لا شك فى أن الشباب في سائر المجتمعات يعدون بمنزلة المعادلة المحورية، نظرا لما يملكونه من حيوية وحماس وقدرة على التغيير والتغريد بأفكارهم ونقاشاتهم، من أجل صناعة الغد. فمن اليقين أن الأمم الشابة والفتية هي أمم ناهضة، وهذه النهضة مشروطة بقدرتها على توظيف شبابها، وتمكينهم سياسيا، واقتصاديا، ومجتمعيا، من أجل تجاوز المحن، وإزالة التحديات، وكسر الحواجز.
ولكون الشباب في الفئة العمرية من 15 إلى 34 عاماً يمثلون نحو 34.5% من إجمالي السكان، وفقا للتعداد السكاني الأخير، الصادر عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، كان لابد للدولة المصرية من التعامل مع هذه الفئة، بحسبانها مقوماً مهما من مقومات النجاح، والذي يجب استغلاله وتأهيله، ومن ثم تحويله لقيمة مضافة يمكنها أن تسهم في تقدم المجتمع.
وهنا، يجب تأكيد أن رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي وحرصه الدائم على فتح قنوات تواصل مع الشباب المصري، من خلال المؤتمرات الشبابية، التي انطلقت فعالياتها في أكتوبر 2016 من مدينة شرم الشيخ، تعبير عن صدق القيادة السياسية والتزامها بتنفيذ وعده لعقد مؤتمر وطني للشباب، والذي قد قطعه على نفسه خلال احتفالية يوم الشباب المصري في مطلع يناير عام 2016، ثم بعد ذلك أصبحت المؤتمرات الشبابية في أسوان، والإسماعيلية، والإسكندرية، عرفاً مصرياً خالصاً، وحدثاً فريداً يجتمع خلاله الشباب مع القيادة السياسية وصناع القرار ليدلوا بدلوهم في عدد من القضايا الشبابية، وكذا الموضوعات التي تشغل المواطن المصري وكيفية وضع آليات وحلول تتواءم مع محددات الواقع المعيش، فخرجت هذه المؤتمرات بتوصيات وحلول تم التعامل معها بجدية تامة من قبل الدولة المصرية.
ومن المقطوع بصحته أن هذة المؤتمرات قد نجحت في خلق جيل من الشباب قادر علي الإبداع، تاركا انطباعا جيدا لدى من كانوا يعتقدون أن مصر لا تملك صفا ثانيا يمكنه أن يتولى زمام الأمور في المستقبل، حيث وُجد من ظن أن من الصعوبة بمكان تجاوز فكرة سيطرة النخب التقليدية، وأصحاب التفكير النمطي على الساحة والمشهد. إلا أن أفكار الشباب، وحواراتهم، ونقاشاتهم خلال هذه المؤتمرات خلقت نوعا من الثقة في قدرات الشباب المصري، كثيرا ما أُحسن استغلالها وتوظيفها.
وقد أَبَى شباب مصر ألا يكون فاعلا في محيطه الإقليمي، ومن ثم الدولي، فجاءت دعوته لشباب العالم لعقد منتدى الشباب من أجل الحوار والبحث عن القواسم المشتركة لعدد من القضايا الشبابية، من بينها قضايا الإرهاب، واللاجئين، وكيف يمكن أن يسهم الشباب في بناء وحفظ السلام في مناطق الصراع، وكذا عرض عدد من التجارب الدولية في تدريب الشباب وصناعة قادة الغد، وصولا لنموذج محاكاة للأمم المتحدة، والذي سيشارك به أكثر من 60 شاباً من مختلف دول العالم.
ختاما، يمكننا تأكيد أننا على بعد خطوات من بداية الحلم الذي سيسطر خلاله الشباب المصري صفحة جديدة من صفحات العلامة الوطنية للدولة المصرية، تلك العلامة التي يشكل محاورها التاريخ والحضاره والهوية. ففي شهر نوفمبر 2017، ومن أرض السلام سنؤرخ لمرحلة جديدة من عمر الوطن، شعارها "بالحوار نُؤسس لعالم يقبل الجميع ويعترف بالتنوع"، حيث يمكننا النظر لمنتدى شباب العالم، بحسبانه الحدث الأهم منذ انطلاق عام الشباب، حيث سيصطف شباب مصر، وكذا العالم جنبا إلي جنب لكتابة تاريخ سنقف عنده كثيرا لنشهد -ومعنا العالم- علي قوة شباب مصر، وقدرته علي الإبداع، وتدشين حوار بين الثقافات والحضارات المختلفة فى قلب منطقة مفعمة بالنزاعات وحافلة بالتجاذبات، لتتحول المؤتمرات الشبابية من حدث داخلي إلي محفل دولي سيمنح مصر وشبابها القدرة علي التأثير والتغيير في موازين وخريطة القوى الشبابية علي مستوي الإقليم، وكذا العالم، لتظل مصر ويظل شبابها مصدرا لقوتها.
رابط دائم: