فى تطور كيفى ونوعى فى العمليات الإرهابية، كانت حادثة مسجد الروضة فى وضح النهار، ووسط الناس وعلى الملأ، وتم استهداف المدنيين فى دور العبادة وخارجها، وأيضا عربات الإسعاف والمسعفين. إلا أن المنعطف الأخطر كان فى حادث كنيسة حلوان يوم الجمعة 29 ديسمبر قبل انتهاء عام 2017 بيومين، حيث تم استهداف كنيسة بحلوان، لاعتقادهم بأن المسيحيين كفار، ويجب التخلص منهم، طبقا للفكر التكفيرى الذى يندرج تحت لواء عقيدة الولاء والبراء، أى الولاء كل الولاء للإسلام، والبراء كل البراء من غير المسلمين، ومنهم المسيحيون، وعليه وجبت استباحة دمائهم، وتخريب ممتلكاتهم. وهو الأمر الذي يكشف عن العقيدة التكفيرية لهؤلاء الإرهابيين الذين يكفروا المجتمع على كل فئاته ومؤسساته طالما هو غير متبع لأفكارهم، والحقيقة أن أكثر ما يخيف فى هذا الأمر هو تسويق هذه الأفكار عبر وسائل متعددة، من أهمها الإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعى، واستدراج البعض، بحكم ظروفهم الاجتماعية، أو الاقتصادية، أو الأمية الثقافية، والتعليمية، وهي العوامل جميعًا التي تتضاعف خطورتها فى ظل غياب استراتيجية وطنية محكمة لمكافحة هذه الأفكار.
ومن ثم، وقع فى براثن هذه الأفكار المغلوطة شباب متشرب لها، مدافع عنها، وعليه يتبرع أحدهم بالتعاون مع أصدقائه باستهداف بعض المواقع الهشة، ومن أهمها المدنيون من مسلمين أو مسيحيين، أو الجوامع أو الكنائس، فيقوم بعملية إرهابية، وهو ما يطلق عليه الذئب المنفرد wolf alone.
وعندما تنجح العملية، يتبنى أحد التنظيمات مسئوليته عنها، حيث أتت له الفرصة على طبق من ذهب ليثبت هشاشة النظام الأمنى، والأمر فى حقيقته غير ذلك تماما.
والحقيقة أننا مسئولون عما حدث لإهمالنا سنوات عديدة الحلول الأخرى للمشكلة، وهذا يتطلب حلولا خارج الصندوق: تربوية، وتعليمية، وثقافية، واقتصادية، واجتماعية. ويظل الحل الأمنى فى الصدارة لمن حمل السلاح بالفعل، وشارك وخطط.
إلا أن النتيجة الأهم فى حادث الكنيسة تتمثل في ظهور المعدن الحقيقى لمصر البهية، ووعى المواطنين بأن المستهدف ليس فئة معينة، بل المستهدف وطن بأكمله، فوجدنا الكل يشارك فى حماية الكنيسة وإخوتهم المسيحيين. وكان نداء إمام المسجد للناس بإنقاذ الكنيسة، وتجمع الناس، فلم يبق إلا تكفيري يحمل سلاحا آليا، ويلتف بحزام ناسف، إلى أن تم استهدافه فتعالت الزغاريد، وصيحات الله أكبر ..الله أكبر.
وانتصرت مصر البهية فى معركة، مدلولها أن الشعب المصرى إذا أراد فعل، فقد طفح الكيل به، ولن يهدأ حتى يقضى على الفكر الظلامى التكفيري، والظلاميين التكفيريين، ولكن علينا مسئولية كبيرة جميعا يجب القيام بها.
رابط دائم: