شكلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة نقطة تحول رئيسية في سياسات الدول الغربية في مواجهة انتشار تهديدات ظاهرة الإرهاب. إذ أقدمت هذه الدول علي استحداث قوانين، وإجراءات، وممارسات أمنية موسعة وغير مسبوقة للحد من تأثير هذا التهديد في حياة المواطنين، وهو الأمر الذي خلف تداعيات مؤثرة، سواء علي صعيد النظام الدولي، أو الأوضاع الداخلية للدول.
بيد أن تلك الإجراءات الأمنية الحكومية انطوت -في بعض الأحيان- علي انحرافات عن هدفها الأساسي، بل ومبالغة في تقدير مخاطر الظاهرة الإرهابية، حيث تم الترويج لهذه الأخيرة في الخطابات السياسية علي أنها تهديد وجودي من أجل تبني سياسات أمنية موسعة، فيما يسمي بـ "أمننة الإرهاب". وقد أدي ذلك إلي انتهاكات حقوقية في بعض الدول، خاصة مع توسع الرقابة والتجسس علي المواطنين، فضلا عن أن القوي الكبري، خاصة الولايات المتحدة، وظفت أمننة الإرهاب لتحقيق الهيمنة السياسية وتسويغها.
وعلي ذلك، سيعني هذا المقال بطرح الاتجاهات النقدية للممارسات الأمنية التي تبنتها الدول في مواجهة الظاهرة الإرهابية، وخاصة مدرستي باريس وكوبنهاجن، اللتين انتقدتا تصاعد الاتجاه لأمننة الإرهاب، ثم يناقش الآراء المؤيدة والمعارضة لهذا الاتجاه. وأخيرا، يلقي الضوء علي التداعيات المترتبة علي أمننة الدول الغربية للظاهرة الإرهابية.
رابط دائم: