تجابه الدولة المضيفة للاجئين تحديات إنسانية وسياسية حادة بسبب الثقل السكاني الذي يضاف إلي تركة معطياتها المجتمعية القائمة، والتي قد تتأثر سلبا عند ضعف الموارد والبنية التحتية المهيئة لاستضافتهم. وفي حال غياب حل سياسي في أفق أزمة البلد الأصيل للاجئين، وسط نظام إقليمي مضطرب، فإن إشكاليات بنية الدولة القومية المضيفة قد تتفاقم، لاسيما مع تنامي مشاعر الإحباط العام بين صفوف مواطنيها إزاء ما يعتقدونه تحملا مرهقا لتبعات اللجوء، وضعف الدعم الدولي، مما ينذر باتساع نطاق التوترات المحلية.
في ضوء ذلك، تسعي هذه الورقة لتحليل مدي ما تطرحه تدفقات اللاجئين من تأثيرات وتحديات لبنية الدولة القومية، عبر طرح المداخل النظرية المفسرة لذلك، ثم تتخذ من الأردن حالة تطبيقية، لاسيما وأنه لم يكن بعيدا عن "إسقاطات" تلك التأثيرات لدي استقباله أعدادا كبيرة من اللاجئين السوريين، نتيجة الأزمة الممتدة في هذا البلد، منذ زهاء السنوات الخمس تقريبا، مما أفرز ضغوطا بنيوية ثقيلة أصابت التركيبة السكانية، والمجتمعية، والبنية التحتية للأردن، التي اختبرت تجارب سابقة من اللجوء الفلسطيني والعراقي.
كما أحيت تدفقات اللاجئين إشكاليات "الهوية"، و"الدمج"، و"المواطنة" القائمة سلفا في الساحة الأردنية الداخلية، بما قد يخلق توترات مجتمعية حادة، ويهدد الأمن والاستقرار الوطني، في ظل المشهد الإقليمي العربي المضطرب، وغياب حل سياسي للأزمة السورية في الأفق القريب علي الأقل.