حينما نتحدث عن التقدم، فيجب أن تكون لدينا مؤشرات واضحة، مثل معدلات النمو، والناتج المحلي، وحجم الاستثمارات المتدفقة على الاقتصاد، وحركة الصادرات والواردات، فكلما ارتفعت تلك المؤشرات دل ذلك على توجه الدولة نحو تحقيق التنمية، وحينما تنخفض تلك المؤشرات، فهذا دليل واضح على انحسار درجة التنمية.
والخوض في هذا الموضوع يستلزم الاسترشاد بأرقام وحقائق. وسنستند في هذا المقال إلى تحليل بيانات ثلاثة أعوام هي 2006/2007، و2010/2011، و2016/2017، وذلك لتوضيح التقلبات الاقتصادية، وذلك بالرجوع إلى عدد من المؤشرات، مثل معدلات النمو الاقتصادي، والاستثمارات الكلية، ومعدل البطالة، والعجز التجاري (الفرق بين الصادرات والواردات)، مقترناً بالتزايد السكاني.
فتلك المؤشرات قادرة على أن تعكس التوجه التنموي للدولة، والتي يمكن من خلالها استشفاف ما إذا كانت الدولة تسير نحو طريق التنمية، أم لا.
فإذا ما رجعنا إلى عام 2006/2007، وبالرجوع إلى المؤشرات التي سيتم تناولها في هذا المقال، فقد بلغ معدل نمو الاقتصاد القومي 7.1%، ويرجع السبب الرئيسي في زيادة معدل النمو الاقتصادي في هذا العام إلى زيادة حجم التدفقات الاستثمارية الكلية المنفذة بنسبة غير مسبوقة بلغت 35%، وهو ما أسهم في خفض معدلات البطالة لتصل إلى 10.3%. وبالنسبة إلى عجز الميزان التجاري للمنتجات غير البترولية، فسنجد أنه قد بلغ نحو 22 مليار دولار، أخذاً في الحسبان أن عدد سكان مصر قد بلغ نحو 79 مليون نسمة.
أما إذا نظرنا إلى عام 2011/2012، فإننا يجب أن نأخذ في حسباننا ما خلفته أحداث 2011 من انهيارات، إذ انخفض نمو الاقتصاد ليصل إلى 1.8%، ويرجع السبب الرئيسي إلى انخفاض نمو الاستثمارات الكلية بنسبة -2.2%، وهو ما أسهم في ارتفاع معدلات البطالة للتجاوز نسبتها 13.5%، أما عجز الميزان التجاري للمنتجات غير البترولية، فقد تجاوز 36 مليار دولار مقارنة بعام 2006/2007، أخذاً في الحسبان أن عدد السكان قد ارتفع بمقدار 11% فقط ليصل إلى 88 مليون نسمة.
لذا، فعقب عام 2011 بدت الدولة وكأنها تبدأ من دون الصفر، وبالتالي تحتاج إلى مجهود مضاعف حتى تصل إلى معدلات النمو المنشودة. وهو ما عكسته بيانات 2016/2017، إذ أوضحت ارتفاع معدل النمو الاقتصادي ليصل إلى 4.2%، كما انتعشت الاستثمارات الكلية ليتجاوز معدل نموها 30%، وهو ما أسهم في خفض معدلات البطالة لتصل إلى 11.3%. أما عجز الميزان التجاري للمنتجات غير البترولية فقد انخفض ليصل إلى 28 مليار دولار، محققاً معدل نمو 27% مقارنة بعام 2006/2007. إذن يمكن أن نبرر تلك الزيادة بعنصرين هما ارتفاع عدد السكان بمقدار 30% ليصل إلى 103 ملايين نسمة، بالإضافة إلى اتساع حركة العمران والتوسع في المشروعات بمختلف محافظات الجمهورية وما تحتاجه من مدخلات إنتاج، ويلاحظ أن الارتفاع في عجز الميزان التجاري جاء بنسبة أقل من الزيادة السكانية، وبالطبع احتياجات المشروعات.
وفى الإجمال، فإن الاقتصاد المصري كان يسير بخطى ثابتة نحو تحقيق التنمية، وفقاً لمؤشرات عام 2006/2007، إلا أن أحداث 2011 كانت بمنزلة العثرة على طريق التنمية، فأعادت الاقتصاد إلى ما دون الصفر، والدليل ظهور المؤشرات السلبية التي أوضحتها بيانات عام 2011/2012، لكن سرعان ما استعاد الاقتصاد المصري قوته، لينطلق مجدداً على طريق التنمية، وهو ما أوضحته بيانات عام 2016/2017.
وبالتالي يمكننا القول إن الاقتصاد المصري على الطريق الصحيح، ليتخلص من عثرة أحداث 2011 التي ألمت به ومنعته من مواصلة تقدمه.
رابط دائم: