ستكون القارة الإفريقية، خلال القرن الحادي والعشرين، موقع جذب للقوي الصاعدة، ومحل صراع مفتوح علي كل الاحتمالات في آن معا. ولذا، كانت تركيا من أولي الدول التي سارعت إلي احتضان القارة السوداء.
ووثقت أنقرة علاقاتها مع الدول الإفريقية، من خلال بناء شراكات متينة مع العديد من الدول التي تتمتع باقتصادات ناشئة قوية، وموقع جيوسياسي بارز. وتحظي تركيا بتأثير ملحوظ في كثير من الدول الإفريقية ارتباطا بالعلاقات التاريخية، وكذا بحجم التبادل التجاري (الصادرات التركية لإفريقيا والواردات المهمة من النفط، والمعادن، والمواد الخام التي توفرها القارة).
وشهد النفوذ التركي في إفريقيا حضورا كبيرا منذ صعود حزب العدالة والتنمية إلي السلطة، لحسابات عدة، أبرزها الخلفية الإسلامية للحزب، والرغبة في تصدير التجربة التركية كنموذج يزاوج بين الديمقراطية والإسلام، وتزايد الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية لإفريقيا في اهتمامات القوي الدولية والإقليمية، مما دفع أنقرة لأن تكون أحد الفواعل في القارة.
في هذا السياق، جاء توالي زيارات كبار المسئولين الأتراك، خصوصا علي المستوي الرئاسي، إلي مختلف دول القارة السمراء في السنوات الأخيرة. وبلغ عدد الزيارات الرئاسية التركية لإفريقيا خلال العامين الماضيين عشر زيارات، آخرها جولة أردوغان في يناير 2017 إلي تنزانيا، وموزمبيق، ومدغشقر.
وشهدت الجولة توقيع تسعة بروتوكولات تعاون مع تنزانيا في قطاعات البنية التحتية، والزراعة، والسياحة، إضافة إلي إجراءات لتعزيز المبادلات التجارية، حيث ارتفع حجم التجاري بين البلدين من 12 مليون دولار عام 2005 ليصل إلي نحو 151 مليون دولار في عام .2016 كما وقعت تركيا مع مدغشقر اتفاقية للمساعدات النقدية، فضلا عن اتفاقيات في مجالات الطاقة مع موزمبيق بعد اكتشاف احتياطيات نفطية وغازية بها.
بلغت حصيلة جولة أردوغان الإفريقية 19 اتفاقية تجارية واقتصادية، وتفاهمات سياسية، تعزز النفوذ التركي في القارة السمراء، إضافة إلي افتتاح مكتب رسمي لوكالة التعاون والتنسيق التركية (تيكا) في عاصمة تنزانيا، دار السلام. وتم الاتفاق مع موزمبيق علي إلغاء تأشيرة الدخول بين البلدين لتسهيل المبادلات التجارية. (للمزيد طالع المجلة)
رابط دائم: