيارة الرئيس السيسي للبلدان التي رأى في زياراتها دفعة للعلاقات بينها وبين مصر، وبالفعل نجح في ذلك الأمر الذي قابله مساندة من بعض البلدان الإفريقية للقضية المصرية بشأن سد النهضة، وحرصت الدولة المصرية في عهد الرئيس السيسي على تأكيد جملة من الثوابت التاريخية والاستراتيجية، والالتزامات السياسية والعملية تجاه محيطها الإفريقي، في مقدمتها إعلاء مبادئ التعاون الإقليمي، والمساهمات المصرية في برامج الاتحاد الإفريقي، وقد عملت على تنمية دول القارة عموما، ودول حوض النيل خصوصا، فضلا عن تنوع سياسات وآليات التحرك المصري تجاه بلدان القارة بين تحركات سياسية واقتصادية وإعلامية وثقافية ومائية، فضلا عن الدعم المصري الواسع لجهود التنمية البشرية، من خلال إيفاد آلاف الخبراء والمختصين في عشرات المجالات، واستقبال الآلاف من الأفارقة للتدريب في المعاهد والأكاديميات المصرية، وتنوع مجالات واهتمامات الصندوق الفني للتعاون مع إفريقيا التابع لوزارة الخارجية المصرية.
العلاقات المصرية مع القوى الكبرى:
كذلك استعادت مصر قدرًا كبيرًا من التوازن في علاقتها مع القوى الكبرى، من خلال استمرار العلاقة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، وفى الوقت نفسه فتحت آفاقًا جديدة للعلاقات مع قوى كبرى أخرى، مثل روسيا والصين والاتحاد الأوروبي، وقد أوضحت أزمة غزة في مايو ٢٠٢١، حدود الدور الذى يمكن أن تقوم به الولايات المتحدة، وأنه بدون الاستعانة بقوة إقليمية مهمة، هي الدولة المصرية، ما كان يمكن التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، وهو ما أعاد الدفء إلى العلاقات المصرية - الأمريكية، وأكد أن العلاقات الدولية تقوم بالأساس على المصالح، وليس على الاعتبارات الأيديولوجية.
الملف الآسيوي - الأورومتوسطي:
وشهدت السياسة الخارجية المصرية تحركًا نشطًا في دوائر جديدة وفتح ملفات عديدة وحيوية، ومنها التوجه شرقاً ناحية آسيا، وكذلك دائرة شرق المتوسط، وقد اتضح أهمية هذا الملف الحيوي وضرورة التوجه نحو آسيا في العديد من زيارات الرئيس السيسي لدول القارة، ومنها الهند، واليابان، والصين، وسنغافورة، وغيرها، وقد عكس هذا التوجه الآسيوي قناعة مهمة وتردد في العديد من الدوائر الرسمية وغير الرسمية أن القارة الصفراء هي قارة المستقبل، ليس فقط لأنها أكبر قارة في العالم وأكثرها سكاناً، ولكن أيضاً لأن ميزان القوة العسكرية والاقتصادية والسياسية في طريقه للانتقال لهذه القارة، حيث أصبحت ساحة لتحولات استراتيجية كبرى، وتشهد انتقال موازين القوى من الغرب إلى الشرق، من منطقة المحيط الأطلنطي إلى آسيا ومنطقة المحيط الهادئ، ويتم على أرضها تحول العالم من حالة القطبية الأحادية إلى نظام دولي جديد يقوم على تعدد الأقطاب، أطرافه هي الهند وروسيا والصين، بالإضافة للولايات المتحدة الأمريكية، وقامت مصر بدعم علاقتها مع العديد من الدول الآسيوية، وانضمت إلى مبادرة حزام واحد طريق واحد، والتي تستهدف التعاون الاقتصادي بين الصين والدول التي كانت تمثل ما يعرف بطريق التحرير، كما شاركت مصر أيضا في تأسيس البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية.
وعلى صعيد التعاون الأورومتوسطي ومنطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، نذكر المنطقة التي أصبحت محل اهتمام استراتيجي واقتصادي عالمي نتيجة للاكتشافات العملاقة للغاز الطبيعي بها، والتي بدأ الاهتمام العالمي بها منذ اكتشاف حقل ظهر في السواحل المصرية عام ٢٠١٥، والذى يعد أكبر الاكتشافات على الإطلاق بمنطقة شرق المتوسط وباحتياطيات مؤكدة تتجاوز ٣٠ تريليون قدم مكعبة، والذى أدي إلى تحول شرق المتوسط إلى منطقة استراتيجية واقتصادية كبرى وحيوية، وبدأ يظهر في إطارها تفاعلات وشراكات جديدة، ومشروعات للتعاون لم تكن موجودة من قبل، وطرح مشروعات وأوجه مختلفة للتعاون الاقتصادي بين دول المنطقة، ومنها فكرة كيفية الاستفادة من محطات تصدير الغاز المسالالموجودة بمصر في ظل تمتع الدولة المصرية بالبنية التحتية القوية، والتي لم تعد تعمل بكامل طاقاتها من أجل تصدير غاز المتوسط للقارة العجوز، كما ساهمت تلك الاكتشافات في إنشاء منتدى شرق المتوسط للغاز مقره القاهرة، وقادت الجهود السياسية المصرية لتحويله إلى منظمة إقليمية، وقد نشطت السياسة الخارجية المصرية في هذه المنطقة، وتمثل ذلك في العديد من لقاءات القمة بين مصر وقبرص واليونان، بالإضافة لتعاون عسكري ومناورات مشتركة في شرق البحر المتوسط.
الجائحة وملف التعاون المصري – العالمى:
في ظل استمرار معاناة العالم من جائحة ووباء كورونا المستجد، شارك الرئيس السيسي، في عدة قمم بشأن الجائحة على مستوى العالم، حيث أكد أن مواجهة جائحة كورونا تستدعي التعاون الوثيق بين الدول في إطار شامل للحد من الآثار والتبعات السلبية لانتشار الفيروس في العالم، مشيراً إلى ضرورة إيلاء الأولوية لحماية القطاع الطبي عبر التمويل الكافي لضمان توافر المستلزمات الطبية والوقائية اللازمة، فضلاً عن المساعدة في بناء المستشفيات وتجهيزها.
في الأخير، شهدت السياسة الخارجية المصرية نشاطا كبيرا في مرحلة ما بعد التخلص من حكم أهل الشر، وتم استحداث أهداف جديدة للنشاط الدبلوماسي المصري، منها مكافحة الإرهاب والحفاظ على الدولة ومؤسساتها في مناطق الأزمات والصراعات، وكذلك تكثيف النشاط في عدد من الدوائر غير التقليدية للتحرك الخارجي، والحفاظ على العلاقات التاريخية مع العديد من دول العالم. وقد نجح الرئيس المصري في مهمته في مسألة تثبيت أركان الدولة المصرية بعد حالة الفوضى التي كانت تشهدها البلاد بعد حكم الإخوان الأسود.