ما الذي يجمع بين رئيسَيْ الهند واليابان؟
إنّهما قوميان يرأسان دولاً آسيوية كبرى، على الرغم من لطخات سوداء في تاريخ بلديهما. لا يريد رئيس اليابان التحدّث عن التاريخ الاستعماري لبلاده في دول الجوار، ولا يريد الثاني الحديث عن تصرّفات بعض أنصاره العنصريّة. هما يريدان لاقتصادهما النموّ السريع، ويريدان مقاعد دائمة في مجلس الأمن، فضلاً عن تشكيل جدار مانع ضد الصين.
تريد الهند من اليابان، بناء خط للسكك الحديد، يربط ما بين مدينتي مومباي وأحمد آباد. المدينة الأولى هي العاصمة الاقتصادية للهند، أما الثانية فكانت عاصمة ولاية غوجدرات، التي كان مودي حاكمها قبل أن يُنتخب رئيساً للبلاد. وتريد الهند كذلك، توقيع اتّفاق حول التعاون النووي السلمي، وبناء مفاعلات لهذا الغرض. وتعتبر اليابان نفسها، من الدول الأولى في العالم التي تطبّق معاهدة الحد من انتشار السلاح النووي. وتوقيع ذلك الاتفاق يُعتبر إقراراً من اليابان واعترافاً بكون الهند دولة تمتلك السلاح النووي العسكري. وتريد الهند أيضاً تزويدها بطائرات مُعَدَّة للإنقاذ البحري.
إنَّ التحالف ما بين الهند واليابان وتعاونهما مع أميركا، يرمي إلى مواجهة الصين. وتُقام سنوياً مناورات عسكريّة للبلدين بالاشتراك مع أميركا. وكانت تلك المناورات قد توقّفت في العام 2008 بعد احتجاج الصين. ولكنّها عادت الآن إلى ما كانت عليه من قبل. ويُعدّ ذلك رداً على الصين التي تريد بناء قواعد عسكريّة في بحر الصين الجنوبي، وتعلن الهند الآن، وللمرة الأولى، تأييدها لحريّة الملاحقة في تلك المنطقة.
وعند الاقتراب من المجال الجيوسياسي نرى أنَّ سياسة عدم الانحياز التي اتّبعتها الهند، لا تزال، إلى حدّ ما، سارية المفعول حتى الآن. كما أنَّ التحالف الياباني ـ الأميركي مستمر. لذا، ترفض الهند إنشاء حلف سياسي وعسكري جديد يضم البلدين مع أميركا. وينتاب الصين القلق من إمكانيّة تبادل البلدين معلومات استخبارية حول الملاحة البحرية في مضيق ملقا.
ولا تزال العلاقات الاقتصادية بين البلدين ضعيفة حتى الآن. ولا تشكل المستوردات الهندية إلا واحداً في المئة من صادرات اليابان. كما أنَّ الاستثمارات المباشرة اليابانية في الهند ضئيلة جداً. وقد أضاعت الهند فرصة تحولها بلداً صناعياً كبيراً مثل الصين. كما أنّها غير منضمّة إلى أيّ تكتّل اقتصادي في المنطقة. ولكن فرص التكامل الاقتصادي بين البلدين متاحة. إذ إنَّ اليابان تملك رأس المال والتكنولوجيا، أمّا الهند فتملك سوقاً هائلة للسلع الصناعيّة اليابانيّة. وترى الشركات اليابانيّة أنَّ التعامل مع الصين يبقى أفضل، برغم الخلافات السياسيّة. كما أنَّ التعاون في المجال النووي متوقّف الآن، بسبب القلق الياباني. وتُصرّ اليابان على توقيع الهند على معاهدة الامتناع عن القيام بالتجارب على السلاح النووي. ويسود القلق في أوساط الشركات اليابانيّة بعد الزلزال المدمّر في العام 2011، والذي دمّر مفاعل فوكوشيما النووي. وقد قام رئيس الوزراء الياباني بزيارة الهند منذ وقت قصير، ما يعني وضع العلامات بين البلدين على خط التطور البنَّاء.
------------------------
* نقلا عن السفير اللبنانية، 26-3-3016.