الصين واستمرارية الصعود السلمي 6-7-2011 د. حنان قنديل * أستاذ العلوم السياسية، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة. في الشهور الأخيرة من عام 2010، احتلت كل من الصين واليابان موقعا في صدر نشرات الأخبار، بعد أن قام بعض البحارة الصينيين بالدخول بقوارب صيدهم إلي منطقة متنازع عليها بين الصين واليابان، واحتجزت السلطات اليابانية تلك القوارب وكذا العاملين عليها. بدت العلاقات بين البلدين في ذلك الوقت متوترة ومضطربة(1). وعلي الرغم من بلوغ المشكلة نهايتها بإطلاق سراح البحارة الصينيين، فإن الحادث قد دفع إلي السطح من جديد بتلك التحليلات التي لا تزال تري في الصين تهديدا لمحيطها الإقليمي. ووفقا لهؤلاء المحللين، فإنه لن يمر وقت طويل قبل أن يحول المارد الصيني إمكاناته وقدراته المتعاظمة إلي سلوك إقليمي ثم دولي يتسم بالعدوانية، والرغبة في ممارسة الهيمنة. ويذهب هذا المقال إلي أن الصين -وعلي خلاف ما يراه الدارسون الذين يؤيدون الفكرة السابقة- ستمضي في طريقها إلي تطوير علاقات هادئة ومستقرة بجيرانها الإقليميين، وهو الطابع الذي ميز تلك العلاقات علي امتداد عدد ليس بقليل من السنوات. وتبدو الدبلوماسية الصينية التي يطبقها ساسة البلاد إزاء جيرانهم حجر الأساس لهذا التوجه الذي أفلح في إظهار فعالية وكفاءة واضحين في السنوات الماضية. وقد نهضت تلك الدبلوماسية منذ نهاية الثمانينيات علي إعادة تقويم المواقف وتشكيل المصالح الصينية، وفقا للظروف المتغيرة في العلاقات مع الجيران الإقليميين، وليس علي أساس أفكار جامدة ومسبقة لدي القيادة الصينية عن هؤلاء الجيران. وإذا كان ثمة اتجاه قوي للتفكير في الصين علي أنها الدولة العملاقة التي يتخلف من حولها عنها في مقومات كثيرة، فإن هذا الوضع - وعلي الرغم مما قد يغري به من سلوكيات الهجوم والعدوان- لم يدفع بالصين فعليا إلي السير علي ذلك الدرب. بل الثابت أنه حثها علي محاولة احتواء مخاوف دول إقليمها، والظهور منها بمظهر الجار الكبير المسئول الذي يحظي بثقة جيرانه وطمأنينتهم. وسيعني هذا المقال بشرح الأفكار السابقة من خلال الاهتمام بثلاث نقاط رئيسية. أما النقطة الأولي فيتم فيها تفنيد مقولات النظرية الواقعية، تلك المقولات التي ترجح اتخاذ الصين منحي عدوانيا في المستقبل تجاه جيرانها الإقليميين، كما تفترض قيام هؤلاء الجيران بخطوات مقابلة للدفاع عن أنفسهم إزاء هذا المنحي. وأما النقطة الثانية، فستعرض لأهم مراحل تطور الدبلوماسية الصينية إزاء الإقليم الآسيوي، كما تظهر أبرز ملامح تلك الدبلوماسية. وأخيرا، يتناول المقال في جزئه الثالث التحديات التي يمكن أن تطرح نفسها فيما يتصل بعلاقات الصين بجيرانها الإقليميين، ومدي قدرة القيادة الصينية علي التعامل مع تلك التحديات. رابط دائم: