من الطبيعي أن نتفق جميعًا على تعريف يقرب إلى الأذهان ماهية حقوق الإنسان فهي باختصار المباديء الأخلاقية أو المعاييرالإجتماعية التي تصف نموذجًا للسلوك البشري الذي لا يجوز المساس به ؛ لاعتباره من الحقوق المستحقة والأصيلة لكل امرئ لمجرد كونه إنسانًا؛ ملازمة له بغض النظرعن هويته أو مكان وجوده أو لغته أو ديانته أو غير ذلك. وتكفل حمايتها أطر من القوانين المحلية والدولية، ولا يصح أن تُنتزع إلا نتيجة لإجراءات قانونية واجبة تضمن الحقوق ووفقًا لظروف محددة . وقد تشتمل حقوق الإنسان على التحررمن الحبس ظلمًا والتعذيب وعقوبة الإعدام؛ وبإقرار هذه الحريات فإن المرء يستطيع أن يتمتع بالأمن والأمان، ويصبح قادرًا على اتخاذ قراراته المصيرية .
من هذا المنطلق ؛ بدأت منظمات المجتمع المدني تبحث عن كيفية الوصول إلى الحفاظ على حقوق الإنسان في الحرية والعدالة والمساواة لتحقيق الحد الأدنى للآدمية المفتقدة بفعل التسلط والتحكم من الأنظمة المهيمنة على مقدرات الشعوب . وبدأت تلك المنظمات في إنشاء كيانات تحت مسمَّى حقوق الإنسان، وإن كان البعض منها قد أنشيء بغرض استقطاب عناصرالمعارضة للأنظمة الحاكمة للتأليب عليها لتحقيق أغراض سياسية بعيدة عن الأهداف الأساسية التي قامت من أجلها، ونرى هذا في واقعنا المعاصرالذي اختلطت فيه الكثير من المعايير، وتصدرالمشهد كيانات غريبة لاتمُت لحقوق الإنسان بصلة . ولأننا نعرف أن لكل قاعدة استثناءات؛ فإننا ـ بالتأكيد ـ لانعول عليها ولا نأخذها بعين الاعتبار .
ومن أجل شرف المقصد والتوجه، كان الاحتفال عالميًا بحقوق الإنسان، ومن قبله إصدار الجمعية العامة للأمم المتحدة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكان السبب الرئيس هو ما شاهده العالم من فظائع أثناء الحرب العالمية الثانية، وكان القراربعدم السماح بانتهاك آدمية البشروحقوقهم في العيش بكرامة وعدم تعرضهم للعنف والعدوان، وقد قرر زعماء العالم استكمال ميثاق الأمم المتحدة بخريطة طريق تضمن حقوق كل فرد في أي مكان أو زمان ، هذا الميثاق الذي عُرف لاحقًا باسم" الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"؛ الذي صدر بموجب قرارالجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 217 بتاريخ 10 ديسمبر 1948وجاء تعبيرًا صريحًا عن حق الإنسان في أن يحيا بكرامة، وقد انطوى الإعلان على ديباجة و 30 مادة نصت على حقوق الإنسان، حيث يشير الإعلان بوضوح إلى أن الناس جميعًا يولدون أحرارًا ومتساوين في الكرامة والحقوق، ولكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في الإعلان، دون أي تمييز من أي نوع بسبب الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي سياسيًا أو غير سياسي ،أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو المولد .
ويحوي الإعلان العالمي ثلاثين مادة بالإضافة الي ديباجته الافتتاحية اشتملت هذه المواد على الحد الأدنى من الحقوق الإنسانية التي يجب أن يتمتع بها البشر ويتلخص في: أن كل إنسان حر ويجب أن نُعامَل جميعاً بالطريقة نفسها، جميع الناس متساوون بغض النظرعن الفوارق في لون بشرتهم أو جنسهم أو دينهم أو لغتهم ، لكل شخص الحق في الحياة وفي أن يعيش بحرية وأمان، لا يجوز لأحد أن يعاملك كرقيق، كما لا يجوز لك أن تسترق أحدًا، ولكل شخص الحق في طلب المساعدة القانونية عندما تُنتهك حقوقه، وليس من حق أحد سجنك ظلماً أو طردك من بلدك، لكل شخص الحق في محاكمة علنية عادلة، وأن كل شخص برئ حتى تثبت إدانته.... إلخ هذه القيم العادلة التي يحتاجها الإنسان في مواصلة الحياة .
وعلى هذا المنوال؛ تم إنشاء المنظمة المصرية لحقوق الإنسان وهي من أولى المنظمات غير الحكومية التي تعمل في مجال تعزيز حقوق الإنسان في مصر وقد أنشئت المنظمة عام 1985 وتعمل وفقا لمبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و تشريعات حقوق الإنسان الدولية الأخرى.
يبلغ عدد أعضاء المنظمة المصرية لحقوق الإنسان 2300 عضو ولديها مكاتب فرعية في مختلف المحافظات، وتقوم المنظمة برصد حالات حقوق الإنسان في مصر والدفاع عن حقوق المواطنين ومواجهة انتهاكات حقوق الإنسان, سواء كان مصدر هذه الانتهاكات جهة حكومية أوغير حكومية؛ وبغض النظرعن هوية ضحايا الانتهاكات أو المنتهكين، وكذا إعداد تقاريرعن تلك الإنتهاكات وتوضيح وتأييد مبادئ حقوق الإنسان، كما تحاول أن تشجع المؤسسات المدنية القومية والدولية أن يتخذوا الخطوات اللازمة لإيقاف مايُنتهك من حقوق .
ويستوقفنا السؤال الحائر الذي يبحث عن إجابة شافية: هل منظمات حقوق الإنسان المنتشرة في العالم؛ بالعديد من المقرات والمكاتب في عواصم الدول ـ خاصة دول العالم الثالث ـ صادقة في حمايةحقوق الإنسان واستجلابها؟ أم هي عيون راصدة لحركة المجتمعات لتأليبها على السلطة الشرعية لتحقيق أهدافها التي أصبحت لاتخفى على أحد .. وهل الدفاع عن حقوق الإنسان حقيقة أم محض خيال ؟
فقناعاتي الراسخة؛ بأن حقوق الإنسان في هذا العالم المليء بالأطماع وشهوة التسلط والتحكم في البشر؛ لايحتاج إلى قوانين أو دساتير؛ بقدر ما يحتاج إلى صحوة الضمير وإعطاء ما لله لله .. وما لقيصر لقيصر .. حتى يستقيم الميزان ، وينعم العالم بالحرية والعدالة والمساواة.لكن يقظة الضمير الإنساني لايعول عليها في عالمنا اليوم المليء بالصراعات والأطماع والمؤامرات وسباق التسلح النووي الذي يهدد السلام العالمي فحقوق البشر جميعا أصبحت على المحك وبخاصة مع انتشار ظاهرة الإرهاب التي لاترحم لذلك نجد أنه من الأهمية بمكان إعادة صياغة القوانين التي تكفل حق الإنسان في الحياة الآمنة بعيداً عن المخاطر التى تهدر كرامته وإنسانيته وقد فطن الرئيس عبد الفتاح السيسي لخطورة الإرهاب فطالب بضرورة محاربته والتصدي له كحق جديد من حقوق الإنسان وكذلك حق الانسان في التعليم الجيد والحصول على الرعاية الصحية وأمور كثيرة يحتاجها الإنسان في كل زمان ومكان ليشعر بأن إنسانيته وحقه الطبيعي المستحق يكفله له الدستور والقانون دون أدنى تهاون أو تفريط،،ترى هل تستطيع منظمات حقوق الإنسان المنتشرة في العالم القيام بدر حقيقي فعال تجاه البشرية جمعاء من حيث ضمانات الحماية والاحتواء الكامل فتكون إنسانيتنا حقيقة معاشة وواقعا ملموسا وليست ضربا من الخيال نتوهمه .هذا والله استحقاق لن نتوانى في المطالبة به والتأكيد عليه ماحيينا ألم تعاني الإنسانية مايكفي أما آن لكل معاناة أن تتوقف لننعم بالحياة الطبيعية ؟!
رابط دائم: