وأشار المسماري إلى أن الجيش الوطني الليبي أنهى واجبه العسكري في مدينة بنغازي، وأنشأ عدة مناطق عسكرية متكاملة، وتم تعيين كل قياداتها، مؤكدا أن الجيش يحتاج خلال المرحلة المقبلة إلى الدعم اللوجيستي، معتبرا أن الوحدة التي تحققت بين أفراد وقيادات الجيش الليبي تمثل نقلة نوعية في التكوين العسكري الليبي.
وقال إن عدد أفراد الجيش بلغ 60 ألف عسكري، جميعهم من كليات عسكرية، ومن خريجي الثانوي العسكري، ومن بعثات تدريب، متوقعا أن يصل عدد أفراد القوات المسلحة الليبية، خلال الفترة القريبة المقبلة، إلى 70 ألف عسكري، مبررا ذلك بفتح باب العودة إلى التجنيد في القوات لكل العسكريين الذين استفادوا من قانون العفو الذي أصدره البرلمان الليبي في 2015،باستثناء المتهمين في قضايا جنائية.
وأضاف أن الجيش الوطني الليبي يسعى خلال الفترة المقبلة إلى السيطرة على جميع الأراضي الليبية، والقضاء على الإرهاب بكل أشكاله، ومواجهة عصابات المال العام، وعصابات بيع الأراضي، ومواجهة الفضائيات التي تمول من قطر، وذلك لفرض هيبة الدولة الليبية، مرجعا ذلك إلى توافر حاضنة اجتماعية للجيش الليبي في جميع المناطق، بما فيها سرت وطرابلس، ظهرت ملامحها بوضوح في معركة الهلال النفطي، التي لم يقتل فيها شخص واحد، بل لقي الجيش فيها دعما من المشايخ والقبائل.
وبعد أن أنهي العقيد أحمد المسماري، المتحدث العسكري للجيش الوطني الليبي كلمته، تدخل اللواء محمد الغباري، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، مدير كلية الدفاع الوطني الأسبق، قائلا إن "مصادر تغذية الإرهاب ستستمر في ليبيا وغيرها من مناطق الشرق الأوسط، وإن الحرب على الإرهاب ستكون طويلة، لأن المستهدف منها هو عزل مصر عن منطقة الشام".
وأشار إلى أن اتساع مسرح ليبيا الجغرافي سيؤدى إلى استمرار الإرهاب في مناطق كثيرة، وذكر منها منطقة "الجبل الأخضر" التي تقع في الشمال الشرقي من ليبيا، التي تعد- من وجه نظره-من أصعب الأماكن الليبية التي يوجد فيها الإرهاب. وأنهى الغباري مداخلته بسؤال عن مدى إمكانية وجود تنظيمات إرهابية في التحصينات التي أقامها العقيد معمر القذافي كموقع دفاعي يبدأ من الشمال إلى امتداد 25 كيلو مترا في الجنوب، وعلى بعد 25 كيلو مترا من الحدود المصرية.
أكد العقيد المسماري، في إجابته على هذا السؤال، أن منطقة الجبل الأخضر الليبية تقع بالكامل تحت سيطرة الجيش، وأن منطقة الحدود المصرية- الليبية لا يمكن القيام فيها بعمل إرهابي جماعي، موضحا أن عمليات تهريب السلع التموينية تمثل النشاط الوحيد الذي تلجأ إليه التنظيمات في الوقت الراهن. وأضاف أن دولة السودان تلعب دورا غير برئ في ليبيا، يتمثل في دعمها لجماعات الإسلام السياسي المتطرفة، مفصلا أن ليبيا بها عصابات إجرامية تلعب أدوارا خطيرة في جنوبها، وتتكون من جماعة العدل والمساوة السودانية، ومن المعارضة التشادية، وغيرهما، وهي تتحرك على الحدود المصرية الجنوبية مع ليبيا إلى الحدود السودانية، ثم إلى داخل تشاد.
وقال العقيد خالد عكاشة، الخبير الأمنى، في مداخلته إن قوات الجيش الليبي أنقذت ليبيا من مصير مجهول، وإن الهدف من دعم وتمويل الإرهاب في ليبيا كان لزعزعة استقرار دول الشمال الإفريقي ودول الساحل والصحراء. وتساءل عكاشة عن مدى حقيقة سيطرة الجيش الوطني الليبي على 90% من الأراضي الليبية، وعن الموقف الحقيقي للدول الغربية من استقرار ليبيا، وسيطرة الجيش على النسبة الكبرى من الأراضي.
وجاءت إجابة العقيد المسماري على هذا السؤال أن الجيش يسيطر فعليا في الوقت الراهن على 90% من الأراضي، وأن كل الدول الغربية تريد نصيبها من الكعكة الليبية، ولكل دولة من الدول الأوروبية مصلحة تريد تحقيقها في ليبيا. قائلا إن "المصلحة العليا لهم جميعا تكمن في تحقيق التعاون والتنسيق مع القوات المسلحة التي تسعى إلى تحقيق الأمن". وأضاف أن "الأوربيين والأمريكيين يتعاملون في الواقع مع من يملك زمام الأمور في ليبيا".
وأشار إلى أن إيطاليا تسعى إلى قيادة أي عمل أوروبي أو دولي في ليبيا، من منطلق أن ليبيا تمثل إرثا استعماريا للإيطاليين، وأن إيطاليا تدعم "السراج"، رغم أنه يستحيل أن يحقق مصالحها، التي من أهمها الأمن بميليشياته المسلحة. وأضاف قائلا أن"الإنجليز أيضالم يدافعوا عن إبراهيم الجضران عندما سيطرنا على الهلال النفطي، رغم أنهم كانوا يدافعون عن الفيدرالية".
داعش في آخر مراحله
وطرح مالك عوني، مدير تحرير مجلة السياسة الدولية، في مداخلته، أن الحديث عن رفع الحظر عن السلاح يفترض أحد السيناريوهين: إما الوصول إلى توافق سياسي يتخذ الغرب بموجبه قرارا بإعادة الأموال إلى مختلف القوى الليبية، أو التمكن من السيطرة على ليبيا، وبالتالي تساءل: هل الجيش الوطني الليبي والقوى السياسية في طبرق مستعدان للتوصل إلى اتفاق سياسي يدفع بالقبول بوجود الميليشيات، وعناصر الإخوان كجزء من الحل السياسي في ليبيا؟.
وأكد المتحدث العسكري الليبي، في إجابته على هذه التساؤلات أن "داعش " يعيش في آخر مراحله في ليبيا، وأن التعامل مع الخلايا النائمة سيكون أيضا بالبندقية، وأضاف أن مواجهة الفكر الإرهابي بعد رحيل "داعش " و" القاعدة " عن ليبيا ستحتاج إلى تكاتف الجميع، متوقعا عدم عودة المقاتلين إلى ليبيا في الوقت الراهن بسبب حدوث معطيات جديدة في الساحة الليبية قد لا تسمح باستقبال أي من "دواعش" سوريا أو العراق.
روسيا والسودان والأزمة الليبية
وتساءلت الدكتورة أماني الطويل، خبير الشئون الإفريقية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عن حدود الدور الروسي في الأزمة الليبية، وتسليح الجيش الوطني الليبي، وحجم التدخل السوداني في ليبيا. وقالت إن "الجنوب الليبي لا يزال به أذرع لتنظيمات إرهابية تعتمد على التمويل الذاتي، وإن اقتصار التنظيمات في الجنوب الليبي على تنظيمات الجريمة المنظمة يحتاج إلى توضح وتحديد".
وأجاب المسماري مؤكدا أن ليبيا لديها تعاقد عسكري مع روسيا منذ 2009 تزيد قيمته على 4 مليارات دولار، يتعلق بتوريد معدات عسكرية، وصيانة أسلحة، وقطع غيار، لم يفعل حتى الوقت الحالي.
وأشار إلى أن روسيا مؤيدة لدور القوات المسلحة لدعم الاستقرار، وتحقيق الأمن الليبي، إلا أن الروس يشترطون توفير السلاح برفع الحظر عن الجيش الليبي. وأكد أن التنظيمات الموجودة في الجنوب الليبي في الوقت الراهن هي تنظيمات إجرامية، وليست إرهابية، تنتشر في مناطق بعيدة عن سيطرة القوات الليبية. وعن دور السودان في ليبيا، قال "لدينا وثائق تؤكد التدخل السوداني في ليبيا"، مشيرا إلى أن قطر تتحمل المسئولية التاريحة عما يحدث في ليبيا.
مواجهة فلول داعش
وتساءل جميل عفيفي المحرر العسكري بالأهرام، المستشار العسكري لمجلة "السياسة الدولية" عن مدى إمكانية وجود خطة عسكرية من قبل الجيش الوطني الليبي في حالة دخول عناصر جديدة من تنظيم "داعش"، في ظل انحسار "داعش" في سوريا والعراق.
وكانت إجابة المتحدث العسكري الليبي على هذا السؤال أن هناك خطة عسكرية جاهزة للقوات المسلحة الليبية تشمل جميع أنواع القتال، وأنه من ناحية التسليح توجد أسلحة جاهزة من مخازن قطر في ليبيا. أما من الناحية الأمنية، فقد أشار المسماري إلى أن الجيش الليبي أصبح لديه "عيون" في كل مكان للإرشاد والتنبيه، خاصة بعد تقلص عدد مطارات الاستقبال التي كانت تستخدمها التنظيمات الإرهابية في جلب المقاتلين.
حسابات الجزائر
وفي مداخلة لسامح راشد، مدير تحرير مجلة السياسية الدولية، تسلءل عن مدى تهيئة الظروف للحل السياسي، بعد سيطرة الجيش الوطني الليبي على الأرض، وعن علاقة دول الجوار بما يحدث في ليبيا في الوقت الراهن، خاصة الجزائر بما لها من حسابات معقدة ترتبط بالداخل الجزائري.
أكد المسماري أنه لم يتم التطرق إلى تفاصيل الرؤية السياسية قبل تحقيق الانتصار العسكري الكامل، مشيرا إلى أن الأشهر الستى القادمة ستكون حاسمة في مصير ليبيا، وأن المصالحة الوطنية التي تم التطرق لها ستتم بموافقة كل القبائل، وأنه سيكون للعامل الاجتماعي دور مهم في تلك التوافقات القبلية. أما عن موقف الجزائر مما يحدث في ليبيا، فأكد أن السلطة الجزائرية ليس لها سياسة واضحة مما يحدث في الداخل الليبي، على أساس أن تغلغل الإسلام السياسي في الدولة الجزائرية يجعلها لا تسعى إلى زعزعة الاتفاقيات معهم، وأيضا لا تريد إثارة قادة الإرهاب في ليبيا من منطلق الحفاظ على الاستقرار الداخلى في الجزائر، مشيرا إلى أن الشعب الجزائري يدعم مواقف الليبيين الوطنيين.
أوضاع المصريين في ليبيا
وأجاب المتحدث العسكري الليبي عن تساؤل للأستاذ أحمد عامر، الصحفي بالأهرام والمتخصص في الشأن الليبي، حول الوضع القانوني للعمالة المصرية الموجودة في ليبيا بدون أوراق رسمية، وكيفية ضبط المنافذ الصحرواية التي تستخدم في تهريب العاملة المصرية، وحدود التعاون المصري الليبي في ضبط الحدود الشرقية لمنع ظاهرة الهجرة غير الشرعية للمصريين، قائلا إن "هناك تعاونا مصريا- ليبيا لمراقبة الحدود، وإن جميع المشاكل المتعلقة بالعمالة المصرية سوف يتم حلها"، مشيرا إلى أن ليبيا ستحتاج إلى مليونى عامل خلال الفترة المقبلة.
وأكد المسماري، في إجابته على تساؤل للدكتور زياد عقل، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عن حقيقة الوضع داخل بنغازي، ومدى السيطرة عليها بالكامل، أن المعركة في بنغازي انتهت عمليا وفنيا، وأن القوات المسلحة تسيطرة سيطرة كاملة على كل شبر فيها، مشيرا إلى أن قوات الأمن الخاصة تقوم بتمشيط الشوارع والمباني لتحقيق الاستقرار الكامل في تلك المنطقة.
الوجهة القادمة
وأكد الدكتور خالد حنفي، خبير الشأن الليبي، مساعد رئيس تحرير مجلة السياسة الدولية، أن فكرة تكوين الجيش الوطني الليبي كانت في بدايتها أحد مداخل الحل للأزمة الليبية، متسائلا عن حسابات الخطوة القادمة للجيش الليبي، وفي أي اتجاه تتم، وكيف يتعامل الجيش الوطني الليبي مع الهياكل العسكرية التي أنشئت في طرابلس، وكيف يتم التفرق بينها وبين الميليشيات المسلحة؟.
وعليه، أجاب المتحدث بأن قوات الجيش الوطني الليبي وصلت إلى هدف التحكم في تلك المناطق، وهو النفط ، وبالتالي يمكن القول إنه تمت السيطرة علي تلك المناطق بالكامل، وانتهت معركتها لمصلحة القوات المسلحة. أما فيما يتعلق بتعامل الجيش مع الهياكل المسلحة في طرابس، فأكد أنه لا توجد إشكالية في دمج أي عنصر عسكري لديه رقم ورتبة عسكرية، ولا يزال في الخدمة، وأن أي ضابط يدخل القيادة العامة للقوات المسلحة سيكون ذلك حسب رتبته وأقدميته، وأن الرواتب توزع حسب الأقدمية والرتبة أيضا.
وعن الدور الأمريكي في ليبيا، بعد وصول الرئيس ترامب للسلطة، أكد المتحدث أن الملف الليبي بعيد تمام عن الاهتمام الأمريكي، لأن ليبيا في ظل ظروفها الراهن لا تمثل مصلحة للولايات المتحدة الأمريكية، مشيرا إلى أن وصول هيلاري كلينتون للسلطة كان سيمثل دعما كبيرا للإخوان في مواجهة الجيش الوطني الليبي.
التأثير المصري
وفي تساؤل عن حدود تأثير الضربة الجوية المصرية للإرهابيين في مدينة درنة، والتي أعقبت أحداث أتوبيس تلاميذ المنيا، أكد العقيد المسماري أن الضربة الجوية المصرية كانت مؤثرة بصورة جيدة في اتجاهين، الأول تمثل في رفع الروح المعنوية للشعب والجيش الليبي معا، على أساس أنه أصبح لديهم سند يلبي الاحتياجات والتكتيكات التعبوية، بالإضافة إلى أن القوات المسلحة الليبية قامت بعمليات نوعية حققت أهدافها أيضا داخل مدينة درنة.
وفي نهاية اللقاء، أكد أستاذ أحمد ناجي، رئيس تحرير مجلة السياسة الدولية، أن استقرار ليبيا من مصلحة الأمن القومي المصري، وأن سيطرة الجيش الوطني الليبي على كامل الأرض في ليبيا، بعد الانتهاء من جميع التنظيمات الإرهابية في ليبيا، ستدعم أمنها الداخلى، وتنمى من اقتصادها، مقدما الشكر لكل الضيوف والحضور من الباحثين والمتخصصين في الشأن الليبي والعسكري.
-------------------------------------
(*) المشاركون في اللقاء الخاص: عبد المحسن سلامة، أحمد ناجي قمحة، أبوبكر الدسوقي، مالك عوني، سامح راشد، د.خالد حنفي، عمرو عبدالعاطي، اللواء أ.ح / محمد الغباري، العقيد خالد عكاشة، جميل عفيفي، أحمد عامر، د. أماني الطويل، د. زياد عقل، سارة كيرة.